مصادر دبلوماسية: تفاهمات تركية ـ أميركية وراء إعلان انتهاء «درع الفرات»

أنقرة حصلت على تطمينات بأنه لن يكون هناك كيان كردي على حدودها

مركز مدينة الباب بريف حلب كما بدا أول من أمس بآثار المعارك إثر استعادة قوات «درع الفرات» للمدينة من تنظيم داعش قبل شهور (إ.ف.ب)
مركز مدينة الباب بريف حلب كما بدا أول من أمس بآثار المعارك إثر استعادة قوات «درع الفرات» للمدينة من تنظيم داعش قبل شهور (إ.ف.ب)
TT

مصادر دبلوماسية: تفاهمات تركية ـ أميركية وراء إعلان انتهاء «درع الفرات»

مركز مدينة الباب بريف حلب كما بدا أول من أمس بآثار المعارك إثر استعادة قوات «درع الفرات» للمدينة من تنظيم داعش قبل شهور (إ.ف.ب)
مركز مدينة الباب بريف حلب كما بدا أول من أمس بآثار المعارك إثر استعادة قوات «درع الفرات» للمدينة من تنظيم داعش قبل شهور (إ.ف.ب)

أرجعت مصادر دبلوماسية إعلان أنقرة انتهاء عملية درع الفرات «بنجاح»، على حد وصف بيان مجلس الأمن القومي التركي في ختام اجتماعه برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان مساء الأربعاء، إلى توافقات تركية أميركية تم التوصل إليها خلال المباحثات المكثفة في الأسابيع الأخيرة بين مسؤولين عسكريين وسياسيين. هذا، بينما أعلنت رئيسة بلدية غازي عنتاب، فاطمة شاهين، أمس، أن عملية البناء والإنشاءات في مدينة الباب السورية قد بدأت لاستيعاب السكان الأصليين الذين سيعودون إلى مناطقهم.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن إعلان وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، عقب مباحثاته المكثفة في أنقرة، أمس، عن بحث خيارات إقامة مناطق آمنة في سوريا، يشير إلى أن تركيا حصلت على ما تريد من عملية درع الفرات التي دعمت فيها فصائل من الجيش السوري الحر بهدف إبعاد «داعش»، ومنع قيام كيان كردي على حدودها مع سوريا، وبالتالي إقامة منطقة آمنة لاستيعاب بعض اللاجئين السوريين، مع إدراكها في الوقت نفسه أن فرص استمرارها وتقدمها لأكثر من ذلك غير ممكنة، في ظل تعقد الوضع في مدينة منبج التي كانت هي الهدف المفترض لعملية درع الفرات، عقب الانتهاء من تطهير مدينة الباب، بحسب تصريحات إردوغان والمسؤولين الأتراك.
وأضافت المصادر أن أنقرة حصلت على تطمينات من الجانب الأميركي بأنه لن يكون هناك مجال لقيام دولة أو كيان كردي على حدودها، وأن دعم واشنطن للمقاتلين الأكراد، كحليف وثيق في الحرب مع «داعش»، لا يعني أنها ستسمح بقيام دولة كردية تقلق حليفها الآخر (تركيا).
ولفتت المصادر إلى أن ما أعلنه رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، في مقابلة تلفزيونية عقب اجتماع مجلس الأمن القومي، من أن «العملية انتهت، لكن تركيا تراقب الأوضاع في الشمال السوري، وقد تتدخل إذا تطلب الأمر بعملية أخرى تحت اسم آخر»، يعني أن خيار القيام بعمل عسكري تركي في أي وقت أمر قائم، وقد يحدث إذا ما خالف أي من الطرفين الأميركي والروسي تفاهماته مع أنقرة بشأن منبج (بالنسبة لموسكو وواشنطن)، وعفرين (بالنسبة لموسكو)، حيث تم تحديد خطوط التماس بتفاهم تركي روسي في محيط الباب وعفرين، واتفاق كردي مع كل من موسكو وواشنطن في محيط منبج.
وأضافت المصادر أن مباحثات المسؤولين الأتراك، أمس، مع وزير الخارجية الأميركي، أولت عملية الرقة الاهتمام الرئيس لأن أنقرة، ومع تسليمها بأن واشنطن ستواصل الاعتماد على قوات سوريا الديمقراطية، ترى أن فرصتها للمشاركة في هذه العملية من خلال الفصائل التي شاركت في عملية درع الفرات التي لا تزال موجودة على الأرض، بالإضافة إلى قوات عربية أخرى من داخل الرقة قامت بتدريبها، لا تزال قائمة، وأنها ستسعى لضمان عدم حدوث أي تغيير ديمغوغرافي في الرقة.
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد أعاد التأكيد، قبل وصول تيلرسون إلى أنقرة، على أن بلاده ستقترح على وزير الخارجية الأميركي تنفيذ عملية مشتركة ضد «داعش» في مدينة الرقة.
ولفتت المصادر إلى أن الإعلان المفاجئ لتيلرسون، بشأن مصير الأسد، وتركه ليحدد من قبل الشعب السوري، يشير إلى أن الهدف المقبل لأميركا والتحالف الدولي هو الإرهاب فقط، ورأت أن أنقرة لن تكون لديها مشكلة في قبول الطرح الأميركي الجديد بشأن الأسد، إذا قبل الجانب الأميركي بموقفها في الرقة، وإذا حجم من دور الأكراد في سوريا.
وبحسب محللين أتراك علقوا على إنهاء مهمة «درع الفرات»، الذي بدا مفاجئاً، فإن هذا الإعلان جاء قبل وصول وزير الخارجية الأميركي إلى أنقرة، ليكون بمثابة رسالة تركية بأن النجاح في الرقة أمر ممكن، إذا تم الاعتماد على نموذج «درع الفرات»، وأن الفصائل التي شاركت في هذه العملية باتت متفرغة أيضاً للعب دور في عملية الرقة.
في السياق نفسه، ووسط تكهنات بشأن مستقبل المناطق التي سيطرت عليها فصائل الجيش الحر خلال عملية درع الفرات، ووضعها المستقبلي، وخروج بعض الأصوات، سواء من أكراد سوريا أو من أطراف أخرى، مثل موسكو التي قال برلمانيون وسياسيون منها إن عملية درع الفرات لم تكن عملية شرعية، وإنها استهدفت إقامة تركيا مصغرة في شمال سوريا، أعلنت رئيسة بلدية غازي عنتاب، فاطمة شاهين، أمس، أن عملية تطهير مدينة الباب انتهت، وبدأت عملية البناء والإنشاءات لاستيعاب السكان الأصليين الذين سيعودون إلى مناطقهم.
وقالت شاهين إن الجهود التي تبذلها تركيا تقوم حالياً على توفير المساكن والبنية الأساسية، من مستشفيات ومدارس ومرافق، حتى يتمكن أصحاب الأرض الأصليون من العودة إليها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».