المعارضة تتمسك عشية {جنيف} بضرورة بدء الانتقال السياسي

المعارضة تتمسك عشية {جنيف} بضرورة بدء الانتقال السياسي
TT

المعارضة تتمسك عشية {جنيف} بضرورة بدء الانتقال السياسي

المعارضة تتمسك عشية {جنيف} بضرورة بدء الانتقال السياسي

كشفت الهيئة العليا للمفاوضات عن رؤيتها لجولة جنيف التي ستنطلق الخميس، مبينة أن عنوانها التمسك بضرورة الشروع في عملية الانتقال السياسي وهيئة حكم كاملة الصلاحية، مستبعدة أي دور للأسد في مستقبل سوريا، مشيرة إلى أن الانتصارات التي حققتها فصائل الثورة في دمشق، تشكل رسالة قوية، مضمونها أن المعارضة ترتكز على قدرات حقيقية، تمكنها من فرض شروطها وفقا للقرار 2254.
وقال المتحدث باسم الهيئة العليا منذر ماخوس في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إنه على مدى ثلاثة اجتماعات متتالية في الرياض، اثنين للهيئة العليا وثالث لاجتماع مشترك بين الهيئة العليا والوفد المفاوض إلى جنيف، جرى تقييم كل التحركات والمستجدات على الساحة السورية، وتوصلنا إلى وفاق على رؤية مشتركة سنقدمها في لقاء جنيف، من بينها فشل آستانة وعدم تثبيت وقف إطلاق النار».
وأضاف: «مسألة الانتقال السياسي بالنسبة لنا هي القضية المركزية التي نصرّ أن يبدأ النقاش بها. وهناك إشكالية حول التوازي في الملفات، حيث إننا ما زلنا نصرّ على التراتبية كما وردت في قرار مجلس الأمن 2254؛ إذ تشير الفقرة الأولى المقررة حسب نص القرار إلى وجود 6 شهور يتم فيها تشكيل ما يسمى بهيئة الحكم الانتقالي وهي هيئة كاملة الصلاحية».
وأضاف أن الحوار سيكون حول موضوع مشروع الدستور وليس الدستور نفسه، لأن الدستور لا يمكن إقراره إلا بعد تشكيل جمعية وطنية، وهي إما منتخبة وإما بتوافق كامل بين الطرفين المعنيين: «وعندما تقوم الجمعية الوطنية بإجازة هذا المشروع خلال 18 شهرا، يعرض للاستفتاء العام». لكنه يلفت أنه في الفترة الأولى وبعد إحراز تقدم حقيقي في مسألة الانتقال السياسي وقبل التصويت على الدستور، يحتاج السوريون ما ينظم هذه الفترة، أي إلى قواعد دستورية أو إعلان دستوري، لإدارة المرحلة الانتقالية في الـ18 شهرا الأولى، كما يمكن الاستفادة من دستور 1950 وهو الدستور الديمقراطي الوحيد في تاريخ سوريا، باعتبار أنه كانت هناك موافقة عليه باستفتاء عام من قبل الشعب».
وقال ماخوس: «هذه هي الخيارات المطروحة، ولكن قلب هذه الأولويات غير ممكن، ولا يمكن التفكير في إجراء انتخابات إلا بعد إقرار دستور».
غير أن المحور الرابع وهو الإرهاب، محور إشكالي تماما وفق ماخوس، إذ لم يكن موجودا في الأصل ولكن طرحه المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، بناء على رغبة النظام، ولكن إذا كان لا بد من مناقشته فلا بد كذلك من مناقشة الملف برمته، لأن الإرهاب في الحقيقة هو إرهاب الدولة الذي يقوم به نظام الأسد وحلفاؤه.
وقال: «هناك أكثر من 64 ميليشيا قادمة من إيران والعراق و(حزب الله) وأخرى قادمة من آسيا الوسطى، وهي عبارة عن مرتزقة تدفع لهم إيران رواتب، لصالح المشروع الإيراني في سوريا، هؤلاء هم الإرهابيون بامتياز، والإرهاب يقوم أيضا به النظام عبر استخدامه البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية وغاز الكلور والأسلحة والقنابل الفراغية والعنقودية والارتجاجية بجانب الصواريخ عابرة القارات أو الباليستية».
أما ما يتعلق بإرهاب «داعش» والنصرة، قال ماخوس: «هؤلاء ليسوا جزءا من المعارضة، بل إن هناك صداما معهم من قبل الفصائل المعارضة التي ربما تتعرض لإرهابهم أكثر ما يتعرض له غيرهم». ويتابع: «لسنا واهمين بأن النظام سيحاول تعطيل كل الأمور بتفاصيل جزئية للالتفاف حول الأمور الأساسية بخلق قضايا ثانوية، وهذا بيت القصيد في المعادلة السورية على الأرض».
وعن تقييمه للحراك الدولي الذي سيؤثر على هذه الجولة في ظل الإدارة الأميركية الجديدة، قال ماخوس إن «العنصرين الرئيسيين المفقودين اليوم هما الموقف الأميركي في ظل الإدارة الجديدة التي لم تحدد حتى الآن، مع أن هناك بعض المؤشرات الإيجابية من تصريحات أنه لا دور لبشار الأسد في المرحلة الانتقالية، وأن النظام متوحش». مضيفا أن موقف الإدارة الأميركية من إيران، والنظر إليها أنها تشكل عائقا أمام أي تقدم، كلها عوامل إيجابية حيال الملف السوري.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.