قذائف عشوائية لـ«داعش» تُسقط عشرات المدنيين في الموصل

عراقيون يفرون بعد قصف بالمورتر أسقط قتلى وجرحى بين نازحين في الموصل أمس (أ.ف.ب)
عراقيون يفرون بعد قصف بالمورتر أسقط قتلى وجرحى بين نازحين في الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

قذائف عشوائية لـ«داعش» تُسقط عشرات المدنيين في الموصل

عراقيون يفرون بعد قصف بالمورتر أسقط قتلى وجرحى بين نازحين في الموصل أمس (أ.ف.ب)
عراقيون يفرون بعد قصف بالمورتر أسقط قتلى وجرحى بين نازحين في الموصل أمس (أ.ف.ب)

مع اشتداد المعارك وسط المدينة القديمة غرب الموصل، بات النازحون إلى المناطق المحررة وقاطنوها الهدف الرئيسي لتنظيم داعش الذي يقصف المناطق المحررة بقذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا عشوائياً، مخلفين عشرات الضحايا من المدنيين.
وسقط قتيل على الأقل وعشرات الجرحى من النازحين في حي الرسالة المحرر غرب الموصل، أمس، بعدما أصابتهم قذائف أطلقها «داعش». وقال قائد قوات الشرطة الاتحادية العراقية الفريق، رائد شاكر جودت لـ«الشرق الأوسط»، إن «إرهابيي (داعش) يلجأون إلى قصف المناطق المحررة المأهولة بهدف إشغال قطعاتنا... أسفر القصف عن سقوط عشرات الجرحى، وهرعت مفارزنا لإنقاذهم».
وأوضح مسؤول الإعلام في فرقة الرد السريع المقدم عبد الأمير المحمداوي لـ«الشرق الأوسط» أن «المدنيين الذين ينزحون باتجاه قواتنا يتعرضون على الطريق إلى القنص والقصف بقذائف الهاون من قبل مسلحي (داعش)، ويصابون إثر هذا القصف، لذا ننشر مفارزنا الطبية على طول الطرق التي نتوقع أن ينزحوا منها».
وأشار إلى أن «هذه المفارز تسعف الجرحى والمرضى وكبار السن وتنقلهم إلى المستشفى الميداني لتلقي العلاج». وأضاف: «إذا كانت حالة الجريح أو المريض خطيرة، حينها يُنقل فوراً إلى مستشفى الحمدانية أو برطلة شرق الموصل، والحالات الخطرة جداً تنقل بالمروحيات إلى أربيل وبغداد».
وقالت هيفاء الحمداني التي جُرح ابنها في قصف للتنظيم استهدف وسط الموصل: «كنا نختبئ تحت السلم كي نتجنب القصف، لكن قذيفة هاون أطلقها التنظيم سقطت على منزلنا وتسببت في إصابة أحد أبنائي». وأضافت لـ«الشرق الأوسط»، خلال مرافقتها ابنها في مستشفى ميداني: «الحمد لله إصابته طفيفة وقوات الشرطة الاتحادية والرد السريع قدمت لنا ما نحتاج إليه، ونقلتنا إلى هنا لتلقي العلاج».
وتشهد المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش» في الموصل أوضاعاً إنسانية صعبة جداً، في ظل انتشار الجوع والنقص الحاد في مياه الشرب وحليب الأطفال. وتزداد الظروف سوءاً مع انعدام طرق إيصال الإمدادات إلى المدنيين الذين لا يستطيعون الخروج خوفاً من أن يقعوا في كمائن «داعش» أو يتعرضوا للقنص على يد مسلحيه.
وكشف شعبان طارق الذي ما زال يعيش في منطقة الزنجيلي غرب الموصل عن سقوط «العشرات من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين وتدمير منازلهم إثر القصف العشوائي لمسلحي التنظيم»، لافتاً إلى أن «(داعش) يعتمد في الغالب على قذائف محلية الصنع في شن هجماته».
وقال خلال اتصال مع «الشرق الأوسط»: «يموت يومياً نحو 10 أطفال بسبب الجوع في المناطق المحاصرة من الموصل. والمرضى لا يستطيعون الحصول على دواء، وخصوصاً المصابين بالأمراض المزمنة».
وأضاف أن «التنظيم يمنع المدنيين من دخول المستشفى الجمهوري لأنه حصري لمسلحيه الجرحى. أوضاعنا صعبة ونأكل مرة واحدة في اليوم والوجبة تتكون من الخبز اليابس والماء». وأوضح أن مياه الشرب انقطعت عن مناطق غرب الموصل كافة قبل أكثر من شهرين «والآن يعتمد الناس على الآبار المنتشرة في بعض المناطق».
وأعلنت منظمة «أطباء بلاد حدود» الدولية في بيان، أمس، أن طواقمها عالجت أكثر من 1800 شخص في الموصل كانوا في حاجة طارئة إلى الرعاية المنقذة للحياة خلال الشهرين الماضيين، موضحة أن «1500 شخص منهم كانوا يحتاجون إلى علاج الإصابات البالغة التي تعرضوا لها نتيجة المعارك». وأضاف بيان المنظمة أن طواقمها تمكنت أيضاً من إنجاز مائة عملية ولادة طبيعية و80 ولادة قيصرية في المدينة.
ونقل البيان عن مديرة العمليات في المنظمة إيزابيل دوفورني قولها: «ارتفعت الحاجة إلى الرعاية الطبية الطارئة بشكل هائل. فلدينا طواقم تعمل على مدار الساعة وتعالج الرجال والنساء والأطفال الذين أصيبوا بالرصاصات والانفجارات والقصف المدفعي.
وثمة حالات طوارئ أخرى مهددة للحياة تحتاج إلى استجابة طبية جراحية كالنساء الحوامل اللواتي يحتجن إلى عمليات ولادة قيصرية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.