رواية مهمة أصدرتها سلسلة روايات الهلال الشهرية بالقاهرة بعنوان «زوجة الساحر» للكاتب الآيرلندي برايان مور. ويلعب فيها على وتر لحظات حاسمة من التاريخ الأوروبي الحديث، مسجلاً استعدادات الإمبراطور نابليون الثالث عام 1856 لاستكمال غزو الجزائر، وإحكام السيطرة على منطقة القبائل في العام التالي.
ويكشف المؤلف في نسق فني يمزج بين الواقعي والخيالي، استعانة الإمبراطور بأشهر ساحر آنذاك، ويرسله في بعثة مموهة إلى الجزائر، وهو يدرك أنه مجند في جيش الإمبراطور، وتتلخص مهمته في إلهاء الشعب، وزعزعة ثقته بقادته الذين لهم كرامات، ويعلنون الجهاد لتحرير بلادهم من الفرنسيين، إذ يمتلك الساحر ألاعيب ومهارات أكثر تفوقاً، يستطيع بها أن يشغل الناس، إلى أن يتمكن الإمبراطور من إعداد جيش يفتح له بوابة على أفريقيا.
ويجري السرد في الرواية، التي ترجمها هشام ممدوح طه، على لسان «إيميلين» زوجة الساحر، التي تتمتع بروح مرحة شديدة العذوبة، وشعور إنساني بمحبة الناس عموماً، ولا تفترض الشر في أي أحد، لكن تفاجأ بعنصرية القادة واستحلالهم للبشر واتخاذهم عبيداً، كما كان زوجها أيضاً قبل الرحلة إلى الجزائر وخلال إقامته فيها يعتبر العرب، الجزائريين تحديداً، «متوحشين»، ولا يرى لهم حرمة، ويؤمن بأن مهمته تمثل إنقاذاً لبلده، فتندهش زوجته الساذجة التي لا تزال سليمة الفطرة، وتتساءل: «بلدنا؟ وماذا عن هذا البلد؟».
ترصد الزوجة التي لم تفقد آدميتها تحت وطأة الظروف القاسية، كيف استطاع الاستعمار الفرنسي خلال ربع قرن من تحويل المساجد إلى كنائس ومسارح، وتشعر بحب عميق للجزائريين وعلى رأسهم السيد «بوعزيز» وابنته، وتبدأ تنفر من بني وطنها وتراهم شياطين.
من أجواء الرواية:
«المرابط هو الذي يستطيع إعلان الجهاد، أو الحرب المقدسة ضدنا. في الوقت الحالي، يا صاحب الجلالة: الجزائر عن بكرة أبيها يسيطر عليها شخص يدعى بوعزيز، هو مرابط ذو كاريزما، ظهر في الجنوب ويقال إنه يمتلك قدرات تعجيزية. وبسبب سلطانه، إذا ما أعلن حرباً مقدسة، سيعتقد العرب أن الرب يقف إلى جانبهم، وإذا ما قاتلوا سيهزموننا. كان اقتراحي، الذي يوافقني فيه الحاكم العام راندون، إذا ما استطعنا جعل مسيو لامبير يذهب إلى الجزائر، وننظم له عدة عروض أمام مشاهدين من السكان الأصليين، قد نقنعهم بأن الإسلام لا ينفرد بامتلاك قدرات تعجيزية. بمعنى آخر، سنقدم لهم مرابطاً آخر أعظم من بوعزيز ونقنعهم بأن الرب ليس إلى جانبهم إنما إلى جانبنا نحن».
يشار إلى أن المؤلف برايان مور (1925 - 1999) خدم في الجزائر في الحرب العالمية الثانية، وله أكثر من 20 رواية، تحول بعضها إلى أفلام سينمائية منها «الروب الأسود» (1991) و«التقرير» (2003)، وقال عنه الروائي البريطاني غراهام غرين: «إنه كاتبه المفضل من بين الأحياء». وكثيراً ما كانت تشغل برايان مور الأفكار التي تمس قضايا الإيمان والكهنوت والالتزام الديني، فكانت بؤر نقاش في كثير من رواياته. وكانت «زوجة الساحر» المنشورة عام 1997 آخر رواياته.
أما المترجم هشام ممدوح طه، الذي ولد عام 1965 فقد ترجم عدداً من الكتب المهمة منها «الحرب النفسية ضد دول المواجهة في منطقة الجنوب الأفريقي»، و«إمبراطورية الثروة... التاريخ الملحمي للقوة الاقتصادية الأميركية»، وروايات منها «كوكب القردة» لبيير بول في سلسلة «روايات الهلال».
7:57 دقيقة
شرور الاستعمار الفرنسي للجزائر
https://aawsat.com/home/article/892356/%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1
شرور الاستعمار الفرنسي للجزائر
«الهلال» تصدر «زوجة الساحر» للآيرلندي برايان مور
شرور الاستعمار الفرنسي للجزائر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة