السلطة تتهم الاحتلال بمطاردات دموية في القدس وترك المصابين ينزفون حتى الموت

دعت إلى توثيق جرائمه باعتبارها خروقات للقانون الدولي والإنساني

قوة من «حرس الحدود» التابع للاحتلال تقتاد طفلاً بعد عملية طعن في القدس أول من أمس (رويترز)
قوة من «حرس الحدود» التابع للاحتلال تقتاد طفلاً بعد عملية طعن في القدس أول من أمس (رويترز)
TT

السلطة تتهم الاحتلال بمطاردات دموية في القدس وترك المصابين ينزفون حتى الموت

قوة من «حرس الحدود» التابع للاحتلال تقتاد طفلاً بعد عملية طعن في القدس أول من أمس (رويترز)
قوة من «حرس الحدود» التابع للاحتلال تقتاد طفلاً بعد عملية طعن في القدس أول من أمس (رويترز)

حولت إسرائيل مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية، ودفعت المزيد من جنودها إلى شوارع وأسواق المدينة، ونشرت حواجز عسكرية، فيما أخضعت الشبان والفتيات في البلدة القديمة في محيط المسجد الأقصى، لعمليات تفتيش مفاجئة.
وتسببت الإجراءات الإسرائيلية التي جاءت بعد يوم واحد من قتل قوات الاحتلال الفتى أحمد غزال (17 عاماً) في البلدة القديمة، بمزيد من التوتر والغضب، وزادت من حالة الاحتقان المتولد أصلاً، نتيجة دعوات كثير من منظمات الهيكل المزعوم لأنصارها للمشاركة الواسعة في اقتحامات جماعية للمسجد الأقصى، بدءاً من الخميس المقبل، ضمن الاحتفالات بعيد الفصح العبري.
وتضمنت النشرات والملصقات التي جرى تعميمها على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع منظمات الهيكل، الدعوة إلى الحضور والمشاركة في فعالية ما يسمى «تمرين الذبيحة بعيد الفصح»، يوم الخميس المقبل؛ في منطقة القصور الأموية.
ويستعد الفلسطينيون لتصعيد محتمل وسط دعوات للرباط في المسجد الأقصى.
واتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل، بتنفيذ «عمليات إعدام ميدانية، ومطاردات دموية بحق المواطنين الفلسطينيين في شوارع القدس المحتلة وأزقتها، وعلى حواجز الموت على مداخل المدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية».
وقالت السلطة إن إسرائيل قتلت الفتى غزال بدم بارد، ونفذت بحقه عملية إعدام ميداني، وتركته ينزف حتى الموت.
وقالت وزارة الخارجية في بيان: «كما جرت العادة، تسارع الحكومة الإسرائيلية إلى تبرير عمليات القتل خارج القانون بادّعاء (محاولة الطعن)، الذي أصبح موضع شك كبير بعد أن تبين كذب الكثير من تلك الادّعاءات، خاصة أن الحكومة الإسرائيلية أقدمت على منح الجندي الإسرائيلي صلاحية إطلاق النار على كل عربي يشتبه به، أو يشعر بأنه يشكل خطرا عليه، حتى لو لم يكن يهدد حياته. وهو ما حوّل كل عربي إلى هدف لإطلاق النار في أي لحظة وفي أي مكان، وذلك وفقاً لتقدير جنود الاحتلال المنتشرين في أرجاء الأرض الفلسطينية. الأمر الذي يضاعف من عمليات الإعدام الميدانية، خاصة أن هذا الجندي يشعر أن لديه حصانة رسمية تسمح له بإطلاق النار على أي فلسطيني، متذرعاً بما يشعر به من قلق أو خطر، وهذا يسهل عليه سرعة حسم الأمر دون تردد، وكأن المسألة بالنسبة له (لعبة) لا أكثر، لا يخسر منها شيئا، وربما تصبح لعبة تحدٍ أو مراهنة بين جنود الاحتلال أنفسهم للتسلية وملء الفراغ، أو طمعاً في ترقية ما. هذا مع العلم أن الجندي أصلاً مرتبك ولديه شعور بالخطر، كونه جندي احتلالي يفرض سيطرته بالقوة على شعب آخر».
وأضافت الوزارة أن «الأخطر من ذلك كله، هو أن يترك جنود الاحتلال المواطن الفلسطيني بعد إطلاق النار عليه ينزف حتى الموت، من دون تقديم أي عون أو إسعاف له، ودون السماح للمسعفين بالوصول إليه. وهذا ما يتكرر في كل عملية إعدام ميدانية، بحيث يبقى المصاب ينزف حتى يتأكد الاحتلال أنه فارق الحياة. ومهما كانت ملابسات عملية الإعدام، من حيث كونها موثقة أو غير موثقة، أو من حيث الإهمال الطبي المقصود للمصاب، فإنها تعتبر جريمة يحاسب عليها القانون الدولي».
وتابعت: «في حالة الشهيد عبد الفتاح الشريف، فضّل الجندي الإسرائيلي أن يكون بطلاً قومياً من خلال إطلاق رصاصة قاتلة على الشهيد الشريف الذي كان ينزف على الأرض، بدلاً من تركه كعادة الجنود الإسرائيليين ينزف لفترة حتى يفارق الحياة، هذه المرة عاد الجنود الإسرائيليون إلى «لعبتهم» الأصلية في ترك المصاب ينزف حتى فارق الحياة».
ودعت وزارة الخارجية، المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والدولية والإسرائيلية، إلى ضرورة تكثيف جهودها وعملها في توثيق هذه الجرائم التي تحدث على الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي تشكل خروقات جسيمة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، كما دعتها أيضا إلى متابعة الجرائم أمام المحاكم الوطنية والدولية.
وطالبت الوزارة الدول وعبر ممثليها في فلسطين، برفع صوتها عالياً في وجه هذه الجرائم والانتهاكات اليومية بحق الفلسطينيين، وصولاً إلى محاسبة إسرائيل، كقوة احتلال، على جرائمه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».