تغييرات {حماس}... تكتيكية أم استراتيجية؟

الحركة نحو عهد سياسي مختلف في محاولة للخروج من عنق الزجاجة

تغييرات {حماس}... تكتيكية أم استراتيجية؟
TT

تغييرات {حماس}... تكتيكية أم استراتيجية؟

تغييرات {حماس}... تكتيكية أم استراتيجية؟

تقترب حركة حماس الإسلامية الفلسطينية من إنهاء انتخابات طويلة نسبية يفترض أن تأتي في بداية أبريل (نيسان) المقبل بقيادة جديدة للحركة، إيذاناً ببداية مرحلة جديدة. والمرتقب أن تضع الحركة خلال هذه المرحلة أيضاً وثيقة سياسية جديدة وتحاول فتح آفاق جديدة مع الداخل الفلسطيني والمحيط العربي والإقليمي والعالم كذلك. وبعد 29 سنة على انطلاق الحركة التي بدأت صغيرة للغاية وباتت الآن تحكم قطاع غزة، تجد حماس نفسها أمام سلسلة أزمات فرضت عليها تغييرا شاملا، يبدأ في مواقع القيادة ولا ينتهي بوضع وثيقة جديدة قد تعد بديلا لميثاق الحركة القديم.
تريد حركة حماس الفلسطينية أن تبدأ عهدا سياسيا جديدا لتجاوز التحديات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، التي بدأت تمس بالحركة منذ خروج قيادتها من العاصمة السورية دمشق عام 2011، وما تلاه من وقف إيران دعمها المادي للحركة، ثم الضربة القوية التي تلقتها بسقوط نظام الإخوان المسلمين في مصر، وما تلاه من ثمن كان على الحركة أن تدفعه.
ليس سراً أن حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ يونيو (حزيران) 2007، دخلت خلال السنوات القليلة الماضية في متاهات سياسية واقتصادية وميدانية حتى باتت في عنق زجاجة، فهي محاصرة دولياً وعربياً، ومفتقدة حلفاءها السابقين من دون مصالحة داخلية، ومتحملة عبء القطاع المحاصر المدمر المليء بالكوارث والأزمات والاحتياجات. كل هذه الحقائق دفعتها لإطلاق مراجعات عميقة على أعتاب تحولات سياسية مهمة.

وثيقة جديدة
لعل أحد أهم التغيرات المقبلة عليها حماس، إلى جانب تغيير رئيس مكتبها السياسي، إصدار وثيقة سياسية ستحمل أفكارا جديدة للحركة وستكون تعديلاً لميثاق الحركة الأساسي الذي كانت قد أصدرته إبان انطلاقتها عام 1987. ولقد انتهت حماس مؤخراً من مشاورات داخلية مكثفة أجرتها لعدة أشهر بحضور أبرز قياداتها في العاصمة القطرية الدوحة وكتبت الوثيقة بنسخة شبه نهائية.
وتقول مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة «مقبلة على تغيير كبير في سياساتها العامة، وخاصة علاقاتها مع بعض الأطراف في المنطقة والإقليم، وعلى الانفتاح أكثر في العلاقة مع دول أوروبية بعد إعلان وثيقتها السياسية الجديدة التي سترسل منها نسخاً لجهات عربية ودولية؛ وذلك في محاولة منها لتوضيح مواقفها من القضية الفلسطينية في ظل المتغيرات الحاصلة خلال السنوات الأخيرة، والكلام عن وجود مبادرات لاستئناف عملية المفاوضات والسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وكيفية تعاملها مع كل ذلك».
وبحسب المصادر، فإن حماس ستبدي موافقة على إنشاء دولة فلسطينية بحدود 1967 من دون الاعتراف بإسرائيل ولكن مع تأكيد حق عودة اللاجئين. وهذا تغيّر وتحوّل جذري في موقف الحركة التي كانت ترفض مثل هذا الاقتراح وتؤكد تمسكها بإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على كل الأراضي المحتلة من الناقورة (بجنوب لبنان) وحتى رفح (على حدود مصر)، كما ينص على ذلك ميثاقها السياسي.
أيضاً، تقول المصادر إن الوثيقة ستشمل عدة قضايا مرتبطة بعلاقات حماس مع دول المنطقة والإقليم، و«موقفها الثابت في رفض الزجّ بها في المتغيرات بالمنطقة، والتأكيد أنها ليست جزءًا من معركة أي تحالفات». وكان خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، قد أعلن في منتصف فبراير (شباط) من الشهر الماضي، أن حركته تعكف على إعلان وثيقة تحمل فكر حماس وموروثها السياسي، وفق وصفه.
القيادي في الحركة إسماعيل رضوان كان قد نفى خلال تصريحات سابقة أن تكون هذه «الوثيقة» بديلاً عن ميثاق الحركة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنها «ستحمل الفكر السياسي للحركة بما يتماشي مع متطلبات الوضع الجديد في المنطقة». وأكد رضوان أن حماس «لن تتخلى في أي وثيقة عن ثوابتها الوطنية المتمثلة في أن فلسطين كل فلسطين هي للشعب الفلسطيني، إضافة إلى رفض اعترافها بإسرائيل، وبقاء القدس عاصمة للشعب الفلسطيني».
في هذه الأثناء، يرى المحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل «أن ما ستعلن حماس عنه في وثيقتها المنتظرة مهم جداً، خاصة، في ظل تحول نظرتها السياسية بالقبول بدولة فلسطينية على حدود 1967 من دون الاعتراف بإسرائيل. وهذا نهج يناقض نهج منظمة التحرير التي اعترفت بإسرائيل كيانا موجودا، ورغم ذلك لم تصل إلى نتائج واضحة بعد عشرات السنوات من المفاوضات». ويلفت عوكل إلى أن موقف حماس من الدولة الفلسطينية «لم يكن جديداً ولكنه سيصبح رسمياً، كموقف بعض الفصائل، من خلال وثيقة رسمية على عكس ما كان يدلي به بعض قيادات الحركة ومنهم الشيخ أحمد ياسين قبيل اغتياله بقبول حماس في إقامة دولة على حدود 67 دون الاعتراف بإسرائيل؛ وهو ما يزيل أي شك أو ضبابية حول موقف الحركة إزاء هذه القضية في ظل محاولات بعض الأطراف الدولية التشكيك في هذا الموقف الذي ينتظر أن يصبح ضمن موقف ووثيقة واضحة لحماس، التي ستتقرب بذا أكثر من البرنامج الوطني العام الذي تجمع عليه الأغلبية».
ويوضح عوكل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «حماس ستخرج بهذه الوثيقة على المجتمع الإقليمي والدولي ببرنامج جديد جوهره القوة والسياسة بعد فشل المفاوضات في تحقيق شيء. وسيكون ذلك مقبولاً من قبل مصر والمجموعة العربية. وعلى الرغم من تخوف بعض تلك الدول من أن حماس ما زالت تعتبر جزءًا من جماعة الإخوان المسلمين، فإن مثل هذا البرنامج سيقربها أكثر من الدول العربية».

مصر أحد الأهداف المهمة
ولقد اجتهدت حماس في الآونة الأخيرة لتحسين علاقاتها مع النظام المصري، الذي طالما اتهمته الحركة بتشديد الخناق على قطاع غزة بوصفه جزءا من الحصار الذي تفرضه إسرائيل؛ إذ إن حراكاً سياسياً شهدته القاهرة مؤخراً كشف عن تطور في العلاقات بين الجانبين، وإن كان بشكل محدود، وفي مقام أمني أكثر منه سياسي. وراهناً، تسعى حماس بكل قوة لعلاقات كاملة مع مصر، التي كانت الحركة قد عادت نظامها الجديد كرما لعيون النظام السابق الإخواني، وبات عليها الآن التنصل من الإخوان إرضاء للحكم المصري الجديد، إضافة إلى «دفع الثمن».
وحسب المعلومات، توصل وفد أمني من حماس، ترأسه نائب قائد كتائب القسام في قطاع غزة مروان عيسى - الذي تمكن من الظفر مجددا بعضوية المكتب السياسي ممثلا عن الجناح العسكري للحركة - إلى تفاهمات أمنية طويلة مع الجانب المصري. وتشكل هذه التفاهمات محاربة الراديكاليين الذين يناصرون «داعش»، وضبط الحدود لمنع تسلل أي مسلحين، وغيرها من التفاهمات الآتية في إطار تطلع مصر للانفتاح مجددا على حماس والفصائل في قطاع غزة، وخاصة بعد تدهور العلاقات مع السلطة الفلسطينية. وكان موسى أبو مرزوق، القيادي البارز في حماس، قد ذكر في تصريحات متلفزة من القاهرة في أعقاب زيارته الأخيرة لمصر منذ نحو شهرين أن العلاقات الثنائية «باتت على ما يرام وأفضل من السابق». معتبرا أن هذه العلاقة «ضرورة وطنية» وأن حركته حريصة على أمن مصر.
وعلى هذا يعلق عوكل قائلا إن «حماس بكل مؤسساتها وتوجهاتها - بما فيها المستوى العسكري - معنية بتطوير العلاقة مع مصر». ويشير إلى أن وجود إسماعيل هنية في قيادة حماس - كما هو مرجح بشكل كبير - سيكون له نتائج واضحة في حدوث تغيرات بطيئة في العلاقات مع الدول العربية، وبخاصة، أنه من الشخصيات المعروف عنها بأنها «معتدلة» وحريصة على مثل هذه العلاقات.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطاالله مع زميله عوكل، فيقول: إن هنية سيساهم بشكل أكبر في إحداث تقارب جديد مع مصر «باعتبار أن الرجل أكثر مرونة من غيره في التعاطي مع ملف العلاقات مع الأطراف المختلفة». ويشير عطاالله في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى أن مصر «تفضل أن يكون رئيس المكتب السياسي لحماس من غزة»، مبينا أن وجود مثل هذه الشخصية «سيساهم في فتح آفاق جديدة للحركة بعلاقاتها مع أطراف المنطقة، لا سيما، وأن كثيرين يفضلون الشخصية المعتدلة القادرة على فهم متطلبات المرحلة الجديدة على مستوى الإقليم». هذا، وترجح مصادر من حركة حماس أن يتوّج إسماعيل هنية بزعامة المكتب السياسي للحركة قريباً، بدعم من قيادات في الداخل والخارج، حتى من المستوى العسكري الذي سيطر على الانتخابات في قطاع غزة وحقق ممثلوه وجودا كبيرا في مقدمتهم الأسير المحرر يحيى السنوار المثير للجدل في شخصيته العميقة. وكان السنوار قد أمضى عشرات السنوات في السجون الإسرائيلية قبل أن يحرّر في «صفقة شاليط» عام 2011، ويغدو من ثم أحد رموز حماس المشاركين بقوة في القرارات الحاسمة داخل الحركة. وترى المصادر أن هنية بات صاحب الحظ الأوفر لخلافة مشعل في قيادة الحركة. وتعتبر أن الرجل يعد لمغادرة قطاع غزة مجدداً باتجاه العاصمة القطرية الدوحة، التي قد يستقر فيها في حال تم انتخابه رئيساً للمكتب السياسي لحماس.

العلاقة مع إيران في ظل العسكر
لكن ليس مصر وحدها على طاولة حماس. إذ يذهب بعض المراقبين إلى الحديث عن أن الحركة ستحاول من خلال مكتبها السياسي الجديد تجديد علاقاتها مع إيران، وبخاصة، بعد مشاركة وفد قيادي منها برئاسة محمد نصر، عضو المكتب السياسي الحالي لحماس، في مؤتمر استضافته العاصمة الإيرانية طهران منذ أسابيع لدعم «انتفاضة القدس». ويرى مراقبون أن وجود يحيى السنوار في قيادة المكتب السياسي على مستوى قطاع غزة سيكون له تأثير في تحسين العلاقات مع طهران. وحسب هؤلاء فإن «الحضور الكبير للجناح العسكري قد يدفع تجاه مثل هذه العلاقة بعد قطيعة طويلة لسنوات، وفي ظل حاجة كتائب القسام للدعم المادي الذي كانت إيران تشكل الجهة الأكثر قدرة على توفيره بكثرة للجناح العسكري».
ولكن هنا يتحفظ قادة حماس عند الحديث عن أي تطورات في هذه القضية، باستثناء القيادي محمود الزهار، الذي قال منذ أسابيع عبر فضائية الأقصى إن إيران تعتبر «داعماً مهماً» للمقاومة الفلسطينية، وقدمت لها كثيرا خلال سنوات طويلة. وتابع الزهار أن «لا خلاف بين حماس وطهران بل إن العلاقة بينهما جيدة». ومعلومٌ أن الزهار يمثل تيارا متشددا في حماس ويعد مقرّباً من «كتائب القسام» التي باتت تسيطر على حماس في القطاع.
وهنا يقول عطاالله، إن مثل هذا التغيير في قيادة حماس «سيدفع باتجاه تحسين العلاقة بين الحركة وطهران». ويلفت إلى أن «إيران غاضبة جداً من خالد مشعل، وكانت تضع تغييبه عن قيادة الحركة شرطاً لتحسين العلاقات» مع الحركة، وفق قوله. ويوضح عطاالله أن «الجناح العسكري لحماس كان دائما له حضوره وتمثيله في المكتب السياسي، وخصوصاً، لامتلاكه كثير من المقومات لذلك، من حصد للإنجازات والقوة والرجال والسلاح والمال».
أما طلال عوكل فيرى أن تأثير يحيى السنوار «باقٍ سواءً كان على رأس المكتب السياسي في غزة أو لم يكن»، مذكّراً بحضور شخصية الرجل سابقا حتى قبيل تحريره من الأسر. ويضيف: «إنه يعكس وزن القسام وبرنامج المقاومة في حركة حماس وفي سياسات الحركة». ويضيف أن «حماس بقيادتها الجديدة وقراءتها للمتغيرات في المنطقة ستعمل على تطوير علاقاتها مع إيران و(حزب الله)، وستكون هذه القضية أولوية بالنسبة لها حتى قبل أن توجد صياغة لترتيب علاقاتها مع مصر».

مع السلطة ومع إسرائيل
في المقابل، منذ سيطرت حماس على غزة عام 2007 فشلت كل محاولات المصالحة مع السلطة، واصطدمت مع إسرائيل في 4 حروب. فماذا يمكن أن يتغير مع صعود العسكر إلى سدة الحكم؟
عوكل لا يرى أن سيطرة الجناح العسكري على الانتخابات ستزيد من تعقيدات المشهد بشأن التقدم في المصالحة الفلسطينية. ويتابع عوكل شارحاً: «السلطة ملتزمة باتفاقات أوسلو، والمقاومة متمسكة ببرنامجها وبسلاحها وبأنفاقها وإمكاناتها. وهو ما يتعارض مع التزامات السلطة. هذه هي العقبة الأساسية باتجاه تحقيق المصالحة رغم أن العملية السلمية مع إسرائيل متجهة بالفلسطينيين إلى أبواب مغلقة، والسلطة لن تكون مستقبلا قادرة على الاستمرار في حمل التزامات أوسلو كما تحملها اليوم». ومن ثم، يعرب عن اعتقاده أن حالة الصراع مع إسرائيل «ستبقى كما هي، مع الحفاظ على الهدوء قدر المستطاع لتثبيت أركان المقاومة وقوتها في مواجهة أي معركة جديدة قد تفرضها إسرائيل على قطاع غزة كما فعلت في السنوات الماضية».
وفي هذا السياق، يقول القيادي في حماس، صلاح البردويل، إن «الحركة تبحث إيجاد صيغة إدارية تتلاءم مع الواقع في قطاع غزة لتكون المرجعية القانونية لعمل وكلاء الوزراء في القطاع، بغرض تحسين وضبط إدارة الواقع الحكومي في غزة». ويضيف: «إن هذه الخطوة تأتي في ظل استمرار تنكر حكومة الوفاق الفلسطينية لمسؤولياتها في قطاع غزة وتهميش وزاراته». ويردف أن القضية ما زالت قيد البحث والدراسة.
من جهتها، تتهم فتح البردويل بالترويج للانقسام والمساعدة عليه. وهنا يقول عطاالله إن «ما تبحثه حماس ليس بجديد ولم يتعلق بأي تغيير داخل مؤسسات الحركة». ويضيف: «إن المصالحة مجمدة منذ فترة طويلة وقبل حدوث الانتخابات الداخلية الأخيرة وبروز الجناح العسكري فيها»، مشيرا إلى أن للحركة «مفاهيمها وثوابتها التي لن تتغير بانتخاب أي قيادة جديدة في علاقاتها مع السلطة أو حتى مع الفصائل المختلفة والعلاقات الوطنية معها».
وبشأن الصراع مع إسرائيل، الذي يرجح بعض المراقبين أن يغدو أكثر عنفاً، يميل عطاالله للاعتقاد أنه «لن يحدث أي تغيير، وستعمل حماس على مواصلة المسير في هذه المعادلة التي تتحكم بها ظروف الميدان من فترة إلى أخرى». ويستطرد: «الحركة تحاول باستمرار ضبط هذه المعادلة وفق استراتيجيات تتعلق بترتيبها العسكرية وتجهيزاتها لصد أي عدوان إسرائيلي جديد، في ظل التلميحات الصادرة باستمرار عن القيادات الإسرائيلية بإمكانية شن حرب جديدة على غزة منعا لإطلاق الصواريخ التي تجدد إطلاقها مؤخراً». وللعلم، تخوفت إسرائيل علناً من أن يكون لبروز التيار العسكري في حماس على قائمة الانتخابات في غزة تبعات كبيرة، ويحفز الجناح العسكري للحركة بالدخول في مواجهة عسكرية قريبة. إلا أن قيادات من الحركة - من بينهم إسماعيل هنية - أكدوا في عدة تصريحات أن يحيى السنوار «جزء من مؤسسة شورية»، في إشارة إلى أنه لا يتفرد بقراري الحرب والسلم.

قرار مؤسسة لا فرد
ولكن مع ارتفاع منسوب القلق من فوز السنوار بقيادة الحركة، اضطرت حماس لخفض مستوى التوقعات بتغييرات كبيرة يمكن أن يفعلها القيادي الجديد. ولأول مرة في مؤشر على مأزق ما تخشاه الحركة بعد فوز السنوار، خرج البردويل إلى الإعلام قائلا إن «السنوار رجل مصالحات، وعربي ويحب مصر، وإنه أيضا صاحب فكاهة»، قبل أن يضيف أن قرار الحركة «شوري ولا يأخذه شخص واحد فقط». وهنا يجمع المحللان السياسيان على أن حماس تتخذ بالفعل قراراتها في نطاق المؤسسة الواحدة ولا تعتمد على صعود أي قيادات لتغيير سياساتها الاستراتيجية. ويؤكد عوكل أن «المكتب السياسي هو الذي سيقرر السياسة العامة للحركة»، مشيراً إلى أن هذا المكتب يضم قيادات من غزة والضفة والسجون والخارج. ويضيف: «رغم ذلك، فإن الحركات السياسية ليست حرة دائما في اختيار ما يمكن أن تمارسه من سياسات، خاصة، في ظل المتغيرات والضغوط التي قد تتعرض لها».
ويوافق عطاالله قائلا إن «تغيير القيادات والأفراد لا يحدث تغييرا في نهج حركة حماس، وهي تتحرك وفق قرار مؤسساتي من مجلس شورى ومكتب سياسي وليس وفقا لتغيير القيادة». لافتا إلى أن الحركة قد تلجأ إلى تغيير يتعلق بالوضع الجديد في المنطقة، لكن من الصعب أن تغير في استراتيجياتها الكبرى.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.