تركيا تفتتح قاعدتها العسكرية الثانية في الصومال بعد قاعدتها في قطر

أهداف استراتيجية وسياسية واقتصادية وراء الانتشار العسكري بالخارج

تركيا تفتتح قاعدتها العسكرية الثانية في الصومال بعد قاعدتها في قطر
TT

تركيا تفتتح قاعدتها العسكرية الثانية في الصومال بعد قاعدتها في قطر

تركيا تفتتح قاعدتها العسكرية الثانية في الصومال بعد قاعدتها في قطر

تفتتح القوات المسلحة التركية أكبر قاعدة عسكرية لها خارج حدودها في خليج عدن قبالة السواحل الصومالية خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل، بحضور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس هيئة الأركان خلوصي أكار، بهدف تدريب عناصر من الجيش الصومالي للمساهمة في مكافحة الإرهاب. وشرعت تركيا في شهر مارس (آذار) 2015 في بناء القاعدة العسكرية على مساحة 400 دونم بتكلفة وصلت إلى 50 مليون دولار، وسترسل تركيا نحو 200 مدرب من الجيش التركي لتدريب أكثر من 10 آلاف و500 جندي صومالي رشحتهم الأمم المتحدة. وقام وزير الدفاع الصومالي عبد القادر علي ديني برفقة وفد عسكري صومالي بجولة تفقدية للقاعدة العسكرية في 16 مارس الحالي تمهيداً لافتتاحها.
وبحسب مصادر تركية، فإن من أسباب إقامة القاعدة العسكرية في الصومال الانفتاح في مجال الصناعات الدفاعية على خارج البلاد، حيث تبحث تركيا عن أسواق جديدة لبيع الأسلحة التي تقوم بإنتاجها في البلاد، وتعزيز وجودها في الشرق الأوسط وأفريقيا، بعد أن سبق وافتتحت قاعدة في قطر العام قبل الماضي.
وكانت تركيا أنشأت قاعدة عسكرية في قطر بدأت العمل في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 بموجب الاتفاقية العسكرية بين البلدين الموقعة في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2014، وتنص على تشكيل آلية من أجل تعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات التدريب العسكري، والصناعة الدفاعية، والمناورات العسكرية المشتركة، وتمركز القوات المتبادل بين الجانبين. وتتميز القاعدة العسكرية التركية في الصومال بموقع استراتيجي؛ كونها تطل على خليج عدن وتمنح تركيا مميزات كبيرة في هذه المنطقة الهامة، إلى جانب أهمية القاعدة العسكرية في قطر التي تطل على الخليج العربي.
وركزت تركيا على الاهتمام بالشأن الصومالي عبر تبنيها حلولاً للأزمة السياسية والإنسانية في البلاد وتعهدها بتنفيذ المشاريع الخيرية والتنموية والاستثمارية؛ بدءاً من استضافة تركيا لمؤتمر الصومال الذي وضع خارطة طريق لتسوية الأزمة السياسية في البلاد، إلى الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى مقديشو في أغسطس (آب) 2011 أثناء توليه منصب رئيس وزراء تركيا، وتم خلالها افتتاح السفارة التركية في مقديشو وتعيين سفير تركي هناك، كما دشنت الخطوط التركية رحلتين من إسطنبول إلى مقديشو في مارس 2013، ثم زار إردوغان الصومال مرة أخرى في يناير (كانون الثاني) 2015 بعد توليه رئاسة الجمهورية.
وأرجعت مصادر دبلوماسية تركية الاهتمام التركي بالوجود في الصومال إلى كثير من الأسباب، أهمها إلى جانب الروابط التاريخية والدينية، معادلة النفوذ الإيراني الذي ظهر في الصومال، حيث تعد بالنسبة لها إحدى النقاط الاستراتيجية التي سعت للسيطرة عليها من خلال نشر المؤسسات الخيرية ومراكز تعليم الحرف والمهن اليدوية ودعم حركة الشباب الصومالية ضد الحكومة الفيدرالية وحلفائها. وأضافت أن الاهتمام التركي بالصومال يرجع كذلك إلى إدراك أهميته الاستراتيجية بسبب موقعه الجغرافي وباعتباره ممراً مهماً للطاقة في العالم، إضافة إلى الحجم الهائل للثروات التي يمتلكها الصومال وخصوصاً النفط، وكونه بوابة للدخول إلى القارة الأفريقية. وبحسب محللين، فإن هناك تحديات عدة تواجه تركيا نحو الصومال، أهمها أنها ليست اللاعب الدولي الوحيد في أفريقيا، فحالة التنافس والاستقطاب الإقليمي والدولي على القارة الأفريقية ومواردها مستمرة، لافتين إلى ظهور محاولات من بريطانيا لتحجيم النفوذ التركي في الصومال بعدما نظمت مؤتمرين دوليين حول الصومال في فبراير (شباط) 2012 ومايو (أيار) 2013 لتذكير تركيا بأن مصالح بريطانيا في القرن الأفريقي دائمة. ومن وجهة نظر هؤلاء المحللين أيضاً أن عدم الاستقرار في الصومال يعد أيضاً تحدياً مهماً لمن يريد الوجود هناك، فتدهور الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار والحرب الدائمة بين المقاطعات يحد من حركة القوى المتداخلة في الصومال ويشكل قيداً على تركيا هناك.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.