بعدما حصل مرشح الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمحكمة العليا، أول من أمس، على موافقة لجنة العدل في مجلس الشيوخ، تلوح بوادر معركة تاريخية مع نجاح الديمقراطيين في المجلس في حشد عدد كاف من الأصوات لعرقلة تعيينه.
وحشد المعارضة الديمقراطية لنيل غورستش يعني أن الجمهوريين سيضطرون على الأرجح إلى النظر في تعديل موضع جدل كبير في قواعد عمل مجلس الشيوخ لضمان تثبيته في المقعد الشاغر من المحكمة العليا.
وصوت 11 من أعضاء لجنة العدل على تعيين القاضي المحافظ في المحكمة العليا، مقابل 7 أصوات معارضة، غير أن انقسامهم الحزبي ما بين جمهوريين مؤيدين وديمقراطيين معارضين ينذر بمعركة شرسة لدى انتقال مسألة تثبيته إلى الجلسة العامة لمجلس الشيوخ الجمعة.
ويتألف مجلس الشيوخ الأميركي من مائة سيناتور، اثنان لكل من الولايات الخمسين. وينص النظام الداخلي على حق كل سيناتور في الاعتراض على أي مذكرة، مثل تنظيم عملية تصويت. وهذا الاعتراض لا يمكن التغلب عليه سوى بالحصول على تصويت ثلاثة أخماس مجلس الشيوخ، أي 60 عضوا (كانت هذه العتبة تبلغ الثلثين حتى 1975).
وهذا يعني عمليا أنه يتعين الحصول على موافقة ستين سيناتورا للقيام بأي شيء في مجلس الشيوخ. غير أن الغالبية الجمهورية الحالية تعد 52 عضوا، ما يحتم عليها نظريا السعي إلى تسويات مع الديمقراطيين.
لكن مع تصاعد الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة، تراجع تعاون المعارضة مع الغالبية في مجلس الشيوخ، وهذا ما حصل حين كان الديمقراطيون يسيطرون على المجلس (2007 - 2014)، وتبقى الحال على ما هي بعدما انتقلت الغالبية إلى الجمهوريين منذ 2015.
ومن المرجح أن يحول الديمقراطيون دون بلوغ غورستش العتبة المطلوبة، إذ يتوقع أن ينضم 41 سيناتورا إلى إجراء «التعطيل» (فيليباستر) لمنع التقدم في آلية تعيينه. ويحتاج الجمهوريون إلى أصوات ثمانية ديمقراطيين لدعم غورستش، الذي اختاره ترمب ليكون خلفا للقاضي المحافظ أنتونين سكاليا الذي توفي في فبراير (شباط) 2016.
وأعلن أربعة ديمقراطيين فقط، هم معتدلون من ولايات فاز فيها ترمب في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، دعمهم لغورستش.
وفي حال نجح الديمقراطيون في عرقلة تعيينه، فستكون هذه أول مرة في تاريخ الولايات المتحدة تنجح عملية «تعطيل» ضد مرشح للمحكمة العليا التي يعين أعضاؤها مدى الحياة.
غير أن الغالبية الجمهورية مصممة على الفوز في هذه المواجهة، وهددت بالرد على التعطيل باللجوء إلى «الخيار النووي» القاضي بتعديل قواعد عمل مجلس الشيوخ لتخفيض عتبة الستين صوتا إلى 51 صوتا، ما يسمح بتخطي العرقلة.
وأعلن زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل لشبكة «فوكس نيوز»، الأحد، أن «القاضي غورستش سيتم تثبيته. والطريقة التي سيتم بها ذلك هي بين أيدي الأقلية الديمقراطية».
ودخل البيت الأبيض على خط المعركة، ليعلن بعد تصويت لجنة العدل الاثنين أن ترمب «سيؤيد» استخدام الخيار النووي في حال الضرورة. غير أن المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، سعى لإلقاء اللوم بذلك على الديمقراطيين، فقال: «أعتقد أن الديمقراطيين يرسون سابقة خطيرة جدا» بهذا الصدد.
ويؤكد الديمقراطيون أن غورستش مرشح «متطرف» للغاية، غير أن معارضتهم تبقى سياسية بالمقام الأول.
فهم لم ينسوا عرقلة الغالبية الجمهورية لتعيين القاضي ميريك غارلاند الذي اختاره الرئيس السابق باراك أوباما قبل عام لهذا المنصب الشاغر، وقد رفض ماكونيل تنظيم عملية تصويت على أمل أن يفوز ترمب بالرئاسة ويتولى اختيار قاضيا.
وقال كريس كونز، السيناتور الـ41 الذي انضم إلى «التعطيل» الديمقراطي، متحدثا للجنة «لم أنس الظلم الذي لحق بالقاضي ميريك غارلاند، كما أن جميع زملائي لم ينسوا الأمر». لكن كونز حذر من تغيير قواعد عمل المجلس، مشيرا إلى أنه يبقى مستعدا لتسوية. وقال إن «التقاليد والمبادئ التي حددت مجلس الشيوخ تنهار، وإننا على وشك تسريع هذا الانهيار هذا الأسبوع».
ودعا زعيم الأقلية الديمقراطية في المجلس، تشاك شومر، الجمهوريين إلى عدم تغيير القواعد، مناشدا ترمب تعيين مرشح توافقي بدل غورستش.
غير أن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام رد: «لن نغيّر المرشح، سنغير القواعد إذا تحتم الأمر، ويبدو أننا سنضطر إلى ذلك».
لكن الواقع أن الديمقراطيين هم الذي فتحوا الباب لهذا التعديل، حين خفضوا عام 2013 العتبة للإجراءات المتعلقة بتعيين مسؤولين في السلطة التنفيذية وقضاة إلى الغالبية البسيطة، بهدف تخطي العرقلة المتواصلة في مجلس الشيوخ، مع القيام باستثناء للمحكمة العليا.
وتشير التطورات الحالية إلى نهاية حقبة.
فكان يتم تثبيت القضاة في غالب الأحيان في الماضي بتأييد أعضاء من المعارضة، بعد مناقشات أقل تسييسا تركز على الكفاءة القانونية. والقاضي سكاليا نفسه تم تثبيته بإجماع مجلس الشيوخ عام 1986، كما تم تثبيت القاضيين اللذين عينهما أوباما بمساهمة أصوات جمهورية.
ويبدي بعض الجمهوريين استياءهم حيال هذا الاستقطاب المتزايد في الحياة السياسية.
وقال سيناتور أريزونا (جنوب غرب) جون ماكين إن «البيئة تغيرت كثيرا»، مبديا حنينه إلى حقبة كان أعضاء مجلس الشيوخ يلزمون فيها اللياقة في تعاطيهم مع بعضهم البعض. ويقول: «الناس لم يعودوا يتبادلون الكلام».
بوادر معركة في «الشيوخ» حول تثبيت مرشح ترمب في المحكمة العليا
الجمهوريون يهددون باللجوء إلى «الخيار النووي»
بوادر معركة في «الشيوخ» حول تثبيت مرشح ترمب في المحكمة العليا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة