التأثيرات الصحية لعواصف الغبار الرملية

تداعيات قصيرة وبعيدة المدى بينها تفاقم الأمراض التنفسية والقلبية

التأثيرات الصحية لعواصف الغبار الرملية
TT

التأثيرات الصحية لعواصف الغبار الرملية

التأثيرات الصحية لعواصف الغبار الرملية

حدّثت المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة نشراتها الخاصة بعواصف الغبار الرملية Dust Storms في 13 فبراير (شباط) الماضي، وقالت إنها من الظواهر المناخية الشائعة في مناطق الغرب الجنوبية بالولايات المتحدة والتي تحتاج إلى اهتمام صحي.
عواصف الغبار
وتعتبر عواصف الغبار الرملية من الظواهر المناخية الآخذة في الانتشار خلال السنوات القليلة الماضية. وتشير مصادر علوم المناخ إلى أن العدد السنوي لعواصف الغبار الرملية تضاعف في العالم عشر مرات منذ منتصف القرن الماضي، وفي دول أفريقيا على وجه الخصوص. وفي موريتانيا كمثال، كان عدد عواصف الغبار الرملية مرتين في الستينات من القرن الماضي، بينما يبلغ اليوم نحو 80 عاصفة غبار رملية في كل عام، وذلك وفق ما ذكره البروفسور أندرو غودي أستاذ الجغرافيا بجامعة أكسفورد.
وتختلف تعريفات عواصف الغبار الرملية بين مختلف المصادر الطبية ومصادر علوم المناخ والتلوث البيئي، ولكنها ببساطة هي عبارة عن جدار سميك من الغبار والتراب الزاحف بشكل مفاجئ والذي تتشكل بفعل انتقال الغبار والتراب من سطح الأرض إلى الهواء نتيجة لهبوب الرياح. ويُمكن أن يبلغ حجم الجدار السميك للغبار نحو مائة ميل (الميل 1.6 كلم تقريبا) في العرض وعدة آلاف من الأقدام (القدم 30 سم تقريبا) في الارتفاع، وبإمكانها أن تنتقل بفعل عوامل مناخية شتى لتصل مناطق بعيدة جدا، لتنقل بالتالي كميات كبيرة من الغبار المحمّل بكثير من الملوثات.
ويشير كثير من المصادر الطبية إلى أن عواصف الغبار الرملية تزيد من انتشار الأمراض على مستوى العالم، ويحصل انتقال الفيروسات، مع الجسيمات الدقيقة لمكونات الغبار المتطاير، من مناطق إلى مناطق بعيدة جداً في قارات أخرى.
* تأثيرات صحية
صحيح أن التأثيرات الصحية السريعة والمباشرة لعواصف الغبار الرملية مرتبطة بارتفاع تفاقم أعراض أمراض الرئة المزمنة وأمراض الرئة المفاجئة الحادة، وخصوصا لدى مرضى الربو Asthma ومرضى التهابات الرئة ومرضى السدد المزمن في مجاري التنفس COPD، إلاّ أن تداعيات تلك العواصف من الغبار الرملي تتجاوز يوم حصول العاصفة لتظهر لاحقاً في الأيام التالية على هيئة ارتفاع الإصابات بعدوى الأمراض الميكروبية، كما أنها تتجاوز موضوع الجهاز التنفسي لتطال جهاز القلب والأوعية الدموية Circulatory System عبر ارتفاع الإصابات بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية واضطرابات إيقاع النبض.
ولذا فإن النظرة الطبية إلى الوقاية من الآثار الصحية للتعرض لعواصف الغبار الرملية لا تشمل وقاية مرضى الجهاز التنفسي ولا تقتصر على يوم العاصفة، بل تتجاوزها إلى حالات مرضية أخرى ولمدة تتجاوز وقت حصول العاصفة. وعلى سبيل المثال هناك حالات الإصابة بمرض سُحارٌ سِيليسِي Silicosis، الذي هو بالأصل مرض رئوي تكثر الإصابة به لدى منْ يستنشقون مطولاً جسيمات غبار ثاني أكسيد السيليكون في ظروف مهنية وحياتية شتى، كمعايشة تكرار التعرض لعواصف الغبار الرملية، ويُؤدي كمرض إلى حصول التهابات وتكوين عُقيدات من الأنسجة الندبية في الفصوص العليا من الرئة، وهو بالتالي يُؤدي إلى قصور أداء الرئة لوظائفها والشكوى من ضيق النفس على نحو صحي مؤثر. وسُحار سيليسي أحد أنوع أمراض السحار، أو ما يُعرف بـ«تغبّر الرئة»، وهي حالات مرضية متعددة قد تنتهي بالإصابة بسرطان الرئة وخصوصا بين المدخنين.
* جسيمات الغبار
والنظرة العلمية والصحية لعواصف الغبار الرملية تأخذ في الاعتبار مكونات الجسيمات التي تحملها العواصف تلك، ومستوى تلوث تلك الجسيمات الصغيرة بعناصر أخرى ضارة صحياً طوال رحلتها للانتقال من مكان لآخر، وهو ما لا يُمكن الجزم بضمان محدودية تأثيراته الصحية تبعاً لعدم القدرة على الجزم بجميع مكونات العناصر المُلوثة التي تحتوي عليها تلك العواصف. ولذا ثمة ما يُعرف بـ«معايير جودة الهواء» Air Quality Standards، كالتي تتبناها وكالة حماية البيئة بالولايات المتحدة Environmental Protection Agency والمعتمدة بمسمى بـ«المعايير الوطنية لجودة الهواء المحيط» National Ambient Air Quality Standards، والتي تشتمل على قياس ستة عناصر ملوثة في الهواء تُعرف بـ«معايير ملوثات الهواء» Criteria Air Pollutants، وهي الجسيمات والأوزون وأول أكسيد الكربون ومركبات أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين والرصاص. وهي مجموعة عناصر ثبت علمياً أنها يُمكن أن تتسبب بأضرار صحية وبيئية وتلف للممتلكات. ولذا في جانب الجسيمات يتم تحديد أعلى مستوى لوجود أنواع الجسيمات المتطايرة في الهواء الخارجي.
والجسيمات التي تُوصف علمياً بـParticulate Matter وتُختصر بـ«PM»، هي جسيمات صغيرة تحملها عواصف الغبار الرملية، وتشمل جسيمات تراب الغبار والأوساخ والدخان الملوث والسخام والقطرات المائية الملوثة، وبعضها تكون بحجم كبير يُمكن رؤيتها بالعين ولكن كثير منها لا يُمكن رؤيته إلا بالمجهر الذي يفحص مكونات الهواء. وتركّز وكالة حماية البيئة بالولايات المتحدة على نوعين من أحجام تلك الجسيمات، نوع «بي إم - 10» PM - 10 ونوع «بي إم - 2.5» PM - 2.5. وتُوصف الجسيمات من نوع «بي إم - 10» بأنها خشنة وقطرها 10 ميكرونات أو أقل، أي بواحد على سبعة من قطر شعرة رأس الإنسان. كما تُوصف الجسيمات من نوع «بي إم - 2.5» بأنها ناعمة وقطرها 2.5 ميكرون أو أقل. وتلك الجسيمات الملوثة للهواء تنبعث من مصادر شتى، كعوادم السيارات وعربات الشحن وسيارات النقل العام والمصانع ومواقع الإنشاءات ومولدات الكهرباء والحقول والطرق غير المعبدة وسحق الحجر والصخور وحرق الأخشاب وغيرها من مصادر التلوث البيئي. وعواصف الغبار الرملية والرياح المرافقة لها من وسائل انتشار تلك الملوثات الهوائية وانتقالها إلى أماكن بعيدة جداً عن مناطق انبعاثها، ما يُعرض الناس في مناطق واسعة لأضرارها الصحية ولفترات طويلة.
* جودة الهواء
وهناك مستويان من معايير جودة الهواء في شأن الجسيمات، وهما المعايير الأولية Primary Standards والمعايير المتقدمة Secondary Standards، والمعايير الأولية تُقدم وقاية وحماية للصحة العامة للناس، ويشمل ذلك الأشخاص الذين لديهم أنواع شتى من الحساسية كالربو وغيره وكبار السن والأطفال الصغار، والمعايير المتقدمة تُقدم وقاية وحماية عامة للجوانب غير الصحية بشكل مباشر كتدني مدى الرؤية وتلف المحاصيل والحيوانات والمباني والمنشآت.
وما تهتم به الأوساط الطبية للسلامة الصحية هي المعايير الأولية. وفي هذا القياس لجودة الهواء تكون النتائج على هيئة «جزء لكل حجم». وتذكر وكالة حماية البيئة الأميركية أن الجسيمات تحتوي مواد صلبة وقطرات سوائل صغيرة الحجم بحيث يسهل استنشاقها وتسبب مشاكل صحية خطيرة. والجسيمات أقل من 10 ميكرونات في القطر تشكل أكبر المشاكل لأنها يُمكن أن تدخل بعمق في الرئة وفي بعض الأحيان قد تصل إلى مجرى الدم. أما الجسيمات الأصغر حجماً، أي أقل من 2.5 ميكرون، فإنها هي السبب في انخفاض الرؤية على سبيل المثال وتحمل خطورة نسبية أقل على الصحة.
وتوضح هذه الجوانب المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة بقولها: «يمكن أن تحتوي العواصف الترابية على جسيمات Particulate Matter يُمكن أن تشكل تهديداً خطيراً لصحة الإنسان إذا تراكمت في الجهاز التنفسي. ويمكن أن تؤدي جزيئات الغبار إلى مشاكل في الجهاز التنفسي لدى كل الناس، وعلى وجه الخصوص لدى الأشخاص الذين يُعانون من الربو. ويُمكن أن تضر أنسجة الرئة الحساسة وتهيج الرئتين وتُؤدي إلى ردود فعل تحسسية، وأحد أمثلة تلك الأضرار نوبات الربو. والتعرض للغبار في العواصف الترابية يُمكن أن يُسبب السعال وصفير الصدر وسيلان الأنف، والتنفس المباشر لفترة طويلة للغبار يتسبب في مشاكل مزمنة وأمراض مزمنة في عملية التنفس وفي أنسجة الرئة». ولذا فإن فهم الآثار الصحية، بنوعيها القصير والبعيد المدى، للتعرض المباشر لغبار أتربة العواصف الرملية يُوسع إدراكنا إلى أن الرئة من الأعضاء التي قد تتأثر صحياً بفعل التعرض المباشر لغبار الأتربة، وأن الربو واحد من بين مجموعة اضطرابات صحية ومرضية تطال الرئة.
كما أن النظرة الطبية تشمل حقيقة أخرى وهي ما ذكرته المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة ضمن حديثها حول عواصف الغبار الرملية بقولها: «وبعض العواصف الرملية الشديدة تُسمى هابوبس Haboobs، وهي من الكلمة العربية (هبوب) التي تعني الريح، وخلالها قد تصل سرعة الرياح إلى 30 ميلاً في الساعة، وقد يصل ارتفاع الغبار فيها إلى 3 آلاف قدم، وهي تستمر أقل من ثلاث ساعات لكن تأثيراتها في المناطق التي تصيبها قد تستمر لأيام أو حتى أشهر».
* عناصر ملوثة
كما أن تأثيرات تعرض العينين للعناصر الملوثة الملتصقة والمرافقة لمكونات غبار العواصف الرملية، وذلك على المدى القصير وعلى المدى البعيد يفرض ضرورة الاهتمام بوقاية العينين، وخصوصا عند تكرار التعرض لغبار الأتربة الملوثة بالميكروبات أو المواد المتسببة بتهييج العينين بما يزيد من احتمال حصول الالتهابات أو جفاف العينين.
وضمن دراسة للبروفسور غودي من جامعة أكسفورد، تم نشرها في عدد يناير (كانون الثاني) عام 2009 لمجلة إدارة البيئة J Environ Manage، بعنوان «عواصف الغبار: التطورات الحديثة» ذكر في مقدمتها: «عواصف الغبار لها تأثيرات بيئية على البشر خصوصا صحة الإنسان، وتنقل المواد الملوثة إلى عدة آلاف من الكيلومترات». وذكر البروفسور غودي أيضاً في دراسة أخرى له، تم نشرها في عدد فبراير 2014 لمجلة البيئة الدولية Environment International، وكانت بعنوان «غبار الصحاري واضطرابات صحة الإنسان» وقال فيها: «قد تنشأ العواصف الغبارية في كثير من الأراضي الجافة ولا تُؤثر فقط على صحة الإنسان بتلك المناطق بل أيضاً في البيئات المعاكسة، بما في ذلك المناطق الحضرية الكبرى مثل فينيكس وكانو وأثينا ومدريد ودبي وجدة وبكين وشنغهاي وسيول وطوكيو وسيدني. ويمكنها نقل مواد الجسيمات والملوثات والمواد المسببة للحساسية على مدى آلاف الكيلومترات بعيدة عن مصدرها، وتواتر حصول العواصف الغبارية يُؤدي إلى أن تصبح الآثار الصحية أكثر حدة، وحمل العواصف الغبارية للملوثات كالمعادن الثقيلة والمبيدات وغيرها وحملها للمكونات البيولوجية كالفيروسات والفطريات والبكتيريا يصل إلى مستويات تتجاوز كثيراً المستويات الصحية لدرجة نقاء الهواء. ومن بين الآثار الصحية البشرية لها اضطرابات الجهاز التنفسي بما في ذلك الربو والتهابات القصبات الهوائية والالتهاب الرئوي والتهابات حساسية الأنف، وأيضاً اضطرابات القلب والأوعية الدموية بما في ذلك السكتة الدماغية والتهاب ملتحمة العين وتهيج الجلد والتهاب السحايا وحمى الوادي والأمراض ذات الصلة بتكاثر الطحالب، إضافة إلى الوفيات المتعلقة بحوادث النقل». انتهى كلامه.

* استشارية في الباطنية



22 عالماً وباحثاً يحصدون جائزة الشيخ زايد العالمية للطب التقليدي والتكميلي «الثالثة»

جانب من الحضور
جانب من الحضور
TT

22 عالماً وباحثاً يحصدون جائزة الشيخ زايد العالمية للطب التقليدي والتكميلي «الثالثة»

جانب من الحضور
جانب من الحضور

تُختتم في العاصمة الإماراتية، أبوظبي، مساء الخميس 12 ديسمبر (كانون الأول)، أعمال مؤتمر جائزة الشيخ زايد العالمية بعنوان «المؤتمر الدولي للطب التقليدي والتكميلي ودوره في مستقبل الرعاية الصحية»، بالإعلان عن الفائزين بالجائزة في دورتها الثالثة، وذلك بعد 3 أيام حافلة بالمناقشات العلمية العميقة وعروض الدراسات المبتكرة، التي تركزت جميعها على دور الطب التقليدي والتكميلي في تعزيز الرعاية الصحية الشاملة والمستدامة.

جائزة الشيخ زايد العالمية

في حفل بهيج ومتميز وبمشاركة نخبة من العلماء والباحثين والخبراء من مختلف أنحاء العالم، تم توزيع جائزة الشيخ زايد العالمية للطب التقليدي والتكميلي (TCAM)، التي جاءت كإشادة بالجهود العالمية المتميزة في هذا المجال، مسلطة الضوء على إنجازات الأفراد والمؤسسات التي ساهمت في تطوير الطب التقليدي والتكميلي ودمجه مع الممارسات الصحية الحديثة.

تُعد هذه الجائزة منصة عالمية تهدف إلى تعزيز أهمية الطب التقليدي والتكميلي ودوره المستقبلي في النظم الصحية. تم توزيع الجوائز على الفائزين في 5 فئات رئيسية، وهي:

- الباحثون: تكريم للأبحاث التي أحدثت فرقاً ملموساً في تطوير العلاجات التقليدية والتكميلية.

- الأكاديميون: الذين ساهموا في تعليم وتطوير الطب التقليدي والتكميلي عبر برامج تدريبية مبتكرة.

- الممارسون المرخصون: تقديراً لجهودهم في تقديم رعاية طبية آمنة وفعّالة.

- الشركات المصنعة: التي ساهمت في تطوير منتجات عشبية ومكملات غذائية مستدامة وآمنة.

- الهيئات الإعلامية: التي ساهمت في نشر الوعي الصحي بأسلوب فعال ملهم ومؤثر.

أكدت الجائزة على أهمية الابتكار والبحث العلمي في تعزيز التكامل بين الطب التقليدي والحديث، مما يعكس رؤية القيادة في تحقيق مستقبل صحي أكثر استدامة.

جانب من الحضور

أبرز الدراسات في المؤتمر

في إطار التطور العالمي المتسارع في الطب التقليدي والتكميلي، تبرز الدراسات العلمية كأداة رئيسية لفهم أثر هذا المجال في تحسين الرعاية الصحية. يعكس هذا الاهتمام الدولي أهمية الطب التقليدي والتكميلي كجزء من النظم الصحية المتكاملة.

فيما يلي، نستعرض مجموعة من الدراسات العلمية المتنوعة التي نوقشت في المؤتمر والتي تقدم رؤى عميقة حول التطبيقات السريرية والفوائد الصحية للطب التقليدي والتكميلي:

* تقنية النانو في تحسين الأدوية الطبيعية. استعرض الأستاذ الدكتور شاكر موسى، وهو زميل الكلية الأميركية لأمراض القلب والكيمياء الحيوية وزميل الأكاديمية الوطنية للمخترعين، في دراسته التي قدمها في المؤتمر، الدور الرائد لتقنية النانو في تحسين فاعلية الأدوية الطبيعية وتطوير المستحضرات الصيدلانية. أوضح أن خصائص تقنية النانو في الطب تتمثل في تصميم جزيئات دقيقة جداً (تتراوح بين 1-100 نانومتر)، مما يمنحها خصائص فريدة، مثل:

- القدرة على استهداف المناطق المصابة بدقة: بفضل صغر حجم الجسيمات النانوية، يمكنها التغلغل بسهولة في الخلايا والأوعية الدقيقة.

- التفاعل الحيوي العالي: تمتاز الجسيمات النانوية بقدرتها على تحسين امتصاص الأدوية الطبيعية في الجسم، مما يزيد من فاعليتها.

- التخصيص الدقيق: تتيح هذه التقنية تصميم مستحضرات طبية يمكنها التفاعل مع مستقبلات محددة على سطح الخلايا المريضة فقط.

أوضح الدكتور موسى كيف يمكن لتقنية النانو تعزيز كفاءة الأدوية الطبيعية من خلال:

- زيادة الامتصاص الحيوي: تعمل الجسيمات النانوية على تحسين امتصاص المركبات الطبيعية مثل الكركمين والبوليفينول، والتي عادةً ما يتم امتصاصها بصعوبة في الجهاز الهضمي.

- تقليل الجرعات العلاجية: من خلال إيصال الدواء مباشرة إلى الأنسجة المستهدفة، يمكن تقليل الجرعات المستخدمة، وبالتالي تقليل السمية والآثار الجانبية.

- تعزيز فاعلية الأدوية المضادة للأمراض المزمنة: أظهرت الدراسة أن تقنية النانو قادرة على تحسين العلاجات الطبيعية المستخدمة لمكافحة السرطان وأمراض القلب، مما يتيح تأثيراً أكبر بجرعات أقل.

وأشارت الدراسة إلى أن أحد أهم فوائد تقنية النانو، الحد من الأضرار التي تلحق بالخلايا السليمة أثناء العلاج. على سبيل المثال:

- في العلاج الكيميائي التقليدي، يعاني المرضى عادة من تأثير الأدوية على الخلايا السليمة.

- باستخدام تقنية النانو، يمكن تصميم جزيئات تستهدف فقط الخلايا السرطانية، مما يقلل من الآثار الجانبية ويزيد من راحة المرضى.

واختتم الدكتور موسى محاضرته بتوصيات هامة:

- زيادة الاستثمار: دعا إلى تعزيز الاستثمار في أبحاث تقنية النانو وتطوير مختبرات متخصصة.

- التعاون الدولي: أشار إلى أهمية تعزيز التعاون بين الجامعات ومراكز الأبحاث لتسريع تطوير العلاجات الطبيعية المعتمدة على تقنية النانو.

- التنظيم والتشريعات: شدد على ضرورة وضع لوائح تنظيمية واضحة لضمان سلامة وفاعلية الأدوية المعتمدة على تقنية النانو.

علاج الغرغرينا السكرية بالأعشاب

* علاج الغرغرينا السكرية بالأدوية العشبية وباستخدام العلق الطبي. استعرض البروفيسور س. م. عارف زيدي تجربة سريرية مبتكرة لعلاج الغرغرينا السكرية، وهي حالة شائعة لدى مرضى السكري تتطلب في كثير من الأحيان بتر الأطراف. ركزت الدراسة على استخدام مستخلصات عشبية مثل النيم، المعروفة بخصائصها المضادة للميكروبات، مع العلاج بالعلق الطبي، وهو أسلوب يستخدم العلق لتحسين الدورة الدموية بفضل اللعاب الخاص الذي يحتوي على مضادات تخثر وإنزيمات تساعد في تنظيف الجروح وتحفيز الشفاء. أظهرت النتائج شفاءً كاملاً لمريضة خلال 3 أشهر، مع تحسن ملحوظ في الحالة الصحية العامة وتقليل الألم والالتهابات. وخلصت الدراسة إلى أن هذا النهج يمكن أن يكون بديلاً فعالاً للعمليات الجراحية، ويوفر حلاً منخفض التكلفة مقارنة بالإجراءات التقليدية.

الرياضة والتدليك

* تمارين رياضية لتقوية عضلات قاع الحوض لعلاج سلس البول. استعرضت الدكتورة عائشة بروين فاعلية تمارين تقوية عضلات قاع الحوض كعلاج طبيعي لسلس البول لدى النساء. ركزت الدراسة على مجموعة من التمارين المستهدفة التي تهدف إلى تحسين مرونة وقوة العضلات الداعمة للمثانة. أظهرت الدراسة أن النساء اللواتي التزمن بالتمارين سجلن تحسناً ملحوظاً في تقليل تسرُّب البول وتحسين جودة حياتهن. كما أكدت أن هذه التمارين تعد خياراً آمناً وغير جراحي، يناسب النساء من مختلف الأعمار. وأوصت الدراسة بتطوير برامج تدريبية على مستوى المراكز الصحية لتوعية النساء بفاعلية هذه التمارين، مع توفير الإرشادات اللازمة لضمان تطبيقها بطريقة صحيحة.

* تقنيات العلاج التدبيري للاضطرابات العضلية الهيكلية. قدم الدكتور محمد أنور دراسة حول استخدام الحجامة والتدليك في علاج الاضطرابات العضلية الهيكلية، مثل التهاب المفاصل وآلام أسفل الظهر. تضمنت الدراسة تحليلاً لنتائج المرضى الذين تلقوا العلاج بالحجامة والتدليك إلى جانب العلاج الطبيعي الحديث. أظهرت النتائج انخفاضاً كبيراً في مستويات الألم وتحسناً في حركة المفاصل، مما أدى إلى تقليل الاعتماد على الأدوية المسكنة التي قد تسبب آثاراً جانبية طويلة الأمد. وأوصى الدكتور أنور بدمج هذه العلاجات التقليدية مع الأساليب الحديثة، مشيراً إلى أن مثل هذا التكامل يمكن أن يحقق فوائد علاجية أكبر ويعزز من راحة المرضى ويقلل من تكلفة الرعاية الصحية.

العجوة غذاء ودواء

* القيمة الغذائية والدوائية لتمر العجوة. قدمت الأستاذة الدكتورة سعاد خليل الجاعوني دراسة متعمقة حول الخصائص الغذائية والطبية لتمر العجوة، أحد أبرز أنواع التمور في العالم الإسلامي. ركزت الدراسة على التحليل الكيميائي لمكونات العجوة التي تشمل نسباً عالية من الفيتامينات مثل B1 وB2، والمعادن كالبوتاسيوم والمغنسيوم، والألياف الغذائية التي تعزز صحة الجهاز الهضمي. أوضحت الدكتورة سعاد الجاعوني أن تمر العجوة يحتوي على مضادات أكسدة قوية مثل البوليفينولات، التي تعمل على مكافحة الجذور الحرة، مما يحمي الخلايا من التلف ويقلل من الالتهابات المرتبطة بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب. كما سلطت الدراسة الضوء على فاعلية العجوة في تعزيز صحة الكبد؛ حيث أظهرت التجارب المخبرية أن مستخلصات التمر تعمل على تخفيف التهابات الكبد وتقليل تراكم الدهون عليه. وأوصت باستخدام تمر العجوة في الصناعات الغذائية والدوائية لتطوير مكملات غذائية ومستحضرات علاجية طبيعية تهدف إلى تعزيز المناعة وتحسين الصحة العامة.

* دمج المعرفة التقليدية مع الممارسات الحديثة. قدمت الدكتورة آمي ستيل نموذجاً مبتكراً لدمج المعرفة التقليدية مع الطب الحديث. ركزت على تطوير إطار عمل يعتمد على استخدام النصوص والممارسات التقليدية كأساس لتصميم بروتوكولات علاجية حديثة. أظهرت الدراسة أن تكامل الطب التقليدي مع الطب الحديث يمكن أن يعزز فاعلية العلاجات ويقلل من الآثار الجانبية، مع التركيز على أهمية التوثيق العلمي للمعرفة التقليدية لتصبح مقبولةً في الأوساط الطبية العالمية. وأوصت الباحثة بتشجيع التعاون بين ممارسي الطب التقليدي والحديث، وإطلاق مشاريع بحثية مشتركة لاستكشاف الفوائد العلاجية لممارسات الطب التقليدي.

* مخاطر الغش في المنتجات العشبية. حذّر الأستاذ الدكتور محمد كامل من المخاطر الصحية الناجمة عن الغش في المنتجات العشبية؛ حيث يتم أحياناً إضافة مركبات دوائية غير معلن عنها مثل السيلدينافيل، المستخدم في علاج ضعف الانتصاب، والفلوكستين، المستخدم كمضاد للاكتئاب، إلى بعض المنتجات العشبية. سلطت الدراسة الضوء على الآثار الجانبية الخطيرة لهذه الإضافات، مثل ارتفاع ضغط الدم أو اضطرابات الجهاز العصبي، خاصة عند تناولها دون وصفة طبية. وأوصى الدكتور كامل بضرورة تعزيز آليات الرقابة على المنتجات العشبية، وإلزام الشركات المصنعة بالإفصاح الكامل عن جميع المكونات لضمان سلامة المستهلكين، مع زيادة الوعي بين الأفراد حول شراء المنتجات من مصادر موثوقة.

تحديات وفرص الطب التقليدي والتكميلي

رغم الإنجازات الكبيرة التي حققها الطب التقليدي والتكميلي، يواجه هذا المجال تحديات كبيرة، مثل:

نقص الأدلة السريرية: الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لتوثيق الفوائد والآثار الجانبية.

التشريعات الموحدة: لضمان سلامة وجودة المنتجات العشبية.

التكامل مع الطب الحديث: تعزيز التعاون بين الممارسين والعلماء من مختلف الأنظمة الطبية.

واختتم المؤتمر الدولي للطب التقليدي والتكميلي أعماله بعد رحلة علمية مميزة أثرت النقاشات العالمية حول هذا المجال الواعد. من خلال الأبحاث والعروض التقديمية. وتم تسليط الضوء على الإمكانيات الكبيرة للطب التقليدي في تعزيز الرعاية الصحية الشاملة.

تُبرز هذه الفعالية أهمية تعزيز التعاون الدولي وتطوير التشريعات والبحوث لضمان استفادة البشرية من هذا التراث الطبي الغني، مما يمهد الطريق لمستقبل صحي أكثر استدامة.