استفتاء شعبي في موريتانيا من أجل تعديل الدستور

المعارضة وصفته بـ«الانقلاب الدستوري» ومحامون يدعون للتراجع عنه

استفتاء شعبي في موريتانيا من أجل تعديل الدستور
TT

استفتاء شعبي في موريتانيا من أجل تعديل الدستور

استفتاء شعبي في موريتانيا من أجل تعديل الدستور

يحتدم الجدل في موريتانيا حول الاستفتاء الشعبي الذي سيدعو له النظام من أجل تمرير تعديلات دستورية سبق أن رفضها البرلمان، وهو الاستفتاء الذي تصفه المعارضة بأنه «انقلاب دستوري» وتعهدت بالوقوف في وجهه وإفشاله من خلال ضغط الشارع، إلا أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز أكد أنه ماضٍ في عرض التعديلات الدستورية على الشعب مباشرة.
وكان مجلس الوزراء الموريتاني قد صادق أول من أمس الخميس على مرسومين يسمح الأول منهما بالاستفتاء على مراجعة «بعض الأحكام الدستورية»، من ضمن هذه الأحكام إلغاء مجلس الشيوخ وإلغاء محكمة العدل السامية وإنشاء مجالس جهوية للتنمية، فيما يسمح المرسوم الثاني بالاستفتاء على مراجعة المادة 08 من الدستور الموريتاني المتعلقة بالعلم الوطني.
وأوضحت الحكومة في بيان رسمي أصدرته مساء الخميس الماضي أن هذه التعديلات من شأنها «تحسين أداء مؤسسات الجمهورية وترقية إطار تمثيلي جديد للمواطنين من خلال إنشاء فئة جديدة من المجموعات الإقليمية يراد منها أن تكون أداة لترقية وتخطيط التنمية على الصعيد الجهوي»، أما فيما يتعلق بمراجعة المادة الثامنة من الدستور فقد أشارت الحكومة إلى أن الهدف منها «تحسين علمنا الوطني سبيلاً إلى المزيد من شحذ الروح الوطنية».
التعديلات الدستورية التي تثير الجدل في موريتانيا منذ عدة أشهر، أسفر عنها حوار وطني نظمته الحكومة شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي رغم مقاطعته من طرف المعارضة التقليدية، ولكن مجلس الشيوخ الموريتاني أسقط هذه التعديلات الدستورية في دورة برلمانية طارئة حين صوتت أغلبية أعضائه برفض عرضها على الاستفتاء الشعبي أو المؤتمر البرلماني.
ولكن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وصف ما قام به مجلس الشيوخ بـ«غير الأخلاقي»، ورفض الرضوخ للشيوخ، معلناً عزمه على تفعيل المادة 38 من الدستور، التي تسمح له باستشارة الشعب في أي قضية يرى أنها «ذات أهمية وطنية»، وأكد أنه سيعرض التعديلات الدستورية على استفتاء شعبي مباشر، رافضاً أن يكون مجلس الشيوخ «عقبة أمام مسار التعديلات الدستورية».
في غضون ذلك طلب عدد من المحامين الموريتانيين، يتقدمهم أربعة نقباء سابقين، من الرئيس ولد عبد العزيز «التراجع» عن الاستفتاء الشعبي، واصفين المسار الذي اتخذه بأنه «انتهاك صارخ لنص وروح الدستور»، مشيرين إلى أن «المادة 38 ذات الأحكام العامة مقيدة بالأحكام الخاصة الواردة في المواد 99، 100، و101 من الدستور»، وبالتالي لا يمكن اللجوء إليها من أجل تعديل الدستور.
وقال المحامون في بيان وزعوه أمس (السبت) بنواكشوط إنهم يذكرون الرئيس بـ«الالتزامات والواجبات التي يمليها عليه الدستور وتفرضها عليه اليمين التي أداها»، مؤكدين أن «انتهاك الدستور من طرف رئيس الجمهورية يعتبر جريمة وخيانة عظمى»، قبل أن يطالبوا بالتخلي عن الاستفتاء المزمع تنظيمه «لأنه سيفتح الباب أمام كل أنواع العبث بالدستور كما يخل بالمؤسسات الدستورية ويهدد السلم والأمن الاجتماعيين». وكان المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر ائتلاف معارض في موريتانيا، قد وصف اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي لتمرير التعديلات الدستورية التي رفضها البرلمان بأنه «انقلاب دستوري»، ودعوا إلى حراك شعبي واسع من أجل الوقوف في وجه هذا الاستفتاء.
من جهة أخرى بدأت الجهات الرسمية في موريتانيا التحرك نحو تنظيم الاستفتاء الشعبي، فيما دخلت الأحزاب السياسية النشطة في ائتلاف الأغلبية الحاكمة في سلسلة اجتماعات الهدف منها تهيئة الأجواء للاستفتاء الشعبي وتعبئة الشارع من أجل التصويت بـ«نعم» على التعديلات الدستورية.
وتحدث وزير الدفاع الموريتاني جالو أمادو باتيا، في مؤتمر صحافي مساء الخميس، عن حملة «شبه رسمية» ستعبئ الموريتانيين للمشاركة الواسعة في الاستفتاء الشعبي الذي قال إنه «سينظم في أقرب وقت ممكن»، فيما نظمت مسيرات شعبية في عدد من محافظات البلاد للتعبير عن دعم هذا الاستفتاء الشعبي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.