سفير اليمن في واشنطن: أميركا على دراية بحجم التدخل الإيراني ببلادنا

قال لـ «الشرق الأوسط» إن هناك تحركات لفرض ضغوط حول تحرير ميناء الحديدة

د. أحمد عوض بن مبارك في ندوة نظمها معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية أول من أمس (سبأ)
د. أحمد عوض بن مبارك في ندوة نظمها معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية أول من أمس (سبأ)
TT

سفير اليمن في واشنطن: أميركا على دراية بحجم التدخل الإيراني ببلادنا

د. أحمد عوض بن مبارك في ندوة نظمها معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية أول من أمس (سبأ)
د. أحمد عوض بن مبارك في ندوة نظمها معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية أول من أمس (سبأ)

أكد الدكتور أحمد عوض بن مبارك، سفير اليمن لدى الولايات المتحدة، أن هناك تغيراً جذرياً وكبيراً في الموقف الأميركي بإدارته الحالية إزاء الصراع باليمن، موضحاً أن التصريحات التي أطلقها عدد من المسؤولين في واشنطن، سواء من مجلس الدفاع الوطني أو الخارجية الأميركية، تشير إلى حزم أكبر تجاه التعاطي مع المشكلة في اليمن.
وأشار بن مبارك، خلال اتصال هاتفي أمس مع «الشرق الأوسط» من واشنطن، إلى أن المسؤولين في الإدارة الأميركية الجديدة على علم واطلاع بطبيعة التدخل الإيراني في اليمن، منوهاً بأن واشنطن لا تقبل بأن تستغل إيران الأراضي اليمنية، واعتبارها منطقة عبور للأسلحة التي تؤثر على أمن اليمن والدول المجاورة له.
وبيّن السفير اليمني لدى أميركا أن هناك إشارات وإدانة واضحة صادرة من واشنطن تجاه القوى الانقلابية في اليمن (الحوثي وصالح)، وذلك بمنعهما من تشكيل أي عمل يهدد الملاحقة البحرية، مع وجود حديث «وصفه بالعلني» تجاه تجديد الدعم للتحالف المساند للشرعية في اليمن. وتطرق إلى الإشكالية المتعلقة بميناء الحديدة، موضحاً أن الميليشيات باليمن لا تزال تنهب المساعدات الإنسانية وتحولها للمجهود الحربي، إضافة إلى عدم توزيع المواد الإغاثية على المحافظات التي تعاني من أزمات إنسانية، وبالأخص محافظة الحديدة التي تعاني بشدة من نقص شديد في المواد الإغاثية والطبية، «والحكومة الشرعية والأمم المتحدة تطلقان منذ وقت طويل الإنذارات المتعلقة بالأزمة بالحديدة».
وأضاف: «إيران تواصل تهريب الأسلحة للميليشيات التي تساندها (الحوثي وصالح) عبر تزويدها بها في ميناء الحديدة»، مفيداً بأن هناك حراكاً تقوده السفارة بشأن فرض مزيد من الضغوط الدولية على القوى الانقلابية وتحرير ميناء الحديدة الذي تسيطر عليه تلك القوى.
وأكد السفير اليمني لدى أميركا أن المجتمع الدولي وبعض الأطراف التي لها علاقة باليمن في وقت سابق لم ترسل الرسائل التي كان يجب أن تطلقها والمساندة للحكومة الشرعية في اليمن، وتدين الانقلاب الذي حدث في البلاد، مفيداً بأن المفتاح الأول لإنهاء الأزمة والصراع في اليمن ينطلق بضرورة أن تلتزم القوى الانقلابية بالمرجعيات الثلاث؛ وهي المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الأممية، موضحاً أنه بعد كل جولة من المشاورات اليمنية تقوم القوى الانقلابية بإحداث حركة سياسية، ومن بينها تشكيل مجلس سياسي يدير البلاد الذي قامت به القوى الانقلابية.
وبيّن الدبلوماسي اليمني أن كل الأطراف تدعم الحل السلمي السياسي في اليمن، إلا أنه رأى ضرورة أن يكون حلاً لا يؤسس لصراع طائفي، ولا يسمح بامتلاك سلاح خارج إطار الدولة ويوجه ضد أبناء الشعب اليمني أو الدول المجاورة. وأوضح أن على المجتمع الدولي، لا سيما الدول الراعية للعملية السياسية، توجيه رسائل قوية لميليشيا الانقلاب من أجل التخلص من مساعي الوصول إلى السلطة وبما يسهم في التوصل إلى حل شامل ودائم في إطار المرجعيات الثلاث المتفق عليها.
وقال السفير بن مبارك في كلمة له بمعهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية أول من أمس إن «أوهام السلطة التي يتشبث بها تحالف الحوثي وصالح الانقلابي هو السبب الرئيسي في استمرار الحرب في اليمن». وأضاف: «إزالة تلك الأوهام ستسهم بشكل كبير في التوصل إلى حل شامل ودائم».
وأشار إلى مشاركة كل أطياف المجتمع اليمني في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وأن الحل لن يكون إلا حلاً يمنياً وفي إطار المرجعيات الثلاث، مذكراً بأن الحوثيين وصالح شاركوا في الحوار وفي صياغة الدستور، ووقعوا على نتائجه، غير أنهم بعدما فشلوا في تمرير مخططاتهم وأجندتهم ويئسوا من تحقيق أوهامهم باستخدام العليمة السياسية، لجأوا إلى تشكيل تحالفهم الانقلابي الذي جر اليمن إلى أتون الحرب والدمار.
وقال الدكتور بن مبارك: «إنه من الضروري أخذ الدروس والعبر من الأخطاء السابقة، والسماح للحوثيين بالمشاركة في العملية السياسية دون التحول إلى حزب سياسي ونبذ العنف والتخلي عن السلاح كان أحد أكبر تلك الأخطاء».
وذكر أن الخطأ الآخر الذي لا يقل أهمية عن الأول هو منح صالح الحصانة في إطار المبادرة الخليجية بعد الثورة الشبابية عام 2011 دون وجود ضمانات تمنع صالح من العبث بالعملية السياسية، مؤكداً أن لا مستقبل لصالح في اليمن الجديد.
وثمّن جهود الأمم المتحدة ومبعوثها لليمن، مؤكداً حرص الحكومة الشرعية على السلام واستعدادها للعودة لمشاورات وفقاً للمرجعيات فور قبول الحوثيين وصالح بها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.