الأحزاب الكردية المعارضة لـ«بي واي دي» تنتقد سياساته الأمنية في سوريا

قالت إنه أطلق العنان لمؤسساته {لارتكاب جرائم الخطف والحرق} ضد منافسيه

أحد مكاتب حزب يكيتي في الحسكة شمال شرق سوريا بعد اقتحامه من قبل أنصار «بي واي دي» منتصف الشهر الجاري (آرا نيوز)
أحد مكاتب حزب يكيتي في الحسكة شمال شرق سوريا بعد اقتحامه من قبل أنصار «بي واي دي» منتصف الشهر الجاري (آرا نيوز)
TT

الأحزاب الكردية المعارضة لـ«بي واي دي» تنتقد سياساته الأمنية في سوريا

أحد مكاتب حزب يكيتي في الحسكة شمال شرق سوريا بعد اقتحامه من قبل أنصار «بي واي دي» منتصف الشهر الجاري (آرا نيوز)
أحد مكاتب حزب يكيتي في الحسكة شمال شرق سوريا بعد اقتحامه من قبل أنصار «بي واي دي» منتصف الشهر الجاري (آرا نيوز)

تشهد المناطق الكردية من سوريا توتراً ملحوظاً بين الأحزاب المنضوية في المجلس الوطني الكردي بمواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الـ«بي واي دي» (الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني التركي المعارض). وتشتكي قيادات وأعضاء الأحزاب غير المتحالفة معه في الإدارة الذاتية، من حملات إغلاق مكاتبهم أو حرقها، واعتقال عدد كبير من أعضائها وقياداتها. بينما كشف قيادي كردي مقرب من «الاتحاد الديمقراطي» أن ما أقبل عليه الحزب من عمليات ضد معارضيه، جاءت استجابة لمطلب من النظام الإيراني.
وقال الناشط السياسي الكردي السوري وليد عبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «منذ الصدام العسكري الذي وقع بين وحدات حماية سنجار التابعة لحزب العمال الكردستاني (تركيا) وبيشمركة روج آفا (بيشمركة كردستان سوريا) في مدينة سنجار غرب الموصل، وإدارة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري تمارس ضغوطاً رهيبة على أحزاب المجلس الوطني الكردي ومنظماتها الشبابية والنسائية، طالت حتى المعاهد والمكاتب المهتمة باللغة الكردي».
وبحسب مصادر في الحسكة بسوريا، بدأت قوات الآسايش (الأمن) التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي منذ مستهل الشهر الحالي، حملة اعتقالات واسعة تجاوزت 70 معتقلا، ومداهمة وحرق أكثر من 15 مكتبا ومقرا، وتحطيم محتوياتها. ويؤكد عبد القادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الآسايش» أغلقوا، جميع المقرات بما فيها مقرات مؤسسات ثقافية واجتماعية، بحجة عدم الترخيص، «بينما لم يمسوا مقرات نظام الأسد وحزب البعث الحاكم في سوريا».
واعتبر عبد القادر أن ما أقدم عليه «الاتحاد الديمقراطي»، يعد تهديدا للسلم الأهلي في المناطق الكردية في سوريا، ويفضح التصعيدات التي تشهدها تلك المناطق يومياً. ويضيف: «أطلق (بي واي دي) العنان لمؤسسة الشهداء ومنظمة ستار والشبيبة الثورية التابعة له، ومنحها غطاء فوق قانوني، لارتكاب جرائم الخطف والحرق ضد منافسيه. كذلك طرد كل موظف له أخ أو ابن في قوات بيشمركة روج من وظيفته، وبدأ بطرد تلك العائلات من مساكن الرميلان في محافظة الحسكة، ويتخوف الأهالي من معلومات مسربة عن وجود قوائم للاغتيالات بحق المعارضين لاتحاد الديمقراطي الكردستاني، تطال حتى من هم في الخارج».
واعتبر عضو الهيئة السياسية للائتلاف السوري المعارض، حواس عكيد، أن سياسة «بي واي دي» لا تخدم بأي شكل من الأشكال أهداف الشعب الكردي في سوريا، بل إنها تتبنى مخططات وأجندات انتهجها النظام منذ عقود ضد الشعب الكردي، واليوم هناك تفريغ لكردستان سوريا من شبابها. ويردف بالقول: «لا بد من دخول قوات (بيشمركة روج) إلى المناطق الكردية في سوريا، فهي الضامن الأساسي لحماية السلم الأهلي في المنطقة والتعايش المشترك، والحد من الاستبداد والفردية والديكتاتورية التي ينتهجها حزب الاتحاد الديمقراطي». أما القيادي في «حركة الشباب الكردي»، محمود لياني، فيقول إن «هذا الحزب عمل ومنذ انطلاقة الثورة السورية على فض مظاهرات الحركة ضد نظام الأسد، واستخدم منظماته الشبابية لضرب المتظاهرين من النشطاء والسياسيين، ما أدى إلى حالة تشرذم كبيرة في المجتمع الكردي في سوريا دفع بشكل مباشر إلى هجرة الشباب».
أما القيادي في حزب يكيتي الكردي وممثل الحزب في المجلس الوطني الكردي، نواف رشيد، فدعا حزب «بي واي دي» إلى مراجعة سياساته في النفي وإلغاء الآخر، والابتعاد عن النظام السوري ومحور إيران، والعمل لمصالح السوريين بشكل عام والأكراد بشكل خاص. ويُشدد بالقول: «يجب أن يحسن حزب الاتحاد الديمقراطي العلاقة مع دول الجوار ومع إقليم كردستان العراق، والمعارضة السورية بكل مكوناتها، ويقطع ارتباطه مع العمال الكردستاني في تركيا، والعودة إلى الاتفاقيات التي أبرمت بينها وبين المجلس الوطني الكردي بإشراف رئاسة إقليم كردستان».
وكانت المنظمة الآثورية قد أدانت، مؤخراً، إغلاق مقراتها في مدينة الحسكة، من قبل الإدارة الذاتية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، واصفة ما تعرضت له بـ«السلوك المشين». وقالت المنظمة في بيان، إن دوريات مسلحة من «الآسايش» التابعة للإدارة الذاتية التي تدار من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي، داهمت، يوم 16 مارس (آذار) الجاري مقر المنظمة الآثورية الديمقراطية بمدينة الحسكة، وأغلقته بالسلاسل وبالشمع الأحمر، تنفيذاً للمرسوم رقم 5 الصادر من قبل الإدارة المذكورة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.