انسحاب «حزب الله» من سوريا مؤجل بانتظار اتفاق أميركي - روسي نهائي

خبراء يرجحون السعي لتحجيم الدور الإيراني والتركي لا نسفه

انسحاب «حزب الله» من سوريا مؤجل بانتظار اتفاق أميركي - روسي نهائي
TT

انسحاب «حزب الله» من سوريا مؤجل بانتظار اتفاق أميركي - روسي نهائي

انسحاب «حزب الله» من سوريا مؤجل بانتظار اتفاق أميركي - روسي نهائي

لا يتعامل خصوم «حزب الله» ولا مؤيدوه بكثير من الجدية مع المعلومات التي يتم تداولها كل فترة عن قرار ما بانسحابه من سوريا. أخيراً جاءت هذه المعلومات من الجانب الروسي في إطار الحديث عن اتفاق في مفاوضات آستانة التي عقدت منتصف الشهر الحالي عن تولي مراكز المصالحة الروسية مراقبة انسحاب التشكيلات الشيعية وعلى رأسها «حزب الله» إلى منطقة محددة تكون تحت سيطرته في سوريا، على أن يتبع ذلك انسحاب تدريجي من البلاد.
وإن كان «حزب الله» وضع هذه المعطيات في سياق محاولات الروس المتكررة لإقناع «جبهة النصرة» بالجلوس على طاولة المفاوضات، نافياً تماماً أن يكون هناك أي توجه عملي في هذا المجال، رجّح خصوم الحزب ومعارضوه أن يكون هناك شبه اتفاق أميركي - روسي على تحجيم الدورين الإيراني والتركي في سوريا من دون نسفهما بالكامل، معتبرين أن أي تحرك ميداني بإطار إعادة انتشار عناصر «حزب الله» يندرج في إطار أولويات الحزب وإيران، وليس بقرار لم يتخذ بالانسحاب من سوريا.
وكانت صحيفة «إزفيستيا» الروسية تحدثت عن اتفاق تم خلال المشاورات التي تمت في آستانة في 14 و15 من مارس (آذار) يقضي بتحول مراكز المصالحة الروسية بين الأطراف المتحاربة، والمنتشرة في أنحاء مختلفة من سوريا، إلى أدوات رئيسية للإشراف على احترام وقف إطلاق النار، وانسحاب التشكيلات الأجنبية المسلحة من البلاد، بما في ذلك وحدات «حزب الله». ونقلت الصحيفة عن البروفسور في قسم العلوم السياسية بمدرسة الاقتصاد العليا ليونيد إيسايف، قوله إن «الإيرانيين وافقوا شفهياً على ذلك، وحزب الله أيضاً لا يمانع، لأن مهمة إنقاذ نظام الأسد أصبحت منجزة، لا سيما أن حزب الله يحتاج إلى قواته في لبنان»، متحدثاً عن «دلائل كثيرة تشير إلى أن وحدات حزب الله قد انسحبت بشكل أساسي إلى الحدود اللبنانية».
ونفت مصادر مطلعة على موقف حزب الله، نفياً تاماً، أن يكون قد تم أي اتفاق في هذا الإطار في آستانة أو أن يكون قد حصر وجود قواته في سوريا على الحدود مع لبنان، لافتة إلى أن ما يحصل، محاولة روسية لحثّ «جبهة النصرة» على الجلوس إلى طاولة المفاوضات من خلال القول إن طرح انسحاب الحزب وباقي المجموعات المرتبطة بإيران من سوريا قابل للبحث في حال قدمت هي من طرفها التنازلات المناسبة. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «بالأصل هذا المطلب مطلب تركي وضعته أنقرة على الطاولة في الاجتماعات السابقة في آستانة. أما فعلياً، فلا شيء من هذا يتم تطبيقه على الأرض. فالموضوع أكبر بكثير من أن تتخذ جهة واحدة أي قرار فيه، وكل حديث في هذا الإطار من دون الاتفاق مع النظام السوري بشأنه غير منطقي».
وفيما نفى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، رصد أي تحركات في مجال سحب وحدات لـ«حزب الله» من الشمال السوري أو غيره من المناطق باتجاه منطقة الحدود مع لبنان أو أي منطقة أخرى، تحدثت مستشارة الهيئة العليا للمفاوضات مرح البقاعي عن شبه اتفاق أميركي - روسي غير معلن على تحجيم دور إيران وتركيا في الداخل السوري، مستبعدة تماماً أن يتم في هذه المرحلة سحب كامل لقوات الطرفين من سوريا، مرجحة أن يتم تحديد دورهم بأطر ومناطق محددة. وقالت البقاعي لـ«الشرق الأوسط»: «الاتفاق في اجتماع آستانة الأخير على جعل إيران جزءاً من الدول الضامنة، لم يكن بهدف تقوية دورها بقدر ما يندرج في إطار السعي لاستيعاب هذا الدور وتحجيمه».
واعتبرت البقاعي أنّه «لم يعد بمقدور الإيرانيين أو حتى الأتراك الخروج عن القرار الأميركي - الروسي في هذا المجال، خصوصاً بعد تحول الدور الروسي فيما يُعرف بـ(سوريا المفيدة) إلى (انتداب فعلي)»، لافتة إلى وجود «شرطة عسكرية روسية تدير شؤون المناطق التي يتم تهجير السكان منها وآخرها حي الوعر». وأضافت: «حتى أن ما يحصل في دمشق يوحي كأنّه مقدمة لفرض مجلس عسكري مشترك بين المعارضة والنظام في دمشق على الطريقة المصرية».
من جهته، اعتبر رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - إنيجما» رياض قهوجي، أن «أي اتفاق لحل الأزمة في سوريا بشكل نهائي لا شك سيلحظ تحييد التشكيلات الشيعية المقاتلة في سوريا وأبرزها «حزب الله»، تمهيداً لإخراجها من الساحة السورية ككل، خصوصاً أنها حالياً جزء من المشكلة ولا يمكن أن تكون جزءاً من الحل، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المعارضة كانت تطالب بأن يكون الانسحاب فورياً ولا تسبقه مرحلة تحييد».
أما علي الأمين، الباحث السياسي المعارض لـ«حزب الله»، فأشار إلى أن التصريحات الأخيرة لمسؤولي الحزب لا توحي بأي قرار بالانسحاب من سوريا، حتى أنّها تشدد على استمرار القتال هناك في المرحلة الراهنة، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أي تحرك ميداني عسكري لقوات الحزب بإطار إعادة انتشارها ليس مؤشراً، وإن كان حقيقياً بقرار بالانسحاب بقدر ما يندرج في سياق إعادة تحديد أولويات الحزب وإيران». وأضاف: «ما دامت الرؤية الأميركية للحل في سوريا لم تتبلور بشكل نهائي، فمن الصعب جداً أن نتوقع انسحاباً لحزب الله».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».