مدير «إف بي آي المغرب»: معلومات أجهزتنا جنّبت دولاً عدة أحداثاً تراجيدية

الخيام قال لـ«الشرق الأوسط» إن التعاون مع الجزائر دون المستوى... وعلى المثقفين الانخراط في مكافحة التطرف

عبد الحق الخيام
عبد الحق الخيام
TT

مدير «إف بي آي المغرب»: معلومات أجهزتنا جنّبت دولاً عدة أحداثاً تراجيدية

عبد الحق الخيام
عبد الحق الخيام

قال عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع لمديرية المحافظة على التراب الوطني المغربي (استخبارات داخلية)، إن التنسيق الأمني مع الجزائر لا يرقى إلى مستوى التحديات التي تواجهها المنطقة.
وكشف في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن الاستخبارات المغربية زودت دولا غربية وعربية وأفريقية عدة بمعلومات «جنبتها وقوع أحداث تراجيدية». وقال إن استخبارات بلاده لديها معطيات تحرص على تحديثها من خلال «بنك معلومات خاص بجميع الملتحقين بالجماعات الإرهابية».
وأشار الخيام، الذي يطلق على مكتبه اسم «إف بي آي المغرب»، إلى أن بلاده لديها أجهزة استخباراتية «لها من الاحترافية ما يجعلها تتميز» عن أجهزة دولية. واعتبر أن «التجربة المغربية في محاربة الإرهاب والتطرف رائدة»، مشيرا إلى أن المقاربة التي اعتمدتها الرباط في مواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرّف، عقب أحداث 2003 في الدار البيضاء، هي «مقاربة ثلاثية الأبعاد، تقوم على تطوير الآلة الأمنية، والترسانة القانونية، والتأطير الديني». وفيما يلي نص الحوار:
* تترأسون المكتب المركزي للأبحاث القضائية منذ أكثر من سنتين، هل لكم في البداية أن تقدموا لقراء «الشرق الأوسط» مجالات تدخل هذا المكتب، وحصيلة عمله حتى الآن؟
- المكتب يعد ذراعا قضائية بالنسبة إلى مديرية مراقبة التراب الوطني. وإنشاؤه جاء بعدما اتضح للمشرع المغربي مدى احترافية المديرية، والدور الذي كانت تلعبه في إنجاز قضايا عدة، سواء تعلق الأمر بالجريمة الإرهابية أو بالجريمة المنظمة العابرة للقارات. ذلك أن هذه المديرية كانت تبعث بتقارير استخباراتية إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي كنت أرأسها، وكانت أبحاث هذه الفرقة تتم بناء على تلك التقارير الدقيقة، وعلى ضوئها نصل إلى النتائج في أسرع وقت. وبالتالي ارتأى المشرع المغربي، نظرا إلى احترافية الأطر العاملين بها، أن يمنحها عام 2015 الصفة الضبطية، بمعنى أن جميع العاملين في المكتب أصبحوا يحملون الصفة الضبطية كبقية ضباط الشرطة القضائية الذين يشتغلون في مختلف مصالح المديرية العامة للأمن الوطني.
كما أعطى الصفة الضبطية أيضا لأطر مديرية مراقبة التراب الوطني كافة، وبالتالي كان الأمر يحتاج إلى قرار مشترك بين وزير الداخلية ووزير العدل والحريات. وبناء على هذا القرار تم إنشاء هذا المكتب، وجعله متخصصا في الجرائم المنصوص عليها في الفصل 108 من قانون المسطرة الجنائية، وهي: جرائم الإرهاب، والمس بأمن الدولة الداخلي والخارجي، والتهريب الدولي للمخدرات، وتهريب الأسلحة، والجرائم التي لها علاقة بصحة المواطن، أي الجرائم الكبيرة التي أصبح النظر فيها من اختصاص المكتب المركزي، هذا إلى جانب أن المكتب المركزي يمكن له التدخل في ربوع المملكة المغربية كافة.
ومنذ افتتاح المكتب المركزي للأبحاث القضائية أنشئت فرقتان أمنيتان، الأولى تختص بالبحث ومعالجة القضايا التي لها صلة بالإرهاب، والثانية تختص ببقية الجرائم المنظمة المنصوص عليها في الفصل 108 من قانون المسطرة الجنائية.
* ماذا كانت حصيلة المكتب خلال السنتين الماضيتين؟
- في إطار السياسة التي تنتهجها المملكة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب، والمبنية على الضربات الاستباقية، كانت حصيلة المكتب إيجابية خلال السنتين الماضيتين، إذ جرى تفكيك نحو 42 خلية إرهابية من طرف الفرقة الأولى، واعتقال نحو 608 أشخاص تورطوا في هذه الخلايا. كما أن المكتب قام بعد المصادقة على قانون 2015 الذي يعاقب كل من حاول الالتحاق أو التحق بتنظيمات إرهابية، بالتحقيق مع الأشخاص العائدين من هذه البؤر أو الذين يحاولون الالتحاق بها، وهم حتى الآن 98 شخصاً، منهم 67 شخصا عادوا من سوريا والعراق والمناطق التي تشهد صراعات آيديولوجية من طرف جماعات متطرفة، و11 شخصا عادوا من ليبيا. هذا بالإضافة إلى 32 شخصا تم إبعادهم من تركيا التي اتخذوها معبرا إلى تلك البؤر.
هذه حصيلة الفرقة المختصة بمكافحة الإرهاب. أما بالنسبة إلى الجريمة المنظمة، فإن الفرقة التي تعمل في هذا المجال تجلت حصيلتها في تحقيق أهداف عدة، سواء تعلّق الأمر بالتهريب الدولي للمخدرات، إذ جرى حجز كميات كبيرة من مادة الحشيش، وصل بعضها إلى 60 طناً. كما أن هذه الفرقة قامت أخيرا بحجز كمية كبيرة من مادة الكوكايين بلغ حجمها ألفا و500 كيلوغرام كانت ستدخل إلى المغرب عبر المياه الإقليمية، في طريقها إلى أوروبا. وتدخل المكتب المركزي للمرة الأولى بمشاركة قوات التدخل التابعة للدرك الملكي والبحرية الملكية، وتم رصد الباخرة التي كانت تقل هذه المادة، وأوقف الأشخاص الذين كانوا على متنها، وحجز الكمية التي كانت تزن في البداية ثلاثة أطنان، لكن الموقوفين حاولوا التخلص من جزء منها في عرض البحر. ونسقت الفرقة المكلفة بالجريمة المنظمة مع الأمن الإسباني لتوقيف بقية أعضاء الشبكة التي كانت الكمية المحجوزة موجهة إليها، إضافة إلى عمليات عدة حجزت خلالها كميات كبيرة من الأقراص المهلوسة التي تهرب من الشرق، أي من الجزائر.
وتدخل المكتب أيضا في قضايا قتل تم حلها، مثل قضية طنجة المعروفة التي استمر البحث فيها سنتين، بعدما كانت هناك عملية سطو على ناقلة أموال، تلتها عمليتا قتل شخصين من أجل الاستحواذ على سيارتيهما. وتمكن المكتب من إيقاف هذه العصابة وتقديمها إلى العدالة. هذه بصفة إجمالية حصيلة الفرقتين التابعتين للمكتب المركزي للأبحاث القضائية.
وأود الإشارة إلى أنه سيتم مستقبلا إحداث مكاتب جهوية للمكتب المركزي للأبحاث القضائية. كما سيتم إحداث فرق أخرى داخل المكتب متخصصة في الجرائم المالية والإلكترونية.
* قبل تعيينك على رأس المكتب، كنت مديرا للفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي أسند إليها البحث في قضايا كبرى، هل تجد فرقا بين التجربتين؟
- من ناحية الأبحاث، لا أجد فرقا بين الفرقة الوطنية والمكتب المركزي للأبحاث القضائية، إلا في مسألة مهمة هي السرعة. حاليا المكتب المركزي تابع لمديرية مراقبة التراب الوطني، وهو ما يعني أن المعلومة يتم جمعها من طرف الأطر العاملة بهذه المديرية، ويجري النقاش بشأنها في إطار اجتماعات تتم ما بين أطر المكتب المركزي والمصالح المركزية. بعد ذلك، يتم تحليل هذه المعطيات في ظرف قياسي، وعندما يتضح أن هذه المعلومات يمكن أن تدخل في قالب قضائي يأخذها المكتب المركزي ويباشر الأبحاث بشأنها تحت إشراف النيابة العامة المختصة، ويجري التدخل في حينه.
ويجب ألا ننسى أنه عندما قامت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بإنشاء هذا المكتب، وضع المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني مشكوراً، رهن إشارتنا جميع الوسائل اللوجيستية، سواء تعلق الأمر بالعنصر البشري بتأهيل مجموعة من الأطر التي تعمل حاليا في المكتب من الناحية الحقوقية أو من الناحية الحرفية والمهنية، أو بتجهيز المكتب المركزي بجميع الوسائل التقنية، لجعله يقوم بعمله من دون أي معوقات.
* هناك من يشبه عمل المكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي تشرفون عليه حاليا بالأدوار والمهام التي يتولاها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي «إف بي آي»، كيف تنظرون إلى هذا التشبيه؟
- هناك نقاط التقاء ما بين المكتب المركزي للأبحاث القضائية ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، فالأخير يقوم بتحقيقات في جميع الأراضي الأميركية. الاختصاص الوطني هو نقطة الالتقاء بين المكتبين. كما أن مكتبنا حاول أن يستفيد من تجارب عدة منها تجربة «إف بي آي» في تأهيل العنصر البشري، ومواصلة تكوينه باستمرار. ومن الناحية الحرفية لا أظن أن هناك فرقا بين عناصر المكتبين.
* دعوتم أخيرا في طنجة المثقفين والمفكرين المغاربة إلى الانخراط في الحرب التي تخوضها الدولة وأجهزتها الأمنية لمكافحة التطرف والإرهاب، هل لديكم تصور محدد لهذا الانخراط، أو بالأحرى خريطة طريق لإدماج المثقفين في هذه العملية؟
- كنت دائما أقول إن المقاربة التي اتخذتها الدولة المغربية في مواجهة ظاهرة التطرف هي مقاربة حكيمة اتخذت بناء على النظرة الثاقبة لجلالة الملك محمد السادس عقب أحداث الدار البيضاء في 16 مايو (أيار) 2003، وهي مقاربة ثلاثية الأبعاد، تقوم على تطوير الآلة الأمنية، والترسانة القانونية، والتأطير الديني.
في سياق ذلك، تم إنجاز بطاقات وطنية (هوية)، وجوازات سفر بيومترية، وخلق وحدات أمنية مشتركة بين الشرطة والجيش (حذر)، إلى جانب إنشاء هذا المكتب الذي هو اللبنة الأخيرة في تطوير الآلة الأمنية لمواجهة الظاهرة. كما أن المشرع المغربي دعم الترسانة القانونية، ووضع قوانين لتمكين الفرق الأمنية المتخصصة في مجال مكافحة الإرهاب من العمل في إطار قانوني، بحيث لا تكون هناك معوقات تحد من تدخل السلطات الأمنية لمواجهة الظاهرة الإرهابية، كما أن هناك عملا جبارا أنجز لإعادة تأهيل الحقل الديني، إذ تبين من خلال الأبحاث التي قمنا بها عقب أحداث الدار البيضاء الإرهابية أن الأعضاء الذين انخرطوا في تلك الأحداث كانوا يتبنون الفكر الجهادي، بناء على فتاوى صادرة من شيوخ «السلفية الجهادية»، وهي فتاوى فُهمت بشكل مغلوط وخاطئ. وبالتالي وجب إعادة تأطير الشباب المغربي بإصلاح الحقل الديني وتأهيل المرشدين الدينيين والمرشدات الدينيات. كما أنشئت قناة تلفزيونية مختصة في تأطير الشباب في الأمور الدينية، من دون أن ننسى إمارة المؤمنين التي تعفينا من كل شيء. فنحن شعب لنا تقاليدنا وأصولنا وهوية خاصة بنا، ولا نقبل بأي آيديولوجيات دخيلة علينا.
المغرب دولة إسلامية تتبنى مذهبا لا يقصي الآخر، بل يقبل بالآخر، وليست لديه مشكلة مع معتنقي بقية الديانات من يهود ومسيحيين ولادينيين وغيرهم. بمعنى أننا دولة متسامحة ليست لديها صراعات بين الديانات. كما أن المغرب، في إطار مسلسله التنموي، قام بمجهود جبار من أجل محاربة الفقر والهشاشة، وتحسين ظروف عيش المواطن حتى لا يترك الشباب لقمة سائغة لدى المنظمات التخريبية.
هذا فيما يتعلق بالمقاربة الأمنية الثلاثية الأبعاد. وتبعا لذلك كان من الضروري أن يقوم المغرب بإجراءات أخرى من ضمنها إصلاح المقررات التعليمية، لأن تنشئة أطفالنا يجب أن تقوم أولا على تقديس الوطن والقبول بالآخر والتعايش.
لقد كنت دائما أقول إن الانخراط في عملية مكافحة التطرف يجب أن تشمل المثقفين والمفكرين، لأنها تبنى على نظريات آيديولوجية، وبالتالي يسهل غسل أدمغة شبابنا، خصوصا في ظل الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها. ومن هنا أطالب هؤلاء الأكاديميين والمنظرين والمثقفين بالمساهمة في هذه المجهودات التي تقوم بها الدولة في مواجهة التطرف، ومن ثم على جميع مكونات المجتمع من إعلاميين وفنانين ومثقفين الانخراط والقيام بمجهودات لتوضيح الرؤية لشبابنا وغيرهم. مع ضرورة الإشارة إلى أن المجلس الأعلى لعلماء المغرب يقوم بواجبه كاملاً.
* استغربتم غياب هذه الفئة المجتمعية عن المقاربة الأمنية. ألا ترون أن الأجهزة الأمنية قصرت بدورها إلى حد ما، وساهمت في هذا الغياب؟
- المسؤولية هي مسؤولية الضمير أولاً، كما أننا دائما نأخذ نماذج في حياتنا. وأنا شخصيا أتبنى طريقة تفكير أستاذي الذي علمني مبادئ عدة أثناء فترة دراستي، وبالتالي وجب على مفكرينا ومثقفينا أن يزرعوا في شبابنا تلك المبادئ المتعلقة بتنقية الفكر من الشوائب، فهذه وظيفتهم الأساسية. يجب أن يعودوا إلى هذه الرسالة، أي الوظيفة التربوية والتوضيحية والتأطيرية والتنظيرية كذلك. لقد قلت أخيرا في ندوة بطنجة إن المفكر والمثقف المغربي يجب عليه أن يساهم في المجهودات التي انخرط فيها المغرب لمواجهة جميع ظواهر التطرف، لأن دور المثقف المغربي سيكون لا محالة إيجابيا لدعم الجهود التي تقوم بها المصالح الأمنية والدولة المغربية ككل.
* معروف أن الخبرة المغربية في مواجهة التطرف وتفكيك الخلايا الإرهابية بشكل استباقي أصبحت ذائعة الصيت في العالم، وباتت مطلوبة من دول عدة ضمنها دول كبرى، كيف وصلت الأجهزة الأمنية المغربية إلى امتلاك هذه الخبرة، هل هناك سر معين؟
- السر الوحيد هو المهنية واحترافية مصالحنا (أجهزتنا) الاستخباراتية التي لها من الاحترافية ما يجعلها تتميز عن بقية المصالح الاستخباراتية الدولية. ومن جهة أخرى، هناك ذكاء وتفاعل المشرّع المغربي مع جميع الأحداث التي تقع. وهنا أود التأكيد على أن التشريعات المغربية متطورة جداً، فالمشرع كان ذكياً، ووضع ترسانة من القوانين التي جعلت المغرب، يقوم بضرباته الاستباقية في إطار القانون، ومن دون وجود أي عائق. وأود أن أضيف أن التجربة المغربية أصبحت رائدة، وتتجلى قوتها في تلاحم المواطن والمؤسسات الأمنية والتشريعية والقضائية. وبالتالي فإن الجميع منخرط في الحرب على ظاهرة الإرهاب التي ليست لها علاقة بتقاليدنا وديننا الإسلامي. وهنا أسجل الدور الفعّال للمواطن المغربي الغيور على أمن بلده واستقراره، خصوصا بعدما شاهدنا بكل أسف ما حدث ويحدث في بعض الدول العربية، ومن ثم فإننا لن نقبل أن يشرد فرد من شعبنا أو تنزح امرأة من المملكة المغربية إلى بلد آخر. وبالتالي أجدد القول إن قوة المغرب تتجسد في مهنية واحترافية مصالحه الاستخباراتية، وتتجسد أيضا في قوة تشريعاته، وتلاحم المؤسسة الملكية والشعب والمؤسسات الأمنية. فهذا هو ما جعل النموذج المغربي يصبح رائداً، وجعل مصالحه الاستخباراتية سباقة، في إطار سياستها الاستباقية، في إمداد دول غربية وعربية وأفريقية عدة بمعلومات جنبتها وقوع أحداث كانت ستكون تراجيدية بالنسبة إليها.
* في سياق حديثك عن التنسيق الأمني، معلوم أنه بعد الجمود الذي عرفه التعاون الأمني المغربي - الفرنسي، عادت وتيرة التنسيق إلى درجة أفضل، خصوصا بعد المساعدات التي قدمتها الأجهزة المغربية لنظيرتها الفرنسية عقب هجمات باريس، فكيف يتم الوصول إلى معلومات في غاية الدقة تتعلق بشبكات إرهابية تنشط فوق تراب دولة أخرى ولا تصل أجهزة تلك الدول نفسها إلى هذه المعلومات؟
- يجب أن تعلم أن المصالح الاستخباراتية المغربية لديها معطيات تحرص على تحيينها (تحديثها) من خلال توافرها على بنك معلومات خاص بجميع الأشخاص الذين يلتحقون بالجماعات الإرهابية وينشطون فيها.
ثانياً، يجب أن تعلم أن علاقة التنسيق بين المغرب وفرنسا لم تجمد أبداً، لأن المغرب يترفع عن جميع الخلافات السياسية من أجل الحفاظ على أمن وسلامة الإنسان. لقد كان هناك دائما تنسيق بيننا وبين المصالح الاستخباراتية الفرنسية. ثالثاً، بالنسبة إلى المعطيات التي توصلت إليها الاستخبارات المغربية، ومدت بها المصالح الاستخباراتية الفرنسية من أجل رصد العقل المدبر للأحداث المؤلمة التي عرفتها باريس، كانت بناء على تحليلات أنجزتها مصالحنا الاستخباراتية.
ويجب ألا ننسى أننا نتتبع جميع الأشخاص، سواء كانوا من أصول مغربية أو مغاربة، وبالتالي فالمعلومات التي تم التوصل إليها هي معلوماتنا وأعطيناها للمصالح الفرنسية، فكان التدخل في حينه وجنّب فرنسا أحداثا دموية أكثر وطأة مما وقع في تلك الجمعة المشؤومة.
التنسيق الأمني لا يقتصر فقط على فرنسا، بل يشمل حاليا إسبانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا والدول العربية كلها، باستثناء الجارة الجزائر نظرا إلى تعنتها. وحتى بالنسبة للدول الأفريقية، فالمغرب ساهم في الأبحاث التي قامت بها المصالح في مالي وكوت ديفوار. نحن دولة تفتح يديها لمحاربة الإرهاب أو الجريمة، فعندما يتعلق الأمر بتجنيب أرواح إنسانية الخطر، يترفع المغرب عن جميع الخلافات، ويمد الدول التي تعنيها هذه المعلومات بها لاستعمالها في الحيلولة دون وقوع الخراب والدمار.
* على ضوء حديثكم عن بلجيكا، هل تم تجاوز البرود الذي عرفته العلاقات الأمنية بسبب ما عرف آنذاك بـ«خلية بلعيرج»؟
- هذا السؤال يجب طرحه على الأشقاء البلجيكيين، لأن المغرب دق لهم ناقوس الخطر في قضية ما عرف بـ«خلية بلعيرج»، وأنا ممن أشرفوا على البحث في تلك القضية. آنذاك قلنا إن بلجيكا لديها أحياء تفرخ الإرهابيين منها حي مولينبيك في بروكسل. وهذا ليس معناه أن كل المقيمين في الحي إرهابيون. وفي إطار البحث الدقيق الذين قمنا به حول «خلية بلعيرج»، كانت هناك محاولة قتل من قبل ارتكبها أحد عناصر الخلية في المغرب، وتم إدخال أسلحة، وجرى التخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية في المغرب، وتوالت العمليات الإجرامية وبينها عملية سطو وعمليات قتل في بلجيكا. تم إرسال معلومات بشأن ذلك إلى الأشقاء البلجيكيين، إلا أن السلطات القضائية تعاملت معها بنوع من المماطلة. ومن ثم فإن ما وقع أخيرا في بلجيكا ما هو إلا تحصيل حاصل، لأن المغرب دق ناقوس الخطر وحذر بروكسل منذ «خلية بلعيرج».
الحقل الديني في بلجيكا لم يكن منظماً، لكنها تحاول حاليا أن تستفيد من التجربة المغربية في هذا المجال. والمغرب مد يده لها ووضع تجربته رهن إشارتها وإشارة غيرها من الدول من أجل تأطير أولئك الشباب الذين كبروا في مجتمع عرف سياسة الإقصاء والتهميش من لدن الدولة البلجيكية، فعوض تأطيرهم من الناحية الدينية كان هناك نوع من اللامبالاة من طرفها. والآن ارتأت بلجيكا أن النموذج المغربي يبقى هو الأقرب إلى سياستها من أجل إدماج جميع الشباب من الناحية الدينية. لكن من جانب آخر أقول إن الأشخاص الذين ترعرعوا في ذلك المجتمع، مغاربة كانوا أم جزائريين أم تونسيين، يجب أن يعاملوا من دون تمييز، أي مثل بقية المواطنين البلجيكيين وألا يتعرضوا للإقصاء والتهميش.
* المغرب كان من الدول السبّاقة في العالم العربي إلى إعادة تأهيل الحقل الديني. لكن مع ذلك نلاحظ أن كثيرين من المغاربة انخرطوا في التيارات الإرهابية والجهادية، كيف تفسر ذلك؟
- ليسوا كثيرين. وأتساءل هنا لماذا تبدو الأرقام التي يعلن عنها المغرب كبيرة؟ والجواب هو أن المغرب من الدول القليلة التي تقدم إحصاءات بكل شفافية، بناء على الأبحاث التي نقوم بها في المكتب المركزي، من خلال مراقبة الأشخاص الذين سافروا وما إلى غير ذلك. وبالتالي ففي إحصاءاتنا يوجد نحو ألف و600 شخص متشبعين بالفكر «الجهادي».
* ألف و600 فقط توجهوا من المغرب إلى بؤر التوتر للالتحاق بالجماعات الإرهابية أم أن هذا الرقم يشمل أيضا من توجهوا من دول أخرى؟
- أنا هنا أتحدث فقط عن الأشخاص الذين التحقوا بتلك الجماعات انطلاقا من المغرب. أما بالنسبة إلى من ينطلقون من أوروبا، فهذا أمر لا يعنينا، فدول الاستقبال عليها القيام بتحديث المعطيات المتوافرة لديها، لمعرفة العدد الحقيقي للأشخاص الذين التحقوا بجميع مناطق التوتر.
يشير التحاق هؤلاء الشباب بالجماعات الإرهابية، رغم المجهودات التي يقوم بها المغرب، لا سيما في مجال تأهيل الحقل الديني، إلى أن هناك تحديا تواجهه الدول كلها وليس المغرب فقط، يكمن في وسائل الاتصال، ذلك أنه لا يمكن لأي دولة كيفما كانت إمكانياتها أن تتابع نشاط هؤلاء على الإنترنت، خصوصا أن معظمهم من ذوي المستوى الثقافي البسيط جداً. ولهذا دعوت المثقفين والمفكرين إلى ضرورة تأدية رسالة تربية وتأهيل هؤلاء الشباب.
وأجدد التأكيد على أن الرقم الذي أعلنا عنه ليس مهولاً. الأمر يتعلق بأشخاص ترسخت لديهم أفكار متطرفة عن طريق الإنترنت، إذ يتم استقطابهم وغسل أدمغتهم، مع العلم أن كثيرين منهم ندموا وعادوا إلى بلدهم.
* تحدثتم عن وجود تنسيق أمني مع دول غربية وعربية، باستثناء الجزائر، هل يمكن الحديث عن تنسيق بدرجة صفر معها؟
- ليس هناك تنسيق أمني بدرجة صفر مع الجزائر. لكن أقول إن التنسيق لا يرقى إلى مستوى التحديات التي تواجهها المنطقة، وعندما أتحدث عن تعنت الإدارة الجزائرية، فذلك لأن الجزائر خلقت بؤرة توتر يمكن استغلالها في أي وقت من طرف شبكات إرهابية. وتم استغلالها بالفعل من طرف «داعش»، لأن لدينا معلومات وإحصاءات مفادها بأن مائة انفصالي من جبهة «بوليساريو» في تندوف ينشطون في «داعش»، إضافة إلى وجود «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الذي ينشط في جنوب الجزائر، وليست للجزائر عليه أي سلطة. وكذلك النزاع القائم بين الفرقاء السياسيين في ليبيا الذي بفضله وجد «داعش» موطئ قدم في المنطقة.
وعليه أقول إن كل هذه التحديات يجب أن تكون دافعا لتكثيف التنسيق بيننا، لأن مصلحتنا هي تأمين المواطنين، سواء المغاربة أو الجزائريون أو الموريتانيون أو التونسيون أو الليبيون، وأن نحمي منطقتنا المغاربية، وليس أن نزيد في تفريخ المشكلات في قضية افتعلتها الجزائر (قضية الصحراء)، وهي تعلم ذلك، والتاريخ أنصف الدولة المغربية باسترجاع أقاليمها الجنوبية، إذ هناك حكم من محكمة العدل الدولية بلاهاي لا يمكن الطعن فيه، لكن مع ذلك يتعنت الأشقاء الجزائريون من أجل ترك هذه المنطقة تستغل من طرف انفصاليين يحتجزون مواطنين مغاربة في مخيمات تعيش أوضاعا كارثية، وتعاني من الفقر المدقع، وتتعرض المساعدات الإنسانية الموجهة إليهم فيها لإعادة البيع والتهريب، وهذا وارد في التقارير الدولية ولست أنا من يقوله.
انخراط موجودين في مخيمات تندوف في جماعات إرهابية سيشكل خطرا على المنطقة ككل. إذن، فالوضع في مخيمات «بوليساريو» سيتم استغلاله لا محالة من طرف هذه التنظيمات، وبالتالي سيعيش المواطن المغربي وشقيقه الجزائري في خطر. وبالنسبة إلينا، اتخذنا جميع التدابير في حدودنا لتأمين المواطن المغربي، واستقرار بلدنا. إننا دائما نطالب بالتنسيق مع الجارة الجزائر التي تجمعنا معها أواصر التاريخ واللغة والدين، وإذا لم يفهم المسؤولون الجزائريون هذه الرسالة فذاك أمر آخر. كرجل أمن لا تعنيني القضايا السياسية، ولا يمكنني أن أحشر نفسي فيها. أطالب بالتنسيق الأمني، وأنبه إلى مكمن الخطر، ولهم واسع النظر في اتخاذ القرار الذي يناسبهم.
* في إطار العلاقة مع موريتانيا التي تميزت أخيرا بنوع من البرود، ما حقيقة التنسيق الأمني معها؟ هل ظل كما كان قويا وكثيفا أم أنه تراجع؟
- مع الإخوة الموريتانيين كان دائما هناك تنسيق أمني مثمر وجاد. ولم نلحظ أي فتور فيه، فالأشقاء في موريتانيا نسقوا معنا دائما في المسائل الأمنية وكذلك الأشقاء التونسيون والمصريون، وأجدد تأكيد أنه لم يكن هناك قط أي فتور في مستوى التعاون الاستخباراتي مع موريتانيا.
* عقب إعلان افتتاح المكتب المركزي للأبحاث القضائية في 2015، قلتم آنذاك إن هناك 180 مغربية التحقن بأطفالهن بتنظيم داعش، أين وصل عددهن الآن، خصوصا أنه سبق لكم قبل أشهر الإعلان عن تفكيك خلية نسائية لـ«داعش»؟
- العنصر النسائي يلتحق بهذه البؤر، ليس من أجل الجهاد. فالمرأة المغربية من منطلق الإخلاص لزوجها تلتحق به. سجلنا عودة 59 منهن من مجموع 180 إلى أرض الوطن، بعدما تبينت لهن حقيقة الأمر أو أن أزواجهن قتلوا في المعارك الدائرة هناك. إننا في المغرب نتعامل معهن بشكل عادي. بيد أن خلية نسائية تم استقطابها عن طريق الإنترنت تضم 10 فتيات بينهن 7 قاصرات جرى تفكيكها قبل أشهر، فشكل ذلك بالنسبة إلينا تحولاً. إلا أن بعضهن، ولله الحمد، قاصرات لا يستطعن التمييز بين الحق والباطل. ومن ثم جاء تدخلنا في وقته، ليس فقط من أجل اعتقالهن، بل لحمايتهن، والحفاظ على سلامتهن بالدرجة الأولى. القانون المغربي أخذ مجراه في هذه القضية، لكنه يتعامل مع هؤلاء القاصرات معاملة خاصة من خلال إعادة إدماجهن في المجتمع وتأهيلهن.
* استطاع المغرب أن يحافظ على الاستقرار وسط منطقة حبلى بالاضطرابات، وطبعا جرى الكشف عن كثير من الخلايا الإرهابية في إطار عمليات استباقية، ألا ترون أن ذلك يبقى سيفا ذا حدين؟ فهناك من جهة الحفاظ على استقرار البلاد، ومن جهة أخرى يضر الإعلان بالسياحة والاستثمار، هل نفهم من ذلك أن الهاجس الأمني يظل هو سيد الموقف والأولويات لديكم؟
- الأمن والاستقرار يجب أن يكونا من أولوياتنا، لأنه من دون أمن لا يمكن أن تكون هناك سياحة أو استثمار، بل بالعكس في إطار ضرباتنا الاستباقية نقوم بتفكيك خلايا قبل أن تمر إلى مرحلة تنفيذ مخططاتها. هذا يدل على يقظة مصالحنا الأمنية، ونقاء الجو المغربي من جميع المظاهر التي يمكن أن تضر بالسياحة، وبالتالي لا أظن أن ضرباتنا الاستباقية تضر بهذا القطاع. نحن نؤمن بأن اقتصاد المملكة المغربية ينبني على تأهيل القطاعات كافة ومن بينها السياحة. وعندما نتدخل، فذلك من أجل أن تبقى سياحتنا رائدة.
* إذا طلبت منكم أن تصفوا لي درجة التأهب الأمني في المغرب حالياً، ماذا تقولون عنها؟
- لسنا من الدول التي تقول إن لدينا الدرجة الأولى والدرجة الثانية والثالثة. وأنا دائما أتساءل: ماذا تعني هذه الدرجات؟ هناك دائما تأهب أمني ويقظة أمنية ليظل هذا البلد مستقراً، وينعم فيه المواطن بأمنه وأمانه، وتبقى عجلة النمو ببلادنا في سكتها الصحيحة من أجل الازدهار وتحسين ظروف عيش المغاربة. وكرجل أمن أقول إنه يجب أن يبقى التأهب دائماً، ليس فقط على مستوى المكتب المركزي، بل في بقية المصالح الأمنية الأخرى كالدرك الملكي والمصالح الجمركية والقوات المسلحة الملكية المرابطة على حدودنا من أجل حمايتها، والتي أغتنم هذه المناسبة لأوجه إليها تحية إجلال وإكبار بصفتي مواطنا مغربيا قبل أن أكون مسؤولا أمنياً، وأشكرها على تفاني أفرادها في الذود عن الوطن، وكذلك الأمر بالنسبة إلى جميع المصالح التي تسهر على أمن بلدنا واستقراره.



«هجوم سوشيالي» على «كوشنر» بعد دعوته لإخراج الفلسطينيين من غزة

فلسطينيون ينزحون من رفح (إ.ب.أ)
فلسطينيون ينزحون من رفح (إ.ب.أ)
TT

«هجوم سوشيالي» على «كوشنر» بعد دعوته لإخراج الفلسطينيين من غزة

فلسطينيون ينزحون من رفح (إ.ب.أ)
فلسطينيون ينزحون من رفح (إ.ب.أ)

أثارت تصريحات صهر وكبير مستشاري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، جاريد كوشنر، حول تهجير أهالي غزة إلى صحراء النقب أو مصر، «هجوماً سوشيالياً» على المسؤول الأميركي السابق، بعد انتشار مقاطع فيديو خاصة بمحاضرة ألقاها في جامعة «هارفارد» الشهر الماضي.

وقال كوشنر إن «ممتلكات الواجهة البحرية في غزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة... إذا تمكن الناس من التركيز على بناء سبل العيش»، فيما تحدث عن أهمية «أن تبذل قصارى جهدها لنقل الناس من المنطقة وتنظيف القطاع».

واقترح كبير مستشاري الرئيس الأميركي السابق، «تجريف شيء ما في النقب وإخراج أكبر عدد من المدنيين من غزة، وإنشاء منطقة آمنة هناك، ومن ثم الدخول وإنهاء المهمة»؛ في إشارة لرفضه جهود الوساطة من أجل وقف إطلاق النار، معتبراً أنه من خلال «الدبلوماسية الصحيحة قد يكون من الممكن إدخال الفلسطينيين إلى مصر».

ورفضت مصر في أكثر من مناسبة تهجير الفلسطينيين، سواء بالنزوح داخلياً أو بالتهجير خارج أراضيهم، لا سيما الأراضي المصرية في سيناء، مع التأكيد على أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يكمن في تحقيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين، وفقاً للمرجعيات الدولية المعتمدة.

ولاقت تصريحات كوشنر التي نشرتها وسائل إعلام أميركية مؤخراً من بينها «سي إن إن»، ردود فعل غاضبة عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وتفاعل معها عدد من الشخصيات العامة من بينهم علاء مبارك نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك عبر منصة «إكس».

ووصف مبارك الابن تصريحات المسؤول الأميركي السابق بـ«الصادمة والمستفزة والخسيسة»، وعَدّ كوشنر «مراهقاً سياسياً يتحدث عن فرص استثمارية بغزة في ظل جرائم القتل والتدمير والإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين».

وأبرز علاء مبارك في حديثه عبر «إكس» تصريحات تلفزيونية للنائب الديمقراطي عن ولاية فيرجينا، جيري كونولي الذي وصف حديث كوشنر بأنه «بغيض لأبعد من الخيال» ويعبر عن «تطهير عرقي»، خاصة مع حديثه عن «استغلال الواجهة البحرية في غزة وكأنها قطعة أرض في ولاية أميركية يريد تطويرها، في حين أن هناك 31 ألف فلسطيني قتلوا».

وشارك حساب باسم الدكتور حسام الدجني عبر «إكس» منتقداً موقف كوشنر، مُعِدّاً أن الحديث يأتي «منفصلاً عن أي منطق وحق إنساني».

فيما انتقد حساب باسم أحمد عادل في تدوينة عبر «إكس» حديث مختلف الأطراف عن غزة، بينما لم يضع الشعب الفلسطيني في الاعتبار عند الحديث عن أرضه.

ويرى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور أحمد سيد أحمد أن تصريحات كوشنر تعكس «وجود تيار سياسي داخل الولايات المتحدة يرفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويسعى لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم بشكل قسري، عبر استغلال أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) لتنفيذ المخطط القديم بتفريغ قطاع غزة من السكان وتحويله لمكان لا يمكن العيش فيه، بوصفه جزءاً من مخطط تصفية القضية الفلسطينية وتغيير التركيبة الديموغرافية للسكان».

وأضاف أحمد لـ«الشرق الأوسط» أن مخططات التهجير القسري في نظر القانون الدولي بمثابة «جريمة حرب» ولا يمكن القبول بها تحت أي شكل من الأشكال، وهو الموقف الذي تمسكت به مصر والدول العربية بشكل واضح من اللحظة الأولى، لافتاً إلى أن هذه المخططات التي عبر كوشنر عن جزء منها باتت تبحث اليوم عن مسارات بديلة هدفها الرئيسي تصفية القضية الفلسطينية بإخراج أهالي غزة من أراضيهم.

ووصف حساب باسم إيمي كمال تصريحات كوشنر بـ«الإجرامية المثيرة للاشمئزاز»، مع التنديد بالحديث عن التوطين في سيناء بوصفه «أمراً واقعاً يسهل تحقيقه».


«لحوم الخيول» تعود للواجهة في مصر مع ارتفاع أسعار «البلدي»

أسعار اللحوم البلدية في مصر شهدت ارتفاعات متتالية (الشرق الأوسط)
أسعار اللحوم البلدية في مصر شهدت ارتفاعات متتالية (الشرق الأوسط)
TT

«لحوم الخيول» تعود للواجهة في مصر مع ارتفاع أسعار «البلدي»

أسعار اللحوم البلدية في مصر شهدت ارتفاعات متتالية (الشرق الأوسط)
أسعار اللحوم البلدية في مصر شهدت ارتفاعات متتالية (الشرق الأوسط)

وسط ارتفاع أسعار اللحوم حالياً في مصر، عادت «لحوم الخيول» إلى الواجهة من جديد، لتثير حالة من الجدل والهلع بين المصريين، بعد واقعة القبض على جزارين في إحدى قرى محافظة المنوفية (في دلتا النيل) بتهمة ذبح الخيول وبيع لحومها على أنها لحوم بلدية، حيث لم تكن هي الواقعة الأولى التي تشهدها مصر، بعد أن تكررت وقائع مماثلة خلال الأشهر الماضية.

وشهدت مصر خلال الأشهر الفائتة ارتفاعات متتالية في أسعار اللحوم البلدية الحية والمذبوحة، ليتخطى لحم العجول البقري المذبوحة 400 جنيه (الدولار يساوي 47.40 جنيه مصري).

وتسجل أسعار اللحوم الكندوز ما بين 400 و450 جنيهاً، والجملي ما بين 300 و350 جنيهاً للكيلوغرام. ويشهد شهر رمضان زيادة في أسعار اللحوم تقدَّر بنحو 10 في المائة، متأثرةً بارتفاع وزيادة الطلب على الشراء، حسب شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالقاهرة.

وكشفت تفاصيل الواقعة الأخيرة، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية، قيام جزارَين باستئجار منزل داخل قرية علام بمدينة قويسنا (57 كم شمال القاهرة)، وإحضار الخيول وذبحها وبيع لحومها، ومع شك أهالي القرية بعد ملاحظاتهم تكرار إحضار الخيول إلى المنزل ثم اختفاءها أبلغوا الشرطة التي تمكنت من ضبط الجزارَين متلبسَين، وأكدا أنهما من القاهرة، مدافعَين عن نفسيهما بأن «ذبح الخيول حلال».

كانت دار الإفتاء المصرية قد أكدت في فتوى سابقة، رداً على البعض المتسائلين، أن أكل لحم الحصان يجوز شرعاً، مؤكدةً أنه لا يوجد في الدين ما ينهى عن أكل لحم الحصان.

ومع ما أثارته الواقعة الأخيرة من اهتمام، إلا أنها لم تكن الأولى من نوعها؛ ففي يوليو (تموز) عام 2022، ضُبط محل جزارة في مدينة الخصوص بمحافظة القليوبية يذبح الخيول ويسلخها ويفرم لحومها ويوزعها على محال بيع الأكلات السريعة، وهي الواقعة التي وصلت إلى البرلمان المصري، حيث تقدم أحد النواب بطلب إحاطة، مطالباً الحكومة بتكليف جميع المحافظين على مستوى الجمهورية بتكثيف حملات التفتيش على مختلف محلات الجزارة والمطاعم للتأكد من سلامة اللحوم والأكل داخل المطاعم.

تلا ذلك في مارس (آذار) 2023 ضبط مواطن أجنبي في مدينة المنصورة كان يبيع لحوم الخيول على أنها لحوم جاموس، وبسعر زهيد، حيث استغل ارتفاع أسعار اللحوم واستطاع أن يجذب الناس إليه ببيع كيلوغرام اللحم بـ160 جنيهاً فقط، فيما كان يباع في الأسواق بما بين 220 و250 جنيهاً.

وفي مايو (أيار) 2023 ألقت الأجهزة الأمنية بمحافظة الجيزة، القبض على جزار داخل محل جزارة بمنطقة الطالبية متلبساً في أثناء قيامه بذبح حصان داخل المحل استعداداً لبيعه للمواطنين على أنه لحوم بلدية، والحصول على أرباح من وراء ذلك، والطريف أن الجزار مارس ذبح الخيول نحو عامين، أوهم خلالها أهالي المنطقة بعمل عروض وتخفيض أسعار اللحوم، وكان دائماً ما يردد: «عشان الغلابة تاكل»!

ومن بعدها في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، ألقت الأجهزة الأمنية بمدينة بنها، عاصمة محافظة القليوبية، القبض على شخصين في أثناء قيامهما بإنهاء حياة أحد الخيول، حيث تم التحفظ على بقايا لحوم الحصان المضبوط وهيكل عظمي آخر، قبل أن يُخلى سبيلهما بعد ذلك بكفالة مالية.

ويرى رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» في مصر، محمود العسقلاني، أن تكرر تلك الوقائع خلال الفترات الماضية يعود إلى الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار اللحوم في مصر بشكل مبالغ فيه على مدار عام مضى، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «قبل عام كان سعر كيلوغرام اللحوم 200 جنيه، لكن الآن يصل إلى ضعف هذه القيمة ويزيد، لذا جاء تكرار وقائع بيع لحم الخيول ردَّ فعل من جانب بعض الجزارين بحثاً عن وسيلة لتحقيق المكسب السريع، حيث يحاولون بطرق ملتوية تقليل التكلفة، لأنه عند زيادة السعر يُحجم الجمهور عن الشراء، مما يعني ضَعف البيع وبالتالي خسارة الجزار، وهو ما دعا بعض الجزارين إلى إغلاق محالهم».

ويلفت العسقلاني إلى أنه في الأغلب تكون الخيول التي يلجأ إليها هؤلاء الجزارون كبيرة في السن أو مريضة، مما يقلل من سعرها ويسلط الضوء أيضاً على خطورة ذلك على صحة المواطنين الذين ينخدعون بشراء تلك اللحوم.

ولتجنب تلك الوقائع، يطالب رئيس «مواطنون ضد الغلاء» الحكومة بالتوسع في طرح اللحوم للجمهور، وكذلك دعم وزارتي التموين والزراعة الجزارين بتوفير رؤوس الماشية لهم بسعر مناسب، حتى لا يُضطر بعضهم إلى اللجوء إلى البدائل.


العليمي: تصعيد الحوثيين بحرياً مزايدة بأوجاع الفلسطينيين

تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يستغلون الحرب في غزة لتبييض جرائمهم بحق المدنيين (أ.ف.ب)
تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يستغلون الحرب في غزة لتبييض جرائمهم بحق المدنيين (أ.ف.ب)
TT

العليمي: تصعيد الحوثيين بحرياً مزايدة بأوجاع الفلسطينيين

تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يستغلون الحرب في غزة لتبييض جرائمهم بحق المدنيين (أ.ف.ب)
تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يستغلون الحرب في غزة لتبييض جرائمهم بحق المدنيين (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الأميركي تدمير أربع طائرات مسيّرة حوثية فوق البحر الأحمر، وذلك في أحدث عملية تصدٍ للهجمات التي تنفذها الجماعة المدعومة من إيران للشهر الخامس على التوالي.

جاء ذلك في وقت وصف فيه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي تصعيد الجماعة الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن بأنه مجرد مزايدة بأوجاع الشعب الفلسطيني بدعم إيراني، داعياً القوات الأمنية إلى رفع اليقظة تحسباً لأي احتمال.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس» أن قواتها نجحت بين الساعة 2:00 و2:20 صباحاً (بتوقيت صنعاء) في 27 مارس (آذار)، في الاشتباك وتدمير أربع طائرات من دون طيار بعيدة المدى أطلقها «الإرهابيون الحوثيون المدعومون من إيران».

وبحسب البيان، كانت هذه الطائرات من دون طيار تستهدف سفينة حربية أميركية، حيث شاركت السفينة في الدفاع عن النفس فوق البحر الأحمر، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار للسفن الأميركية أو قوات التحالف.

وأضاف البيان أنه «تقرر أن هذه الأسلحة تمثل تهديداً وشيكاً للسفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة، وأنه يتم اتخاذ هذه الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً».

الإعلان الأميركي عن صد الهجمات جاء قبل ساعات عن عبور سفن حربية روسية عدة مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر، حيث نقلت «رويترز» عن الإعلام العسكري الروسي قوله إن الطراد «فارياج» والفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» يشاركان في الرحلة.

وكانت تقارير أفادت بأن الحوثيين أرسلوا تطمينات إلى موسكو وبكين بشأن سلامة سفنهما في البحر الأحمر وخليج عدن؛ وهو الأمر الذي كان الكرملين علق بأنه «لم يسمع عنه شيئاً».

مسيّرة حوثية فوق البحر الأحمر دمّرتها سفينة فرنسية (أ.ف.ب)

وفي ظل التصعيد البحري الحوثي والضربات الغربية المضادة، كان إعلام الجماعة الحوثية، أقرّ، الأربعاء، بتلقي غارة وصفها بالأميركية والبريطانية، استهدفت موقعاً في منطقة القطينات التابعة لمديرية باقم في محافظة صعدة حيث معقل الجماعة.

ولم يتبن الجيش الأميركي على الفور تنفيذ الغارة، إلا أنه يشنّ منذ 12 يناير (كانون الثاني) ضربات شبه يومية للحد من قدرات الحوثيين، إلى جانب عمليات التصدي للهجمات التي يشارك فيها الأوروبيون.

وتأمل الولايات المتحدة أن تقود جهودها إلى تحجيم قدرة الجماعة الحوثية وحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تشن الجماعة منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن، وهدّدت بتوسيعها إلى المحيط الهندي في سياق مزاعمها بأنها تساند الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

وأُصيبت 16 سفينة على الأقل، خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبّب هجوم صاروخي حوثي في السادس من مارس الحالي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

يتخوف اليمنيون من عودة الحرب في ظل جمود عملية السلام (رويترز)

وتبنّت الجماعة حتى الآن مهاجمة نحو 80 سفينة. في حين أطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

ويشارك الاتحاد الأوروبي - من جهته – في التصدي للهجمات عبر مهمة «أسبيدس»، التي أطلقها في منتصف فبراير الماضي، وتشارك فيها فرنسا، وألمانيا، وهولندا، وإيطاليا واليونان، دون شنّ ضربات على الأرض، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفذت، مئات الغارات على الأرض؛ أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

رفع اليقظة الأمنية

على وقع تصعيد الحوثيين البحري، عقد رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في عدن اجتماعاً موسعاً بقيادة وزارة الداخلية ورؤساء المصالح الأمنية ومديري عموم الشرطة في المحافظات، داعياً إلى رفع اليقظة لمواجهة أي احتمالات.

وأشار العليمي إلى أن اللقاء مع قادته الأمنيين يأتي وسط ظروف محلية وإقليمية معقدة وغير مسبوقة، حيث يواجه اليمن تحديداً أكثر من غيره من البلدان، انعكاسات أمنية واقتصادية خطيرة مع استمرار تصعيد الحوثيين على مختلف الجبهات، أو من خلال تداعيات هجماتهم التي وصفها بـ«الإرهابية» على المنشآت النفطية والأمن البحري.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مجتمعاً في عدن مع القادة الأمنيين (سبأ)

ونقل الإعلام الرسمي عن رئيس مجلس الحكم اليمني قوله: «إن التداعيات الاقتصادية على الأوضاع الإنسانية، ضاعفت من عبء المؤسسة الأمنية في حماية السلم الاجتماعي؛ لأنه كلما توافرت الظروف المعيشية المعقولة للمواطنين، انعكس ذلك في سلوكيات المجتمع، واهتماماته، وبالتالي تحسين أمنه وفرص رقيه وتقدمه».

وأوضح العليمي أن الموقف الرئاسي والحكومي كان منحازاً على الدوام إلى جانب مصالح الشعب اليمني، وتخفيف معاناته وتحسين ظروفه المعيشية، «بينما اختارت الميليشيات الحوثية الذهاب إلى تصعيد جديد عبر البحار والمزايدة بأوجاع الشعب الفلسطيني بغطاء ودعم من النظام الإيراني».

وأضاف: «حين نتحدث عن هذه الانعكاسات المدمرة للتطورات الإقليمية فإنما نشير أيضاً إلى التهديدات الإرهابية المتزايدة في الداخل المتمخضة عن هذه المزايدة والتعبئة المفضوحة باسم القضية الفلسطينية العادلة».

وفي حين شدد العليمي على أن فرص استقرار العمل من الداخل مرهون دائماً بدور المؤسسة الأمنية والأجهزة الاستخبارية المختلفة، دعا إلى رفع اليقظة الدائمة تحسبا لأي تهديدات.

وقال إن الرهان على المؤسسة الأمنية: «لن يتزعزع لإحداث الفارق في إطار مجتمعاتنا المحلية وفي سياق معركتنا المركزية لاستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الإرهابية».


مصر تكشف موعد عمل «الضبعة النووية»

تركيب مصيدة قلب المفاعل في نوفمبر الماضي (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر)
تركيب مصيدة قلب المفاعل في نوفمبر الماضي (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر)
TT

مصر تكشف موعد عمل «الضبعة النووية»

تركيب مصيدة قلب المفاعل في نوفمبر الماضي (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر)
تركيب مصيدة قلب المفاعل في نوفمبر الماضي (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر)

كشفت مصر عن موعد تشغيل أول محطة نووية، تدشنها في مدينة الضبعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بالتعاون مع روسيا.

وقال الدكتور أمجد الوكيل، رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر، في تصريحات له، نشرت (الخميس)، إن التشغيل التجريبي للمفاعل الأول بالمحطة سيبدأ خلال النصف الثاني من 2027، بينما ينتظر أن يبدأ التشغيل التجاري للمفاعل في سبتمبر (أيلول) 2028، على أن يتبعه تدشين باقي وحدات المفاعل.

وتتألف «محطة الضبعة» من 4 مفاعلات نووية، قدرة الواحد منها 1200 ميغاواط، بإجمالي قدرة 4800 ميغاواط.

وأوضح الوكيل، على هامش منتدى «Atom expo 2024» الذي يعقد في مدينة سوتشي بروسيا الاتحادية، أن المشروع سيوفر بين 7.2 و7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً عقب تشغيل كامل وحدات المحطة النووية.

وأشار المسؤول المصري إلى أن من عقود مشروع محطة الضبعة النووية المبرمة مع الجانب الروسي عقد التعامل مع الوقود النووي المستنفد، الذي بموجبه سيتم تخزين الوقود النووي في حاويات خاصة لذلك، والتي تصل مدة التخزين بها لأكثر من 60 عاماً.

وكانت مصر، وقّعت في عام 2015، مع شركة «روساتوم» الحكومية الروسية اتفاق تعاون لإنشاء المحطة بتكلفة تبلغ 25 مليار دولار، قدمتها موسكو قرضاً حكومياً ميسّراً للقاهرة. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2017 وقّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الاتفاقات النهائية لبناء محطة الضبعة خلال زيارة الرئيس الروسي العاصمة المصرية.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، شهد السيسي وبوتين، مراسم صب الهيكل الخرساني لوحدة الكهرباء بمحطة الضبعة، عبر شبكة «الفيديو كونفرنس».


«اليونيفيل» قلقه إزاء تصاعد أعمال العنف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية

دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
TT

«اليونيفيل» قلقه إزاء تصاعد أعمال العنف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية

دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)

عبرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل»، اليوم الخميس، عن قلقها البالغ إزاء تصاعد أعمال العنف عبر الخط الأزرق، مما أودى بحياة عدد كبير من المدنيين.

وحثت «اليونيفيل»، عبر منصة «إكس»، جميع الأطراف على وقف التصعيد على الفور، و«بدء العمل نحو حل سياسي ودبلوماسي مستدام».

وأكدت القوة التابعة للأمم المتحدة أنها على استعداد لدعم هذه العملية بأي طريقة، بما في ذلك من خلال عقد «اجتماع ثلاثي، بناء على طلب الأطراف».

ووفق «وكالة أنباء العالم العربي»، في وقت سابق، اليوم، أفادت وزارة الخارجية اللبنانية بأن بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة ستقدم شكوى إلى مجلس الأمن ضد «المجازر» الإسرائيلية في قرى الجنوب، ولا سيما الهبارية والناقورة وبعلبك، والتي راح ضحيتها أكثر من 18 شخصاً بين مدنيين ومسعفين، خلال أيام.

ويتبادل الجيش الإسرائيلي وجماعة «حزب الله» اللبنانية القصف، بشكل شبه يومي منذ اندلاع الحرب بقطاع غزة، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

في السياق ذاته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إن «استعادة الهدوء على طول الحدود أمر في غاية الأهمية بالنسبة للرئيس بايدن وللإدارة، ونعتقد أن ذلك يجب أن يكون أيضا الأولوية القصوى لكل من لبنان وإسرائيل».


«الأمم المتحدة» تندد بالهجمات «غير المقبولة» على العاملين الصحيين في جنوب لبنان

قلق أممي بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة في لبنان (إ.ب.أ)
قلق أممي بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة في لبنان (إ.ب.أ)
TT

«الأمم المتحدة» تندد بالهجمات «غير المقبولة» على العاملين الصحيين في جنوب لبنان

قلق أممي بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة في لبنان (إ.ب.أ)
قلق أممي بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة في لبنان (إ.ب.أ)

أعربت «الأمم المتحدة»، اليوم (الخميس)، عن قلقها جرّاء الهجمات المتكررة و«غير المقبولة» على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم في جنوب لبنان، وذلك غداة مقتل 10 مسعفين في غارات إسرائيلية.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال منسق «الأمم المتحدة» للشؤون الإنسانية في لبنان، عمران ريزا، في بيان: «أدت الأحداث المروعة التي وقعت خلال الـ36 ساعة الماضية إلى خسائر كبيرة»، مضيفاً: «قُتل ما لا يقل عن 11 مدنياً في يوم واحد، من بينهم 10 مسعفين».

وتابع: «أشعر بقلق بالغ بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة الطارئة لمجتمعاتهم المحلية».

مساء الأربعاء، نعى «حزب الله» 4 من مقاتليه واثنين من مسعفي «الهيئة الصحية الإسلامية» التابعة له، فيما نعت «حركة أمل» اثنين من عناصرها، بينهم مسعف في «جمعية كشافة الرسالة الإسلامية» المرتبطة بها، قضوا في ضربات على بلدَتي الناقورة وطير حرفا.

وأعلن «حزب الله» اللبناني قصف مدينتَي غورن وشلومي الإسرائيليتين «بالأسلحة الصاروخية والمدفعية» رداً على «اعتداءات العدو الإسرائيلي المدنية، خصوصاً مجزرة الناقورة، والاعتداء على بلدة طير حرفا والطواقم الطبية فيها».

وقضى 7 مسعفين آخرين، ليل الثلاثاء - الأربعاء، في غارة إسرائيلية على مركز إسعافي تابع لـ«الجماعة الإسلامية» في بلدة الهبّارية، جنوب لبنان.

ولعديد من الأحزاب والفصائل في لبنان جمعيات صحية وإسعافية تابعة لها.

وأشار ريزا إلى أن «الهجمات على مرافق الرعاية الصحية تنتهك القانون الإنساني الدولي، وهي غير مقبولة».

ويجري قصف متبادل بشكل شبه يومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية بين «حزب الله» اللبناني، حليف «حماس»، والجيش الإسرائيلي، منذ اندلاع الحرب بين الدولة العبرية والحركة الفلسطينية في قطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وتشنّ إسرائيل منذ أسابيع غارات جوّية أكثر عمقاً داخل الأراضي اللبنانيّة تستهدف مواقع لـ«حزب الله»، ما يزيد المخاوف من اندلاع حرب مفتوحة.

وذكّر المسؤول الأممي بأن قواعد الحرب تشمل «حماية المدنيين، بمن فيهم العاملون في مجال الرعاية الصحية».

وشدّد على ضرورة «حماية البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المرافق الصحية».

ومنذ بداية تبادل القصف بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، قُتل في لبنان 346 شخصاً على الأقلّ، معظمهم مقاتلون في «حزب الله»، إضافة إلى 68 مدنياً، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى بيانات الحزب ومصادر رسمية لبنانية.


«الكوليرا» يتفشى في صنعاء ويهدد حياة المعتقلين لدى الحوثيين

تتفشى الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب الحرب ضد اللقاحات (رويترز)
تتفشى الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب الحرب ضد اللقاحات (رويترز)
TT

«الكوليرا» يتفشى في صنعاء ويهدد حياة المعتقلين لدى الحوثيين

تتفشى الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب الحرب ضد اللقاحات (رويترز)
تتفشى الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب الحرب ضد اللقاحات (رويترز)

مع تأكيد منظمة دولية عدم قدرتها على السيطرة على تفشي مرض الحصبة في ضواحي مدينة تعز، كشفت مصادر طبية يمنية وسكان عن انتشار وباء الكوليرا في العاصمة اليمنية المختطَفة صنعاء، وقالت إن الوباء امتد إلى سجون مخابرات الجماعة، وهو ما يعني تهديداً لحياة المئات منهم.

المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» ذكرت أن القائمين على إدارة سجون الحوثيين أبلغوا عائلات المعتقلين خلال الأسبوع الحالي بمنع الزيارات أو إدخال الطعام لذويهم، بسبب تفشي وباء الكوليرا داخل المعتقلات، بينما أكَّدت مصادر عاملة في القطاع الطبي تسجيل آلاف الإصابات، وقالت إن الجماعة تتكتَّم على الأمر، فيما تستقبل المستشفيات العامة والخاصة عشرات الحالات يومياً.

ملايين الأطفال اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين عرضة للأمراض الفتّاكة (أ.ب)

وكانت «منظمة الصحة العالمية» أكدت، في تقرير لها، نهاية العام الماضي، تسجيل أكثر من 7 آلاف حالة مشتبَه في إصابتها بالكوليرا في اليمن خلال عام 2023، وقالت إن إجمالي الوفيات المبلَّغ عنها 9 حالات وفاة مرتبطة بالمرض، مع معدل إماتة للحالات يبلغ أكثر من 1 في المائة، فيما تبلغ معدلات الإصابة 23 حالة لكل 100 ألف شخص.

وأعادت «منظمة الصحة العالمية» السبب الرئيسي لانتشار الوباء إلى الإجهاد الشديد الذي تعاني منه البنية التحتية للرعاية الصحية، وتدهور الظروف الاقتصادية في البلاد، بالإضافة إلى الانخفاض المتزايد في تغطية التحصين الشاملة وقيود الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، وقالت إن هذا كله جعل البلاد وسكانها عرضة بدرجة كبيرة لتفشي الأمراض، خصوصاً تلك التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، مثل الكوليرا والدفتيريا والحصبة وشلل الأطفال.

خوف من التصفية

أفادت مصادر في عائلات المعتقلين في سجون الحوثيين لـ«الشرق الأوسط» بأنها أوقفت إرسال الأطعمة لأقاربها في المعتقلات حتى لا تترك للحوثيين ذريعة لتصفيتهم تحت مبرر أنهم تناولوا أطعمة ملوَّثة أُرسلت لهم، أو أنهم أُصيبوا بأمراض وبائية نتيجة تناولهم تلك الأطعمة.

ورغم أن السجناء يشكون بشكل دائم من تردّي نوعية الوجبات الغذائية التي تُقدَّم لهم وعدم كفايتها، رأت المصادر في موت التربوي صبري الحكيمي أكبر دليل على استهتار الحوثيين بحياة المعارضين، لأنهم أَمِنوا العقاب.

يتجاهل الحوثيون الوضع الصحي المتردي وينفقون الأموال على التعبئة والاستقطاب (إ.ب.أ)

وذكرت المصادر أن الجماعة رفضت حتى الآن تسليم جثمان الحكيمي، وهو كبير مسؤولي التدريب في وزارة التربية والتعليم الذي فارق الحياة في أحد السجون إلى أسرته، رغم أن الجماعة أبلغت عائلته بوفاته قبل عدة أيام، وطلبت حضور مَن يمثلهم لتسلم الجثمان، دون أن تكشف أسباب الوفاة، بحجة عدم استكمال الإجراءات.

من جهته، وصف النائب المعارض أحمد سيف حاشد ما يجري فيما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» الحوثي بأنه «مريع وفظيع»، ودعا إلى إخضاع السجون والمعتقلات للجهات التي تراقب تنفيذ القوانين، والتي لم يُسمَح لها بالنزول وزيارة المعتقلات سوى مرة واحدة خلال 9 أعوام. وقال إنه عرف محامياً تم حبسه في زنزانة انفرادية خمسة أشهر، دون أن يتم توجيه تهمة له أو يُحال للمحاكمة.

وأكد النائب المعارض أن معتقلاً آخر أمضى 4 سنوات في سجن مخابرات الحوثيين، قبل أن ينتهي به الحال إلى قرار من النيابة بأنه لا وجه لإقامة الدعوى ضده». وجزم بأن ما يصل إلى الناس من انتهاكات سوى النادر، ويمثل واحداً في الألف من قضايا الانتهاكات.

الحصبة تتمدد

ذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» أن مستشفى تديره في مناطق سيطرة الحوثيين بضواحي مدينة تعز سجل 1500 حالة إصابة بمرض الحصبة بين أطفال أعمارهم دون سن الرابعة، رغم مضي 7 أشهر على افتتاح وحدة العزل الخاصة بالمرض.

وأوضحت المنظمة أن وحدة العزل الخاصة بمرض الحصبة التي افتتحتها في أغسطس (آب) الماضي، بمستشفى الأم والطفل في منطقة الحوبان، بضواحي مدينة تعز استقبلت، حتى فبراير (شباط)، 1552 حالة إصابة بالحصبة، أغلبها لأطفال دون سن الرابعة.

يعاني الأطفال في اليمن من سوء التغذية إلى جانب الأمراض التي تهدد حياتهم (رويترز)

ونبَّهت المنظمة في تقرير لها إلى أن حالات الإصابة بمرض الحصبة بدأت تشهد ارتفاعاً مقلقاً بين الأطفال في النصف الثاني من العام الماضي، حيث استقبلت وحدة العزل بين أغسطس (آب) وديسمبر (كانون الأول) الماضي 1332 طفلاً مصاباً بالمرض، 85 في المائة منهم دون سن الرابعة، وفي شهر فبراير الماضي استقبلت الوحدة 220 إصابة جديدة.

وبحسب المنظمة، فإن الحصبة مرض متوطّن في المنطقة التي تعمل فيها، وكان فريقها الطبي يعاين في العادة ما معدله 8 مرضى كل شهر في مستشفى الأم والطفل بمنطقة الحوبان التي يسيطر عليها الحوثيون «إلا أن هذا النمط بدأ بالتغير في يونيو (حزيران) الماضي، وفجأة بدأت الأعداد تتزايد بشكل مقلق، مع وصول أطفال من مختلف مديريات المحافظة».

وقالت رئيسة الفريق الطبي لمنظمة «أطباء بلا حدود» في المستشفى، إي إي خاي، إنهم يستقبلون كثيراً من الأطفال الذين يعانون من حالات معقدة من الحصبة «وهو عدد لم أشهده من قبل في حياتي»، ورغم أن هذا المرض يمكن الوقاية منه، فإن نسبة التطعيم بين الأطفال الذين يُعالجون من الحصبة لا تتجاوز 16 في المائة. وحذرت الطبيبة من أنه إذا لم يتم احتواء انتقال الحصبة، فإن الأطفال في هذه المنطقة سيعانون من كثير من الأمراض التي قد تصبح قاتلة.

يعيش ملايين اليمنيين على المساعدات المقدَّمة من المنظمات الإغاثية (أ.ف.ب)

وذكرت خاي أن الأطفال دون سن الخامسة يتأثرون بشكل خاص بالحصبة، لأن أجهزتهم المناعية ليست متطورة بما يكفي لمقاومة العدوى. وتوقعت استمرار المرض في الانتشار، لأنه، وبعد مرور ستة أشهر على افتتاح وحدة العزل لتجنب خطر انتقال الفيروس، لا يوجد انحسار في طفرة حالات الإصابة.

وأضافت أن جهود معالجة العدوى واحتوائها يبدو أنها محدودة للغاية، ولا تشير التوقعات إلى انخفاض بالإصابات في وقت قريب.


سفن حربية روسية تدخل البحر الأحمر

الفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» (متداولة)
الفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» (متداولة)
TT

سفن حربية روسية تدخل البحر الأحمر

الفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» (متداولة)
الفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» (متداولة)

قال أسطول المحيط الهادي الروسي، اليوم (الخميس)، إن عدة سفن حربية روسية عبَرت مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر، وذلك وسط الهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن على سفن تجارية.

ونقلت قناة «زفيزدا» التلفزيونية التابعة لوزارة الدفاع الروسية، عن الأسطول قوله إن الطراد «فارياج» والفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» يشاركان في الرحلة، حسبما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء.


«الرئاسي اليمني» يقيّم الأداء... والزنداني وزيراً للخارجية

دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)
دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)
TT

«الرئاسي اليمني» يقيّم الأداء... والزنداني وزيراً للخارجية

دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)
دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)

تحدث إعلام الجماعة الحوثية في اليمن عن تلقي ضربة في صعدة، الأربعاء، وصفها بالأميركية والبريطانية، وذلك غداة تبني الجماعة مهاجمة ست سفن غربية في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي حين شدد مجلس القيادة الرئاسي اليمني - من جهته - على أهمية الالتزام بمبادئ الحكم الرشيد وتكافؤ الفرص، صدر قرار رئاسي قضى بتعيين شائع الزنداني وزيراً للخارجية وشؤون المغتربين، خلفاً لأحمد عوض بن مبارك الذي كان تم تعيينه في وقت سابق رئيساً للحكومة اليمنية.

وشغل الزنداني حتى تعيينه، منصب سفير اليمن لدى السعودية، وهو أكاديمي من الجيل المخضرم في الدبلوماسية اليمنية، حيث شغل منصب السفير في دول عربية وأوروبية، كما سبق له أن شغل منصب نائب وزير الخارجية في حكومات يمنية سابقة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عقد اجتماعاً برئاسة رشاد العليمي، وبحضور أعضاء المجلس عيدروس الزبيدي، وعبد الرحمن المحرمي، وعبد الله العليمي، وعثمان مجلي، وفرج البحسني، بينما غاب بعذر عضوا المجلس سلطان العرادة وطارق صالح.

ونقلت وكالة «سبأ» أن اجتماع مجلس الحكم وقف أمام تطورات الأوضاع الاقتصادية، والمعيشية، والسياسية، والأمنية والعسكرية، والإجراءات التنفيذية المطلوبة لمواصلة وفاء الدولة بالتزاماتها الحتمية خلال المرحلة المقبلة.

وطبقاً للوكالة «ناقش مجلس القيادة الرئاسي، عدداً من المقترحات والتقارير المقدمة من رئيس المجلس وأعضائه بشأن بعض الاستحقاقات المؤجلة، والتقييمات الإضافية للأداء التنفيذي خلال المرحلة الماضية ومدى الالتزام بقرارات وتوصيات وموجهات المجلس على مختلف المستويات».

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وشدد «الرئاسي اليمني» على ضرورة الالتزام الصارم باللوائح والنظم القانونية، واعتماد مبادئ الحكم الرشيد، والعدالة وتكافؤ الفرص في مؤسسات الدولة كافة بما يحقق المصلحة العامة، ويعزز من فاعلية وشفافية ونزاهة الأجهزة الحكومية، وقدرتها على مواجهة التحديات، والتخفيف من معاناة المواطنين التي فاقمتها هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية.

غارة في معقل الحوثيين

في ظل التصعيد البحري الحوثي والضربات الغربية المضادة، أقرّ إعلام الجماعة، الأربعاء، بتلقي غارة وصفها بالأميركية والبريطانية، استهدفت موقعاً في منطقة القطينات التابعة لمديرية باقم في محافظة صعدة حيث معقل الجماعة.

ولم يشر الإعلام الحوثي إلى تفاصيل أخرى في شأن آثار الغارة، كما لم يتبن الجيش الأميركي على الفور تنفيذها، إلا أنه يشن منذ 12 يناير (كانون الثاني) ضربات شبه يومية للحد من قدرات الحوثيين، إلى جانب عمليات التصدي للهجمات التي بات يشارك فيها الأوروبيون.

وإذ تأمل الولايات المتحدة أن تقود جهودها إلى تحجيم قدرة الجماعة الحوثية وحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، كانت فرضت، الثلاثاء، عقوبات جديدة تتعلق بمكافحة الإرهاب على وسطاء ماليين وتجاريين على علاقة بجماعة الحوثي و«فيلق القدس» الإيراني و«حزب الله» اللبناني.

وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، استهدفت العقوبات ستة كيانات وفرداً وناقلتين، قالت إنهم شاركوا في تسهيل شحنات السلع والمعاملات المالية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان: «سنواصل استخدام الأدوات المتاحة لدينا لاستهداف أولئك الذين يشحنون البضائع غير المشروعة لصالح الجماعات الإرهابية».

وتأتي هذه التطورات مع تعاظم الشكوك في الشارع اليمني حول إمكانية جنوح الحوثيين للسلام، ووسط المخاوف من عودة القتال على نطاق واسع إذا لم تتمكن المساعي الأممية من احتواء التصعيد.

وكان المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع، تبنى في بيان، الثلاثاء، تنفيذ ست هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد سفن، بينها مدمرتان أميركيتان، في خليج عدن والبحر الأحمر خلال 72 ساعة.

تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بتنفيذ أجندة إيران (إ.ب.أ)

وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن وهددت بتوسيعها إلى المحيط الهندي في سياق مزاعمها بأنها تساند الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

وأُصيبت 16 سفينة على الأقل، خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبّب هجوم صاروخي حوثي في السادس من مارس (آذار) الحالي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

وتبنّت الجماعة حتى الآن مهاجمة نحو 80 سفينة. في حين أطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

وأطلق الاتحاد الأوروبي - من جهته - مهمة «أسبيدس»، في منتصف فبراير (شباط) الماضي، وتشارك حتى الآن في المهمة فرنسا، وألمانيا، وهولندا، وإيطاليا واليونان، دون شن ضربات ضد الحوثيين، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفذت، مئات الغارات على الأرض؛ أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.


معسكرات الصيف الحوثية تتربّص بمستقبل اليمنيين

تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)
تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)
TT

معسكرات الصيف الحوثية تتربّص بمستقبل اليمنيين

تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)
تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)

تستعد الجماعة الحوثية لإنهاء العام الدراسي في مناطق سيطرتها بعد أيام قليلة، بالتزامن مع تحضيراتها المكثفة لإطلاق المراكز الصيفية التي تتربص بمستقبل أطفال اليمن، حيث تحشد عدداً كبيراً منهم للمشاركة في برامجها، بعدما أقدمت على تغيير التقويم الدراسي خلال الأعوام الماضية.

يبدأ العام الدراسي في مناطق سيطرة الجماعة منتصف الصيف، لينتهي مع بدايات الربيع، لإتاحة المجال لتنظيم المراكز الصيفية التي تستخدمها الجماعة للترويج لمشروعها، وتقديم دروس ومناهج مستمدة من منشوراتها وأدبياتها ذات المضمون الطائفي.

جندت الجماعة الحوثية خلال الأشهر الماضية آلاف المراهقين ضمن حملاتها لحشد المقاتلين بزعم نصرة غزة (إعلام حوثي)

أعلن قطاع التربية والتعليم التابع للجماعة منذ ثلاثة أسابيع بدء إجراءات التحضير لاختبارات نهاية العام الدراسي الحالي. ومن المقرر أن تبدأ اختبارات الشهادتين الأساسية والثانوية بعد عيد الفطر بأسبوعين، وهي الفترة نفسها التي تعتزم فيها الجماعة إطلاق المراكز الصيفية.

تقول مصادر تربوية إن مكاتب التعليم التابعة للجماعة في محافظات صنعاء وعمران وحجة والمحويت وجهت المدارس بالبدء بتسجيل الطلاب والطالبات في المراكز الصيفية، وتتوقع أن تكون التوجيهات شملت باقي المحافظات.

التحضيرات للمراكز الصيفية هذا العام تتضمن وفق المصادر ذاتها تحديثاً للمناهج الدراسية المقدمة حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومزاعم الجماعة بمناصرة أهالي القطاع بتنفيذ هجماتها على الملاحة في البحر الأحمر، وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل.

وتأتي المراكز الصيفية التي تنظمها الجماعة هذا العام بعد أن تمكنت من حشد وتجنيد آلاف الأطفال تحت اسم مناصرة غزة، وسط تحذيرات دولية وأممية من أن الخطر يحدق بجيل بأكمله في اليمن.

وتفيد تصريحات قيادات حوثية بتجنيد أكثر من 70 ألف مقاتل جديد تحت اسم مناصرة غزة، في حين تحدث زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي عن أن مخرجات الورش والدورات التدريبية التي نظمتها جماعته في الشأن ذاته شملت أكثر من 282 ألف متدرب، وتنظيم 350 عرضا عسكريا، و719 مناورة و652 مسيرا عسكريا.

فتيات خارج التعليم

منذ أكثر من عامين هجرت سمية بشير المدرسة وبدأت العمل ضمن مشروع إعداد طعام منزلي مع زميلات لها في العاصمة صنعاء، رغم أن والدتها تعمل معلمة، ووالدها موظف عمومي في قطاع النقل؛ لكن انقطاع رواتب الموظفين العموميين أجبر العائلة على القبول بالأمر الواقع.

يتعرض الأطفال النازحون في اليمن للحرمان من التعليم أكثر من غيرهم (أ.ف.ب)

يقول بشير والد سمية، وكلاهما اسمان مستعاران، إن عائلته اضطرت إلى القبول بالأمر الواقع بعد نقاشات كثيرة مع ولديه، فهو اضطر للعمل في محل تجاري، بينما تعمل زوجته في مدرسة خاصة بمقابل لا يساوي حتى ثلث راتبها المتوقف منذ ما يقارب الثمانية أعوام، بينما تتزايد متطلبات الحياة، ومنها مصاريف دراسة هشام في الجامعة وسمية في الثانوية.

وسمية واحدة من بين ما يقرب من مليون ومائتي ألف فتاة في سن الدراسة باليمن خارج المدرسة الآن، بسبب الفقر، والصراع، ونقص فرص التعلم، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (يونيسيف) أواخر العام الماضي، بينما ذكرت أخيراً أن 30 في المائة من الفتيات في اليمن يتسربن من التعليم بسبب الزواج المبكر.

اضطرت العائلة للموافقة على اقتراح سمية أن تتوقف عن الدراسة لعام أو عامين على الأكثر مقابل أن تشارك في مشروع الطعام المنزلي ريثما يكمل شقيقها دراسته الجامعية، لينتقل الدور إليه بعد ذلك في تحمل المسؤولية والعمل ومساعدتها في إكمال تعليمها.

يتسبب الزواج المبكر في حرمان الفتيات في اليمن من إكمال تعليمهن بالإضافة إلى عوامل أخرى (الأمم المتحدة)

ويخشى والدا سمية أن تغري العوائد التي تحصل عليها ابنتهما من عملها في عدم إكمال تعليمها، ويشعر الاثنان بالخجل أمام المحيط الاجتماعي لاضطرارهما قبول تحملها جزءاً كبيراً من المسؤولية في هذه السن المبكرة وهجرة التعليم، خصوصاً وأن والدتها قضت ما يقارب العقدين من عمرها في التعليم.

وارتفع إجمالي الأطفال المتسربين من المدارس وفقاً لليونيسيف خلال أعوام الحرب من 890 ألف طفلة وطفل في عام 2015، إلى 2.7 طفلة وطفل خلال العام الماضي، بينما تقدر الحكومة اليمنية عدد الذين لا يذهبون إلى المدارس بـ2.6 مليون طفل وطفلة منهم 1.4 مليون من الأطفال النازحين.