الحريري يدعو إلى الاستثمار في لبنان لتمكينه من تحمّل النزوح السوري

مستبقاً مشاركته في «مؤتمر النازحين» في بروكسل

الحريري يدعو إلى الاستثمار في لبنان لتمكينه من تحمّل النزوح السوري
TT

الحريري يدعو إلى الاستثمار في لبنان لتمكينه من تحمّل النزوح السوري

الحريري يدعو إلى الاستثمار في لبنان لتمكينه من تحمّل النزوح السوري

جدد رئيس الحكومة سعد الحريري، قبل انطلاقه في رحلة أوروبية تشمل باريس وبرلين وبروكسل، حيث سيشارك في «مؤتمر النازحين»، دعوته المجتمع الدولي إلى «تحمّل مسؤولياته تجاه الشعب السوري والنازحين السوريين في لبنان؛ لأنه لم يعد باستطاعة الدولة اللبنانية تحمّل أعباء مليون ونصف مليون نازح سوري»، محذرا من أن لبنان سيكون مجبرا على اتخاذ خطوات لكي يوجد هؤلاء في أماكن خارجه، مؤكدا في الوقت عينه أن لبنان لن يتخذ أي إجراءات تؤذي أو تضر بمصالح النازحين.
ووصف علاقة لبنان بالمملكة العربية السعودية، التي شابها بعض التوتر في المرحلة السابقة، بـ«التاريخية»، مؤكدا أن الأمور عادت إلى ما كانت عليه، وهي ستشهد تحسنا كبيرا في المرحلة المقبلة، معلنا «الاتفاق على تشكيل لجنة عليا لبنانية - سعودية، تدرس الأمور الاقتصادية والعسكرية».
ودعا الرئيس الحريري في مقابلة أجرتها معه قناة «فرانس 24» الفرنسية قبل انطلاقه في الرحلة الأوروبية: «المجتمع الدولي إلى الاستثمار في لبنان بمبلغ يراوح بين 10 و12 مليار دولار على مدى سبع سنوات؛ ليتمكن من تحمّل أعباء النزوح السوري، وتأمين متطلبات النهوض الاقتصادي».
وأوضح: «مجموع الشعب اللبناني يراوح بين 4.2 مليون و4.5 مليون نسمة، أضف إليهم مليونا ونصف المليون لاجئ سوري، ونصف مليون لاجئ فلسطيني، فإن هذا يعني أن 40 في المائة من السكان في لبنان أصبح من النازحين، والشعب اللبناني لا يمكنه تحمل هذا الضغط، ففرص العمل ليست متاحة للبنانيين، هناك ضغط على الكهرباء والصحة والطبابة ولقمة العيش، وكل المرافق الحياتية»، مضيفا: «كذلك، وصل الاقتصاد في لبنان اليوم إلى 1 في المائة، وبالتالي علينا الآن أن ننتقل إلى مرحلة مختلفة مع المجتمع الدولي الذي يجب أن يستثمر في لبنان».
وعن إمكانية اتخاذ قرار بإعادتهم إلى سوريا، قال: «نحن لا نقول إننا نريد أن يرحل النازحون، ولكن نقول إنه إذا تطور الوضع إلى ما هو أسوأ في لبنان فإننا لن نتمكن من ضبطهم. لذا؛ الاستثمار في لبنان هو استثمار في بقاء النازحين في لبنان، ولكن بقاءهم إلى حين عودتهم وليس إلى الأبد. نحن نريد أن يعود النازحون فور انتهاء الحرب في سوريا، أو فور توفر مناطق آمنة تحت سيطرة الأمم المتحدة تسمح لهم بالعودة إليها». وأكد أن المبلغ الذي سيطلبه لبنان من المجتمع الدولي في مؤتمر بروكسل الذي يبلغ بين 10 و12 مليار دولار للاستثمار عبره على مدى سبع سنوات سيستفيد منه اللبنانيون. وكذلك سيساعد في تعليم النازحين السوريين، ويعطيهم فرص عمل في المجالات المسموح لهم العمل بها.
وعن التغير في السياسة الأميركية لجهة بقاء رئيس النظام بشار الأسد في السلطة، اعتبر الحريري أنه «لا فرق بين الكلام الأوروبي والكلام الأميركي في هذا المجال. الأوروبيون قالوا منذ البداية إن الشعب السوري يجب أن يقرر مستقبله، والأميركيون يقولون إنه لا أولوية اليوم لموضوع بشار الأسد، وأنا أؤكد أن الشعب السوري هو من يجب أن يحدد من سيرأسه».
وأضاف: «أعتقد أن هناك بعض القوى التي تريد بقاء بشار الأسد، ولكن هذا ليس هو الحل. الحل هو التخلص من (داعش) ومن بشار الأسد. فعلينا ألا ننسى أن من قتل 700 ألف سوري حتى اليوم ليس (داعش)، بل النظام السوري».
وفيما يتعلق بمشاركة «حزب الله» في الحرب بسوريا وتأثيره على لبنان، قال: «لا شك أن هناك اختلافا جذريا في هذا الموضوع في السياسة بيننا وبين «حزب الله». الفرق فيما يحصل اليوم في لبنان أن هذا الخلاف السياسي مع الحزب لا يؤثر على إدارة البلد. ما يقوم به الحزب في سوريا هو خطأ بالنسبة لي وصواب بالنسبة إليه، نحن مختلفون بذلك، ولكني لن أقول شيئا سيقنع «حزب الله» ولن يقول هو شيئا سيقنعني في هذا المجال. نحن نقول إن ما يقوم به الحزب في سوريا يؤثر على الوضع الأمني في لبنان، وهو يقول لا، هذا اختلاف سياسي نتحاور حوله، ولكن ما تهمنا مصلحة لبنان العليا، وأن يبقى الاستقرار في لبنان»، وعبّر عن اعتقاده بأن إسرائيل هي التي تريد القيام بحرب على لبنان وليس «حزب الله».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».