أعلنت القوات الإسرائيلية على الحدود مع سوريا ولبنان، حالة تأهب حذر، في أعقاب قيام روسيا بتوجيه تحذير شديد اللهجة إلى الحكومة الإسرائيلية بخصوص القصف الإسرائيلي الأخير، يوم الجمعة، في الأراضي السورية. وهدد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أمس، بأن يدمر الطيران الإسرائيلي أنظمة الدفاع الجوية السورية في حال أطلق جيش النظام السوري مرة أخرى صواريخ باتجاه طائرات إسرائيلية.
وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، إن قيام وزارة الخارجية الروسية باستدعاء سفير إسرائيل في موسكو، جيري كورن، لم يكن مجرد إجراء دبلوماسي ولا «محادثة توضيح»، بل إن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، اعتبر الهجوم تهديدا لروسيا، حيث إنه استهدف مناطق سورية تتواجد فيها القوات الروسية.
وبناء على ذلك، لوحظت حركة طيران نشطة طيلة يومي أمس وأول من أمس في أجواء إسرائيل في الشمال وحركة غير عادية للقوات الأرضية شملت نقل قوات وزيادة الدوريات وتعزيز المدرعات ونصب بطارية ثانية للقبة الحديدية (الصواريخ المضادة للصواريخ) في هضبة الجولان السورية المحتلة.
وقال ليبرمان في حديث للإذاعة العامة نقلته (وكالة الصحافة الفرنسية): «المرة المقبلة التي يستخدم فيها السوريون أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بهم ضد طائراتنا، سندمرها من دون تردد».
ويأتي تحذير ليبرمان بعد غارة جوية إسرائيلية شنت الجمعة على أسلحة «متطورة» كانت ستنقل إلى «حزب الله» اللبناني، ما دفع جيش النظام السوري إلى إطلاق صاروخ باتجاه الطائرات الإسرائيلية تم اعتراضه. وقال جيش النظام السوري إنه أسقط طائرة إسرائيلية وأصاب أخرى، الأمر الذي نفته الدولة العبرية.
والحادث هو الأكثر خطورة بين الطرفين اللذين لا يزالان رسميا في حالة حرب، منذ بدء النزاع في سوريا في مارس (آذار) العام 2011.
وأضاف ليبرمان «في كل مرة نرصد فيها نقل أسلحة من سوريا باتجاه لبنان، فإننا سنتحرك لوقفها. لن يكون هناك أي تسوية حول هذا الموضوع». وتابع: «على السوريين أن يفهموا أنهم سيتحملون مسؤولية نقل الأسلحة إلى (حزب الله) وطالما سيواصلون السماح بذلك، فإننا سنقوم بما يتعين علينا فعله». وتدارك «أكرر أننا لا نريد التدخل في الحرب الأهلية في سوريا ولا التسبب بمواجهة مع الروس، ولكن أمن إسرائيل يأتي أولا».
ولفتت مصادر سياسية إلى أن استدعاء السفير الإسرائيلي إلى الخارجية الروسية، تم بعد يوم واحد من تسليم أوراق اعتماده للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأن هذه هي المرة الأولى التي تستدعي فيها روسيا السفير الإسرائيلي لمحادثة غاضبة منذ بدء النشاط الروسي في سوريا قبل سنة ونصف السنة. ورغم النشر في وسائل الإعلام الأجنبية، طوال الفترة الماضية، بأن إسرائيل وقفت وراء الهجمات التي استهدفت سوريا، فإن الروس لم يشجبوا أبدا إسرائيل في الماضي، وساد الانطباع بأن هذا ينبع من التنسيق الأمني الجيد بين إسرائيل وروسيا، وأن إسرائيل تحظى بموافقة روسية صامتة على هذا القصف ضد حلفائها على الأرض السورية، إيران و«حزب الله» اللبناني والنظام في دمشق. ولهذا فإن هذا الاستدعاء يعتبر مسألة استثنائية، خاصة أن العلاقات بين البلدين جيدة جدا، وقبل عشرة أيام فقط، اجتمع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع بوتين في الكرملين للمرة الخامسة خلال سنة.
وقد اعتبرت الخطوة الروسية الجديدة ومضمون المحادثة بين نائب وزير الخارجية الروسي والسفير الإسرائيلي، بمثابة «رفع بطاقة صفراء في وجه إسرائيل، وتوجيه رسالة مفادها أن روسيا لا تريد رؤية هذا الشغب الإسرائيلي يؤدي إلى التصعيد في المنطقة ويهدد مصالح روسيا في سوريا».
المعروف أنه وعلى غير العادة، قام جيش النظام السوري بالرد على الهجوم الإسرائيلي يوم الجمعة على مصنع سلاح قرب حلب وقافلة نقل أسلحة. فأطلق صواريخ «سام 5» إلى السماء، بعدما غادرت الطائرات الإسرائيلية أجواء سوريا. فاعتبرت تلك رسالة تحذير من روسيا لإسرائيل. والسبب في ذلك هو أن المنطقة التي قصفت تقع على مقربة شديدة من منطقة تواجد الجيش الروسي في سوريا. وقد سقطت غالبية الصواريخ السورية على الأراضي السورية، لكن أحدها كاد يسقط في منطقة القدس، فقامت إسرائيل بتفجيره في الجو بواسطة صاروخ «حيتس». وقد علق رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، الذي كان رئيسا لأركان الجيش أيضا، على استخدام الحيتس، في هذه الحالة قائلا: «إنه يعني بأننا نغوص في الأرض السورية ونصبح شركاء في الحرب هناك وهذا أمر محظور علينا أن نفعله».
وقال الخبير العسكري، ألكس فيشمان، إن «المنطق الذي وقف، حتى الآن، وراء النشاط العسكري الإسرائيلي على امتداد الحدود، يحدد أنه يجب عمل كل شيء من أجل منع المواجهة العسكرية. وهكذا تبلورت معادلة، عملت إسرائيل، في أحد شقيها، في نهاية الأسبوع، من أجل منع تسلل أسلحة طويلة المدى ودقيقة من سوريا إلى (حزب الله)، وإصابة قواعد وقدرات حماس في القطاع. وفي الشق الثاني من المعادلة ذاتها، عملت إسرائيل بشكل لا يدفع العدو إلى الزاوية ويحتم عليه الرد بشكل يقود إلى مواجهة شاملة. إلا أن إسرائيل تضع بنفسها هذه المعادلة، خلال الأسابيع الأخيرة، في اختبار متطرف. يبدو أن أحدا لدينا لن يشعر بالأسف إذا عاد جدول الأعمال الأمني لاحتلال عناوين الصحف. يمكن الفهم من أحداث نهاية الأسبوع في الشمال بأن إسرائيل تهاجم في سوريا ليس فقط لكي تصد قوافل الأسلحة الإيرانية الموجهة لـ(حزب الله). إسرائيل تظهر وجودها في سوريا، أيضا لكي توضح للروس في الأساس، أنه لن يتم أي اتفاق في سوريا من دون إسرائيل».
وقال مسؤول في المعارضة الإسرائيلية، أمس، إن «السفير الإسرائيلي في موسكو ما كان سيتم استدعاؤه عشية يوم السبت، لو لم يسد القلق والغضب الاستثنائي في الجانب الروسي. ليس من المستبعد أن الروس يشعرون بفارق كبير بين ما سمعوه من نتنياهو، خلال اجتماعاته بالرئيس بوتين، والسلوك الإسرائيلي على الأرض. الأمر لم يعد مجرد عدم فهم عسكري يناقش في اللجنة المشتركة للجيشين الإسرائيلي والروسي، أو بين وزارتي الأمن. الحديث هنا عن أزمة سياسية».
القصف الإسرائيلي الأخير في سوريا يحدث أزمة سياسية مع موسكو
إسرائيل تهدد بتدمير أنظمة الدفاع الجوي السورية إذا تصدت لطائراتها
القصف الإسرائيلي الأخير في سوريا يحدث أزمة سياسية مع موسكو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة