السيسي: نسعى لحل شامل يؤدي إلى دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية

قال لعباس إن القضية ستكون محور مباحثاته مع ترمب في أبريل المقبل

الرئيسان المصري والفلسطيني خلال محادثاتهما في قصر الاتحادية في القاهرة أمس  (أ.ف.ب)
الرئيسان المصري والفلسطيني خلال محادثاتهما في قصر الاتحادية في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

السيسي: نسعى لحل شامل يؤدي إلى دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية

الرئيسان المصري والفلسطيني خلال محادثاتهما في قصر الاتحادية في القاهرة أمس  (أ.ف.ب)
الرئيسان المصري والفلسطيني خلال محادثاتهما في قصر الاتحادية في القاهرة أمس (أ.ف.ب)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سعي بلاده الدائم إلى إيجاد حل عادل وسلام دائم وشامل، يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وقال بعد لقائه الرئيس الفلسطيني في القاهرة أمس، إن القضية الفلسطينية ستكون محل بحث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال زيارته المرتقبة لواشنطن بداية أبريل (نيسان) المقبل، تلبية لدعوة ترمب.
وكان السيسي عقد أمس، جلسة مباحثات مع محمود عباس (أبو مازن) في قصر الاتحادية بالقاهرة، تناولت الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والأمنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والأفكار المتداولة بشأن سبل استئناف عملية السلام، في ضوء عضوية مصر الحالية في مجلس الأمن، والاتصالات التي تقوم بها مع الأطراف الإقليمية والدولية؛ بهدف توفير البيئة الداعمة لاستئناف عملية السلام، وتشجيع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على العودة إلى مائدة المفاوضات.
وذكر السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أن السيسي أشار خلال اللقاء، إلى أهمية اضطلاع الإدارة الأميركية بدورها المحوري في رعاية عملية السلام، بما يؤدي إلى استئناف المفاوضات من أجل إنهاء الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية.
وقال المتحدث إن الرئيس السيسي رحب بالرئيس عباس، وأكد له على عمق العلاقات التي تجمع الشعبين المصري والفلسطيني، وشدد على موقف مصر الثابت من القضية الفلسطينية التي تحتفظ بمكانتها على قمة أولويات السياسة المصرية الخارجية، باعتبارها القضية العربية المحورية.
وكانت العلاقات بين مصر والسلطة الفلسطينية قد شهدت بعض التوتر أخيرا، بسبب خلافات حول ملف المصالحة الداخلية في حركة فتح، ورفض الفلسطينيين المشاركة في مسار سلام إقليمي عرضت مصر استضافة قمة بشأنه، وتراجع مصر عن تقديم مشروع لمجلس الأمن بشأن الاستيطان من دون استشارة السلطة، وما أعقبه من ردود فلسطينية أغضبت مصر.
وشدد السيسي أمس، على سعي مصر الدائم إلى إيجاد حل عادل وسلام دائم وشامل يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكدا على أن وحدة الموقف العربي الذي يستند على مبادرة السلام العربية، تمثل عنصرا رئيسيا في التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
من جهته، أعرب الرئيس الفلسطيني عن شكره وتقديره لدعوة الرئيس السيسي، مشيدا بالجهود المصرية الساعية إلى التوصل لحل للقضية الفلسطينية، فضلا عن تحركات مصر على مختلف الأصعدة لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية. وأكد حرصه المستمر على التشاور والتنسيق مع الرئيس السيسي، خاصة في هذا التوقيت وقبيل عقد القمة العربية في المملكة الأردنية، معربا عن أمله في أن تخرج القمة بقرارات تدعم وحدة الصف العربي، وتسهم في توفير حلول عملية للمشاكل التي تعاني منها المنطقة العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وأطلع عباس نظيره السيسي على مجمل الاتصالات الفلسطينية الأخيرة مع الإدارة الأميركية الجديدة، التي جرى خلالها التأكيد على التزام الجانب الفلسطيني بالتوصل إلى حل شامل مع إسرائيل. كما استعرض الرئيسان مجمل الأوضاع في المنطقة، وأكدا على أهمية دعم الجهود التي تبذل للتوصل إلى تسويات سياسية للأزمات القائمة، بما يسهم في عودة الأمن والاستقرار إلى الدول العربية كافة.
وكان أبو مازن قد بدأ زيارته إلى القاهرة أول من أمس، في إطار التشاور والتنسيق المستمر بين الجانبين، لا سيما قبيل انعقاد القمة العربية في الأردن يوم 29 مارس (آذار) الجاري. وضم الوفد الفلسطيني المرافق لعباس، أمين سر اللجنة التنفيذية صائب عريقات، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح رئيس كتلتها البرلمانية عزام الأحمد، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، وسفير فلسطين في القاهرة جمال الشوبكي.
وقالت الخارجية الفلسطينية في بيان لها أمس، إن انعقاد القمة الفلسطينية المصرية في القاهرة شكل ردا ثنائيا مشتركا وصريحا على كل من حاول التشكيك في عمق ومتانة العلاقة التاريخية بين مصر وفلسطين، أو التشويش على التناغم القائم بين الرئيسين السيسي وعباس. وقال البيان، «صدق من قال إن فلسطين قوية بمصر، ومصر تبقى قوية بدعمها لفلسطين».
وأضافت الوزارة أن اللقاء بين الزعيمين جاء في سياق الاهتمام الكبير الذي يوليه القادة العرب لإنجاح القمة العربية في الأردن، وتأكيدا على أن التنسيق المستمر والمعمق على أعلى مستوى بين فلسطين والأردن وبين فلسطين ومصر، يوفر تلك الضمانة لنجاح القمة، ويعزز من مركزية القضية الفلسطينية وأولويتها على المستوى العربي وتحديدا في القمم الرئاسية.
وتابعت: «كما يأتي لقاء اليوم ليؤكد على أهمية الدور المصري في الضغط على الجانب الإسرائيلي لوقف إجراءاته الاحتلالية وخطواته الاستيطانية وسياساته التي تستهدف الإنسان والأرض الفلسطينية والوجود الفلسطيني ككل».
ورأت الخارجية الفلسطينية أن هذه القمة التشاورية تكتسي أهمية كبيرة، كونها تأتي قبيل الزيارة التي سيقوم بها الرئيس السيسي إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب والتدخل لصالح مجموعة من الإجراءات الواجب اتخاذها أو منع اتخاذها، كما هو الحال مع فكرة نقل السفارة الأميركية، أو التصور الأميركي عن كيفية التعامل مع منظومة الاستيطان، أو تسريع التنمية الفلسطينية في الأرض المحتلة خاصة المناطق المصنفة (ج)، أو تمرير القوانين الجديدة العنصرية في الكنيست، أو القرارات الحكومية الإسرائيلية التي تنسف كل الاتفاقيات القائمة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».