«العدالة والتنمية» المغربي يختار وزراءه... ومشاركة «الاشتراكي» وشيكة

«الاستقلال» ينتقد تأخر العثماني في الإعلان عن تشكيلة الغالبية

رئيس الوزراء المغربي المكلف سعد الدين العثماني أثناء مؤتمر صحافي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء المغربي المكلف سعد الدين العثماني أثناء مؤتمر صحافي (أ.ف.ب)
TT

«العدالة والتنمية» المغربي يختار وزراءه... ومشاركة «الاشتراكي» وشيكة

رئيس الوزراء المغربي المكلف سعد الدين العثماني أثناء مؤتمر صحافي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء المغربي المكلف سعد الدين العثماني أثناء مؤتمر صحافي (أ.ف.ب)

عقد حزب العدالة والتنمية المغربي أمس اجتماعا لاختيار مرشحي الحزب لتولي مناصب وزارية في الحكومة المقبلة، ترأسه عبد الإله ابن كيران الأمين العام للحزب، وسعد الدين العثماني رئيس الحكومة المكلف.
وتتولى هذه المهمة هيئة تضم أعضاء في الأمانة العامة للحزب، وأعضاء في مجلسه الوطني، تختار لائحة موسعة تضم 30 مرشحا ليصبح عدد منهم وزراء في الحكومة.
ويأتي اجتماع الهيئة قبل انطلاق الجولة الثانية من مفاوضات تشكيل الحكومة، وقبل الإعلان بشكل رسمي عن الأحزاب التي ستشكل التحالف الحكومي المقبل.
وقرأت هذه الخطوة على أن الأحزاب السياسية تتجه نحو التوافق وتجاوز الخلافات، التي عرقلت ميلاد حكومة ابن كيران لتفسح المجال لحكومة العثماني حتى ترى النور في أقرب الآجال.
وأوكلت عملية الحسم في اختيار وزراء الحزب إلى الأمين العام، الذي يختار المرشح الذي سيقترحه للتعيين في المنصب من ضمن المرشحين الثلاثة الذين رشحتهم الأمانة العامة، وإذا لم يختر الأمين العام أحد المرشحين الثلاثة لشغل منصب حكومي، سيتولى اقتراح شخص آخر من ضمن باقي المرشحين لمختلف القطاعات الحكومية المعنية، ويتم اعتماده بموافقة الأمانة العامة بأغلبية أعضائها المصوتين، وفي حال لم يتم الاختيار ضمن المرشحين المقترحين، يمكن للأمين العام، بمبادرة منه، أو باقتراح من أحد أعضاء الأمانة العامة عليه، اقتراح مرشح آخر، يتم اعتماده بموافقة أغلبية أعضاء الأمانة العامة المصوتين، وذلك في حدود 25 في المائة من المناصب الحكومية المخصصة للحزب.
وكان منتظرا أن يعقد رئيس الحكومة المكلف الليلة الماضية مؤتمرا صحافيا، توقعت مصادر مطلعة أن يعلن فيه عن الأحزاب التي ستشارك في الحكومة المقبلة.
ويتوقع أن يضم التحالف الحكومي 6 أحزاب سياسية، هي «التجمع الوطني للأحرار» و«الاتحاد الدستوري» و«الحركة الشعبية» و«التقدم والاشتراكية»، بالإضافة إلى «الاتحاد الاشتراكي»، وذلك في تنازل جديد من حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المكلف سعد الدين العثماني، عن الشرط الذي كان سببا رئيسا في بلوغ المشاورات السابقة والتي قادها عبد الإله ابن كيران، الباب المسدود، قبل أن يتم سحب التكليف منه.
في غضون ذلك، انتقد حزب الاستقلال تأخر العثماني في الرد على الأحزاب السياسية، التي شاركت في الجولة الأولى من مشاورات تشكيل الحكومة، محذرا من أن «البلاد لم تعد تحتمل هدر مزيد من الزمن السياسي والاجتماعي والاقتصادي، في ظروف ندرك جميعنا أهمية تأثيرها وتداعياتها على الحاضر والمستقبل».
وجاء في افتتاحية صحيفة «العلم»، الناطقة باسم حزب الاستقلال، الصادرة أمس، أنه «من حق هذه الأحزاب على رئيس الحكومة الذي استشارها واستجابت له، أن تتلقى أجوبة واضحة ودقيقة بشأن ما طرحته من أسئلة وعبرت عنه من تصورات».
وأوضح المصدر ذاته أن «حرص رئيس الحكومة على تكثيف مشاوراته مع جميع الأحزاب في يوم واحد، كان يؤشر على رغبته في تسريع الوتيرة في هذا الصدد، لكن تأخره في الرد بعد مرور أكثر من 4 أيام، لم يكن مناسبا لما بدا من رغبة في التسريع في البداية».
كما انتقد الحزب البيان الصادر عن الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عقب اجتماعها الخميس الماضي، وقال إن البيان «لم يرو ظمأ المتعطشين للأخبار المتعلقة بمسار المشاورات المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة، واكتفى بتذكير الرأي العام بانعقاد الاجتماع فقط»، وذلك في إشارة إلى عدم حسم الحزب في الأحزاب التي ستشكل الغالبية الحكومية كما كان مقررا.
وأشارت الافتتاحية إلى أنه «لم يتردد جزء مهم من الرأي العام في التأكيد على أن هذا السلوك غير المعتاد في أداء قيادة الحزب، يجد تفسيره في تطورات كثيرة تراكمت في زمن قياسي، ولم تخرج إلى العلن، كما لم يتردد أعضاء بارزون في الحزب نفسه في التعبير عن حزنهم أو انشغالهم مما يحدث داخل الحزب، في مؤشر على حدوث تراجعات، أو كما سماها بعضهم انتكاسات».
ويأتي هذا النقد الموجه لحزب العدالة والتنمية من قبل حليف مفترض، بعد أن ساد غموض بشأن ما دار في اجتماع الأمانة العامة للحزب، حيث كتب عدد من قياديي الحزب بعد الاجتماع، تدوينات قريبة إلى الرثاء والاستسلام خلال حديثهم عن التحالفات المقبلة، وربطها بعضهم بصلح الحديبية وضرورة «جلب المصلحة ودرء المفسدة»، فيما كتب آخرون أن «7 أكتوبر ليست للنسيان»، واعتبرها البعض الآخر «خيانة للنهج الذي خطه الحزب مع ابن كيران، وتنكرا للإرادة الشعبية».
وقرأ كثيرون تلك التدوينات على أن الحزب يتجه إلى قبول «الاتحاد الاشتراكي» في الحكومة المقبلة، ويهيئ أعضاءه والمتعاطفين معه لذلك، بعد أن دفع أمينه العام ثمن رفضه لإشراك هذا الحزب في حكومته بأن أعفي من منصبه. فيما تنبأ آخرون بنهاية وشيكة للحزب إذا استسلم للضغوط. كما تحدث البعض عن وجود تيارين داخله: واحد يؤيد الثبات على موقف ابن كيران، والثاني لا يرى مانعا في التراجع عنه بعد تعيين العثماني خلفا له.
في سياق ذلك، قال مصدر في المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي لـ«الشرق الأوسط»، إن مشاركة حزبه في حكومة العثماني «صارت أمرا محسوما، رغم أنه لم يتلق أي عرض رسمي حتى الآن من قبل رئيس الحكومة المكلف».
ويتوقع أن يجري الاتفاق الرسمي على شكل الحكومة الجديدة وتفاصيلها خلال الأسبوع المقبل. كما أكدت مصادر حزبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن أحزاب الغالبية الحكومية بقيادة العثماني ستكثف من وتيرة «نشاطها وتواصلها بهدف الاتفاق السريع على الترتيبات الأخيرة، وتوزيع الحقائب الوزارية على الأحزاب المشكلة للتحالف»، وذلك استجابة لتوجيهات الملك محمد السادس، الذي حث رئيس الحكومة أثناء تكليفه على الإسراع في إخراج الحكومة للوجود.
ويرتقب أن يتم الإعلان عن الحكومة الجديدة قبل يوم الجمعة الثاني من شهر أبريل (نيسان) المقبل، الذي يصادف افتتاح الدورة التشريعية الثانية للبرلمان.
وحسب مصادر حزبية معنية بمشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، فإن التوجه السائد داخل أحزاب التحالف الحكومي المرتقب، يميل نحو تقليص «عدد الحقائب الوزارية الذي يتوقع أن تقف عند ثلاثين حقيبة، بالإضافة إلى كتاب الدولة (وزراء دولة)»، وهو ما يرى فيه مراقبون أن من شأنه أن يعطي حكومة منسجمة وقوية.
في غضون ذلك، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، أن العثماني، عقد أمس لقاءات مع مسؤولي الأحزاب المشاركة في التحالف الحكومي الجديد، على انفراد في منزله بسلا قرب الرباط، وتم الاتفاق على توزيع الحقائب الوزارية التي سيتقلدها كل حزب.
واستقبل العثماني الأمين العام للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر، الذي يتوقع أن يظفر بحقيبتين وزاريتين، إلى جانب رئاسة مجلس النواب، واحدة منها وزير منتدب مكلف بالشؤون الأفريقية.
ويتوقع أن يحسم الاتحاد الاشتراكي، الذي شكل عقدة في المشاورات السابقة، في أسماء وزرائه، في لقاء المكتب السياسي للحزب غدا الاثنين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».