أول زيارة لرئيس وزراء هندي لإسرائيل تعكس تحولات

احتفالاً بمرور 25 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما

مودي (رويترز)
مودي (رويترز)
TT

أول زيارة لرئيس وزراء هندي لإسرائيل تعكس تحولات

مودي (رويترز)
مودي (رويترز)

حققت العلاقات الهندية الإسرائيلية تطورا ملحوظا بعد أن وضعت الدولتان لبنات العلاقات الدبلوماسية منذ نحو 25 عاما، وتحديدا في يناير (كانون الثاني) 1992، وبصرف النظر عن توجهات الحزب الحاكم في الهند حاليا، فإن زيارة رئيس الوزراء الهندي نرندار مودي طال انتظارها.
الترتيبات الدبلوماسية بقنواتها المعلنة وغير المعلنة بمكتب رئيس الوزراء الهندي ووزارة الخارجية تسير على قدم وساق للإعداد لأول زيارة لرئيس وزراء هندي لإسرائيل. وتشهد الأيام الحالية زيارات متبادلة بين دبلوماسيي البلدين للتمهيد لزيارة نرندار مودي التاريخية للدولة اليهودية.
وصرح عمار سينها، وزير الخارجية الهندي، بأن زيارة رئيس الوزراء لإسرائيل مؤكدة، لكنه لم يعط المزيد من التفاصيل. وأشارت مصادر بوزارة الشؤون الخارجية أن الزيارة ستتم خلال الأسابيع القادمة.
وكان الرئيس براناب مخرجي قد قام بزيارة إلى إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، في أول زيارة لرئيس هندي إلى إسرائيل.
وفي المقابل، قام الرئيس الإسرائيلي بزيارة إلى نيودلهي العام الماضي بدعوة من الرئيس الهندي عقب قطيعة استمرت نحو 20 عاما. ويعود تاريخ أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء إسرائيلي للهند لعام 2003 عندما قام أريل شارون بزيارة إلى نيودلهي عندما كان حزب «بي جي بي» يقود الحكومة في تلك الفترة. ومن المرجح أيضا أن يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة للهند العام الجاري. وتحتفل الدولتان بمرور 25 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

لا زيارة لفلسطين وسط الرحلة
ستكون زيارة مودي مختلفة لسببين: الأول أنها ستكون أول زيارة لرئيس وزراء هندي لإسرائيل، والثاني هو أن مودي سوف يغير من التقليد الذي طالما اتبعته نيودلهي عند زيارتها لأي من الدولتين، حيث لن يشمل جدول الزيارة فترة توقف في فلسطين. ففي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، كان من المعتاد أن تحذو الهند حذو العرب في إدانتها لكل مخالفة إسرائيلية. وكانت نيودلهي اعترفت بدولة إسرائيل رسميا في 17 سبتمبر (أيلول) عام 1952، وجرى تبادل السفارات عام 1992 عندما أسست الدولتان لعلاقات دبلوماسية كاملة. ومنذ تطبيع العلاقات بين البلدين، قام قادة الهند بالكثير من الزيارات إلى رام الله. وكتب مدير تحرير صحيفة «هندوستان تايمز ديجيتال ستريمز»، بوبي غوش: «سواء كان ذلك بسبب حاجة الهند إلى النفط العربي أو بسبب وجود عدد كبير من العرب في عضوية حركة عدم الانحياز أو بسبب الارتباط الوثيق بين الدولة العبرية والولايات المتحدة في الوقت الذي ترتبط فيه الهند بعلاقات وثيقة مع روسيا أو بسبب تعاطف الكثيرين في الهند مع القضية الفلسطينية، فقد تحاشت الحكومات الهندية المتعاقبة إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل».
أضاف بوبي بقوله: إنه لو أنك قلت لي حينها إن رئيس وزراء الهند سوف يقوم بزيارة رسمية إلى إسرائيل يوما ما لكنت طردتك من الغرفة. فمن المدهش عدم وجود أي تعبير عن التذمر من أصدقاء الهند في العالم العربي. «فدبلوماسيو غرب آسيا الذين أجرى معهم زملائي بصحيفة (هندوستان تايمز) مقابلات صحافية تجاهلوا أن زيارة مودي ليست سوى زيارة سياسية بحتة، فيما عبر أحدهم عن أمله في أن يقوم رئيس الوزراء بزيارة إلى الضفة الغربية أيضا لإبداء التضامن مع الفلسطينيين، لكنه اعترف بأن ذلك غير وارد».
وفي تطور موازٍ، من المتوقع أن تستقبل الهند الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل توجه مودي إلى إسرائيل، ووفق السفير الفلسطيني لدى الهند، عدنان أبو الخوجا: «لن يزور مودي فلسطين أثناء هذه الرحلة. إن شاء الله سيكون رئيسنا هنا العام الجاري».
وأفاد المبعوث الإسرائيلي للهند، دنييل كارمون، بأنه من المتوقع أن تكون زيارة مودي في الصيف القادم، لكنه لم يذكر المزيد من التفاصيل. وصرح كارمون في مقابلة شخصية مع صحيفة «لايفمينت» بأنه عندما يقوم رئيس الوزراء بزيارة إلى الدولة اليهودية فمن المتوقع أن تعقد الدولتان مباحثات في موضوعات تتعلق بالزراعة والدفاع والفضاء والأمن والابتكارات.

سياسة خارجية مستقلة
ظهر اختلاف نهج مودي تجاه إسرائيل منذ توليه رئاسة الحكومة الهندية عن نهج سابقيه في أنه حاول تقريب المسافات بين بلاده وإسرائيل والدول العربية وإيران. في الواقع، ومع زيارة مودي لدولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا والسعودية وقطر وإيران، كانت كل زيارة مستقلة بذاتها، وكان ذلك النهج مختلفا كليا عن نهج سلفه رئيس الوزراء السابق عندما كانت جولة واحدة تتضمن زيارات لدولتين أو ثلاثة. وعلى نفس المنوال، فسوف تكون الزيارة القادمة لإسرائيل زيارة مستقلة، ولن يكون هناك «زيارة موازية» لفلسطين أو لأي دولة أخرى في المنطقة.
وصرح المعلق السياسي البارز بركاش ناند الذي تابع نشاط حكومة مودي عن كثب، وتحديدا السياسة الخارجية، بأن زيارات مودي لدول الشرق الأوسط جاءت في صورة زيارات مستقلة، وهناك اتجاه لاتباع نفس النهج مع إسرائيل، أي من دون القيام بزيارة إلى فلسطين في إطار نفس الرحلة.
وبالنسبة لرئيس الوزراء الهندي، فالعلاقات مع كلتا الدولتين مهمة ويمكن تعزيزهما من دون أن تؤثر إحداهما على الأخرى. وفي الوقت الذي لا تريد فيه الهند الالتصاق بباكستان فيما يخص السياسات الهامة لشبه القارة الهندية، فإن مودي يتطلع أيضا إلى تعزيز العلاقات مع إسرائيل ومع كل دولة عربية على حدة، وكذلك مع إيران دون أن تؤثر أي علاقة على الأخرى.
وعلق بي أر كومسروامي، الأستاذ بمركز دراسات غرب آسيا، قائلا: «سيفيد مثل هذا القرار سياسة مودي العامة التي تهدف لأن تبرز سياسة الهند الخارجية وضع الهند المتنامي على الخريطة العالمية وأن تراعي المصالح العليا للبلاد وأن تكون أقل اهتماما بالفوارق العقائدية. ولذلك فإن زيارته لفلسطين لن يكون لها أي مردود سياسي لمودي أو لأهداف سياساته الخارجية. وفي المقابل، فإن الزيارة المستقلة لإسرائيل سيكون مردودها كبيرا».
وصرح مسؤول دبلوماسي كبير اشترط عدم ذكر اسمه بقوله «ليس هناك خط رجعة فيما يخص اعتراف الهند بدولة فلسطين، وعليه فإنها تؤيد مقترح حل الدولتين. فطريق دبلوماسية نيودلهي وحالة التشوش الأمني أثبتت أنها ليست ذات جدوى لسنوات كثيرة. ومن المأمول أن تؤدي زيارة مودي إلى نوع من التنسيق بين الدبلوماسية والواقع السياسي. فالجدال في مواجهة هذا الوضع أثبت خطأه، فلم يحدث أن فترت العلاقات بين الهند وأي دولة عربية أو غرب آسيوية. فالعكس هو الصحيح، فعلاقة الهند مع الكثير من هذه الدول لم تكن أفضل مما هي عليه الآن».
أشار الدبلوماسي إلى أن مشكلة أخرى وهي أن الدولة الفلسطينية العلمانية قد حل مكانها دولة ذات صبغة إسلامية، وهو ما لا تستسيغه الهند. ولذلك فإن زيارة مودي القادمة لإسرائيل ستكون واقعية وسوف تغير من شكل السياسات الحالية، وهو ما كان يجب أن يحدث منذ سنوات.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.