الخرطوم تفتح ممراً إنسانياً لتخفيف مجاعة جنوب السودان

المعارضة تتهم جيش الجنوب بقتل موظفي الإغاثة

الخرطوم تفتح ممراً إنسانياً لتخفيف مجاعة جنوب السودان
TT

الخرطوم تفتح ممراً إنسانياً لتخفيف مجاعة جنوب السودان

الخرطوم تفتح ممراً إنسانياً لتخفيف مجاعة جنوب السودان

قالت الحكومة السودانية إنها فتحت ممرا إنسانيا جديدا لنقل المساعدات إلى جنوب السودان وسط تعاون سوداني - أميركي. ووفرت واشنطن عشرات الأطنان من الإعانات لدرء المجاعة في الدولة الوليدة.
وقال وكيل الخارجية السودانية، عبد الغني النعيم، إن حكومته وافقت على فتح مسار جديد لنقل الأغذية والمعونات الإنسانية بالبر وعبر النقل النهري، تنفيذا لمذكرة تفاهم ثلاثية بين بلاده وجنوب السودان والأمم المتحدة ممثلة في برنامج الغذاء العالمي.
ورحبت الأمم المتحدة على لسان منسقة الشؤون الإنسانية في السودان، مارتا رويداس، بقرار الحكومة السودانية المتعلق بفتح ممر إنساني جديد لنقل المعونة الغذائية إلى المتضررين من المجاعة في جنوب السودان.
وسيتولى برنامج الأغذية العالمي عملية إيصال المساعدات من مدينة الأبيض في وسط السودان إلى بلدة بنتيو بولاية الوحدة، في جنوب السودان، حيث يعاني مائة ألف شخص من المجاعة، وسط أزمة إنسانية متفاقمة في جميع أنحاء البلاد.
وفي بيان صادر أمس عن المنسقة المقيمة في السودان، قالت مارتا رويداس إنه ومن خلال فتح هذا الممر عبر الحدود، تظهر الحكومة السودانية التزامها تجاه شعب جنوب السودان، وترفع من وتيرة تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي للتخفيف من وطأة المجاعة الآخذة في الاتساع التي يمكن أن تؤثر على مليون شخص آخرين، مشيرة إلى أن هذا القرار يأتي في وقت حرج قبل موسم الأمطار في جنوب السودان، الذي يبدأ عادة في شهر مايو (أيار)، وعادة ما يؤدي إلى انقطاع تلك الطرق.
وسيبدأ برنامج الأغذية العالمي هذا الأسبوع نقل شحنة أولية تقدر بنحو 11 ألف طن متري من الذرة الرفيعة، بما في ذلك ألف طن متري تبرعت بها حكومة السودان، وذلك في سبع قوافل تتكون كل واحدة منها من ثلاثين إلى أربعين شاحنة، وهو ما يكفي لإطعام ثلاثمائة ألف شخص لمدة ثلاثة أشهر.
ووفقا للبيان، لا يسمح الممر الإنساني بتسليم المعونة الغذائية في الوقت المناسب فحسب، بل سيساعد أيضا في تقليل الاعتماد على العمليات الجوية، التي تكلف ما بين ستة وسبعة أضعاف قيمة نقل المواد الغذائية عبر النهر أو الطريق البري.
ويحتاج ما لا يقل عن 7.5 مليون شخص في جميع أنحاء جنوب السودان - أي ما يقرب من ثلثي السكان - إلى مساعدات إنسانية. كما يستضيف السودان حاليا أكثر من 350 ألف لاجئ من جنوب السودان، الذين وصلوا منذ اندلاع النزاع في ديسمبر (كانون الأول) 2013.
على صعيد آخر، اتهم متمردو جنوب السودان الجيش الحكومي بقتل 6 من عمال الإغاثة، بينهم ثلاثة كينيين، ومثلهم من جنوب السودان، يعملون لصالح منظمة محلية غير حكومية، وقتل الستة في كمين متعمد هو الأعنف منذ الحرب الأهلية التي اندلعت منذ ثلاث سنوات.
وقال المتحدث باسم الحركة الشعبية في المعارضة في جنوب السودان، لام بول غابرييل، في بيان صحافي أمس اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، إن القوات الحكومية وميليشيات تابعة لها وراء مقتل 6 من موظفي الإغاثة في الكمين السبت الماضي الذي وقع في مدينة البيبور في ولاية بوما الواقعة على الحدود بين جنوب السودان وإثيوبيا. وأضاف: «ليست لنا قوات تتمركز في تلك المنطقة... الحكومة هي وراء هذه الجريمة، وهي التي تجب محاسبتها على عمليات القتل التي وقعت في المنطقة في مواقعها».
من جانبه، قال نائب وزير الإعلام في جنوب السودان، أكول بول، لـ«الشرق الأوسط»، إن من غير المنطق اتهام الجيش الحكومي قبل إجراء التحقيق في مقتل عمال الإغاثة الستة، معربا عن أسفه لمقتلهم. وأضاف: «من المبكر في هذه المرحلة الاستنتاج قبل إجراء التحقيق وإجلاء الحقيقة... دعونا نظهر الحقيقة عبر لجنة تقصي الحقائق».
وقالت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، إن ستة من موظفي الإغاثة قتلوا خلال توجههم في سيارة من جوبا إلى مدينة البيبور عبر منطقة نائية تخضع لسيطرة القوات الحكومية وتشهد عمليات عسكرية بينها والمعارضة المسلحة، كما توجد بها ميليشيات ومجموعات مسلحة أخرى، ولم تفصح البعثة عن المنظمة التي يعمل لصالحها هؤلاء القتلى، مطالبة الحكومة بالقبض على الجناة وتقديمهم إلى المحاكمة.
وأوضح أوجين أوسو، من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، في بيان صحافي، أن مهاجمة الذين يعملون على تقديم المساعدات الإنسانية وقتلهم أمر مستهجن ومرفوض. وقال إن الوضع الإنساني في جنوب السودان وصل درجة حرجة وغير مسبوقة، مطالبا الحكومة بالقبض على المجرمين. وأضاف: «أناشد كل من هم في مواقع السلطة الاضطلاع بمسؤولياتهم، ووقف هذا، لأنهم في نهاية الأمر مسؤولون عما يحدث تحت رقابتهم. ليس هناك أمان عندما تقابل الهجمات بصمت وتقاعس».
وتشهد جنوب السودان حربا أهلية اندلعت في نهاية عام 2013، وخلفت عشرات الآلاف من القتلى وتشريد أكثر من 2.5 مليون شخص، كما تسببت في مجاعة تشهدها أجزاء من البلاد، ويتوقع أن يصدر مجلس الأمن الدولي قرارات أكثر صرامة لوقف العنف في هذه الدولة الحديثة بما فيها حظر الأسلحة.
وتقول تقارير، إن نحو 80 من موظفي الإغاثة قتلوا في جنوب السودان منذ اندلاع الحرب الأهلية بين الرئيس سلفا كير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».