معركة استعادة الرقة تنطلق بعد أيام

دي ميستورا يلتقي وفدي النظام السوري والهيئة العليا للمفاوضات

ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا في مقر الأمم المتحدة بجنيف (أ.ب)
ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا في مقر الأمم المتحدة بجنيف (أ.ب)
TT

معركة استعادة الرقة تنطلق بعد أيام

ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا في مقر الأمم المتحدة بجنيف (أ.ب)
ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا في مقر الأمم المتحدة بجنيف (أ.ب)

أعلنت باريس اليوم (الجمعة) أنّ معركة استعادة مدينة الرقة السورية من تنظيم داعش ستبدأ في الأيام المقبلة، لكن الطريق لا يزال صعبًا أمام قوات سوريا الديمقراطية التي تخوض منذ أشهر اشتباكات عنيفة للسيطرة على معقل المتطرفين الأبرز في سوريا.
وبدأت قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف فصائل عربية وكردية، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عملية عسكرية واسعة لطرد التنظيم المتطرف من الرقة بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وفي ذلك، قال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان اليوم: «اليوم يمكننا القول إنّ الرقة محاصرة ومعركة الرقة ستبدأ في الأيام المقبلة». وأضاف: «ستكون معركة قاسية جدًا لكن أساسية لأنّه بمجرد سيطرة القوات العراقية على أحد المعقلين والتحالف العربي الكردي على الآخر فإنّ (داعش) سيواجه صعوبة حقيقية في الاستمرار».
وتمكنت قوات سوريا الديمقراطية خلال الأشهر الماضية من إحراز تقدم نحو المدينة، وقطعت جميع طرق الإمداد الرئيسية للمتطرفين من الجهات الشمالية والغربية والشرقية. وهي موجودة حاليا على بعد ثمانية كيلومترات من الجهة الشمالية الشرقية في أقرب نقطة لها من المدينة.
وأكد المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «إتمام عملية الإطباق على مدينة الرقة يحتاج لأسابيع، ما من شأنه أن يهيئ الأمور لإطلاق المعركة رسميا».
وتتركز المعارك حاليا في ريف الرقة الشرقي والريف الغربي، وفق ما قالت المتحدثة باسم حملة «غضب الفرات» جيهان شيخ أحمد لوكالة الصحافة الفرنسية.
وحسب شيخ أحمد، فإن المدة الزمنية للمعركة مرتبطة «بمدة نجاح المخطط العسكري ومجريات المعركة»، إلا أنها توقعت «ألا تطول كثيرا». وأضافت: «هي مسألة أشهر لتحرير مدينة الرقة بالكامل».
تتجه الأنظار حاليا باتجاه مدينة الطبقة وسد الفرات في ريف الرقة الغربي، خصوصًا بعد عملية الإنزال الجوي التي قامت بها قوات أميركية قبل أيام على بعد كيلومترات منهما لدعم هجوم جديد لقوات سوريا الديمقراطية. وتعد مدينة الطبقة معقلاً لتنظيم داعش المتطرف ومقرا لأبرز قياداته.
وأكد شيخ أحمد أنّ «تحرير الطبقة ضروري من أجل أن يستطيع الشعب الاستفادة من السد (المجاور لها) الذي يغذي المنطقة بالكامل»، وهذا هو هدف عملية الإنزال التي قامت بها القوات الأميركية الأربعاء جنوب نهر الفرات.
وكان البنتاغون أعلن قبل يومين أن «قوات التحالف تقدم دعما ناريا وإسنادا جويا لنقل عناصر قوات سوريا الديمقراطية في عملية استعادة سد الطبقة» أو ما يعرف أيضا بسد الفرات.
وقال مصدر في قوات سوريا الديمقراطية لوكالة الصحافة الفرنسية: «نتعامل بحذر مع سد الفرات لتجنب كارثة إنسانية» تفاديا لتضرره من المعارك وخشية من أن يلجأ التنظيم المتطرف إلى تفجيره.
من جهّته، أكّد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أنّ «هدف قوات سوريا الديمقراطية أولا هو السيطرة على مدينة الطبقة أو حصارها بشكل كامل قبل بدء معركة الرقة وذلك لحماية خطوطها الخلفية». وأضاف: «لا يمكن تحديد متى ستبدأ معركة الرقة بانتظار ما ستؤول إليه الأمور في الطبقة وسد الفرات».
ويتفق التحالف الدولي مع هذا التقييم، إذ كان متحدث باسمه قال قبل يومين إنّ السيطرة على الطبقة تمنح قوات سوريا الديمقراطية «تقدما استراتيجيا ونقطة انطلاق ضرورية لتحرير الرقة». وأضاف المتحدث أنّ الأمر يحتاج إلى «أسابيع عدة قبل تحرير السد والمطار العسكري والمدينة».
وفي الأمم المتحدة في جنيف، يلتقي المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا اليوم، غداة عودته من جولة خارجية شملت عواصم عدة أبرزها موسكو وأنقرة، وفدي النظام السوري والهيئة العليا للمفاوضات.
وانطلقت الجولة الخامسة من مفاوضات السلام أمس، بمحادثات تمهيدية عقدها مساعد المبعوث الخاص رمزي عز الدين رمزي مع الوفود المشاركة في مقار إقامتهم، وقال إنها تمهد للانطلاق في النقاشات الجوهرية اليوم.
وانتهت جولة المفاوضات الأخيرة في الثالث من الشهر الحالي بإعلان دي ميستورا جدول أعمال «طموحا» من أربعة عناوين رئيسية، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، على أن يتم بحثها «بشكل متواز».
لكن تبقى إمكانية تحقيق اختراق جدي محدودة في ظل استمرار التباين في وجهات النظر حيال الأولويات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.