رئيس مجلس إدارة «إيوان»: المشهد العقاري بالسعودية منتعش.. و«الفريدة» تجسيد حي لقدرتنا على التناغم مع تغيرات السوق

أنيس مؤمنة يرى أن «المستهلك أصبح أكثر وعيا وقناعة والمطورين أكثر تمكنا ودراية مما يعد بموجة نمو مقبلة»

أنيس مؤمنة رئيس مجلس إدارة شركة إيوان
أنيس مؤمنة رئيس مجلس إدارة شركة إيوان
TT

رئيس مجلس إدارة «إيوان»: المشهد العقاري بالسعودية منتعش.. و«الفريدة» تجسيد حي لقدرتنا على التناغم مع تغيرات السوق

أنيس مؤمنة رئيس مجلس إدارة شركة إيوان
أنيس مؤمنة رئيس مجلس إدارة شركة إيوان

يبدو القطاع العقاري في المملكة أكثر انتعاشا من أي وقت مضى مع ازدياد الإنفاق الحكومي السخي أصلا على البنى التحتية، والمرافق العامة، بالإضافة إلى الخطط المتلاحقة الرامية لتلبية الطلب المتنامي على المساكن في مختلف مناطق المملكة، وضمن هذا المشهد المزدهر، تبرز شركة إيوان العالمية للإسكان، باعتبارها من أهم اللاعبين في توفير المجتمعات السكنية متكاملة الخدمات التي تتضمن مئات المساكن التي تتناسب مع ذوي الدخل المتوسط من المواطنين.
وقال أنيس مؤمنة، رئيس مجلس إدارة الشركة، إن احتياجات سوق العقارات بالسعودية تغيرت إلى حد كبير، فثقافة منزل العمر التي كانت منتشرة بين العائلات السعودية بدأت بالتغير، مشيرا إلى أن بعض العائلات بدأت تتقبل نوعا ما ثقافة «بيت المرحلة» أو البيت المؤقت، من حيث تملك منزل يتناسب مع إمكاناتها المادية، ويوفر لها أقصى قدر ممكن من احتياجاتها السكنية. وأشار إلى وجود بعض التحديات التي تعيق مسيرة التنمية العقارية في المملكة، حيث إن السوق تنقصها العمالة الماهرة والمؤهلة في مهن البناء والكهرباء والسباكة وغيرها من المهن، التي تعتمد عليها صناعة التطوير العقاري، فوجود العمالة الماهرة هو من أهم ضمانات الالتزام بالمعايير المعتمدة، وتقديم المنتج النهائي كما هو مخطط له من حيث عاملا الزمن والجودة.
وأكد أن التحدي الآخر هو الارتفاع المستمر لقيمة الأراضي مما يتسبب في ندرتها، وذلك مع بدء العمل على الكثير من مشاريع البنية التحتية الكبرى والمدن الاقتصادية التي كان لها تأثير كبير في استقطاب الاستثمارات ورفع أسعار الأراضي بشكل عام. كذلك، هناك ارتفاع أسعار مواد البناء، وارتفاع تعريفات شركات المقاولات.
مؤمنة قدم في الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط»، على هامش معرض سيتي سكيب، انطباعاته حول السوق العقارية السعودية، ويسلط الضوء على منجزات «إيوان» وخططها المستقبلية.
* كيف تنظرون إلى المشهد العقاري السعودي؟ وما احتياجات السوق المحلية الحالية من المساكن؟
- بالنظر إلى السنوات العشر الماضية، سنرى أن احتياجات سوق العقارات بالمملكة تغيرت إلى حد كبير، فثقافة منزل العمر التي كانت منتشرة بين العائلات السعودية بدأت بالتغير، بسبب التكلفة المتزايدة للتطوير العقاري بما في ذلك ارتفاع أسعار مواد البناء والأراضي، وأصبحت العائلات اليوم تتطلع إلى المساكن التي تتناسب مع إمكاناتها المادية، حيث لم تعد قادرة على تحمل فاتورة المنزل الكبير، ونتيجة لذلك، بدأت بعض العائلات السعودية تتقبل نوعا ما ثقافة «بيت المرحلة» أو البيت المؤقت، من حيث تملك منزل يتناسب مع إمكاناتها المادية، ويوفر لها أقصى قدر ممكن من احتياجاتها السكنية ومتطلباتها الأخرى التي تتعلق بالبنية التحتية أو المرافق العامة أو نوعية التشطيبات وغيرها. وما من شك في أن هذا يعد مؤشرا مهما على تنامي الوعي لدى المواطنين بأن المسكن المملوك لا يعني بالضرورة ذاك المنزل الفخم المترف الذي يتضمن الكثير من الغرف الإضافية ومعايير الفخامة التي قد لا يحتاجونها أو قد لا تتناسب مع إمكاناتهم. ومن هذا المنطلق، وجد المطور العقاري نفسه ملزما بتوفير مساكن أصغر وأكثر ملائمة لشرائح السكان المتوسطة والمحدودة كذلك، والمستهلك من جهته بات مجبرا على القبول بالمتوافر من هذه المساكن نظرا لسعرها المناسب، ولكونها تلبي القدر الأكبر من احتياجاته وليس بالضرورة جميعها.
* وهل استطاعت «إيوان» التناغم مع متغيرات السوق؟
- بكل تأكيد. الشكل الجديد الذي يبدو عليه مشهد العقارات السكنية، كان ضمن رؤية الشركة عند تأسيسها، حيث تطمح الشركة إلى تطوير الأحياء السكنية متكاملة الخدمات للعائلات ذات الدخل المتوسط، من خلال التحالف مع كيانات وشركات عالمية مرموقة ومهنية وشراكات استراتيجية في كافة المجالات الإدارية والفنية والمالية والتسويقية، ونظرا لمكانتها الرائدة في السوق العقارية، استطاعت «إيوان» السير بتناغم وانسيابية مع متغيرات سوق المساكن، خصوصا بعد أن أجرت الكثير من الدراسات المستفيضة على السوق، التي أظهرت اختلافات ملموسة في سلوكيات الأفراد، حيث لم يعودوا يبحثون عن البيوت الكبيرة، ويلجأون إلى خيارات أخرى أكثر تلاؤما مع أوضاعهم. وتستند «إيوان» في تلبية متطلبات السوق الجديدة هذه إلى قدراتها المالية العالية، وفريق عملها المحترف الذي يضم الكثير من الخبراء المؤهلين في صناعة التطوير العقاري. وهكذا، باشرت «إيوان» في العمل على توفير وحدات سكنية بمساحات مختلفة ضمن مجتمعات متكاملة الخدمات، من حيث البنية التحتية، التي تشمل الماء والكهرباء والاتصالات، والصرف الصحي وتصريف الأمطار، والخدمات العامة التي تشمل محطات تنقية المياه وتوليد الكهرباء، بالإضافة إلى المساجد وخيارات الترفيه والمرافق الاجتماعية والرياضية وغيرها، وبعد سنوات من التخطيط والإعداد، جاء مشروع «الفريدة» السكني - الذي نقوم بتطويره حاليا بمنطقة ذهبان في شمال مدينة جدة - ليكون باكورة مشاريعنا الموجهة لذوي الدخل المتوسط من العائلات السعودية، التي ستسهم بإذن الله في الاستجابة للطلب المتزايد على المساكن في المملكة بشكل عام ومحافظة جدة بشكل خاص، سيكون من شأن «الفريدة» إحداث نقلة نوعية في الامتداد العمراني الجديد لجدة، وهو يضم أكثر من 1.800 فيلا سكنية بتصاميم وأحجام مختلفة ستنتشر على مساحة مليون متر مربع، تدعمها بنية تحتية عصرية ومرافق خدمية شاملة، وتبلغ تكلفته الإجمالية نحو 1.8 مليار ريال (480 مليون دولار)، وهو الأكبر من نوعه من حيث عدد الوحدات، ويضم مساجد، ومرافق تعليمية وطبية، ومراكز تسوق، وناديا رياضيا اجتماعيا، تحيط بها المسطحات الخضراء والحدائق، لتشكل معا بيئة سكنية جميلة وهادئة وعصرية، ويتميز المشروع بقربه من الكثير من المؤسسات الحكومية والشركات الكبرى والمعالم المهمة القائمة والأخرى المعتزم تشييدها، بما في ذلك مستشفى الملك عبد الله العام، وجامعة الأعمال والتكنولوجيا، ومدينة الملك عبد الله الرياضية التي جرى افتتاحها أخيرا، ومدينة المملكة، الواجهة البحرية لمنطقة ذهبان على البحر الأحمر التي ستكون الأطول على مستوى المنطقة.
* كيف تنظرون إلى دور وزارة الإسكان في دعم وتحريك السوق؟ وكيف ترون إمكانية التعاون معها لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية الخاصة بالإسكان؟
- في الفترة الأخيرة، شهدنا تسارع خطى وزارة الإسكان وتوجها جادا من قبلها لحل مشكلة الإسكان في البلاد، تجسدت في عدد من الإجراءات، كان من أهمها وضع آلية خاصة لتصنيف المطورين العقاريين بالمملكة، وإبداء رغبة الوزارة في التعاون مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع الإسكان المقررة لتلبية الطلب على المساكن، وقد كنا في «إيوان» من أوائل الشركات التي سمعت نداء الوزارة، واستجابت له، وأعربنا عن استعدادنا الكامل لتأسيس شراكة استراتيجية من أجل الإسهام في تنفيذ خطط الوزارة. وبالفعل، جرى الاجتماع مع مسؤولي الوزارة، وجرى بحث أوجه التعاون المشترك، ونأمل أن نرى نتائج هذا الاجتماع على أرض الواقع خلال الفترة المقبلة بما يحقق المصلحة العامة.
* ما التحديات التي تواجه المطورين العقاريين حاليا؟
- رغم الازدهار الذي تشهده سوق العقارات، هناك بعض التحديات التي تعيق مسيرة التنمية العقارية في المملكة. فالسوق تنقصها العمالة الماهرة والمؤهلة في مهن البناء والكهرباء والسباكة وغيرها من المهن التي تعتمد عليها صناعة التطوير العقاري. فوجود العمالة الماهرة هو من أهم ضمانات الالتزام بالمعايير المعتمدة، وتقديم المنتج النهائي كما هو مخطط له من حيث عاملا الزمن والجودة. التحدي الآخر هو الارتفاع المستمر لقيمة الأراضي مما يتسبب في ندرتها، وذلك مع بدء العمل على الكثير من مشاريع البنية التحتية الكبرى والمدن الاقتصادية التي كان لها تأثير كبير في استقطاب الاستثمارات ورفع أسعار الأراضي بشكل عام. كذلك، هناك ارتفاع أسعار مواد البناء، وارتفاع تعريفات شركات المقاولات، ومن أبرز التحديات التي تواجه المطورين العقاريين أيضا قلة مصادر التمويل، بالنسبة لكل من المستهلك والمطور العقاري، وذلك رغم جاذبية السوق الكبيرة. بالإضافة إلى انخفاض مستوى الوعي لدى المستهلك، وتمسكه بثقافة «منزل العمر»، بدأت الانحسار فعليا خلال الفترة الماضية. وأخيرا، كثرة التشريعات الهادفة إلى حماية المستهلك، مما يضع قيودا كثيرة على عملية التملك، ويجعلها معقدة إلى حد كبير، ونظرا لتوسع الرقعة العمرانية بشكل مطرد، يلجأ المطورون إلى ضواحي المدن لخفض التكاليف، لكنهم يضطرون في نفس الوقت إلى تحمل أعباء وتكاليف البنية التحتية، الأمر الذي يزيد من صعوبة توفير المنتج السكني المناسب.
* وهل تمكنت «إيوان» من إيجاد حلول لهذه التحديات؟
- توصلنا في «إيوان» إلى جملة من الحلول التي أثبتت نجاعتها في التغلب على هذه التحديات، وأولها اعتماد مفهوم المنتج المناسب بالسعر المناسب، وإيجاد نقطة توازن بين المنتج والسعر، وقد أسهم هذا المفهوم في تحقيق تطلعات عملائنا، بل وتجاوز توقعاتهم. فمشروع الفريدة يقدم لكل عائلة وحدة سكنية ضمن مجتمع سكني مخدوم بأرقى البنى التحتية ومختلف المرافق الاجتماعية والرياضية والترفيهية، وذلك بدلا من وحدة سكنية وحيدة قد لا تتوافر فيها الإمكانات والمعايير المتوافرة في مثل هذا المجتمع السكني، الثاني: لجأنا إلى اعتماد تقنيات البناء الحديثة، ومنها تقنيات المباني الصديقة للبيئة التي تتميز بأداء أفضل في عزل الصوت والحرارة ومقاومة الحريق، وبكونها أيضا تحتاج إلى عمالة أقل، الثالث: قررنا تأسيس اتحاد لملاك الفيلا في مشروع الفريدة السكني، يتولى تنظيم أحيائه، والإشراف على مسائل الصيانة والخدمات اللوجيستية وغيرها من احتياجات السكان، الرابع: قمنا بعقد اتفاقيات مع عدد من البنوك والمؤسسات المالية لتسهيل تقديم التمويل الخاص بشراء المنازل لعملائنا، وقد أسهمت هذه الخطوة في تسريع حركة التملك بالمشروع بشكل ملحوظ، الخامس: أخذنا عهدا على أنفسنا بالمساهمة في رفع وعي المجتمع السعودي بثقافة «بيت المرحلة»، حيث أطلقت «إيوان» مبادرة توعوية تمثلت في ركن «اسأل إيوان» الذي خصصناه في عدد من الصحف المحلية لاستقبال استفسارات القراء، وتطرقنا خلاله إلى الكثير من الموضوعات، ونشرنا الكثير من المعلومات التي تفيدهم، وهكذا، استطعنا في «إيوان» تقديم المنتج المرغوب من قبل المستهلكين، بأسعار مدروسة تقع ضمن إمكاناتهم.
* وكيف وجدتم نتيجة تطبيق هذه الحلول في تطوير مشروعكم «الفريدة»؟
- لقد كانت النتيجة مذهلة، وقد تمكنا من تجاوز توقعات ملاك الفيلات، كما أسلفت. لقد حرصنا على التخطيط الجيد للمشروع وبذل الجهود كافة لإنجاحه، وتشهد وحدات المشروع إقبالا كبيرا من قبل المتطلعين لتملك المنازل. وبيعت المرحلة الأولى والثانية والثالثة فور عرضها، والتي تمثل 1200 وحدة. فالمرحلة الأولى - تضم 320 فيلا، حيث اكتملت مرافق البنية التحتية التي تشمل الطرق، والإنارة، ومحطة معالجة المياه ومحطة تحويل الكهرباء والمسجد بشكل نموذجي. ويجري حاليا تسليم المجموعة الأولى من الوحدات السكنية، بينما يجري التحضير لإنشاء مركز الفريدة الاجتماعي، والبدء بأعمال التشييد في القريب العاجل، أما المرحلة الرابعة والأخيرة من المشروع والبالغ عدد وحداتها 500 فيلا، فستقوم الشركة بطرحها للبيع في وقت لاحق من العام الحالي.
* كيف تجدون صناعة المعارض العقارية في المملكة؟ هل وصلت إلى العالمية؟ وكيف تقيمون مشاركتكم في معرض سيتي سكيب جدة؟
- قطاع العقارات في المملكة ضخم، وهو يعد من أكثر القطاعات المحلية ازدهارا، ويسهم بشكل فاعل في تعزيز الاقتصاد الوطني. وفي ضوء هذه الحقائق، تأتي أهمية هذا القطاع وأهمية الدور الذي يلعبه في العملية التنموية، وهنا، تبرز الحاجة الماسة لتلبية الطلب المتزايد على العقارات من خلال التفاعل المباشر بين الشركات والجهات الحكومية، وبين الشركات والشركات الأخرى، وبين الشركات والمستهلك. وبطبيعة الحال، تعد المعارض قنوات مهمة للتواصل على المستويات الثلاثة، حيث تتيح للمطورين وجهات التمويل، والمقاولين، والخبراء الاجتماع واستعراض مستجدات السوق، والتعرف على أحدث المنتجات والعروض، وبحث أوجه التعاون والشراكة من أجل تحقيق رؤاها وأهدافها، ولأن «إيوان» تعي أهمية هذا القطاع الاستراتيجي، فقد بادرت منذ البداية بدعم المعارض والمؤتمرات التي تعنى بصناعة العقارات، وكانت راعيا مؤسسا لمعرض سيتي سكيب جدة، وتقدم له الدعم بشكل متواصل، كما أنها تشارك باستمرار في القمة العقارية المصاحبة للمعرض بهدف المشاركة في معالجة القضايا التي تهمها، وتهم القائمين على القطاع العقاري، والبحث عن الحلول للتحديات، وتضع خبراتها في متناول المشاركين.
* في الختام.. ماذا بعد مشروع الفريدة؟
- نحرص في «إيوان» على استمرارية أعمالنا إيمانا بدورنا في تعزيز قطاع المساكن، ولدينا أجندة حافلة للمستقبل في هذا الصدد، حيث نتطلع خلال الفترة المقبلة إلى إطلاق مشروع الميار السكني الذي سيجاور «الفريدة» على طريق المدينة المنورة بمحافظة جدة، وسيجري تشييده على مساحة تتجاوز 330 ألف متر مربع، ليقدم حلولا سكنية معقولة التكلفة للعائلات الصغيرة والمتوسطة من خلال شقق سكنية عصرية تلبي احتياجات العائلة السعودية.
وقد أنهت الشركة المخطط العام للمشروع الذي يشمل مساحات خضراء شاسعة ومناطق تجارية وأخرى سكنية، وهو في مراحل التصميم الأخيرة حاليا، وبالإضافة إلى مشروع الميار، عقدت «إيوان» اتفاقية رسمية مع شركة ليماس العالمية للتطوير العقاري، تقوم بموجبها بمهمة المطور الرئيس لمشروع ليماس السكني في مدينة الجبيل بالمنطقة الشرقية وكافة الأعمال المتعلقة به، بما في ذلك إدارة العقود والإدارة المالية وإدارة التصاميم والتسويق والمبيعات، وأخيرا، فإن النجاح المتواصل الذي يحققه مشروع الفريدة، حفزنا على توسيع أعمالنا في العاصمة الرياض التي نرى فيها سوقا عقارية واعدة وإمكانات ضخمة. وبالفعل، حصلنا على قطعة أرض لتشييد 300 وحدة سكنية سنبدأ بتسويقها مع نهاية العام الحالي.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».