الفرنسي كاستيلا يدعو لانفتاح الشعر على التصوير

«أيام جديدة» ضم 69 صورة ترافقها قصائد هايكو

الشاعر والفنان الفرنسي المقيم بالمغرب بول كاستيلا خلال تقديم كتابه «دار بلارج» في مراكش (تصوير: ياسين خولفي)
الشاعر والفنان الفرنسي المقيم بالمغرب بول كاستيلا خلال تقديم كتابه «دار بلارج» في مراكش (تصوير: ياسين خولفي)
TT

الفرنسي كاستيلا يدعو لانفتاح الشعر على التصوير

الشاعر والفنان الفرنسي المقيم بالمغرب بول كاستيلا خلال تقديم كتابه «دار بلارج» في مراكش (تصوير: ياسين خولفي)
الشاعر والفنان الفرنسي المقيم بالمغرب بول كاستيلا خلال تقديم كتابه «دار بلارج» في مراكش (تصوير: ياسين خولفي)

بول كاستيلا، هو واحد من بين عشرات الأجانب الذين عشقوا المغرب، فأقاموا به. فنان وشاعر فرنسي اختار الإقامة بين مدينتي الصويرة ومراكش، منذ ما يزيد على العقدين. هو الذي سبق له أن كتب عدداً من الدراسات في مجال علم النفس والهجرة والتفاعل الثقافي، ونشر بعضها في مؤلف صدر له في فرنسا، تحت عنوان «الاختلاف زيادة». كما صدرت له، هذه السنة، رواية تحت عنوان «صعاليك أشرار»، فيما صدر له، عن «دار نشر كراس المتوحد»، بالمغرب، كتاب يجمع بين الشعر والفن الفوتوغرافي، أعطاه عنوان «أيام جديدة»، ضاماً بين دفتيه 69 صورة، ترافقها قصائد هايكو، بالفرنسية، مع ترجمة عربية.
وشكل اللقاء الذي نظمته مؤسسة «دار بلارج لرعاية الثقافة والتراث بالمغرب»، بشراكة مع «دار نشر كراس المتوحد»، فرصة للجمهور المراكشي للقاء مع هذا الفنان والشاعر، بمناسبة صدور كتابه الجديد؛ حيث برمج المنظمون معرضاً فنياً لصور فوتوغرافية، تحت عنوان «مشاهد من الحياة المغربية»، التقطها كاستيلا خلال أسفاره الكثيرة في ربوع البلد، بالإضافة إلى عرض شريط وثائقي من إنتاج «دار نشر كراس المتوحد»، وتصوير ياسين خولفي، تحت عنوان «بول كاستيلا، الفنان وأعماله»، تناول علاقة هذا الفنان بالموسيقى والفن الفوتوغرافي، كما قدم لمحة عن مسيرته الفنية، قبل أن يقرأ نصوصاً شعرية قصيرة مصحوبة بموسيقى الجاز، من تأليفه وعزفه، مع توقيع كتابه.
ويقترح كتاب «أيام جديدة»، كما جاء في تقديمه، نظرتين متشابكين للعالم، ينفتح، خلالهما، الشعر على فن التصوير، حيث يدعونا الفنان، من خلال تمازج لغتين فنيتين، لاكتشاف لغة تعبيرية جديدة، أطلق عليها اسم «البويطوغرافيا»، يتماهى فيها الخطاب البصري بالخطاب اللغوي، فتتشكل صور قصائد، بشكل يندمج فيه البعدان ويتوحدان داخل فضاء واحد، فيما «البويطوغرافيا» عمل فني مركب، تتداخل الأبعاد وتمتزج الأجناس، فتنتج بعداً تعبيرياً جديداً، تسهم فيه القصيدة إلى جانب الصورة في إنتاج المعنى، فيصير كل واحد منهما امتداداً للآخر، فيستمدان من بعضهما المادة والجوهر، وينصهران داخل كتلة واحدة، كما يتكاملان مثل وجهي العملة الواحدة.
يقدم عمل كاستيلا منظوراً فنياً خاصاً، تتلاشى فيه الحدود بين الصورة الفوتوغرافية والومضة الشعرية، بشكل يدرك معه القارئ المعنى الكلي للعمل من خلال فعلي المشاهدة والقراءة، من دون أن تقوم الدلالة الكلية للعمل بالوقوف على عنصر دون الآخر؛ لذلك تدخل «البويطوغرافيا»، انطلاقاً من هذا الجانب، في باب الفن المفاهيمي، الذي يعتمد تقنية «الكولاج»، إذ تصف القصيدة المشهد بعفوية، بعيداً عن كل زخرف لغوي، فيما يخضع النص الشعري للخصائص الفنية المتعارف عليها في شعر هايكو، وتحديداً طابع الكثافة والبساطة، حيث تتشكل القصيدة من بيت شعري واحد، موزع على ثلاثة أسطر، ليكتمل مدلول الصورة داخل القصيدة، فيما يكشف الشعر أسرار الصورة.
وتتميز نصوص «أيام جديدة» بكثافتها الدلالية وإيحاءاتها المتداخلة، فيما تكشف الصورة، بدورها، جوانب منسية من الحياة، يطوع الفنان، في سبيلها، مجموعة من الوسائل والتقنيات حتى يصل للصيغة المبتغاة ويعبر عن رؤيته للعالم، مانحاً عمله تمازجاً حيوياً للعمل، لكشف ما تستره الأشياء.
في عمله، يطرح كاستيلا علاقة الذات بالآخر، متأملاً في الطبيعة والحياة، متناولاً موضوعة الوقت، في تلازم مع سؤال الموت، جاعلاً من النوافذ موضوعة تمكن من رؤية العالم الخارجي حين تكون مفتوحة.
وفضلاً عن ثنائية الصورة والنص الشعري، في الكتاب، يكون القارئ مع تقديم لعبد الغفار سويريجي، وحوار مطول مع الفنان والشاعر أنجزته «دار نشر كراس المتوحد»، حمل عنوان «طريقة للعيش قلما تحمل هم الغد والآتي»، يقول فيه كاستيلا إن «القصائد القصيرة تشترك مع التصوير الفوتوغرافي في كونها تبرز في لحظة نوعاً من الوجدان المكثف»، وأن «البويطوغرافيا» هي، في البدء، صورة فوتوغرافية، ضم إليها «قصيدة قصيرة ترتبط من جانب المعنى بالصورة ومن جانب الخط والرسم بالألوان المهيمنة»، بحيث يصير النص هو «الصدى المتردد في الكلمات للانفعال الوجداني في اللقطة المصورة»؛ مشيراً إلى أن الشعر يعكس «العلاقة بين اللغة والواقع»، حيث «لا تحيل الكلمات والأصوات ضمن قصيدة إلى العالم الحقيقي بغية نقل خبر إلى المستمع أو القارئ، بل إنها تسرب إلى داخله عواطف وانفعالات توجه نظرته وإدراكه نحو عالم متخيل»؛ مشدداً على أنه لا يستخدم التصوير الفوتوغرافي لنقل صور واقعية، بل «لإنتاج لوحات شعرية، انطلاقاً من حالات حدس»؛ وأن صوره هي «إشراقات»، في المعنى الذي يذهب إليه الشاعر آرثر رامبو، فيما ينسج النص المرافق «الرابط بين الصورة واللغة».
وعن سبب اختيار «أيام جديدة» عنواناً لكتابه، قال كاستيلا: «هذا العنوان يأتي في الواقع بعد أضمومة صور مصحوبة بنصوص، كانت على شكل يشبه مذكرات، وكنت وسمتها «مجرى الأيام». قادتني أحداث حياتي، بالإضافة إلى اقتنائي لأدوات جديدة، إلى إنتاج هذه «البويطوغرافات». يلعب فيها الضوء دوراً أساسياً، بما أنه هو ما يدفعني، في غالب الأحيان، لالتقاط صورة في بلد مثل المغرب. ولكن الضوء يدخل في حوار مع الظل. فالزمن الذي يجري يتبع طريقاً تمتلئ بالأشواك والجثث. يتداخل الفرح والحزن».
وعن تصنيف النقاد له بكونه مصوراً رحالة، قال كاستيلا: «اخترت أن أسافر لوحدي؛ أولاً لتجنب الخلاف حول الوجهة التي يجب اتباعها، وأيضاً لأن السفر في مجموعات، مهما قل عددها، يقوم أكثر على تجوال أسر في فضاء أكثر من الذوبان فيه لاكتشاف أسراره. أنا أحب أن أحس بالحاجة للقاء الناس. وفي الأساس يمكنني أن أصنف الدول اعتباراً لدرجة السهولة والصعوبة التي منحتني في التعرف إلى الناس. كانت رحلاتي، في غالب الأحيان، ممتعة، نسبياً، لأن إمكانات إيجاد وسائل النقل بأسعار منخفضة كانت متاحة لي، ولكن، أيضاً، ارتباطاً بالمهام ذات الصلة بالأنشطة الأكاديمية التي كنت أقوم بها. الصور التي التقطتها خلالها تشهد على دهشتي، على حد سواء، أمام مناظر مدهشة بالنسبة إلي، كما السهوب المنغولية والصحراء المغربية ووديان جبال الهيمالايا العالية، وأيضاً أمام سلوكيات الناس وخاصة في المدن».
وعن علاقة «البويطوغرافيا» بالموسيقى، قال كاستيلا: «أنا عصامي في عزف الجاز. ويمكن القول، بنفس القدر، إنني أرتجل، على شاكلة أطباق طائرة غريبة في الموسيقى. بشكل عام، هذا النشاط هو، بالنسبة لي، للترويح عن النفس وتسليتها. أعزف لنفسي، فقط. ولكن العواطف والانفعالات التي يثيرها في نفسي الإيقاع والألحان تماثل تلك التي تنتابني وأنا أزاوج بين الصور والقصائد».
بالنسبة لاختيار الإقامة في المغرب، يقول كاستيلا: «كنت دائماً شغوفاً بالمختلف والاكتشاف، سواء ما يتعلق بثقافات الشعوب والأمم أو بمناظر البلدان الطبيعية الخلابة. أحب بالخصوص المدن والعواصم والموانئ، لما فيها من خليط السكان، ومن حرية تمنحها معرفة أنماط الحياة المختلفة. أحببت روما، نابولي، وبرشلونة، والقاهرة، ثم مراكش بشكل كبير. عندما توفيت والدتي في عام 1998. لم يعد لدي ما كان يدفعني إلى العودة من الأماكن البعيدة، إذ كنت أعود لأحكي لأمي عن رحلاتي وأريها الصور التي التقطتها. قررت أن أستقر بعيداً. بعت البيت الذي كنت أملكه في الجبل بالقرب من سانت إتيان، واقتنيت رياضاً في مراكش. أحببت بشغف هذه المدينة التي منحتني لحظات غنية بالفرح أو بالألم. وأنا اليوم أعيش في الصويرة، فيما يشبه حلماً قديماً بتحية البحر المحيط كل يوم».



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.