واردات المعادن... سلاح الأوروبيين لوقف النزاعات المسلحة

وقف الاستيراد من مناطق النزاع بحلول 2021

واردات المعادن... سلاح الأوروبيين لوقف النزاعات المسلحة
TT

واردات المعادن... سلاح الأوروبيين لوقف النزاعات المسلحة

واردات المعادن... سلاح الأوروبيين لوقف النزاعات المسلحة

اعتمد المجلس الوزاري للاتحاد الأوروبي، أمس الاثنين، لائحة تستهدف وقف تمويل الجماعات المسلحة عن طريق التجارة في المعادن المستخرجة من مناطق الصراعات.
وقالت مؤسسات التكتل الأوروبي الموحد في بروكسل، إن اللائحة تلزم شركات الاتحاد الأوروبي بضمان أن تكون وارداتها من الذهب والقصدير وغيرهما، لا تساهم بشكل أو بآخر في تمويل الصراعات المسلحة، على أن تكون هذه اللائحة واجبة التنفيذ اعتبارا من مطلع يناير (كانون الثاني) 2021، وفي الوقت نفسه تشجيع المستوردين على تطبيقها في أسرع وقت ممكن، وتستند اللائحة الأوروبية، التي اعتُمدت الاثنين، على المبادئ التوجيهية لمنظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي التي صدرت 2011.
ويعتبر القصدير والذهب والتنغستن والتنتالوم من المعادن المستخدمة في المنتجات اليومية مثل الهواتف الجوالة والسيارات والمجوهرات، وتُستخرج من بعض المناطق التي تشهد صراعات ومخاطر عالية وكثيرا ما تلجأ الجماعات المسلحة لإجبار المواطنين على العمل لاستخراج هذه المعادن، وبيعها لتمويل أنشطتها، ولكن اللائحة الأوروبية ومن خلال تتبع المنتج تريد قطع مصدر رئيسي لتمويل هذه النزاعات.
وتضم اللائحة التزامات واضحة تجاه المصدر المسؤول عن الجزء الأهم من عملية إنتاج هذه المعادن، من استخراج وتنقيح، وبالتالي سيتم تغطية ما لا يقل عن 95 في المائة من جميع واردات الاتحاد الأوروبي من المعادن في حين سيتم إعفاء المستوردين من الحجم الصغير.
وستقوم السلطات المختصة بعمليات تفتيش مستمرة لضمان امتثال مستوردي المعادن في دول الاتحاد بالالتزامات المطلوبة، وستقوم المفوضية بصياغة كتيب يتضمن مبادئ توجيهية غير ملزمة لمساعدة الشركات لا سيما الصغيرة والمتوسطة لتحديد المناطق المتأثرة بالنزاعات.
وقبل أسبوعين رحبت المفوضية الأوروبية في بروكسل، بموافقة البرلمان الأوروبي على مقترح، يتعلق بوقف تجارة المعادن التي تستخدم في تمويل النزاعات المسلحة، وقالت المفوضة الأوروبية المكلفة بملف التجارة الخارجية سيسليا مالمستروم في تعليق لها على الموافقة بأغلبية كبيرة داخل البرلمان الأوروبي، على مقترح حول هذا الصدد: «أنا سعيدة جدا بعد أن أصبح لدينا الآن حل عملي وطموح للقضاء على تجارة المعادن التي تستخدم في تمويل النزاعات المسلحة وجرى تغليب القيم على الاحتياجات التجارية». وأشارت إلى أن قرار البرلمان الأوروبي يظهر بشكل واضح إمكانية وضع قواعد جديدة تضمن احترام المصدرين والمستوردين لمسؤولياتهم، دون الإضرار بالمواطنين في مناطق الصراعات أو تأجيج لنار الحرب.
وقالت المفوضة الأوروبية إن القواعد الجديدة تقلل المشقة وانتهاكات حقوق الإنسان التي كانت ترافق العمليات التجارية طوال الفترة الماضية، وحسب مؤسسات الاتحاد في بروكسل سيكون تنفيذ القواعد الجديدة شاملا لما يقرب من 95 في المائة من عمليات استيراد المعادن اعتبارا من يناير 2021، وبالتالي ستكون هناك فرصة أمام المفوضية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من ضمان فعالية الهياكل الضرورية لتنفيذ القواعد الجديدة على نطاق الاتحاد الأوروبي ككل.
وفي منتصف عام 2015 جرى تقديم مقترحات من المفوضية الأوروبية للتعامل مع هذا الملف وتم طرحها على البرلمان الأوروبي ولكنها لم تلق رد الفعل الإيجابي وقتها، وقالت جماعات حقوقية في ذلك الوقت إن القوانين الأوروبية المقترحة بشأن «المعادن المستخرجة من مناطق الصراع» ستخفق في الحد من تجارة هذه المواد الأولية.
ووقّع أكثر من 150 جماعة حقوقية على رسالة للبرلمان الأوروبي في 19 مايو (أيار) 2015 على سبل الحد من تجارة معادن تلك المناطق.
وطالبت الرسالة بضرورة أن يشمل القانون المزيد من المنتجين وأنواع المواد الخام، ودفع الشركات إلى فرض رقابة على مصادر الإمداد.
وذكرت الرسالة الموقعة من قبل جماعات حقوقية، من بينها «أصدقاء الأرض» و«غلوبال ويتنس» و«المعونة المسيحية» وعدة منظمات أخرى أن تجارة معادن مناطق الصراع تؤجج الحروب وتزيد من انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم.
وقالت إن عرض الموضوع على البرلمان بمثابة «فرصة عظيمة» لأوروبا من أجل التحرك لمنع التجارة والحد من الصراع الذي تولده.
غير أن الرسالة وصفت، في الوقت ذاته، المقترحات القانونية بأنها «ضعيفة» ولا تواجه المشكلة بقدر كاف.
وتقول الجماعات الحقوقية إن المشكلة الكبيرة في الخطة التي اقترحتها بروكسل هي أنها تطبق على أسس طوعية على غالبية الشركات. وتضيف أنه نتيجة لذلك لن يتحرك سوى عدد قليل من الشركات للتخلص من مصادر الإمداد وتقديم الشرح اللازم لتحركاتها.
وإضافة إلى ذلك، قالت الرسالة إن الخطة لم تشمل سوى أربع معادن، هي القصدير والتنغستن والتنتالوم والذهب، في حالتها الخام، ولم تتناول المنتجات التي تدخل أوروبا وتصنع من معادن قادمة من مناطق الصراع. ويوضح أن العديد من الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر اللوحي وأجهزة أخرى مصنوعة في الصين تصنع باستخدام تلك المواد.
ونوهت إلى أن الخطة لم تشمل معادن ومواد، مثل الماس واليشب والكروميت المعروفة بأنها مصادر لتمويل الصراع.
وحث الخطاب أعضاء البرلمان الأوروبي على رفض الخطط وتبني خطة واحدة قوية تتضمن نظاما إلزاميا للتأكد من فحص الشركات لمصادر إمدادها.
وأضاف: «هؤلاء الذين يتحملون تكلفة جهودنا المتواضعة لتنظيم هذه التجارة سيصبحون من أكثر المواطنين فقرا وتعرضا للخطر في العالم».



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.