الوضع الإقليمي يتصدر مباحثات العاهلين المغربي والأردني في الرباط

محمد السادس يحضر القمة العربية في عمان

العاهل المغربي خلال استقباله الملك عبد الله الثاني بالديوان الملكي في الرباط أمس (ماب)
العاهل المغربي خلال استقباله الملك عبد الله الثاني بالديوان الملكي في الرباط أمس (ماب)
TT

الوضع الإقليمي يتصدر مباحثات العاهلين المغربي والأردني في الرباط

العاهل المغربي خلال استقباله الملك عبد الله الثاني بالديوان الملكي في الرباط أمس (ماب)
العاهل المغربي خلال استقباله الملك عبد الله الثاني بالديوان الملكي في الرباط أمس (ماب)

أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس بالديوان الملكي في الرباط، مباحثات على انفراد مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.
وتأتي هذه المباحثات في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها الملك عبد الله الثاني إلى المغرب، وهي الزيارة التي تجسد عمق وجودة العلاقات الثنائية القائمة على شراكة متينة ودائمة.
وكان العاهل الأردني قد استعرض لدى وصوله إلى الديوان الملكي تشكيلة من الحرس الملكي أدت التحية، قبل أن يجد في استقباله الملك محمد السادس.
ولم يتسرب شيء عن فحوى المباحثات بين العاهلين المغربي والأردني. بيد أن مصادر دبلوماسية مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في منطقة الشرق الأوسط كان في صدارة مباحثات عاهلي البلدين، وذلك في أفق عقد القمة العربية.
وزادت المصادر ذاتها قائلة إن الملك محمد السادس قبل تلبية دعوة الملك عبد الله الثاني لحضور القمة العربية التي ستحتضنها عمان يومي 28 و29 مارس (آذار) الحالي.
من جهة أخرى، قام الملك عبد الله الثاني بزيارة لضريح محمد الخامس بالرباط، حيث ترحم على فقيدي المغرب الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني. وبعد قراءة الفاتحة ترحما على روحي الملكين الراحلين، قدمت للعاهل الأردني شروحات حول هذه المعلمة الحضارية، قبل أن يوقع في نهاية الزيارة في الدفتر الذهبي للضريح.
وكان العاهل الأردني قد بدأ مساء أول من أمس زيارة رسمية للمغرب، بدعوة من الملك محمد السادس الذي خصص له استقبالا رسميا وشعبيا حاشدا.
وأجرى الملك محمد السادس مساء أول من أمس بالديوان الملكي في الرباط، لقاء مع الملك عبد الله الثاني، الذي كان مرفوقا بالأمير غازي بن محمد بن طلال، كبير مستشاريه للشؤون الدينية والثقافية، ودشنا التظاهرة الثقافية والفنية «إشعاع أفريقيا من العاصمة»
من جهة أخرى، أشرف العاهلان المغربي والأردني بمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، على تدشين التظاهرة الثقافية والفنية «إشعاع أفريقيا من العاصمة».
وتحتفي هذه التظاهرة، المنظمة تحت رعاية ملك المغرب من طرف المؤسسة الوطنية للمتاحف، وبتعاون مع عدد من الفاعلين الثقافيين والمؤسساتيين المغاربة، بالفن الأفريقي عبر تسليط الضوء على دينامية وتنوع أنماطه التعبيرية. وينسجم هذا الحدث المهم، الذي ستحتضنه الرباط «مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية» إلى غاية 28 أبريل (نيسان) المقبل، مع الجهود التي يبذلها الملك محمد السادس من أجل جعل الثقافة رافعة حقيقية للتنمية، وعاملا محفزا على تقارب الشعوب وتمازج الثقافات، وآلية لنشر قيم التسامح والانفتاح.
وزار العاهل المغربي وضيفه الملك عبد الله الثاني ثلاثة معارض، أعدت في إطار هذه التظاهرة، وهي «نظرة معاصرة على الفن الأفريقي»، و«وجود مشترك»، و«تكريم».
ويقدم معرض «نظرة معاصرة على الفن الأفريقي» مجموعة من التحف الفنية التي تعود لمجموعة خاصة، تتيح من خلال لوحات ومنحوتات لفنانين أفارقة مرموقين، استكشاف اتجاهات الفن الأفريقي المعاصر.
وتعرض هذه المجموعة، التي تعتمد تنوع المواضيع ومعالجتها الفنية، فنا أفريقيا راسخا في جذوره يستحضر الذاكرة التقليدية، القبلية والشعبية، ويسلط الضوء على علامات التهجين الناتجة بفعل تأثير العولمة الفنية والاقتصادية.
أما «وجود مشترك» فهو معرض يروي تجربتين للعودة إلى الجذور بالأرض الأفريقية للفنانين كوكا نتادي (فنان تشكيلي فرنسي - كونغولي) ووهيب شحاتة (تونس). ويشكل الإنسان وإبراز كنهه محور اشتغال هذين الفنانين اللذين يحاولان تبديد حواجز الجهل ومساءلة كل فرد على حدة حول المكانة المركزية التي يحظى بها الإنسان، مع الاحتفاء بالأرض الأفريقية.
أما المعرض الثالث «تكريم» فيعد تكريما لثلاثة مصورين فوتوغرافيين ملهمين انتقلوا إلى دار البقاء، وهم مالك سيديبي «روبورتاجات مالية»، وليلى العلوي بـ«المغاربة»، وعثمان ديلمي بـ«موسيقى الحال».
وعلاوة على هذه المعارض، ستتميز تظاهرة «إشعاع أفريقيا من العاصمة» بأنشطة ثقافية مكثفة: 36 حدثا في 18 مكانا، منها بالخصوص المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، متحف بنك المغرب، رواق باب الرواح، رواق باب الكبير، فيلا الفنون، الفضاء التعبيري لصندوق الإيداع والتدبير، أكاديمية المملكة المغربية. وستنظم معارض للفنون التشكيلية وقطع من الموروث، وحفلات موسيقية، وعروض لأشرطة، وندوات، وتظاهرات للفنون الحضرية.
وقدم الفنان التشكيلي المالي عبدولاي كوناتي، الذي يعرض تحفه في إطار هذه التظاهرة بالفضاء التعبيري لصندوق الإيداع والتدبير، للملك محمد السادس والملك عبد الله الثاني ألبوما يستعرض مختلف لوحاته وإبداعاته.
وفي أعقاب زيارة المعارض الثلاثة، قام العاهل الأردني بالتوقيع في الكتاب الذهبي لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».