50 حافلة أخرجت ألفي شخص من الوعر بحماية الطائرات الروسية

ترحيل الدفعة الثانية من مدنيي ومقاتلي الحي الحمصي إلى جرابلس

50 حافلة أخرجت ألفي شخص من الوعر بحماية الطائرات الروسية
TT

50 حافلة أخرجت ألفي شخص من الوعر بحماية الطائرات الروسية

50 حافلة أخرجت ألفي شخص من الوعر بحماية الطائرات الروسية

نفّذت أمس المرحلة الثانية من اتفاق حي الوعر المحاصر داخل مدينة حمص، الذي أبرم بين لجنة التفاوض والنظام السوري برعاية روسية، حيث غادر الحي أكثر من ألفي شخص، باتجاه مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي، بينهم 300 مقاتل خرجوا بسلاحهم الفردي.
وانطلقت 50 حافلة تابعة للهلال الأحمر السوري، من الحي متوجهة إلى جرابلس، وعلى متنها 2004 أشخاص من مدنيين ومسلحين، وسط تحليق للطيران الحربي الروسي على ارتفاع منخفض، ما تسبب بحالة ذعر لدى سكان الوعر.
ولم يقدّر لمئات الأشخاص الذين كانوا بصدد الانتقال إلى محافظة إدلب، أن يخرجوا من الحي، على حدّ تعبير مدير مركز حمص الإعلامي أسامة أبو زيد، الذي أوضح أنه «تم تأجيل الدفعة التي كان مقرراً توجهها إلى إدلب، لأن الضامن الروسي لم يؤمن لها الطريق، بسبب المعارك الدائرة في ريف حماة». وأكد أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجانب الروسي لا يزال ملتزماً تنفيذ الاتفاق، وهو وحده من يضمن وصول المهجّرين قسراً إلى جرابلس».
وتلقت «الشرق الأوسط»، نسخة من اللائحة الرسمية لمن شملتهم الدفعة الثانية، وهم 393 عائلة، وعددهم الإجمالي 2004 أشخاص، موزعين على الشكل التالي: الرجال 597 (من ضمنهم 300 مقاتل)، النساء 624. الأطفال 661. الرضّع 122. ومن بين هؤلاء 40 مصاباً ومريضاً.
وأشار أسامة أبو زيد، إلى أن «الطريق التي ستسلكها الحافلات، هي حمص، سليمة، أثريا، خناصر، سفيرة، تادف، الباب وصولا إلى جرابلس». وقال إن «مجمل الراغبين بالخروج من حي الوعر، يزيد على الـ15 ألف مدني بعضهم من عائلات المقاتلين، والباقون مدنيون يرفضون البقاء تحت حكم نظام الأسد مجدداً، خوفاً من عمليات تصفية وانتقام كما حصل في مناطق أخرى شملتها المصالحات المزعومة».
وأوضح مدير مركز حمص الإعلامي أن «الوضع في حي الوعر حالياً شبه طبيعي». ولفت إلى أن «القصف وعمليات القنص والاستهداف متوقفة حالياً، لكن الحصار لا يزال قائماً، والنظام لم يسمح بدخول المساعدات الطبية والغذائية»، مؤكداً أن «قوات الأسد بدأت بالسماح لمائة عائلة بالخروج يومياً، لزيارة أقاربهم الموجودين في مناطق حمص الواقعة تحت سيطرتها ومن ثمّ العودة إلى الحيّ، وذلك تحت رقابة ضباط وجنود روس».
وكانت الدفعة الأولى خرجت من الوعر بداية الأسبوع الماضي إلى مدينة جرابلس، تم خلالها إجلاء نحو 2000 شخص بينهم نحو 300 مسلح وعدد من المصابين والجرحى الذين كانت لهم الأولوية في الخروج أملا في العلاج، ويرجّح أن تنطلق الدفعة الثالثة باتجاه مدينة إدلب بداية الأسبوع المقبل، إذا توفرت الضمانات الأمنية لوصولها إلى هذه المنطقة.
ولا يزال طرفا الاتفاق أي النظام والفصائل ملتزمين بشروطه، حيث أعلن حسن الأسمر الناشط المعارض في حي الوعر لـ«الشرق الأوسط»، أن «المقاتلين الذين تم إجلاؤهم، غادروا بسلاحهم الفردي، لأن سلاحهم الثقيل بات بمتناول لجنة الحي التي ستسلمه لاحقاً إلى النظام عبر الطرف الروسي». وتوقّع أن يتم «تسليم السلاح الثقيل إلى النظام، مع خروج آخر دفعة من المقاتلين والمدنيين، وبالتزامن مع دخول قوات الأسد إلى الحي ووضعه تحت سلطتها». ولفت الأسمر إلى أن «أكثر من نصف سكان الوعر الذين فرض عليهم التهجير، آثروا الانتقال إلى جرابلس، كونها خاضعة لسيطرة قوات (درع الفرات) المدعومة من تركيا، وهي أكثر أمناً من إدلب، كما أن الخدمات الطبية والتقديمات الإنسانية متوفرة فيها».
يذكر أن لجنة التفاوض التي تمثّل المدنيين والمقاتلين في حي الوعر وافقت في منتصف الشهر الحالي، على تسليم الحي لقوات النظام بعد إجلاء من يرغب من مقاتلي وناشطي المعارضة وذويهم منه، وتسوية أوضاع الراغبين بالبقاء فيه، وهي شرط الإفراج عن المعتقلين من أبناء الحي، الذي كان السبب الرئيسي في تعطيل تنفيذ أي اتفاق سابق.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.