أهلا بكم في «ييوو»... مدينة تجريبية صينية متعددة الثقافات

كباب أربيل (أ.ف.ب)
كباب أربيل (أ.ف.ب)
TT

أهلا بكم في «ييوو»... مدينة تجريبية صينية متعددة الثقافات

كباب أربيل (أ.ف.ب)
كباب أربيل (أ.ف.ب)

«ييوو» أو «أيوو»، مدينة صينية يقطنها نحو 1.2 مليون نسمة، تقع وسط محافظة جيجيانغ، قرب الساحل الشرقي المركزي لجمهورية الصين الشعبية. وتعتبر الصين هذه المدينة «محطة تجريبية» لتعدد الثقافات والانفتاح على كل الجنسيات والأعراق والعقائد والآراء.
تشتهر المدينة بتجارة السلع الصغيرة الحرة، وهي منطقة نابضة بالحياة، وتعتبر مركزاً سياحياً في المنطقة. وعلى الرغم من أنها تابعة إدارياً لولاية جينهوا، فإنها أشهر منها، محلياً ودولياً. أيضاً ما يميز المدينة أنها مركز تجاري ضخم جداً، يزورها الناس من جميع أنحاء العالم لشراء السلع وإعادة بيعها، وقد أطلق عليها كذلك اسم وشعار «الاقتصاد الصيني»، لوجود كثير من الأصناف، وبسعر رخيص مقارنة بالأسواق الأخرى.
وتعتبر سوق ييوو «الجنة» لكل محبي التسوق، فهي تحتوي على أكثر من 20 سوقاً، منتشرين في أنحاء المدينة منذ عام 1982، عندما أسست أولى الأسواق فيها. وهي تضم أسواقاً مهمة، مثل سوق فاتيان، وسوق الأثاث، وسوق هوانغ يوانغ للملابس، وغيرها. وإلى جانب هذه الأسواق، هناك أسواق السحابات وإكسسوارات السيارات والجواهر.
- سوق فاتيان (مدينة التجارة الدولية)
أيوو التي تعتبر مدينة التجارة الدولية، وتسمى أيضاً بسوق فاتيان، تغطي مساحة مقدارها 3268 كم مربعاً، وفيها سوق تغطي مساحة 257816 متراً مربعاً.
- سوق أيوو للأثاث
تعتبر سوق أيوو للأثاث الأكثر مشاهدة من قبل الأجانب، لوجود البيئة المثالية للتسوق وخدمات ما بعد البيع، والتنوع في الأثاث المعروض، وأسعاره المعقولة.
وتبلغ مساحة السوق 1.6 مليون متر مربع، باستثمار يبلغ مقداره 250 مليوناً، وهي أكبر سوق في مقاطعة شينجيانغ، وهي من أفضل الأسواق من ناحية الدرجة والبيئة التسوقية والخدمات.
ويوجد في السوق جميع الأصناف، وبكل أنواع الجودة، فهناك النخب الأول، والأسود، والعادي. وفي الطابق الأول من السوق، يوجد أثاث المكاتب والأريكة والأثاث الزجاجي والرتان. أما في الطابق الثاني، فستجد جناح الأطفال. والطابق الثالث يحتوي على الأثاث الماهجوني، والأثاث الخشبي الصلب، والأثاث على النهج الأوروبي. والطابق الرابع فيه مساحة كبيرة للأثاث أيضاً. أما الطابق الخامس، ففيه الإكسسوارات وشركة ديكور، وهناك موقف سيارات ضخم أسفل السوق.
- سوق المواد الغذائية بالجملة
افتتحت سوق المواد الغذائية بالجملة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2008، التي تقع في شارع شيتشنغ، بين جسر شارع تشونغ غرب النهر وتشنغشي. وتبلغ مساحة السوق 68749.5 متر مربع، ومساحة البناء 32662.42 متر مربع. ويتكون المبنى من 5 طوابق، كلفتها 280 مليون رممبي. الطابق الأول والثاني يقدمان جميع الأصناف من الأطعمة المجففة والمواد الاستهلاكية اليومية، ويحتوي حالياً على 2147 مقصورة (كشك). أما الطابق الثالث، فهو عبارة عن منطقة استقبال. والطابق الرابع والخامس يحتوي على أقسام كثيرة، مثل الإدارة المالية وقسم المراقبة.
- سوق هوانغ يوانغ للملابس بالجملة
تقع هذه السوق في أكثر مناطق التجارة ازدهاراً، وتغطي مساحة 117 فداناً، وبناؤها يغطي مساحة 420 ألف متر مربع. وتصل تكلفة السوق إلى 1.4 مليار رممبي. وهي تحتوي على كثير من البضائع، من الجينزات والملابس الرجالية والنسائية، والملابس الرياضية، والسترات الصوفية، وملابس الأطفال. والطابق الثامن والتاسع مهيأ للصناعات الوطنية والمحلية.
ومن أبرز ما يلفت انتباهك، عندما تعبر شارع الغريبة، شرق مدينة ييوو، ثلاثة يمنيين يدردشون بسرعة باللغة العربية، ويشوون اللحم والكباب. فيروي الصحافي من مجلة «ذا غارديا» مشاهداته، قائلاً: داخل مطعم «أربيل»، يتقاسم رجلان أردنيان طبقاً من اللحم المشوي والخضراوات، بينما يجلس في الشارع رجلان يدخنان الشيشة. ويبيع متجر «زيكين» كلاً من المعكرونة والحلويات الفورية، وتقوم امرأة أفريقية ترتدي الحجاب بحمل أكياس التسوق. وفي المقابل، تخرج شابتان روسيتان من متجر يبيع مجموعة من الألعاب الإلكترونية، فيعكس هذا الجو التعايش السلمي المميز بين جنسيات وأعراق مختلفة.
ويضيف مراسل المجلة من ييوو أن الحكومة تبذل ما بوسعها لتأمين مناخ آمن مريح للجميع، وأن قوانين المدينة مدروسة بشكل يناسب كل الجنسيات.
وقد زاد هذا المزيج من المجتمعات والأديان واللغات من سمعة ييوو، باعتبارها واحدة من أكثر مدن الصين المتعددة الثقافات، وهي ميزة جديدة تجذب السياح من جميع أنحاء العالم.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.