«تحرير الشام» تطلق عملية عسكرية واسعة ضد النظام بريف حماة الشمالي

«جيش الإسلام» يعلن المؤازرة في معارك دمشق من مواقعه في الغوطة الشرقية

صورة مقتطعة من شريط فيديو بثته «حركة أحرار الشام» المعارضة تبين اقتراب عناصرها من إطارات سيارات محترقة خلال معارك الفصائل في دمشق أول من أمس (رويترز)
صورة مقتطعة من شريط فيديو بثته «حركة أحرار الشام» المعارضة تبين اقتراب عناصرها من إطارات سيارات محترقة خلال معارك الفصائل في دمشق أول من أمس (رويترز)
TT

«تحرير الشام» تطلق عملية عسكرية واسعة ضد النظام بريف حماة الشمالي

صورة مقتطعة من شريط فيديو بثته «حركة أحرار الشام» المعارضة تبين اقتراب عناصرها من إطارات سيارات محترقة خلال معارك الفصائل في دمشق أول من أمس (رويترز)
صورة مقتطعة من شريط فيديو بثته «حركة أحرار الشام» المعارضة تبين اقتراب عناصرها من إطارات سيارات محترقة خلال معارك الفصائل في دمشق أول من أمس (رويترز)

أعلنت «هيئة تحرير الشام» أمس، أنها بدأت هجوما جديدا قرب مدينة حماة في الجزء الأوسط من غرب سوريا، أطلقت عليه اسم «معركة وقل اعملوا»، مشيرة إلى أنها نفذت هجومين انتحاريين بسيارتين ملغومتين قرب بلدة صوران في الريف الشمالي لحماة، فيما أعلنت «هيئة تحرير الشام» استهداف اجتماع لقيادات «رفيعة» من النظام قرب مدينة القرداحة.
وذكرت «شبكة شام» أن «هيئة تحرير الشام» التي تضم جماعات إسلامية متشددة في سوريا، تمكنت من تحرير مدينة صوران، تلاها خلال أقل من ساعة سقوط حواجز قوات النظام في بلدة معردس التي دخلها الثوار، وسط اشتباكات عنيفة على عدة محاور في المنطقة.
وبدأت عملية السيطرة باستهداف الحواجز الرئيسية لقوات النظام في موقعي المكاتب ومعمل البواري بعمليتين انتحاريتين، تلاها تقدم الثوار باتجاه مواقع قوات النظام بعد كسر الخطوط الدفاعية الأولى، تمكنت خلالها قوات المعارضة من السيطرة على العديد من النقاط العسكرية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن دوي انفجارات كبيرة سمع في تلك المنطقة وإن اشتباكات ضارية تدور بين قوات النظام من جهة وهيئة تحرير الشام وبعض الجماعات الإسلامية المتشددة من جهة أخرى. وأشار إلى أن رقعة المعارك امتدت على محاور ممتدة من رحبة خطاب غرباً وحتى الطليسية والشعثة شرقاً مروراً بقمحانة وصوران ومعان ونقاط قريبة منها، في معركة جديدة أطلقتها الفصائل للتقدم والسيطرة على مناطق خسرتها في الأشهر الفائتة لصالح قوات النظام.
وأفاد ناشطون بأن قوات المعارضة تمكنت من اغتنام دبابة لقوات النظام، ومجنزرتين، وسط انهيار غالبية حواجز قوات الأسد في المنطقة وهروبها أمام تقدم الثوار.
بدوره أعلن «جيش النصر» أحد الفصائل المشاركة في معركة «وقل اعملوا»، عن تدمير طائرتين لقوات النظام في مطار حماة العسكري بعد استهداف المطار بعدة رشقات من صواريخ غراد، فيما تتواصل الاشتباكات على عدة محاور.
وكانت جماعات من المعارضة، بينها جماعات إسلامية متشددة تحالفت لتشكيل هيئة تحرير الشام، قد شنت هجوما بشمال حماة العام الماضي حققت خلاله مكاسب بالمنطقة القريبة من صوران.
وقال مصدر عسكري والمرصد السوري إن قوات الأسد كانت استعادت البلدة في أكتوبر (تشرين الأول) في إطار هجوم مضاد استمر أسابيع.
بالموازاة، أعلنت «هيئة تحرير الشام» استهداف اجتماع لقيادات «رفيعة» من النظام قرب مدينة القرداحة، بريف محافظة اللاذقية، وهي مسقط رأس الأسد. ونقل موقع «الدرر الشامية» عن «الهيئة»، عبر حساباتها الرسمية اليوم، أنه «بعد ورود معلومات استخباراتية خاصة، استهدفت (تحرير الشام)، بـ 20 صاروخًا بعيد المدى، اجتماعًا رفيع المستوى ضم قيادات للنظام وحلفائه، بالقرب من مدينة القرداحة». إلا أن صفحات تابعة للنظام السوري نفت ما ذكرته «الهيئة»، وقالت إن «الجماعات المسلحة المتمركزة في ريف اللاذقية الشرقي استهدفت بعدة صواريخ غراد مدينة القرداحة». وأشارت إلى أن الصواريخ سقطت في الأراضي الزراعية، والأحراش الجبلية في محيط المدينة، ولم تسفر عن أي إصابات بشرية.
أعلن «فيلق الرحمن» أمس، عن انطلاق المرحلة الثانية من معركة «يا عباد الله اثبتوا» في دمشق التي وصفها بـ«الدفاعية» بأسلوب الهجوم لإيقاف الاقتحامات المستمرة على أحياء برزة والقابون وتشرين، مؤكدا استعادة المواقع التي خسرها أول من أمس. وشدد بيان صادر عن «الفيلق»، إلى أن «المشاركين في المعركة يلتزمون بتحييد المدنيين عن دائرة الصراع وعن النيران المباشرة وغير المباشرة، وكذلك البعثات الدبلوماسية». وأكّد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «الهجوم العنيف للفصائل على محاور في شمال جوبر وجنوب القابون، تركز في المنطقة الصناعية وترافق مع قصف واستهدافات مكثفة بينها وبين قوات النظام، وتمكنت الفصائل من تحقيق تقدم في المنطقة والسيطرة على معمل الغزل ونقاط ومواقع في محيط معمل السيرونيكس وقرب معمل كراش، فيما تحاول الفصائل استعادة مزيد من المواقع التي خسرتها في الهجوم المعاكس لقوات النظام يوم أول من أمس».
وشنت الفصائل الهجوم من معقلها في الغوطة الشرقية التي تقع إلى الشرق من العاصمة. ويهدف الهجوم جزئيا إلى التخفيف عن الغوطة الشرقية التي تتعرض لضغوط من قبل قوات النظام، وتسعى لإحكام الحصار عليها. ويتركز القتال حول منطقة العباسيين في حي جوبر بشمال شرقي دمشق الذي يقع على بعد نحو كيلومترين شرق أسوار البلدة القديمة على تقاطع طريق رئيسي يؤدي للعاصمة.
وقال القيادي في «جيش الإسلام»، محمد علوش، على حسابه في «تويتر»: «نبارك للإخوة في (الفيلق) استرجاع الكراجات والمعامل»، معلنا مؤازرة «جيش الإسلام» على الجهة المقابلة في القابون. وأوضح الباحث السوري المعارض، أحمد أبازيد، أن المعركة اليوم تدور على محورين، الأول من قبل «فيلق الرحمن» و«أحرار الشام» على جبهة القابون وجوبر والعباسيين، والثاني يتولاه «جيش الإسلام»، من جهة دوما وحرستا، مشيرا إلى أنه وبعدما تمكن النظام أول من أمس من استعادة المناطق التي خسرها الأحد الماضي، نجحت المعارضة في السيطرة عليها مجددا وتقدم مقاتلوها في مواقع إضافية. وقال أبازيد لـ«الشرق الأوسط»: «مجرّد مبادرة الثوار في الهجوم في دمشق رغم الاستنزاف الذي تعرضوا له في الفترة الماضية هو دليل قوة، ومن شأنه أن يغيّر المعادلة السياسية، على اعتبار أن النظام لم يعد مسيطرا على العاصمة السياسية (دمشق)، والثوار قادرون على وضعه في موقع الدفاع وليس فقط المهاجم، وهذه ورقة قوة في يد فصائل الغوطة لا سيما أن (جيش الإسلام) دخل بقوة على خط المعركة».
وبحسب المرصد، شهدت دمشق لليوم الثالث على التوالي معارك عنيفة ترافقت مع قصف بالطائرات الحربية استهدفت حيي جوبر والقابون ومزارعهما، بالتزامن مع سقوط قذائف على العاصمة تسببت بسقوط 25 جريحا، واستهدفت القذائف أماكن في باب توما ومنطقة بين باب مصلى والشاغور وباب شرقي والتجارة والعباسيين ومساكن برزة ومناطق أخرى في جرمانا الواقعة بضاحية العاصمة.
وتوجد الفصائل المعارضة في دمشق في حي القابون الذي تسيطر المعارضة على القسم الأكبر منه، وفي حي جوبر الواقع إلى الجنوب منه وتسيطر على نصفه.
ولفت المرصد إلى أن العاصمة تعيش شبه شلل كامل خصوصا بالقرب من منطقتي العباسيين والقابون ومناطق قريبة من منطقة جوبر، وسط حذر في التنقل ببقية المناطق نتيجة لتساقط القذائف بين الحين والآخر. وقال شهود عيان في منطقة العباسيين، إن «المدنيين التزموا منازلهم لليوم الثالث على التوالي، وكانت تسمع على مدار يوم أمس أصوات سيارات الإسعاف التي تنقل جرحى قوات النظام من جبهة جوبر»، وخيمت أجواء الحرب على جميع أنحاء مدينة دمشق مع تواصل سماع أصوات القصف المدفعي والجوي وأصوات طلعات الطيران الحربي يوم أمس.
وفي حين واصل التلفزيون الرسمي بثه المباشر من ساحة العباسيين لتأكيد أن فصائل المعارضة لا تزال بعيدة عن دمشق، أفاد بأن قوات النظام «تتصدى لهجوم جديد شنته جبهة النصرة والفصائل المتحالفة معها على محور شرق العاصمة». وتتوسط ساحة العباسيين الأحياء الشرقية من العاصمة، وتعد ثاني أكبر ساحة بعد ساحة الأمويين غرب دمشق، وتعتبر أحد أهم المنافذ الحيوية شرق دمشق الذي يربط العاصمة بمنطقة جوبر والغوطة الشرقية، كما هي عقدة تحويل إلى طريق مطار دمشق الدولي والمناطق الجنوبية من العاصمة كمخيم اليرموك وفلسطين وبلدات جنوب دمشق. ويقع في الساحة ملعب العباسيين الدولي الذي تحول إلى واحدة من أكبر القواعد العسكرية للنظام في دمشق، وضمنها مقر المخابرات الجوية ومستودعات للذخائر. وكانت وكالة الصحافة الفرنسية قد أشارت صباحا إلى سماع دوي انفجار قوي عند نحو الساعة الخامسة والنصف، تبعه قصف عنيف لم يتوقف منذ ذلك الحين. ورجح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، في تصريح للوكالة، أن يكون الانفجار ناجما «عن هجوم بسيارة مفخخة على موقع لقوات النظام بين حي جوبر والقابون».
وفي بيان له، أكّد «فيلق الرحمن»، «أنه يلتزم بشكل تام بقانون النزاعات المسلحة وجميع الأعراف الدولية المتعلقة بالمعارك والنزاعات المسلحة».
وقال وائل علوان، الناطق الرسمي باسم «فيلق الرحمن»، إن «المشاركين في المعركة يلتزمون بتحييد المدنيين بجميع أديانهم وطوائفهم وآرائهم عن دائرة الصراع وعن النيران المباشرة وغير المباشرة، وكذلك البعثات الدبلوماسية والأبنية المخصصة لها عن نيراننا».
وشدّد على أن «الفصائل تلتزم بحسن معاملة الأسرى وجثث القتلى وعدم إهانتهم أو إيذائهم وتأمين وحماية الطواقم الطبية وطواقم الدفاع المدني وكل المجموعات الإنسانية والإعلامية، بالإضافة إلى تحييد جميع دور العبادة ورموزها والقائمين عليها عن الصراع والنيران المباشرة وغير المباشرة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.