كل دولار يدفع للأسرى وعائلاتهم تحسمه إسرائيل من أموال الضرائب

فشلت في جعل الأوروبيين يحسمونها من أموال المنح وتتجه لحسمها بنفسها

كل دولار يدفع للأسرى وعائلاتهم تحسمه إسرائيل من أموال الضرائب
TT

كل دولار يدفع للأسرى وعائلاتهم تحسمه إسرائيل من أموال الضرائب

كل دولار يدفع للأسرى وعائلاتهم تحسمه إسرائيل من أموال الضرائب

وسط شبه إجماع إسرائيلي، تقدم النواب في الكنيست (البرلمان) من خلفيات عسكرية، بمشروع قانون جديد، ضد دفع مخصصات المعيشة والتأمين للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وعائلاتهم. وينص القانون على حسم كل ما يدفع لهؤلاء الأسرى من الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية.
ويقول النائب اليعيزر شطيرن، وهو المبادر للمشروع، الذي كان عضواً في رئاسة أركان الجيش سابقاً، إن «المساجين الذين سفكوا دماء الإسرائيليين، يجلسون في السجن لسنوات طويلة، لكن هناك من يهتم خلال هذه الفترة، بالحسابات البنكية لعائلاتهم - السلطة الفلسطينية. فقسم كبير من ميزانية هذه السلطة، يصل من المدفوعات التي تحولها إسرائيل. وعليه جاء مشروع القانون ليفصل بين الأموال الإسرائيلية والمخربين، بحيث يتم خصم ما تدفعه السلطة للمخربين من الأموال التي تحولها إليها إسرائيل».
المعروف أن ما يسميه شطيرن بـ«الأموال الإسرائيلية»، هي أموال فلسطينية تجبيها إسرائيل كجمارك وضرائب على ما يتم استيراده أو توريده من وإلى السلطة الفلسطينية، من إسرائيل أو من الخارج. وتحسم إسرائيل عادة، عمولة لخزينتها مقابل هذه الجباية، قبل أن تدفع المال للسلطة. لكن هذه الحقيقة لا تمنع شطيرن من اعتبارها أموالاً إسرائيلية، إذ يقول إن تلخيص ميزانية 2016 للسلطة الفلسطينية، يبين أن هذا الدعم وصل في السنة الماضية، إلى أكثر من 1.1 مليار شيقل (الدولار الأميركي يعادل 3.63 شيقل).
ويشارك شطيرن في اقتراحه هذا، عدد من أعضاء الكنيست، من ذوي الماضي الأمني والعسكري، من مختلف أحزاب الائتلاف والمعارضة، مثل: رئيس الشاباك السابق، النائب يعقوب بيري، وهو من الحزب الذي ينتمي إليه شطيرن «يوجد مستقبل»، والجنرال احتياط، النائب إيال بن رؤوبين من «المعسكر الصهيوني»، وكلاهما من المعارضة. ووقع معهم على مشروع القانون نواب من الائتلاف، من بينهم رئيس الشاباك السابق آفي ديختر، وهو رئيس لجنة الخارجية والأمن، وكذلك رئيس كتلة «كلنا» روعي فولكمان، ورئيس كتلة «يسرائيل بيتنا» روبرت اليطوف، ورئيس الشاباك السبق من حزب الليكود، آفي ديختر.
وقد تم طرح مشروع القانون هذا على طاولة الكنيست، في الأسبوع الماضي. وحسبما جاء في مقدمة الاقتراح، يعتبر تحويل أموال السلطة إلى الأسرى وعائلاتهم خرقاً لاتفاقات أوسلو. لذلك يجب على دولة إسرائيل أن تحسم المدفوعات من الضرائب التي تحولها إلى السلطة. ويدعي أصحاب مشروع القانون، أن مدفوعات الضرائب التي تحول إلى السلطة تقوم على أسس اتفاق باريس، الملحق الاقتصادي لاتفاقات أوسلو، ولذلك يمكن الربط بينهما. والحديث عملياً عن الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية، مثلاً عن البضائع التي تصل إلى السلطة عبر موانئ إسرائيل.
ويستدل من وثيقة أعدها رئيس قسم الدراسات في شعبة الاستخبارات سابقاً، العميد يوسي كوفرفاسر، في إطار المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة، بأن مدفوعات السلطة الفلسطينية للأسرى المعتقلين في إسرائيل، ولعائلات الفلسطينيين الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن، ارتفعت في السنوات الأخيرة، بعشرات الملايين. ويصل الراتب الشهري الذي يحصل عليه المعتقل في إسرائيل إلى خمسة أضعاف معدل الراتب الشهري في السلطة. وفي حالة قتل فلسطينيين، فإن عائلاتهم تحصل على هبة مالية. كما يتم دفع هبة لمن يتحرر من السجن. ولا يجري الحديث عمن يقتلون إسرائيليين فحسب، بل أيضاً عن مخططي العمليات، وراشقي الزجاجات الحارقة ومعدي العبوات. ويحصل هؤلاء جميعاً على مخصصات شهرية على النحو التالي: إذا تراوحت فترة السجن بين 0 - 3 سنوات تحصل على 1.400 شيقل شهرياً، 3 - 5 سنوات سجن: ألفي شيقل شهرياً، 5 - 10 سنوات سجن: 4 آلاف شيقل شهرياً، 10 - 15 سنة سجن: 6 آلاف شيقل شهرياً، 15 - 20 سنة سجن: 7 آلاف شيقل شهرياً 20 - 25، سنة سجن: 8 آلاف شيقل شهرياً، 25 - 30 سنة سجن: 10 آلاف شيقل شهرياً، 30 سنة سجن وأكثر: 12 ألف شيقل شهرياً.
الجدير ذكره، أن إسرائيل حاولت تجنيد الاتحاد الأوروبي لهذه المعركة، وبمبادرتها جرى عقد مؤتمر خاص في مقر الاتحاد في بروكسل، قبل أسبوعين، بمشاركة عدد من الجرحى الإسرائيليين في العمليات الفلسطينية. لكنها فشلت في جعل الأوروبيين يخصمون من أموال المنح قيمة ما يدفع للأسرى وعائلاتهم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.