«قوات سوريا الديمقراطية» تعلن محاصرتها «داعش» في الطبقة وسد الفرات

قيادي كردي: معركة الرقة تنتظر استكمال المعلومات الاستخباراتية

روجدا فلات القيادية في ميليشيا {وحدات حماية الشعب} الكردية تتحدث مع مقاتلين قرب سد الطبقة بمحافظة الرقة (رويترز)
روجدا فلات القيادية في ميليشيا {وحدات حماية الشعب} الكردية تتحدث مع مقاتلين قرب سد الطبقة بمحافظة الرقة (رويترز)
TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تعلن محاصرتها «داعش» في الطبقة وسد الفرات

روجدا فلات القيادية في ميليشيا {وحدات حماية الشعب} الكردية تتحدث مع مقاتلين قرب سد الطبقة بمحافظة الرقة (رويترز)
روجدا فلات القيادية في ميليشيا {وحدات حماية الشعب} الكردية تتحدث مع مقاتلين قرب سد الطبقة بمحافظة الرقة (رويترز)

أحكمت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، ذات الغالبية الكردية، المدعومة من الولايات المتحدة، حصارها، أمس، على مدينة الطبقة وسد الفرات، في الريف الغربي لمحافظة الرقة، إلى الغرب من مدينة الرقة، عاصمة المحافظة والمعقل الرئيسي لتنظيم داعش في سوريا. وتحقق لها ذلك غداة سيطرتها على قرية الصفصاف، الواقعة على بعد 6 كيلومترات شرق مدينة الطبقة.
واعتبر قيادي في ميليشيا «قسد» أن حصار الطبقة «يسهّل الانقضاض على هذه المدينة، ويفتح الطريق أمام تحرير سد الفرات بالأسلحة الخفيفة، ويعدّ الخطوة الأهم على طريق معركة الرقة التي باتت مسألة وقت».
الجانب الكردي أبدى ارتياحه لسير العمليات على الأرض، حيث أعلن قائد عسكري في الميليشيا التي تتألف بغالبيتها من تشكيلات كردية مسلحة، أبرزها الجناح العسكري لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي (pyd)، إن قواته «سيطرت بشكل كامل على قرية الصفصاف، صباح اليوم (أمس) الجمعة، بعد معارك مع تنظيم داعش الذي انسحب باتجاه بلدة المنصورة ومزرعة الصفصاف». وذكر القائد - الذي طلب تحاشي ذكر اسمه - في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ.) أن الطبقة «أصبحت محاصرة بشكل كامل بعد سيطرتنا، وبقي أمام عناصر (داعش) طريق موازٍ لنهر الفرات، يمر من مزرعة الصفصاف، لكنه يقع تحت مرمى نيران قواتنا».
من جهته، رأى المستشار السياسي لـ«قسد»، ناصر الحاج منصور، أن حصار الطبقة سيزيد الضغط على مقاتلي «داعش» المتحصنين في محيط سدّ الفرات، ويسهّل تحرير السدّ بالأسلحة الخفيفة، من دون الحاجة لاستخدام الأسلحة الثقيلة، وتعريض السدّ لخطر الانهيار.
وشدّد الحاج منصور، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «حصار الطبقة هو جزء من المعركة الكبرى، أي معركة تحرير الرقة، التي شارفت الاستعدادات العسكرية واللوجيستية لانطلاقتها»، وأضاف: «نحن الآن في مرحلة الحشد العسكري والتسليحي، وجمع المعلومات الاستخباراتية، بعدما باتت الرقة مطوّقة إلى حد كبير»، مدعياً أن «عدداً كبيراً من قادة التنظيم الإرهابي وعائلاتهم بدأوا مغادرة الرقة، باتجاه الصحراء أو باتجاه دير الزور».
هذا، وكثفت أمس طائرات التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، قصفها على بلدات وقرى تقع إلى الغرب من مدينة الرقة، وتركّز القصف على مدينة الطبقة وبلدتي المنصورة وهنيدة ومزرعة تقع شرق الطبقة، ومزرعة تشرين شمال سدّ الفرات. وتراهن الميليشيا الكردية، الساعية لإقامة سوريا فيدرالية، على الدعم المطلق الذي تقدمه لها قوات التحالف الدولي. وفي هذا السياق، كشف الحاج منصور عن «جهوزية كبيرة لطائرات التحالف المتأهبة لتأمين التغطية الجوية للهجوم البري على الرقة»، واستطرد: «لا شك أن الأسطول الجوي الأميركي سيكون ركيزة أساسية في هذه المعركة، ولعلّ الإنزال الذي نفذته القوات الأميركية قبل أيام هو دليل على أن معركة الرقة باتت مسألة وقت».
في هذه الأثناء، أبلغت روجدا فلات، القيادية في ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تشكل العمود الفقري لـ«قسد»، وكالة «رويترز»، أن «عملية انتزاع السيطرة على مدينة الرقة السورية من تنظيم داعش ستستغرق شهوراً»، وهو إطار زمني أطول مما سبق وحددته الميليشيا التي تعتمد عليها واشنطن في الحملة العسكرية الراهنة.
وأوضحت فلات أن عمليات السيطرة على السد تعقدت بسبب الألغام التي زرعها «داعش»، وتهديداته بتدمير السد، وأضافت: «جرى وضع خطط بديلة للسيطرة عليه، وستتمكن قواتنا من إتمام هذه المهمة خلال الأيام القليلة المقبلة (...) فدعم التحالف (الدولي) أفضل بكثير في هذه المرحلة».
المسؤولة الكردية قالت إن «موعد بدء الهجوم النهائي على الرقة قد يختلف قليلاً عن الموعد الذي سبق أن حدد في أوائل أبريل (نيسان) الحالي»، مضيفة: «إجمالاً، الحملة على المدينة (الرقة) ستبدأ في أبريل، وإن لم تكن في بداية الشهر، فإنها ستكون في منتصفه (...) لكنني أعتقد أن الحملة (على الرقة) ستطول عدة أشهر لأنها تتطلب منا السيطرة بشكل كامل على الطبقة أولاً، وتنظيم مخططات الحملة بشكل جيد، وإخراج المدنيين من المدينة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.