كشف الاتفاق بين «جيش الفتح» والطرف الإيراني لإخلاء بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين مقابل إجلاء مدنيين من الزبداني ومضايا بريف دمشق، الذي وقّع برعاية قطرية، مؤخرا، عن أن النظام السوري، كما «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، خارج إطار التفاوض، وعلما به أول من أمس بعد تسريب المعلومات عن الاتفاق الذي بات «أمراً واقعاً» رغم اعتراض السكان في مضايا الذين عبروا عن استيائهم منه.
واللافت في الاتفاق، أنه يتيح للنظام الدخول إلى الزبداني ومضايا وبقين بريف دمشق، ورفع علمه في المنطقة، وإدخال عناصره الأمنية إليها، مقابل دخول المعارضة إلى البلدتين الشيعيتين بريف إدلب في الشمال، على أن يعطي الطرفان تعهدات بعدم اقتياد المدنيين الذين سيبقون في تلك البلدات إلى الفروع الأمنية، وعدم محاكمتهم، كما قال مصدر معني بالمفاوضات لـ«الشرق الأوسط».
ويعني ذلك، بحسب المصدر، سيطرة النظام على البلدات الثلاث بريف دمشق، كما على بلدات جنوب دمشق الخاضعة للاتفاق، ليكون مصيرها مثل مصير البلدات الأخرى التي توصلت إلى اتفاقات مع النظام، بينما تدخل كفريا والفوعة ضمن نطاق سيطرة فصائل المعارضة، على أن تصبح تحت سيطرة الإدارة المدنية في المحافظة، وتلتزم الفصائل بحماية المدنيين الراغبين بالبقاء فيها. وقال المصدر إن الاتفاق «بلوره ممثل عن (حركة تحرير الشام)، واستشار فيه «هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على منطقة إدلب، التي وافقت بدورها على الاتفاق»، موضحاً أن أسباب موافقة الهيئة التي يغلب عليها نفوذ «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً) يعود إلى أنها «تسعى للنفاذ من الضغوط الشعبية عليها جراء امتناعها عن اقتحام البلدتين الشيعيتين رغم القصف الروسي والنظامي في إدلب»، علما بأن الاقتحام «مقيد باتفاقيات لمنع اقتحامها منعاً لأن يقتحم (حزب الله) الزبداني ومضايا»، مضيفا: هذا فضلاً عن «القصف المتواصل الذي تتعرض له بنش إثر عمليات قصف كفريا والفوعة». ولفت أن الطرف الإيراني أيضاً «له مصلحة بإخلائهما لمنع الضغوط عليه في البلدتين، بسبب القصف الذي تتعرضان له، وعجزه عن تقديم مساعدة عسكرية».
قال القيادي في «أحرار الشام» محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط»: «ينتهي اتفاق الهدنة في الأول من أبريل (نيسان) المقبل، وعليه تم الإسراع في بلورة اتفاق جديد، بعد توصل الأطراف إلى قناعة بأن المشكلة تحتاج إلى حل جذري على ضوء الخروقات المتواصلة». وأضاف أن مبررات التوصل إلى الاتفاق «جاءت بهدف حماية المدنيين في ريف دمشق الذين يعانون الحصار، ويتعرض الاتفاق لخروقات متواصلة»، مشيراً إلى أن الاعتراضات عليه «تندرج في إطار التنظير البعيد عن الواقع».
ويسكن كفريا والفوعة نحو 16 ألف مدني وعسكري، سيتم إجلاؤهم جميعاً على مرحلتين، حيث يتم إجلاء 8 آلاف منهم في المرحلة الأولى، بينما يبقى مدنيون وعسكريون سينقلون في الدفعة الثانية والأخيرة من الاتفاق.
ويقول سكان كفريا والفوعة: إن الضغوط تتمثل في تسلم «هيئة تحرير الشام» الحواجز حول البلدتين من «أحرار الشام» منذ فترة شهر، بحسب ما أفادت «شبكة أخبار كفريا والفوعة» في «فيسبوك».
ووقع الاتفاق بعيدا عن النظام السوري أو «الائتلاف الوطني السوري». وفيما أكد مصدر دبلوماسي في دمشق لجريدة «الوطن» القريبة من النظام أن مجمل ما يتم تناقله من أنباء، حول اتفاق جديد بخصوص الزبداني ومضايا بريف دمشق والفوعة وكفريا بريف إدلب، يندرج ضمن اتفاق المدن الأربع، وأنها «تبقى أنباء لا يمكن تأكيدها أو نفيها»، رفض الائتلاف «أي خطة تستهدف تهجير المدنيين في أي مكان من أنحاء سوريا»، مذكراً بأن ذلك «مناقض للقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن، ويمثل جريمة ضد الإنسانية، وأن من واجب المجتمع الدولي التحرك لوقف هذا المخطط والمشروع الخطير».
وأثار الاتفاق موجتي استنكار واستياء في صفوف سكان ريف دمشق، حيث أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن هدوءاً يسود منطقتي مضايا والزبداني بريف دمشق الشمالي الغربي، وبلدتي الفوعة وكفريا الواقعة بالريف الشمالي الشرقي لإدلب، ومناطق في جنوب العاصمة، في إطار تطبيق وقف إطلاق النار، بصفته خطوة أولية لتطبيق الاتفاق في هذه المناطق. ولفت إلى أن «الاستياء الشعبي يتصاعد في مضايا بريف دمشق، من عملية التغيير الديموغرافي التي تجري من خلال اتفاق مع الإيرانيين، وما زاد الاستياء هو عدم علم الكثير من سكان وقاطني مضايا بهذا الاتفاق. ويتزامن ذلك مع استياء يسود أوساط بلدتي الفوعة وكفريا اللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية بريف إدلب، من عملية إجلائهم من منازلهم نحو مناطق أخرى في محافظات ثانية.
وأكد تلك المعلومات الناشط أبو المهاجر الزبداني، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن السكان عرفوا بالاتفاق من القيادات المعارضة في المنطقة، مضيفاً: «ليس أمامنا أي خيار آخر». وأضاف: «لا وجود لأي ضمانات... ولم تتضح الأمور بعد متى سيتم الخروج».
استقبال شعبي فاتر لاتفاق «الزبداني ـ كفريا والفوعة»
«هيئة تحرير الشام» تسعى للنفاذ من الضغوط بعد تسلمها الحواجز المحيطة
استقبال شعبي فاتر لاتفاق «الزبداني ـ كفريا والفوعة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة