كثيرة هي التطورات الأمنية والسياسية في الساحة الأفغانية وتتسارع الأحداث في هذا البلد رغم مضي أكثر من ستة عشر عاما على رحيل نظام طالبان المتشدد بغزو أميركي رافق حضوره عشرات الآلاف من قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن للقضاء على فلول طالبان الهاربة وباقي الجماعات المتطرفة، حركة طالبان التي استعادت قوتها بعد مرور خمسة عشر عاما من الانهيار. إلى ذلك, نقلت وسائل إعلام محلية أن جولة حنيف أتمر مستشار الرئيس الأفغاني إلى روسيا تكللت بنجاح وأن روسيا ستنظم جولة جديدة من المباحثات شهر أبريل (نيسان) المقبل, تشارك فيها دول تسعى إلى حل الملف الأفغاني عبر حوار مرتقب وشامل وبشكل مباشر بين كابل وطالبان على أن تكون هذه المباحثات برغبة وقيادة أفغانية.
وفي الوقت ذاته, تسعى طالبان, الآن أكثر من أي وقت آخر لإظهار أنها لا تزال موجودة على الساحة وقادرة على السيطرة على مساحة من الأرض كما أنها ترسل رسائل إلى كل الاتجاهات خصوصا إلى مقاتلي الحركة بأنه لا يزال بمقدورها توجيه ضربات قوية للحكومة الأفغانية وإلحاق الضرر بمؤسساتها الأمنية, متى ما أرادت.
من هنا تأتي هجمات طالبان الخاطفة في أكثر من منطقة بالشرق والجنوب المتوترتين لأكثر من عشر سنوات. وتخوض القوات الأفغانية هي الأخرى حربا, على جبهتين: جبهة الدفاع عن مقراتها الأمنية المنتشرة في عموم البلاد وجبهة الهجوم والتمشيط التي أعلنها الجيش الوطني الأفغاني ضد مواقع تمركز طالبان ومقاتلي تنظيم داعش في عدد من المحافظات والبلدات غالبيتها بالشرق والوسط الأفغاني، ففي بلدة هسكه مينه التابعة لولاية ننجرهار شرقي البلاد التي تحولت منذ عام ألفين وأربعة عشر بعض البلدات فيها إلى مراكز لمقاتلي تنظيم داعش (ولاية خراسان) التي جعلت منها مراكز التدريب والإيواء للمقاتلين الجدد الذين ينضمون ويعلنون الولاء والبيعة للتنظيم في أفغانستان وحتى باكستان، اعتقلت القوات الأمنية أول من أمس مسؤول المخابرات في التنظيم المدعو (تاج جل) وذلك بعد عملية أمنية واسعة شاركت فيها طائرات «درون» أميركية, وعلى الأرض جنوب أفغانستان, أعلن الجيش الوطني الأفغاني في بيان أنه اعتقل مسؤول المخابرات بعد تلقيه معلومات عن مكان وجوده وبعد مقتل 13 من مقاتلي التنظيم الذين سقطوا حسب المعلومات في قصف لطائرات مسيرة لقوات التحالف الدولي ضمن (عملية الدعم الحازم). كما أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية في بيان لها أن أكثر من ثمانين من مسلحي طالبان, قتلوا في عدة محافظات خلال اليومين الماضيين وذلك في سلسلة عمليات عسكرية يشنها الجيش الوطني في أكثر من عشر محافظات.
وفي ولاية فارياب الواقعة في أقصى الشمال قتل أربعة أشخاص بينهم نجل قيادي يتبع الجنرال الأوزبكي عبد الرشيد دوستم الذي يتولى منصب نائب الرئيس الأفغاني في حكومة الوحدة الوطنية وذلك في اشتباكات مسلحة اندلعت بين ميليشيات تتبع نائب الرئيس (دوستم) وقيادي آخر ينتمي لحزب الجمعية الإسلامية الذي يتزعمه وزير الخارجية في الحكومة (صلاح الدين رباني) وأصيب في الاشتباك أكثر من أربعة عشر آخرين وتوقفت الاشتباكات بعد ساعات وقالت كابل بأنها سترسل وفدا للوقوف على أسباب الاشتباك واعتقال المتسببين له، هذا، وسبق أن اندلعت اشتباكات بين قياديين ينتمون لحزب الجمعية الإسلامية والحركة الإسلامية القومية بقيادة (دوستم) في أكثر من ولاية بالشمال الأفغاني وهو تحد آخر تواجهه الحكومة في كابل إلى جانب تحدي طالبان وتنظيم داعش.
وكانت روسيا سبق إن عقدت مؤتمرا شاركت فيه كل من أفغانستان وباكستان وإيران والصين فضلا عن روسيا وذلك في شهر فبراير (شباط) الماضي واستبعدت موسكو أميركا ودولا غربية سعت فيها إلى شرح وجهة نظر روسية لحل المعضلة الأفغانية عبر سبل الحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات بين المتخاصمين.
من جهته, يقول مسؤول أفغاني مقرب من مكتب حنيف أتمر مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي بأن موسكو ستدعو إلى عقد مؤتمر موسع لحل الأزمة الأفغانية ولم يستبعد أتمر, نفسه في حوار مع وسائل إعلام روسية بأن يتم الدعوة لممثلي طالبان للجلوس وجها لوجه مع كابل في هذا المؤتمر الذي من المقرر أن ينعقد في شهر أبريل المقبل. وأنه سيتم نقل الدعوة إلى الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الغربية إضافة إلى دول الاتحاد السوفياتي السابق والمجاورة لأفغانستان, وفضلا عن دول مؤثرة أخرى في المنطقة أمثال الصين وباكستان وإيران وممثلين أمميين ودول ذات الصلة وذلك بهدف بحث إحلال الأمن والسلام في أفغانستان، حيث دخلت الحرب فيها إلى نفق مظلم ويعتقد كافة الأطراف فيها بأنه لا حل عسكريا للمشكلة في هذا البلد.
اعتقال مسؤول «داعشي» كبير في شرق أفغانستان
موسكو تتطلع إلى دور جديد في مباحثات السلام المباشرة بين كابل وطالبان
اعتقال مسؤول «داعشي» كبير في شرق أفغانستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة