الأطراف السورية تؤكد حضورها محادثات جنيف

رغم تجدّد القتال شرق دمشق

الناطقة باسم الأمم المتحدة اليساندرا فيلوتشي (أ.ف.ب)
الناطقة باسم الأمم المتحدة اليساندرا فيلوتشي (أ.ف.ب)
TT

الأطراف السورية تؤكد حضورها محادثات جنيف

الناطقة باسم الأمم المتحدة اليساندرا فيلوتشي (أ.ف.ب)
الناطقة باسم الأمم المتحدة اليساندرا فيلوتشي (أ.ف.ب)

أعلنت الأمم المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، أنّ وفدي النظام السوري والمعارضة، أكدا حضورهما مفاوضات السلام المرتقبة في جنيف هذا الأسبوع، على الرغم من تجدد القتال في شرق دمشق.
وقالت الناطقة باسم الأمم المتحدة اليساندرا فيلوتشي للصحافيين «كل المدعوين الذين حضروا الجولات السابقة من المفاوضات في فبراير (شباط) 2017 أكدوا مشاركتهم». وأفادت بأنّ مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا دعا الأطراف السورية المتحاربة إلى الاستعداد لمناقشة قضايا سياسية جوهرية خلال الجولة المقبلة من المحادثات التي ستبدأ يوم الخميس، ومن المتوقع أن تستمر حتى الأول من أبريل (نيسان). وتابعت في بيان قرأته في إفادة صحافية بمقر الأمم المتحدة في جنيف، أنّ المحادثات ستركز على 4 قضايا «بالتوازي»؛ هي أسلوب الحكم والتعديلات الدستورية والانتخابات وإجراءات مكافحة الإرهاب. وأضافت أن دي ميستورا الذي عقد للتو محادثات في الرياض سيجري مشاورات مع مسؤولين في موسكو وأنقرة قبل أن يعود إلى جنيف بعد يوم من بدء المحادثات تحت رعاية نائبه رمزي رمزي.
ميدانياً، قال متحدث باسم المعارضة السورية المسلحة إن مقاتلي المعارضة شنوا هجوماً جديداً على المشارف الشمالية الشرقية لدمشق اليوم، واستعادوا مواقع كانوا قد فقدوها أمام قوات النظام في مطلع الأسبوع، في حين يجري الاستعداد لجولة جديدة من المفاوضات في جنيف الخميس تحت رعاية الأمم المتحدة. وأضاف أن المقاتلين يجتازون الآن تقاطعاً برياً رئيسياً يؤدي إلى قلب المدينة.
وقال وائل علوان، المتحدث باسم جماعة «فيلق الرحمن»؛ وهي الجماعة الرئيسية التي شنت الهجوم في تصريحات لوكالة «رويترز» للأنباء «الساعة 5 صباحاً، بدأنا المرحلة الثانية واستعدنا كل النقاط التي انسحبنا أمس منها».
ولم يصدر تعليق من قوات النظام التي قالت أمس، إنّها استردت كل المناطق التي خسرتها في شمال شرقي دمشق، إثر هجوم مباغت للمعارضة عند المدخل الاستراتيجي المؤدي لقلب العاصمة.
وشنت الفصائل، الأحد، هجوماً انطلاقاً من حي جوبر على حي العباسيين، وهي أقرب نقطة يصلونها من وسط دمشق منذ سنتين. لكن قوات النظام تصدت للهجوم مع تدخل سلاح الجو.
وتصدت قوات النظام مجدداً، اليوم، للهجوم الذي انطلق من حي القابون، شمال شرقي العاصمة، بمشاركة فصائل بينها جبهة فتح الشام، أو جبهة النصرة سابقاً الموالية لتنظيم القاعدة.
وقال مراسل لوكالة لصحافة الفرنسية إنه سمع دوي انفجار قوي نحو الخامسة والنصف صباحاً (3:30 ت. غ) تبعه قصف عنيف لم يتوقف منذ ذلك الحين.
ورجح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن يكون الانفجار ناجماً «عن هجوم بسيارة مفخخة على موقع لقوات النظام بين حي جوبر والقابون».
وأفاد المرصد بأن «المعارك العنيفة تجددت فجر اليوم في محاور المعامل وكراش والكهرباء ومحيط السيرونكس بحي جوبر وأطرافه (...) وتترافق الاشتباكات مع تنفيذ طائرات حربية غارات على محاور القتال، بالإضافة للقصف الصاروخي المتبادل والعنيف بين الطرفين».
وارتفعت سحب من الدخان الأسود فوق المنطقة. وقالت لميس (28 عاماً) التي تعيش في شارع يبعد بضعة كيلومترات عن منطقة القتال «نوافذ البيت والأبواب تهتز مع القصف. أنا خائفة من تقدم المسلحين. آمل أن ينتهي ذلك بسرعة».
وتنهمر الصواريخ المنطلقة من المناطق التي يسيطر عليها المتطرفون والفصائل المقاتلة على أحياء العباسيين والتجارة القريبة من حي جوبر ومن وسط العاصمة.
وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) بأن 12 شخصاً أصيبوا بجروح جراء القصف الصاروخي.
وهدأ القصف مساء الاثنين بعد الهجوم الأول واستمر الهدوء لساعات عدة وفتحت المتاجر أبوابها واستؤنفت حركة السير.
وأوقعت معارك الأحد والاثنين 72 قتيلاً؛ 38 في جانب قوات النظام وحلفائها و34 في جانب الفصائل المسلحة، وفق المرصد السوري.
وتجددت المعارك قبل جولة جديدة من المفاوضات بين ممثلين عن النظام السوري والمعارضة من المقرر أن تبدأ الخميس في جنيف برعاية الأمم المتحدة.
وفشلت كل الجهود الدبلوماسية سواء تلك التي ترعاها الأمم المتحدة أو غيرها للتوصل إلى حل للنزاع الدائر منذ 6 سنوات في سوريا وأوقع أكثر من 320 ألف قتيل وشرد الملايين من سكانها وتسبب بأزمة إنسانية خطيرة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.