استنفار روسي عند منطقة حدودية مع تركيا

أنقرة لم تقتنع بنفي موسكو إقامة قاعدة عسكرية فيها لتدريب الأكراد

استنفار روسي عند منطقة حدودية مع تركيا
TT

استنفار روسي عند منطقة حدودية مع تركيا

استنفار روسي عند منطقة حدودية مع تركيا

توتر، أمس، الوضع عند الحدود السورية - التركية من جهة عفرين التي تسيطر عليها وحدات الحماية الكردية، وذلك بعد ساعات على إرسال موسكو تعزيزات إلى المنطقة بحجة فتح فرع للمركز الروسي المعني بمصالحة الأطراف المتنازعة لمنع وقوع خروقات لنظام الهدنة. وتمركزت قوات روسية لأول مرة عند الحدود مع تركيا، فيما واصلت أنقرة قصف مناطق قريبة منها للرد، ردا على مقتل جندي تركي برصاص قناص متمركز في عفرين.
وأشارت مصادر قيادية كردية موجودة في الشمال السوري إلى أن «تركيا تقصف قرى حدودية تابعة لعفرين منذ نحو 48 ساعة كرد فعل على تعزيز موسكو وجودها في المنطقة وتعبير عن استيائها لمنعها من قبل واشنطن من التقدم باتجاه منبج كما من المشاركة في معركة الرقة»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العمليات تتركز بشكل رئيسي على القصف وتتحول أحيانا إلى اشتباكات بالأسلحة بسبب موقع القرى التي تقع مباشرة على الحدود مقابل قواعد عسكرية تركية.
وقالت المصادر إن مدرعات روسية اتجهت إلى المنطقة، حيث تحتدم عمليات القصف بمسعى لاستيعاب ما حصل ومنع تطوره.
وأرسلت موسكو في الساعات الماضية تعزيزات عسكرية إلى عفرين رجحت مصادر متنوعة أن يكون هدفها ترسيم منطقة «درع الفرات» التي تسيطر عليها تركيا في الشمال السوري والحد من تمدد القوات التي تدعمها باتجاه ريف عفرين، وذلك بعد 15 يوما من دخول قوات أميركية مدينة منبج في ريف حلب الشرقي بهدف التصدي لمحاولات قوات «درع الفرات» التقدم باتجاه المدينة.
وقصف الجيش التركي منطقة يسيطر عليها الأكراد في شمال غرب سوريا أمس الأربعاء بعد مقتل أحد جنوده برصاص قناص عبر الحدود السورية قالت رئاسة هيئة الأركان التركية إنه يتبع وحدات حماية الشعب الكردية وأن القصف جاء من عفرين. وقال إن الجندي قتل في بلدة الريحانية التابعة لمحافظة هطاي الواقعة على الحدود مع سوريا وأنه قام بالرد على مصدر النيران.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، الاثنين، إنها لا تعتزم فتح أي قواعد عسكرية جديدة في سوريا ولكن فرعا «لمركز المصالحة» الذي يتفاوض على اتفاقات محلية لوقف إطلاق النار في مناطق من سوريا موجود في محافظة حلب قرب عفرين. وقالت وحدات حماية الشعب إن قوات روسية وصلت بالفعل إلى عفرين في ناقلات جند ومركبات مدرعة.
وأعلنت تركيا بالتزامن مع التحركات الروسية أنها لن تسمح بإقامة « كيان إرهابي» على حدودها الجنوبية وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن هناك اتصالات جارية مع موسكو وواشنطن في هذا الأمر.
ونقلت صحيفة «حرييت» التركية أمس عن مسؤول تركي، لم تسمه، أن أنقرة غير مقتنعة بالنفي الروسي والتبريرات التي ساقتها موسكو بشأن ما تردد عن إقامة قاعدة في عفرين لتدريب القوات الكردية.
وأكد المسؤول أن موسكو لم تبلغ أنقرة بهذا الانتشار العسكري وأن المخابرات التركية رصدت قافلة روسية مكونة من أربع سيارات مدرعة وصلت إلى عفرين عبر منطقة ميناغ جنوب أعزاز.
وتابع المسؤول التركي أن «مركز المصالحة» الخاص بمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا والذي أنشئ في قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا في إطار اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بجهود مشتركة بين تركيا وروسيا في 30 ديسمبر (كانون الأول) 2016، قادر على رصد الوضع على الأرض وأنه لا توجد حاليا أي اشتباكات في عفرين تتطلب بعثة مراقبة روسية.
ولفت المسؤول إلى أن تركيا لم تنشئ بعد مركزا لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا بسبب مخاوف أمنية معتبرا أن الانتشار الروسي ربما يهدف إلى تجنب أي اشتباكات بين فصائل المعارضة السورية المشاركة في عملية درع الفرات التركية والقوات الكردية.
ولفت المسؤول إلى أن أنقرة سبق أن عبرت لموسكو عن قلقها بشأن تعاون الجيش الروسي مع وحدات حماية الشعب الكردية.
وأكد سيبان حمو قائد وحدات حماية الشعب الكردية أن «الأتراك يقصفون قرى تابعة لعفرين منذ مساء الثلاثاء ما أدى إلى إصابة عدد من المدنيين»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القصف مستمر وقد يتحول إلى صدام مباشر». وعمّا إذا كان الروس تحركوا لضبط الوضع قال حمو: «لا يمكن الحديث عن أي رد فعل روسية».
وفيما تحدث مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» عن «استنفار روسي» في المنطقة وأظهر فيديو تم تداوله دبابات رفعت العلم الروسي تعبر أحد أحياء عفرين، مسرعة، قال الجيش التركي في بيان إن جنديا قتل في إقليم هاتاي الحدودي برصاص قناص عبر الحدود من عفرين في سوريا التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، ما استدعى الرد على مصادر النيران.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.