120 ألف جامعي في فلسطين عاطلون... والعدد يتزايد

سوق العمل في قطاع غزة عاجز عن استيعابهم والشركات تبتزهم وتستغلهم

120 ألف جامعي في فلسطين عاطلون... والعدد يتزايد
TT

120 ألف جامعي في فلسطين عاطلون... والعدد يتزايد

120 ألف جامعي في فلسطين عاطلون... والعدد يتزايد

وراء عربة صغيرة، يقف الشاب «أمين إبراهيم»، خريج كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة الأزهر بقطاع غزة، على مفترق جامعته التي تخرج فيها، غرب مدينة غزة، يبيع للطلاب والطالبات المشروبات الساخنة، يتبادل معهم أحاديث مقتضبة، حول مستقبلهم المجهول بعد التخرج، كما هو حاله اليوم.
و«أمين» الذي لم يكن يتوقع أن تمر ثلاث سنوات على تخرجه الجامعي دون أن يجد عملا، اضطر أخيرا، لشراء عربة صغيرة يستطيع من خلالها توفير قوت يومه، ويساعد والده على مشقة ظروف الحياة ومتطلبات أشقائه الصغار، الذين ينتظرهم، بدورهم، مستقبل مجهول أيضا، كما قال لـ«الشرق الأوسط».
ويعتبر أمين نفسه، واحدا من خريجين كثيرين يتعرضون للاستغلال من قبل المؤسسات والشركات المنتشرة في القطاع، للحصول على فترة تدريبية، أو فرصة عمل بعد تخرجهم. وقد قضى، منذ تخرجه، 13 شهرا على فترات زمنية متقطعة، في العمل بنظام التشغيل المؤقت (البطالة)، في مؤسسات عدة خارج تخصصه الدراسي.
ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «في كل شهر بطالة خدمت فيه بمؤسسة، كنت أتلقى حافزا ماليا لا يتعدى الـ200 دولار، مقابل ساعات عمل كانت تصل إلى نحو 9 ساعات في اليوم الواحد». مشيرا إلى أن ظروفه الاقتصادية دفعته للقبول بالعمل، الذي كان يجبره على دفع 50 دولارا مما يتحصل عليه، أجرة للتنقل من منزله الكائن في حي الصفطاوي، شمال مدينة غزة، إلى مناطق متفرقة من وسط وجنوب غربي المدينة، وفقا لمواقع المؤسسات التي كان يخدم بها. ولا يزال بعد أربع سنوات على تخرجه، الذي يعتبره «تاريخيا»، يأمل في الحصول على فرصة عمل يتمكن، من خلالها، من تأمين مستقبل زاهر لنفسه ولعائلته، التي تعاني أوضاعا اقتصادية صعبة جدا، في ظل الظروف السياسية والاقتصادية العامة التي يشهدها قطاع غزة، في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ 11 عاما.
وهكذا دفعه ما وصل إليه من حال، إلى العمل على عربة بيع مشروبات ساخنة، تاركا شهادة التخرج حبيسة جدران غرفته، آملا أن يأتي يوم ويخرجها من أجل عمل يؤمن من خلاله قوت يومه.
يقول أمين: «إن الظروف الصعبة كثيرا ما تدفع بالخريجين والشباب، للبحث عن فرص عمل في أي مجال كان، حتى وإن كان عملا مؤقتا»، مشيرا إلى أن هناك خريجين اضطروا للعمل في ورش لإصلاح السيارات وغسلها، أو مساعدة عمال الإنشاءات وبيع المشروبات الساخنة في الشوارع العامة، من أجل تحصيل القليل من المال.
وتشير إحصائيات حديثة، إلى أن 21 ألف طالب يتخرجون سنويا، من 29 جامعة وكلية تنشط في قطاع غزة، من بينهم نحو 14 ألف خريج بكالوريوس، و6 آلاف ممن يحصلون على دبلوم.
ووفقا للإحصائيات عينها، فإن نحو 48 في المائة من هؤلاء، يحصل على فرصة عمل مؤقت بعد عام على الأقل من تخرجه، ونحو 25 في المائة يحصلون على فرصة عمل جيدة في مجال تخصصهم، بعد تخرجهم بفترة تتراوح بين 6 إلى 8 أشهر.
ويقول عماد طبيش، وهو خريج الإعلام من جامعة الأقصى في غزة منذ 4 سنوات، إن أعدادا كبيرة من الخريجين، يعيشون في قطاع غزة بلا هدف أو مستقبل واضح، بسبب الأوضاع السياسية التي تؤثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي والحياتي للسكان، الذين باتت غالبيتهم لا تستطيع توفير لقمة العيش.
ولفت طبيش، إلى أن طلاب الإعلام، يتعرضون مثل غيرهم من الخريجين، للاستغلال من قبل مراكز ومؤسسات مختلفة، تسعى إلى تحفيز الطلبة والخريجين من خلال الإعلانات التي تُنشر باستمرار، للتوجه إليها لتلقي التدريب.
وأشار عماد إلى أن عددا كبيرا من تلك المراكز، يتبع مؤسسات إعلامية معروفة، تستغل الطلبة والخريجين من مختلف الجامعات، لتدريبهم جزئيا، لفترة قصيرة وسريعة جدا، لا يستفيد منها الطالب أو الخريج، ومن ثم يعتمدون عليهم في إعداد تقارير وقصص صحافية تنشر في صحف ومواقع إلكترونية تابعة للمؤسسات نفسها من دون أدنى مقابل للمتدرب.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مؤسسات تستغل المتدربين والخريجين لساعات طويلة، وسط وعود بتوظيفهم. وبعد مرور أشهر، ومع تراكم أعداد المتدربين الذين تستفيد منهم المؤسسات الإعلامية، في إعداد التقارير، يجري الاستغناء عن السابقين، وتذهب الوعود أدراج الرياح».
ويؤكد طبيش، أن طلابا وطالبات تلقوا وعودا بصرف مبالغ مالية محدودة لهم، مقابل إعداد تلك التقارير، إلا أنهم لم يتلقوا أية أموال. مشيرا إلى أن مؤسسات إعلامية كبيرة كانت متورطة في مثل هذه القضايا.
ويشهد قطاع غزة ارتفاعا كبيرا في معدلات البطالة، خاصةً في أوساط الشباب الذين يعانون كثيرا في محاولاتهم الحصول على فرص عمل ثابتة، حيث تشير الأرقام إلى أن نحو 60 في المائة من الشباب عاطلون عن العمل، بينهم 53 في المائة من الخريجين.
وتسعى المؤسسات الحكومية والأهلية وغيرهما، إلى تشغيل برامج العمل المؤقت لصالح الشباب والخريجين، إلا أنها تبقى في إطار محدود، في ظل الأرقام المخيفة للخريجين من الجامعات والكليات سنويا.
وتحاول حكومة الوفاق الوطني، تطبيق خطة أعدتها العام الماضي، لتوفير 50 ألف فرصة عمل للخريجين العاطلين بدءًا من العام الجاري وحتى ثلاث سنوات مقبلة. حيث تمكنت في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، إلى اليوم، من توفير 4 آلاف فرصة عمل، تحت بند البطالة، لمدة 3 أشهر لكل خريج.
وترى الخريجة أفنان وادي، أن أحد أسباب البطالة في صفوف الخريجين، هو الأعداد الكبيرة من الطلاب الذين يختارون عند دخولهم الجامعة، تخصصات متشابهة، ومنهم من يسعى لأن تكون تلك التخصصات مطلوبة في سوق العمل، ما يزيد من تحملهم لأعباء مثل هذه الاختيارات بعد التخرج، بحكم الأعداد الكبيرة للخريجين.
وتضيف: «تخرجت منذ عامين، وتقدمت لوظائف عدة في مجال التعليم الأساسي، إلا أنني لم أحظ بأي فرصة عمل، بسبب الأعداد الكبيرة التي تقدمت لامتحانات التوظيف في الأونروا ومؤسسات تعليمية أخرى».
وحملت وادي مسؤولية ما آلت إليه ظروف الخريجين والشباب، بشكل عام، إلى السياسيين الذين قالت إنهم «أوصلونا إلى هذه المرحلة من اليأس». مشيرةً إلى أن الانقسام في الساحة الفلسطينية، كان سببا رئيسيا في عدم وجود فرصة عمل جيدة للخريجين، الذين لم يعودوا يشعرون بوجود حكومة تهتم بمشاكلهم واحتياجاتهم.
ودعت وادي المسؤولين الفلسطينيين، وخاصةً حكومة الوفاق، للتطلع إلى مشاكل الخريجين، والعمل من أجل حل أزماتهم، بالاتفاق مع دول الخليج وغيرها لتوظيفهم، حتى وإن كان بنظام الإعارة، ما يقلل من أرقام البطالة المرتفعة، ويفتح آفاقا جيدة لتأمين مستقبل الخريجين.
وأظهرت دراسة خاصة نشرت نهاية العام الماضي، أن سوق العمل في قطاع غزة عاجز عن استيعاب آلاف الخريجين والخريجات سنويا. كما أشارت الدراسة، إلى وجود أكثر من (120) ألف حامل شهادة جامعية دون عمل في فلسطين، وأن العدد يزداد سنويا بمقدار أربعين ألف طالب وطالبة.



الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)

ندّد الأردن، اليوم (الأحد)، بقرار إسرائيل تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، معتبراً أنه «انتهاك فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار»، يهدد «بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع» الفلسطيني.

ونقل بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية عن الناطق باسمها، سفيان القضاة، قوله إن «قرار الحكومة الإسرائيلية يُعد انتهاكاً فاضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يهدد بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع»، مشدداً على «ضرورة أن توقف إسرائيل استخدام التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين والأبرياء من خلال فرض الحصار عليهم، خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك».

من جانبها، عدّت قطر التي ساهمت في جهود الوساطة لإبرام الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، أن تعليق الدولة العبرية إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر هو «انتهاك صارخ» للاتفاق. وندّدت وزارة الخارجية القطرية في بيان بالقرار الإسرائيلي، مؤكدة أنها «تعدّه انتهاكاً صارخاً لاتفاق الهدنة والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة وكافة الشرائع الدينية». وشدّدت على رفض الدوحة «القاطع استخدام الغذاء كسلاح حرب، وتجويع المدنيين»، داعية «المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام ودون عوائق إلى كافة مناطق القطاع».

وسلمت حركة «حماس» 33 رهينة لإسرائيل خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، بينما أطلقت إسرائيل سراح نحو ألفي فلسطيني وانسحبت من بعض المواقع في قطاع غزة. وكان من المقرر أن تشهد المرحلة الثانية بدء مفاوضات الإفراج عن الرهائن المتبقين، وعددهم 59، بالإضافة إلى انسحاب إسرائيل تماماً من القطاع وإنهاء الحرب، بموجب الاتفاق الأصلي الذي تم التوصل إليه في يناير (كانون الثاني). وصمد الاتفاق على مدى الأسابيع الستة الماضية، على الرغم من اتهام كل طرف للآخر بانتهاك الاتفاق. وأدّت الحرب الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني وتشريد كل سكان القطاع تقريباً وتحويل معظمه إلى أنقاض. واندلعت الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بعد هجوم شنّته «حماس» على إسرائيل، أسفر عن مقتل 1200، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.