انطلاق {جنيف 5} اليوم على وقع معارك دمشق وحماة

لافروف يؤكد أهمية بحث السلات الأربع في المفاوضات

نشطاء سلام من برلين يسيرون بأقدامهم الملونة بالأحمر على قماش لدى وصولهم إلى سراييفو أمس موثقين رحلة 3 أشهر قطعوا فيها ألف كيلومتر بنية الوصول إلى حلب تضامناً معها (أ.ب)
نشطاء سلام من برلين يسيرون بأقدامهم الملونة بالأحمر على قماش لدى وصولهم إلى سراييفو أمس موثقين رحلة 3 أشهر قطعوا فيها ألف كيلومتر بنية الوصول إلى حلب تضامناً معها (أ.ب)
TT

انطلاق {جنيف 5} اليوم على وقع معارك دمشق وحماة

نشطاء سلام من برلين يسيرون بأقدامهم الملونة بالأحمر على قماش لدى وصولهم إلى سراييفو أمس موثقين رحلة 3 أشهر قطعوا فيها ألف كيلومتر بنية الوصول إلى حلب تضامناً معها (أ.ب)
نشطاء سلام من برلين يسيرون بأقدامهم الملونة بالأحمر على قماش لدى وصولهم إلى سراييفو أمس موثقين رحلة 3 أشهر قطعوا فيها ألف كيلومتر بنية الوصول إلى حلب تضامناً معها (أ.ب)

تنطلق اليوم جولة خامسة من المفاوضات غير المباشرة بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة السوريتين في جنيف، لكن الآمال بتحقيق أي اختراق تبقى محدودة في ظل عدم إبداء طرفي النزاع أي مرونة في مواقفهما واندلاع معارك عنيفة في دمشق.
وانتهت جولة المفاوضات الأخيرة في الثالث من الشهر الحالي بإعلان الأمم المتحدة الاتفاق على جدول أعمال «طموح» من أربعة عناوين رئيسية على أن يجري بحثها «في شكل متواز»، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، وهي ملفات خلافية بين طرفي النزاع.
ويشارك في هذه الجولة أيضا ممثلون عن منصتي موسكو، تضم معارضين مقربين من روسيا أبرزهم نائب رئيس الوزراء الأسبق قدري جميل، ومنصة القاهرة المؤلفة من شخصيات معارضة ومستقلين أبرزهم المتحدث السابق باسم الخارجية السورية جهاد المقدسي.
وبحسب الأمم المتحدة، سيتولى رمزي عز الدين رمزي، مساعد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا استقبال الوفود اليوم، وإطلاق جولة المفاوضات، في وقت يجري فيه دي ميستورا جولة خارجية بدأها أمس من موسكو، أبرز حلفاء دمشق، ومنها إلى أنقرة الداعمة للمعارضة.
وقال مصدر غربي قريب من المفاوضات لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الجولة ستكون عبارة عن «محادثات غير مباشرة»، موضحا أن مهمة دي ميستورا «العمل على غربلة الأفكار وتدوير الزوايا» بين أطراف النزاع.
ورغم الاتفاق على جدول الأعمال، لكن مهمة دي ميستورا لا تبدو سهلة وفق محللين ودبلوماسيين، في ظل عدم استعداد طرفي النزاع وخصوصا دمشق لتقديم أي تنازلات.
في موسكو، أجرى لافروف، يوم أمس، محادثات مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي وصل العاصمة الروسية في إطار جولة إقليمية ودولية للتشاور عشية الجولة المقبلة من جنيف. وفي مستهل اللقاء أبدى لافروف ارتياحه لاستمرار المشاورات مع دي ميستورا، معرباً عن قناعته للمبعوث الأممي «بأنه هناك حاجة لمساعدتكم في المفاوضات حول السلات الأربع»، مؤكداً تأييد بلاده لما تم التوصل إليه في الجولات السابقة من المفاوضات السورية في جنيف، لا سيما فيما يخص جدول الأعمال، وشدد على ضرورة أن تكون قضايا الحكم، والدستور، والانتخابات والتصدي للإرهاب مواضيع رئيسية يجري بحثها خلال «جنيف- 5»، رافضاً «محاولات ربط المضي قدماً في واحدة من تلك السلات بالنجاح في سلة أخرى».
وأشار لافروف خلال مؤتمر صحافي عقب محادثاته أمس مع وزير خارجية الكونغو الديمقراطية ليونار شي أوكيتوندو، إلى أنه لفت اهتمام دي ميستورا إلى ضرورة ضمان مشاركة كل مجموعات المعارضة السورية في المفاوضات، متهما الهيئة العليا للمفاوضات بمحاولة «مصادرة الحق في تمثيل كل أطياف المعارضة السورية»، مشدداً في الوقت ذاته على أهمية «إيجاد حل حول كيفية مشاركة الأكراد في مفاوضات جنيف»، الأمر الذي وصفه بالمعقد للغاية نظراً للموقف التركي، مؤكداً «سنواصل البحث مع الشركاء الأتراك عن حل لهذا القضية». وفي تعليقه على المستجدات الميدانية داخل سوريا، لا سيما هجمات المعارضة في دمشق وريف حماة، اعتبر لافروف أن ما يجري يهدف إلى تقويض عملية جنيف، متهماً «مشرفين خارجيين للمعارضة السورية» بأنهم «بذلوا عشية اللقاء الأخير في آستانة قصارى جهدهم للحيلولة دون مشاركة المعارضة المسلحة».
في شأن آخر، أعرب وزير الخارجية الروسي عن تفهمه لموقف دمشق الرافض لاستقبال المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، وإذ وصف ذلك القرار بأنه «شأن سيادي للدولة السورية»، فقد لمح في الوقت ذاته إلى أنه كان على دمشق استقبال دي ميستورا رغم كل شيء، حين قال: «رغم ذلك فإننا نرى أن هناك حاجة للحديث» معه.
في سياق متصل، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن أنقرة تعلق أهمية كبيرة على اللقاء مع المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا قبل المفاوضات المقبلة في جنيف وآستانة.
وقال جاويش أوغلو الذي يشارك في اجتماعات وزراء خارجية دول التحالف الدولي ضد «داعش» في واشنطن إن دي ميستورا سيكون في أنقرة اليوم، وإن «نائب وزير الخارجية سيعقد لقاء معه، وإذا كنت في أنقرة فسألتقي به أيضا، من المهم أن نلتقي به قبل الجولة المقبلة من المفاوضات في جنيف أو آستانة». ودعا الوزير التركي أطراف المعارضة السورية للمشاركة في مباحثات آستانة.
واتسمت جولة المفاوضات الأخيرة بخلاف كبير على الأولويات بين الطرفين، الانتقال السياسي أو الإرهاب. وأصرت المعارضة على تناول موضوع الانتقال السياسي أولا، فيما طالب وفد النظام بإضافة مكافحة الإرهاب إلى العناوين الثلاثة التي اقترحها أساسا دي ميستورا.
ويتبادل طرفا النزاع الاتهامات بالتعنت وعدم إبداء مرونة في المفاوضات. وتتمسك المعارضة بمطلب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، الأمر الذي تعتبره دمشق غير قابل للنقاش وتصر على أولوية مكافحة الإرهاب كمدخل إلى الحل السياسي للنزاع.
ويقول يحيى العريضي، أحد الاستشاريين المرافقين لوفد المعارضة إلى جنيف، إن «الآمال محدودة بحكم تعنت الفريق الآخر وعدم رغبته بالانخراط الجدي في إيجاد حل». ويتهم النظام باتباع «استراتيجية تقوم على إخضاع الآخر»، مشدداً على أنه لا يمكن تحقيق اختراق «إلا إذا توفرت إرادة دولية فعلية لإنهاء المحرقة السورية». ويأتي ذلك بعد أيام من هجوم مباغت شنته الفصائل المعارضة على مواقع قوات النظام في دمشق ويعد الأعنف في العاصمة منذ عامين. وتدور منذ الأحد معارك عنيفة بين الطرفين.
ويرى العريضي أن ما يجري هو «دفاع عن النفس، فالناس في حالة حصار وتجويع ويتعرضون للقصف يومياً» مضيفا: «الفعل بحد ذاته رسالة بأنه لن تستتب الأمور للنظام ولا يمكن للناس أن تستكين له».
وفيما تمارس روسيا ضغوطاً على دمشق أثمرت في الجولة السابقة موافقتها للمرة الأولى على بحث مواضيع الحكم والدستور والانتخابات، لا تزال رؤية واشنطن التي كانت تعد أبرز داعمي المعارضة في جولات التفاوض العام الماضي، غير واضحة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.