رئيس «حركة الشعب»: استمرار تحالف «النداء» و«النهضة» خطر على الديمقراطية في تونس

المغزاوي قال إن رئيس الجمهورية ينوي الانقلاب على النظام السياسي

المغزاوي
المغزاوي
TT

رئيس «حركة الشعب»: استمرار تحالف «النداء» و«النهضة» خطر على الديمقراطية في تونس

المغزاوي
المغزاوي

انتقد زهير المغزاوي، رئيس حزب حركة الشعب (حزب قومي)، الجهات التي تختزل العمليّة السياسيّة في تونس في حزبين يتقاسمان السلطة أو يتداولان عليها، في إشارة إلى حزب النداء (الليبرالي) وحركة النهضة (الإسلامي)، واعتبر هذا الاختزال فهما خاطئا للخريطة السياسية لما بعد ثورة 2011، مشيرا إلى وجود نوايا واضحة للانقلاب على النظام السياسي من قبل رئيس الجمهورية الحالي، وقال إنه لا يتوقّف عن توسيع صلاحياته على حساب الصلاحيات الدستوريّة لرئيس الحكومة.
وكشف المغزاوي في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في العاصمة التونسية، عن نية «حركة الشعب» التقدم بمرشح في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة، مشددا على أن عودة آلاف المقاتلين التونسيين من جبهات القتال إلى البلاد ستشكّل خطرا حقيقيا على الأمن الوطني، وعلى أمن دول الجوار خاصة، ودعا إلى التعامل معهم وفق القواعد القانونيّة المعمول بها في مجال مكافحة الإرهاب.
وحول تقييمه لثورات الربيع العربي، قال المغزاوي إن ما حدث في تونس ومصر إلى حدّ ما كان أقرب إلى ثورة شعبية وضعت نصب عينيها إسقاط أنظمة فاسدة ومفسدة، لكن دون أن يكون لديها البديل الواضح والجاهز الذي يمنع عودة أزلام الأنظمة السابقة. أما في ليبيا وسوريا واليمن فالأمر، حسب المغزاوي، هو أبعد ما يكون عن فكرة الثورة. وفيما يلي بقية الحوار.
> ما هو موقع «حركة الشعب» اليوم في المشهد السياسي التونسي؟
- «ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ» تتموقع ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ الديمقراطية ﺍلاجتماعية، ﻭﻫﻮ ﻣﻮﻗﻊ ﺗﻤﻠﻴﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ طبيعة أﻃﺮﻭﺣﺎﺗﻨﺎ ﻭﺑﺮﺍﻣﺠﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎرﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ. ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﻣﻊ ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ يونيو (حزيران) ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺣﺪﺓ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎﺩﺭﺗﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻠﺘﺰﻡ ﺑﻤﺒﺪﺃ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ.
> هل هناك تحالفات سياسية ممكنة؟ وما هي الأحزاب الأقرب إليكم لو فكرتم في عقد تحالفات؟
- «ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ» أعلنت ﻓﻲ ﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﻣﺆﺗﻤﺮﻫﺎ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻣﻨﺬ ﺃﻳﺎﻡ ﻋن إﻴﻤﺎﻧﻬﺎ ﺑﺄﻥ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻣﻮﺍﺯﻳﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ الوطنية ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﺪﻓﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍلائتلاﻑ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ، ﻟﻦ ﻳﺘﻢ ﺇﻻ ﻋﺒﺮ تشكيل ﺗﺤﺎﻟﻔﺎﺕ جدية ﻭﺻﻠﺒﺔ ﺑﻴﻦ ﺍلأﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻓﻌﻼ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻱ للانحرافات ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻔﺸﻞ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻛﻢ ﻟﻜﻞ ﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ. و«ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ» ﺗﻤﺪ ﻳﺪﻫﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﻄﻴﻒ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍلاﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺠﺒﺎﺋﻴﺔ ﻭتوفير فرص العمل، ﻭﻭﻗﻒ ﻧﺰﻳﻒ ﺍلاﻗﺘﺮﺍﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﺍلاﺭﺗﻬﺎﻥ لإملاءﺍﺕ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻧﺤﺔ، ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍلإﺭﻫﺎﺏ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎﻕ ﻗﻮﻣﻲ، ﻗﻮﺍﻣﻪ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻮﺣﺪﺓ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮﻱ.
ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍلاﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ﺍﻟمقبلة ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻓﺮﺻﺔ ﺟﻴﺪﺓ ﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ لعقد ﺗﺤﺎﻟﻔﺎﺕ سياسية، تحترم مجمل ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻲ قامت عليها الحركة. ﺃﻣﺎ بخصوص ﺍلأﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺸﺮﻳﻜﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎﺕ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻭﺭﺍﺕ ﻣﻌﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻪ ﺑﻌﺪ، وهناك عدة مشاريع سترى النور خلال المحطات الانتخابية المقبلة.
> ما هو موقفكم من التحالف القائم بين حزب النداء وحزب النهضة؟ وهل تعتبرونه طريقا للانتقال السياسي أم حجر عثرة أمام التطور السياسي في البلاد؟
- قبل الانتخابات البرلمانية الماضية كنا نقول في «حركة الشعب» إن الاستقطاب الثنائي المعلن بين حركتي النهضة ونداء تونس هو استقطاب مغشوش يقوم على جمع النقيضين، لأنّ الطرفين مختلفان آيديولوجيا، لكنهما يحملان نفس الأطروحات تقريبا في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، مع بعض التباينات الطفيفة على مستوى الارتباطات الدوليّة والإقليميّة، لذلك لم نستغرب توجّه الطرفين نحو التحالف مباشرة بعد الانتخابات. والتحالف بينهما هو الوضع الطبيعي، رغم أنّ قواعد الطرفين تتنصّلان منه، وهو مبني على التقاء المصالح بين الطرفين، لذلك كان أقوى من الضغائن التاريخيّة التي يحملها كلاهما تجاه الآخر، إضافة إلى أنّ الفاعلين الدوليين، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية حريصة على رعاية هذا التحالف وإبرازه في مظهر التحالف الصلب.
أعتقد أن بقاء هذا التحالف وتواصله سيكون خطرا على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس لأن نيّة الرعاة الدوليين لهذين الطرفين تتجه نحو اختزال العمليّة السياسيّة في تونس في حزبين يتقاسمان السلطة، أو يتداولان عليها دون الإخلال بالالتزامات المفروضة عليهما من حلفائهم الإقليميين والدوليين، وهذا فهم خاطئ للخريطة السياسية في تونس ما بعد ثورة 2011.
> انتقدتم بشكل مباشر تصريح نور الدين البحيري حول التونسيين الذين التحقوا بسوريا للدفاع عن النظام السوري، ما هو الفرق بين من التحق ببؤر التوتر للقتال وحمل السلاح سواء مع النظام السوري أو ضده؟
- حركة النهضة كانت ولا تزال حريصة على إحداث لبس لدى الرأي العام حول الملف السوري وموقفها منه. فمن السخف طبعا أن نسوّي بين المرتزقة الذين تمّ تسفيرهم لزرع الخراب والموت في سوريا وتهديد حياة المدنيين الآمنين، وهم يعدّون بالآلاف، وبين أفراد تخيّروا بشكل طوعي القتال إلى جانب «الشرعيّة» لاعتقادهم أن النظام السوري يشكّل حجر الزاوية في محور المقاومة والممانعة. هذا إذا ثبت أصلا أن هناك من ذهب من تونس إلى سوريا للقتال في صفوف النظام السوري، إذ إن الأمر مبني بالأساس على تخمينات محلية.
> ما هو موقفكم من عودة آلاف التونسيين الملتحقين ببؤر التوتر في الخارج ومن بينها سوريا؟
- عبّرنا منذ فترة عن موقفنا بوضوح من هذه القضيّة. فهؤلاء مجرمون في حق تونس أولا، ثم في حقّ سوريا ثانيا، وعودتهم إلى تونس ستشكّل خطرا حقيقيا على الأمن الوطني، وأيضا على أمن دول الجوار، خاصة بعد الخبرات التي اكتسبوها في القتل والتخريب. ولذلك التعامل مع هؤلاء يجب أن يكون وفق القواعد القانونيّة المعمول بها في مجال مكافحة الإرهاب.
> كيف تقيمون نظام الحكم في تونس اليوم؟ وهل تساندون الدعوة لاعتماد نظام رئاسي معدل عوضا عن نظام برلماني معدل؟
- النظام السياسي الراهن أقرّه دستور الجمهوريّة الثانية، ونحن نلاحظ كما يلاحظ الجميع، وجود نوايا واضحة للانقلاب عليه من طرف رئيس الجمهورية الحالي، الذي لا يتوقّف عن توسيع صلاحياته على حساب الصلاحيات الدستوريّة لرئيس الحكومة. أعتقد أن الشعب سيكون صارما في مواجهة أي محاولة للعودة إلى النظام الرئاسي الذي عانينا من ويلاته خلال العقود الستّة الماضية.
> هل سنرى رئيس حركة الشعب مرشحا للرئاسة سنة 2019؟
- لا يزال الوقت مبكّرا للإفصاح عن هذا الخيار. لكنّ الأكيد أن «حركة الشعب» سيكون لها مرشح في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة.
> على الرغم من عراقة التيار القومي في تونس، فإن درجة تمثيليته السياسية ما زالت دون المأمول، فكيف تفسرون هذا الوضع؟
- محدوديّة التمثيل هذه ناتجة عن عقود من القهر السياسي والتعسّف الرسمي، التي كان التيار القومي من أكبر ضحاياها، هذا علاوة على حداثة تجربة القوميين بالعمل السياسي القانوني. وأنا على ثقة تامة من أن المستقبل سيكون أفضل لأن كل المؤشرات الراهنة تؤكّد ذلك.
> ما زالت قضية اغتيال البرلماني محمد البراهمي لم تبح بعد بأسرارها. هل تعتقدون أن هناك من له مصلحة في إخفاء الحقائق حول الاغتيالات السياسية؟
- طبعا هناك من تقتضي مصلحته إخفاء الحقيقة في ملف الاغتيالات السياسيّة. وهناك أطراف سياسيّة بعينها تتحمّل المسؤوليّة القانونيّة والسياسيّة والأخلاقيّة في هذه الجرائم. وهيئات الدفاع المختلفة ما زالت تؤكّد أن هناك أيادي خفيّة تعطّل سير البحث في هذه القضايا.
> كيف تنظرون اليوم إلى ثورات الربيع العربي بعد نحو ست سنوات من اندلاعها؟ وهل يمكن استغلالها لإرساء أنظمة ديمقراطية في الأقطار العربية؟
- كقوميين ناصريين كنا وما زلنا نعتقد أن مصائر الأمم تصنعها إرادة الشعوب التوّاقة إلى الحريّة والانعتاق والعدالة والكرامة. لكن هذا الأمر يصحّ عندما تكون إرادة الشعوب نفسها متحرّرة من كلّ أشكال التوجيه المباشر وغير المباشر، أي عندما تكون مالكة لزمام أمرها. وربّما هذا ما كان ينقص الحراك الشعبي الذي عمّ مختلف أرجاء الوطن العربي. وفي تونس ومصر إلى حدّ ما كان الأمر أقرب إلى ثورة شعبية من دون قيادة، وضعت نصب أعينها إسقاط أنظمة فاسدة ومفسدة دون أن يكون لديها البديل الواضح والجاهز الذي يمنع عودة أزلام الأنظمة السابقة. أما في ليبيا وسوريا واليمن فالأمر أبعد ما يكون عن فكرة الثورة، ويكفينا دليلا على ذلك الجهات التي دعمت، وما زالت تدعم التحركات التي نعتت زورا بالثورة.
ولكنني أستغرب من تجاهل الإعلام لعدد من الثورات العربية، وعزم قوى إقليمية على طمس معالمها في المهد، وكذلك من صمته عن مساءلة داعمي ثورات الربيع العربي وتعاملهم بمكيالين مع ما تعرفه المنطقة العربية من هزات اجتماعية. وستظلّ الديمقراطية هدفنا لكن السيادة الوطنيّة ووحدة النسيج الاجتماعي للشعب العربي ستظلان أسبق لدينا من كل شيء، أما الثورة فهي أعظم من أن تخترقها النزعات الطائفيّة والمذهبيّة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».