الإنجليز يشنون حملة مشددة لمكافحة بث المباريات غير القانوني

بعد تراجع عدد الجماهير التي تشاهد «التلفزيونات المرخصة» وانتشار أجهزة تيسر القرصنة

أعداد مشاهدي المواجهات الكروية بشكل قانوني تراجعت في السنوات الأخيرة (إ.ب.أ)  -  جذب المشاهير للتعليق على المباريات لم يحل مشكلة القرصنة
أعداد مشاهدي المواجهات الكروية بشكل قانوني تراجعت في السنوات الأخيرة (إ.ب.أ) - جذب المشاهير للتعليق على المباريات لم يحل مشكلة القرصنة
TT

الإنجليز يشنون حملة مشددة لمكافحة بث المباريات غير القانوني

أعداد مشاهدي المواجهات الكروية بشكل قانوني تراجعت في السنوات الأخيرة (إ.ب.أ)  -  جذب المشاهير للتعليق على المباريات لم يحل مشكلة القرصنة
أعداد مشاهدي المواجهات الكروية بشكل قانوني تراجعت في السنوات الأخيرة (إ.ب.أ) - جذب المشاهير للتعليق على المباريات لم يحل مشكلة القرصنة

أطلق مسؤولو الدوري الإنجليزي الممتاز أكبر حملة تشهدها البلاد حتى الآن ضد أعمال القرصنة عبر سلسلة من الإجراءات الرامية لمكافحة البث غير القانوني. ويأتي ذلك في ضوء مخاوف من انتشار أجهزة جديدة سهلة الاستخدام بإمكانها تقويض النموذج التجاري الحالي الذي يعتمد عليه الدوري الممتاز في تسويق مبارياته على نحو فعال.
المعروف أن بث مباريات حية عبر شبكة الإنترنت، على نحو يتجاوز الشركات التي تكبدت بالفعل ثمن شراء حقوق البث، مثل «سكاي»، مثل منذ أمد بعيد مشكلة أمام الكيانات المعنية بإدارة وتنظيم شؤون كرة القدم. إلا أن الملاحظ اليوم أن ما كان يشكل سابقاً نشاطاً لا تقدم عليه سوى أقلية محدودة تتمتع بمهارات رقمية ومعرفة أكبر بالدهاليز الغامضة للإنترنت، اتسعت رقعته خلال السنوات القليلة الماضية وتحول إلى نشاط يمارسه التيار الرئيس من جماهير كرة القدم. وتشير الإحصاءات المرتبطة بعدد الأجهزة التي تيسر أعمال القرصنة داخل المملكة المتحدة إلى أنها تقدر بمئات الآلاف.
وفي ظل تراجع أعداد جماهير القنوات التلفزيونية الرسمية، شرع مسؤولو الدوري الممتاز في المقاومة من خلال التعاون مع قوات الشرطة عبر أرجاء المملكة المتحدة وخارجها، وكذلك التعاون مع شركات توفير خدمة الإنترنت بهدف حماية حقوق الدوري الممتاز الخاصة بالملكية الفكرية والتي تدر عليه أموالاً وفيرة قبل أن يشرع العام المقبل في عرض صفقة جديدة لحقوق بيع البث التلفزيوني لمباريات.
وتتضمن قائمة الإجراءات التي اتخذها مسؤولو الدوري الممتاز على هذا الصعيد هذا العام، شن سلسلة من الغارات عبر شمال غربي البلاد بدءا من فبراير (شباط) ألقي خلالها القبض على خمسة أشخاص على صلة ببيع وتوزيع ما يعرف باسم «صناديق كودي». منذ أسبوعين، صدرت عقوبة بحق رجل من مدينة هارتلبول بشمال شرقي إنجلترا مع إيقاف التنفيذ وغرامة 250 ألف جنيه إسترليني لمحاولته بيع مثل هذه الأجهزة لأفراد وحانات. في مقاطعة مالقة، صادرت السلطات الإسبانية معدات تخص شركة «واي إنترنت»، بينما جرى تجريد مقري مؤسستين تجاريتين في عاصمة آيرلندا الشمالية بلفاست من «مجموعة من أجهزة التلفزيون والكومبيوتر». أما الإجراء الأبرز فجاء هذا الشهر بإصدار القاضي ريتشارد أرنولد حكماً داخل المحكمة العليا يسمح لأكبر أربع شركات بمجال توفير خدمة الإنترنت داخل المملكة المتحدة بإعاقة الوصول إلى الشبكة أمام أجهزة خادمة كاملة متصلة بالإنترنت.
في هذا الصدد، قال متحدث رسمي باسم الدوري الإنجليزي الممتاز في تصريحات لـ«الغارديان»: «يشارك الدوري الممتاز حالياً في أكبر حملة بتاريخه ضد القرصنة لحماية حقوقه الفكرية. ومثلما الحال مع رياضات وصناعات إبداعية أخرى، يعتمد نموذجنا على القدرة على تسويق وبيع حقوق ملكيتنا الفكرية وحمايتها. وبناءً على هذا، تتمكن الأندية من الاستثمار في لاعبين موهوبين وتنمية قدراتهم، وبناء استادات عالمية، ودعم الهيكل الهرمي للكرة الإنجليزية والمدارس والمجتمعات الكروية عبر البلاد - جميع الأشياء التي تتمتع بها الجماهير ويستفيد منها القطاع الأوسع من المجتمع».
في الواقع، لم يكن الوصول إلى محتوى الفيديو على هذا القدر الكبير من السهولة من قبل، وعلى هذه المساحة الواسعة من الانتشار. لقد أصبح الناس معتادين على الحصول على أي شيء بمجرد الضغط على زر، ووجد القراصنة سبلاً لجعل هذا ممكناً أمام جهود البث غير القانوني، سواء كان ذلك مباريات كرة قدم أو أفلام. اليوم، يشكل «كودي» الأداة المستخدمة في ذلك. ورغم أنه تطبيق قانوني تماماً يتيح خدمة قانونية، لكنه تعرض للقرصنة من جانب أشخاص تعرض برامج لعرض بث تلفزيوني غير قانوني عبر الهواتف الذكية أو التلفزيونات.
من جانبها، أصرت شركة «كودي» على أن السماح لطرف ثالث بالمشاركة في تطبيقاتها يعتبر جزءاً من ثقافة «المصدر المفتوح» التي تنتهجها وآن الأوان للتخلي عن هذا الأمر. وقال ناتي بيلزين، أحد مسؤولي الشركة: «إذا ما أغلقنا خاصية إضافة أطراف ثالثة بشكل كامل في النسخة التالية من (كودي)، فإن ترخيص المصدر المفتوح الذي بحوزتنا يعني أي شخص يمكنه الاستعانة ببرنامجنا وإعادة تمكين هذه الإضافات بسهولة على الفور. مع وجود هذا البرنامج الآن لدينا، لن يكون من السهل محوه ببساطة».
من جانبه، قال نيك ماثيو، مدير شؤون التحقيقات لدى «اتحاد ضد سرقة حقوق الملكية» والذي عمل على نحو وثيق مع مسؤولي الدوري الممتاز خلال الشهور الأخيرة: «ليس هناك قياس فعلي لعدد الأفراد الذين يستخدمون أجهزة تمكين الطرف الثالث تلك، لكن عندما تنظر إلى السهولة التي يستخدم من خلالها الأفراد التطبيقات والإضافات، ثم تأخذ في الاعتبار عدد الأجهزة والاهتمام بالمحتوى، يبقى هناك شك ضئيل في أن ثمة أعداداً هائلة من الأفراد تستخدمها حاليًا».
وأضاف: «بصورة أساسية، يعيش الناس الآن من خلال الأجهزة - لقد أصبحت جزءاً من حياتهم. وما من شك في أن جلوس المرء داخل منزله وقيامه بشيء عبر هاتفه لا يثير في نفسه شعوراً بارتكاب جريمة لأن هذا لا ينطوي على عمل بدني، وذلك رغم أنه إذا توقف بعض الوقت وأمعن التفكير في الأمر سيكتشف أن ما يفعله جريمة حقاً».
من ناحية أخرى، لا ينتهج مسؤولو الدوري الممتاز استراتيجية تقوم على مواجهة ومحاكمة المستهلكين. وقد يقف وراء ذلك أسباب عدة منها الضرر الذي أصاب سمعة صناعة التسجيلات عندما انتهجت هذه الاستراتيجية في العقد الأول من القرن الحالي، والحكم الصادر عام 2014 عن محكمة أوروبية ويقضي بأن البث عبر الكومبيوترات المملوكة للأفراد أمر مؤقت ولا يوفر ملفاً دائماً، وبالتالي لا يعد بالضرورة عمل سرقة. بدلاً عن ذلك، يسعى مسؤولو الدوري الممتاز لاستهداف بيع الأجهزة التي تمكن من حدوث هذا الأمر أو عرض بث تلفزيوني عبر الإنترنت.
وبالنظر إلى الحكم الصادر عن المحكمة العليا هذا الشهر، يبدو من المحتمل أنه سيمنح مسؤولي الدوري الممتاز أكبر فرصة أمامهم للنجاح. وللمرة الأولى، جرى إعطاء شركات توفير خدمة الإنترنت - بما في ذلك الشركات الأربع الكبرى داخل المملكة المتحدة: «بي تي» و«سكاي» و«توك توك» و«فيرجين ميديا» - حق منع الوصول إلى ليس البث الفردي فحسب، وإنما كذلك الأجهزة الخادمة التي تستضيفها. جدير بالذكر أنه فيما مضى، عندما كان يجري وقف بث واحد أو موقع وحيد، كان القراصنة يلجأون ببساطة إلى طرح المحتوى عبر خادم آخر (سيرفير). الآن، أصبح هذا الخيار محدوداً على نحو متزايد. وتأتي مباريات عطلة هذا الأسبوع في إطار الدوري الممتاز لتشكل ثاني فرصة لتطبيق هذا الحكم.
وإذا ما نجح مسؤولو الدوري الممتاز في تحويل الدفة وضمان إبرام تعاقد ضخم مع «سكاي» أو «بي تي سبورت» أو أي جهة بث أخرى، فإن هذا من غير المحتمل أن يضع نهاية للقصة، خاصة في ظل التغييرات السريعة التي تطرأ على الساحة التكنولوجية على نحو يجعل من السذاجة الظن بأن هذا سيضع نهاية لأعمال القرصنة. وتشير الحقيقة القائمة على الأرض أيضًا أن ثمة تغييرات تحدث على صعيد عادات الجماهير. لقد أتاحت خدمات مثل «نيتفليكس» كميات هائلة من المحتوى عبر أي جهاز مقابل رسوم زهيدة. كما أن شبكات التواصل الاجتماعي خلقت جماهير معتادة على مشاهدة ليس مباراة بأكملها وإنما مقتطفات وأبرز اللحظات. وعليه، شرعت «سكاي سبورتس» بالفعل في تعديل ما تعرضه من خدمات، مثل عرض إجمالي أهداف مباريات عطلة نهاية الأسبوع عبر حسابها على «سنابشات»، صباح الاثنين.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».