الحكم السعودي ضحية «الأندية الكبيرة»

خبراء عرب استغربوا رضوخ اتحاد الكرة لمطالب إبعاده عن «المنافسات الحاسمة»

هل تسببت أخطاء الحكم السعودي في إبعاده عن المشهد التنافسي المحلي؟ (تصوير: سعد العنزي) - الحكم الأجنبي لم يسلم من الأخطاء الكارثية في الملاعب السعودية (تصوير: محمد المانع)
هل تسببت أخطاء الحكم السعودي في إبعاده عن المشهد التنافسي المحلي؟ (تصوير: سعد العنزي) - الحكم الأجنبي لم يسلم من الأخطاء الكارثية في الملاعب السعودية (تصوير: محمد المانع)
TT

الحكم السعودي ضحية «الأندية الكبيرة»

هل تسببت أخطاء الحكم السعودي في إبعاده عن المشهد التنافسي المحلي؟ (تصوير: سعد العنزي) - الحكم الأجنبي لم يسلم من الأخطاء الكارثية في الملاعب السعودية (تصوير: محمد المانع)
هل تسببت أخطاء الحكم السعودي في إبعاده عن المشهد التنافسي المحلي؟ (تصوير: سعد العنزي) - الحكم الأجنبي لم يسلم من الأخطاء الكارثية في الملاعب السعودية (تصوير: محمد المانع)

انتقد مسؤولون وخبراء تحكيم سعوديون وآسيويون ما سموه رضوخ الاتحاد السعودي لكرة القدم لمطالب الأندية لا سيما الكبيرة، وذلك بموافقته على رفع عدد أطقم الحكام الأجانب إلى 8 أطقم لكل نادٍ في الموسم الواحد، مما يقلل فرص حضور الحكم السعودي في المباريات المهمة والجماهيرية والحاسمة، ويخفض مستوى طموحاته بشكل إجباري ويجعله الخيار الأخير لدى مسؤولي الأندية المحلية.
يأتي ذلك النقد قبل بدء الجولات الحاسمة من الدوري السعودي للمحترفين، حيث تبقت 5 جولات سيتحدد من خلالها بطل الدوري وترتيب الفرق الأربعة الأولى التي انحصرت بين ما يعرف بالأربعة الكبار، كما سيتحدد الهابطون إلى دوري الدرجة الأولى، والفريق الذي سيخوض ملحق البقاء مع ثالث الترتيب بدوري الأولى.
ووصف المسؤولون والخبراء الخطوة التي قام بها الاتحاد السعودي فور انتخابه بأنها ستؤثر بكل تأكيد على عنصر مهم في رفعة الكرة السعودية في المحافل القارية والدولية، وأن ذلك يمثل بادرة سلبية تجاه التحكيم الذي يمثل أحد الأضلاع الرئيسية في المقاييس التي تتعلق بتطور كرة القدم في الدول، بكون أن وجود دوري قوي ينتج منتخباً قوياً وحكاماً أكفاء ويجذب الكثير من الإيجابيات، وأن الاستعانة بالأجانب تمثل جانبا سلبيا كبيرا لا يمكن التقليل من آثاره السلبية على المدى القريب وحتى البعيد.
وقال الحكم الإماراتي والمراقب التحكيمي الدولي علي بوجسيم إن إبعاد الحكام السعوديين عن المباريات القوية والحاسمة في المنافسات المحلية له آثار سلبية كبيرة، خصوصا أن الحكم يمثل ضلعا أساسيا في المنظومة الكروية لأي دولة في العالم؛ ولذا كان من الأجدى أن يتم دعم الحكم المحلي وتطويره وزرع الثقة فيه، بدلا من زيادة إحباطه من خلال القرارات التي اتخذت من قبل الاتحاد الجديد، والقيام برفع عدد الأطقم الأجنبية المسموح بها لكل ناد إلى 8 طواقم تحكيمية.
وقال بوجسيم في حديث خص به «الشرق الأوسط» إن المشكلة في المنافسات الكروية السعودية أن الحكم بات شماعة للإخفاقات وهو ليس جديدا، مشيراً إلى أن النية المبيتة لدى البعض هي أنه «للأسف أن الحكم المحلي يتعمد الأخطاء لصالح بعض الأندية ضد أندية أخرى، وهذه القناعة - للأسف - أساس المشكلة، وهناك بصراحة إعلام يدعمها».
وأضاف بوجسيم: «هناك قناعات يرسخها الإعلام من حيث الإشارة إلى أن الحكم أخطأ ضد فريقه المفضل أكثر من أخطائه ضد الفريق المنافس، ولا يرى الإعلام أن هناك فرصا سانحة للتسجيل أضاعها المهاجم مثلا، أو كرة سهلة دخلت المرمى بخطأ من الحارس أو المدافع أو غيرها، كما لا يتتبع الأخطاء الإدارية، ويكون التركيز على الأخطاء على التحكيم المحلي، حتى إن هناك أخطاء كثيرة للطواقم الأجنبية التي تحضر للسعودية ولكن يتم تجاوزها بقصد أو من دون قصد، وكل هذا هدفه الإساءة والتقليل من الحكم المحلي، وهذا شيء سلبي على مستقبل الكرة السعودية بكل تأكيد».
وأشار المراقب التحكيمي الدولي إلى أنه صدم من قرار الاتحاد السعودي بعدم تعيين المحاضر الدولي وعضو لجنة الحكام بالاتحاد الآسيوي علي الطريفي لقيادة دائرة التحكيم بالسعودية، رغم كفاءة هذا الرجل وكونه من أبرز الأسماء الذين تتم الاستعانة بهم في الاتحاد الدولي لتطوير الحكام على مستوى العالم، ورغم الاتفاق معه أيضاً على كل التفاصيل والقيام بخطوة التعاقد مع حكم إنجليزي لم يعتزل بعد؛ وهذا يعني أن الاتحاد السعودي رضخ كلياً للضغوط، وبات يثق في الأجانب الأقل كفاءة وتاريخا من أبناء البلد، وهذا أمر يستحق الوقوف عنده.
وبيّن بوجسيم أن الاتحاد الإماراتي منح الكفاءات الوطنية مناصب عالية وإن لم يكونوا متفرغين، ودافع عنهم بقوة ضد كل من يهاجمهم؛ لإيمانه بأن التحكيم الوطني جزء لا يتجزأ من المنظومة الكروية الناجحة.
من جانبه قال البحريني عبد الرحمن الدلوار، عضو لجنة الحكام بالاتحاد الآسيوي والمحاضر والمراقب القاري، إن الاتحاد السعودي أخفق في أول تحدٍ له وهو دعم التحكيم المحلي، حيث قام بقرار صادم وهو نزع الثقة عن التحكيم السعودي.
وقال عضو اللجنة التحكيمية الآسيوية لـ«الشرق الأوسط»: «هناك جولات حاسمة في الدوري السعودي، وكان من المهم أن نرى حكاماً سعوديين في كثير من المباريات حتى يتطور الأداء، ويكون هناك دفاع من قبل الاتحاد السعودي عن التحكيم، لكن مع رفع عدد الأطقم التحكيمية المسموح بها لا يبدو أن الحكم السعودي سيكون حاضراً، وسيكون دوره دور المتفرج، وهذا شيء مزعج لنا بكل تأكيد في الاتحاد الآسيوي، لكون هناك حكام سعوديين أكفاء نزعت الثقة منهم بشكل إجباري على المستوى المحلي فيما تنتظرهم استحقاقات كبيرة على المستوين القاري وحتى الدولي».
وأوضح الدلوار أن الحكم فهد المرداسي بات مرشحاً بقوة للوجود في مونديال روسيا 2018، وهناك عدد من الحكام السعوديين تنتظرهم مناسبات كبيرة على المستويين القاري والدولي، ولكن ما قام به الاتحاد السعودي وبدعم من الإعلام للأسف من خلال الرضوخ للأهواء والميول والشماعات التي يتخذها مسؤولو الأندية لتغطية الإخفاقات يشير إلى أن التحكيم السعودي سيعيش فترات سيئة بالداخل في العهد الجديد لاتحاد الكرة، مع نزع الثقة بشكل كبير منه».
وأشار عضو لجنة الحكام بالاتحاد الآسيوي إلى أنه يتابع بشكل شبه دائم منافسات الدوري السعودي والبطولات الأخرى، ويلاحظ الكثير من الأخطاء التحكيمية التي يرتكبها الأجانب ويعتبر الكثير منها مؤثراً، لكن يتم تجاهلها. وفي المقابل يتم تضخيم أخطاء التحكيم المحلي والتشكيك بقدراته دون أي مبرر، وهذا أمر مزعج جداً.
وبين عبد الرحمن الدلوار أن الكرة السعودية في عز توهجها أنجبت الكثير من الحكام المميزين، مثل: عبد الرحمن الزيد وخليل جلال وعلي الطريفي ومحمد فودة وغيرهم، حيث كانت الثقة موجود ويتم تعزيزها من أعلى سلطة رياضية؛ لإيمانها بأن نجاح الكرة يعتمد على تكامل أضلاعها وليس «بكسر» ضلع التحكيم من خلال إضعاف دوره في الساحة الرياضية. وأوضح الدلوار أن الأندية لديها أخطاء في التعاقدات مع المدربين واللاعبين والتعامل مع لاعبيها وإهدارها المال وغير ذلك، ولا تجد شماعة سوى التحكيم، متمنياً أن يعود الاتحاد السعودي عن قراره بشأن رفع العدد المسموح به من الطواقم التحكيمية، ويمنح الفرصة بشكل أكبر للحكام المحليين في الجولات الحاسمة من بطولة الدوري لهذا الموسم.
بدوره اكتفى عضو لجنة التحكيم بالاتحاد الآسيوي والمحاضر الدولي علي الطريفي بالقول: «هم يريدون الخواجات... نهنئهم على ذلك»؛ وذلك في إشارة إلى القرارات الأخيرة للاتحاد السعودي لكرة القدم برفع عدد الطواقم الأجنبية، وكذلك التعاقد مع البريطاني مارك كلاتينبيرغ رئيساً لدائرة التحكيم بالاتحاد السعودي خلفاً لمواطنه هاورد ويب، حيث كان الطريفي نفسه مرشحاً بقوة لهذا المنصب.
وأخيراً أبدى أحمد الوادعي الحكم الدولي السابق الذي رشح نفسه في الانتخابات الأخيرة لمنصب نائب الرئيس في الاتحاد السعودي لكرة القدم تشاؤماً كبيراً من مستقبل التحكيم السعودي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «‏‫لن يتطور التحكيم مع هذا الاتحاد الذي هدفه إرضاء الأندية وليس تطوير الحكم السعودي، ومع الأسف أول قرار له زيادة عدد الحكام الأجانب إلى 8 أطقم حكام، والمصيبة الكبرى عندما تم تكليف مارك برئاسة دائرة التحكيم وهو لا يزال حكماً عاملاً».
وأضاف: «التعاقد مع مارك على أن يدير 4 مباريات في الشهر!... ماذا بقي للحكم السعودي؟!».
وتابع: «أيضاً من يقيّم مارك عندما يقود المباريات؟!... ومن يصحح أخطاءه؟!».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».