«مصر ما زالت مقصداً سياحياً عالمياً مرغوباً فيه»، يمكن لمس هذه الكلمات التي خرجت على لسان وزير السياحة المصري على أرض الواقع خلال الأسابيع القليلة الماضية، بعد أن اجتذبت القاهرة ومدن مصرية أخرى سائحين ومشاهير العالم، في انتعاشة للقطاع السياحي في البلاد، جعلت خبراء محليين يطلقون تأكيدات أن «المارد السياحي المصري سينتفض انتفاضة مدوية».
حالة الانتعاش بلغت عافيتها مع قيام عدد من مشاهير العالم بشد الرحال إلى الأهرامات، لزيارة إحدى عجائب الدنيا السبع، فقائمة المشاهير الذين قصدوا زيارة الأهرامات خلال شهر واحد مضى تضم الكثير من أبرز الأسماء العالمية، في مجالات السياسة والرياضة والفن، ولعل آخرهم كان نجم كرة القدم الأرجنتينية وفريق برشلونة الإسباني ليونيل ميسي، ومن بعده المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ثم نجم هوليوود الأميركي ويل سميث، حيث كانت لقطاتهم في حضرة أهم معالم مصر السياحية لها الصدى الأكبر على الإطلاق.
وبخلاف الأهرامات، جذبت معالم أخرى في مصر نجوما آخرين، لا سيما الأقصر وأسوان (جنوب البلاد)، للتنزه في أحضان الحضارة الفرعونية. فالنجم الهندي أميتاب باتشان حل قبل أيام على مدينة الأقصر، ومن قبله تجولت مواطنته نجمة بوليوود بارنيتي تشوبرا بين المعابد، وشهدت احتفالية تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني في أسوان، وعلى المدينة نفسها قام أمير الدنمارك هنريك، زوج ملكة الدنمارك، بجولات نيلية.
وهي الزيارات التي لم تهتم بها فقط وسائل إعلام مصرية، بل اتسعت لتشمل وسائل الإعلام الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبح نشر صورة عليها وفي خلفيتها هرم خوفو بمثابة تميمة لصاحبها ينال بها إعجاب الآلاف من ناحية، ومن ناحية أخرى تزيد مصر جاذبية.
الانتعاشة السياحية تؤكدها دلائل أخرى، تتمثل فيما شهده شهر يناير (كانون الثاني) الماضي من تحقيق ارتفاع ملحوظ في متوسط الليالي السياحية، وزيادة نسبة الإشغال منذ بداية الموسم الشتوي، وما تشهده مصر من مؤشرات إيجابية بالنسبة لزيادة رحلات الطيران، بحسب الأرقام الصادرة من جهات رسمية.
تأتي الجهود التي تبذل لتوفير مناخ سياحي جيد في البلاد، وجذب المستثمرين إلى القطاع السياحي، وهو ما ترجم مؤخراً من خلال افتتاح «مول مصر»، بإجمالي استثمارات 6.3 مليار جنيه، أي ما يعادل 722 مليون دولار، الذي تتم مفاوضات حالية بين الشركة المالكة له وهيئة تنشيط السياحة المصرية، بهدف السعي لتحويله إلى مقصد سياحي عالمي يجلب عدداً كبيراً من السياح إليه، كونه يضم بين جنباته أول مركز للتزحلق على الجليد في مصر وأفريقيا.
وشاركت مصر مؤخراً في فعاليات معرض بورصة السياحة الدولية «آي تي بي» في العاصمة الألمانية برلين، التي حاول المسؤولون المصريون خلالها التعريف بالمنتج السياحي المصري، وعرض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لتأمين المطارات لضمان سلامة وأمن السائحين، والتأكيد على حالة الاستقرار والأمان والتطور التي تشهدها مصر، مستندين في ذلك إلى زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مؤخراً لمصر.
كل هذه الزيارات والنشاطات، يجدها مسؤولون وخبراء محليون مؤشراً لاستعادة القطاع السياحي نشاطه وعافيته، وبمثابة رسالة طمأنة للعالم أجمع عن أمان المقصد السياحي المصري، عقب أعوام شهدت انحسارا سياحيا حادا نتيجة عدم الاستقرار السياسي في البلاد.
فمن جانبه، يرى وزير السياحة يحيى راشد أن حملات تغيير الصورة الذهنية لمصر نجحت في تحقيق أهدافها، حيث تغيرت الصورة الذهنية فعليا بشكل إيجابي وملحوظ، وهو ما شهدته الكثير من التقارير الإيجابية التي صدرت عن الكثير من وسائل الإعلام الأجنبية والعربية، والتي شهدت بالتطور الكبير في الشارع المصري أمنياً، وبثت رسائل إيجابية تساعد على انتعاش السياحة المصرية.
وكرر راشد توقعاته بانطلاقة قوية للسياحة المصرية في النصف الثاني من العام الحالي، لتشهد السياحة المصرية مرحلة جديدة نحو استعادة معدلاتها التي كانت تحققت في عام 2010، مؤكداً أن الاهتمام الأكبر بزيادة معدلات الإنفاق للسائحين، الذي يشكل الدخل السياحي لمصر.
وخلال تفقده الجناح المصري في بورصة برلين، قبل أيام، أبدى الوزير تفاؤله بالمشاركة هذا العام، مشيراً إلى أن السياحة المصرية في طريقها للتعافي والعودة لأفضل مما كانت عليه، خصوصا بعد استقبال الكثير من المناطق السياحية المصرية وفودا سياحية من بلاد متعددة.
كما أعلن وزير السياحة عن إطلاق مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة والبرامج السياحية الخاصة به، مشيراً إلى أن هذا يدلل على قيام مصر بتطبيق استراتيجية سياحية جديدة تعتمد على تنوع المنتج السياحي المصري والترويج لمناطق جذب سياحية جديدة.
قال الخبير السياحي هشام متولي لـ«الشرق الأوسط»، إن قيام عدد من مشاهير العالم بزيارة الأهرامات مؤخراً يكتسب أهمية خاصة لدى قطاع السياحة في الوقت الراهن، الذي يعاني القطاع فيه من أزمة في حجم الحركة الوافدة للمقاصد السياحية المصرية، لافتا إلى أن هذه الزيارات بمثابة نقطة يمكن أن تنطلق منها حملة علاقات عامة لتحسين صورة مصر كمقصد سياحي، إلى جانب الاستفادة منها في الترويج للسياحة بشكل عام على صفحات التواصل الاجتماعي.
وثمّن الخبير السياحي المُشاركة المصرية في بورصة برلين للسياحة، كونها تحظى بتغطية إعلامية عالمية خاصة داخل أوروبا، بما يعني استثمارها في زيادة عدد الوفود الأوروبية لمصر، وهو ما تعكسه مؤشرات الحجوزات والعقود التي أبرمتها شركات السياحة والفنادق المصرية مع منظمي الرحلات الألمان.
وأشاد بالدعم المستمر من القيادة السياسية في مصر بصناعة السياحة وتنميتها، لما لها من أهمية كبرى في دعم الاقتصاد وتنمية دخل البلاد من العملات الأجنبية.
بدوره، يؤكد مدير عام العلاقات الدولية بوزارة السياحة، عادل الجندي، أن مصر شهدت طفرة خلال الشهرين الماضيين في قطاعات السياحة، تمثلت في توافد السياح الإيطاليين، وزيارة نجم الكرة ميسي، وإطلاقه حملة السياحة العلاجية في مصر، بالإضافة إلى الزيارة الأخيرة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى جانب بدء ما يسمى المصدر السياحي المتخصص وهو السائح عالي الإنفاق، وما تشهده مدينتا الأقصر وأسوان حاليا من نسب إشغال عالية، وأيضا المتحف المصري في وسط القاهرة من إقبال سياحي غير عادي.
وأضاف، خلال مؤتمر عقد قبل أيام بعنوان «السياحة والآثار الفرص والتحديات»، اطّلعت «الشرق الأوسط» على مناقشاته، أن «مصر تخطت مرحلة حظر السفر إليها، وتم الانتهاء من 90 في المائة من الإجراءات الأمنية بين مصر وروسيا، وننتظر قريباً أن تنطلق السياحة بين البلدين».
وأكد المسؤول السياحي أنه في ضوء المتغيرات الجديدة التي يشهدها القطاع، والجهود التي تبذل حالياً من جانب الإدارة السياسية لعودة السياحة مرة أخرى «يمكن القول إننا قد تخطينا جميع المعوقات التي كانت توجه ضد مصر، والمارد السياحي المصري سينتفض انتفاضة مدوية في عدد سنين قليل».
7:57 دقيقة
مصر تستعيد ذاكرتها السياحية
https://aawsat.com/home/article/882506/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%B0%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AD%D9%8A%D8%A9
مصر تستعيد ذاكرتها السياحية
صور مشاهير الفن والرياضة والسياسة تزيد المقاصد الأثرية جاذبية
- القاهرة: محمد عجم
- القاهرة: محمد عجم
مصر تستعيد ذاكرتها السياحية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة