العاهل المغربي يكلف سعد الدين العثماني بتشكيل الحكومة خلفاً لابن كيران

وزير الخارجية السابق يحظى بتقدير مؤيدي الحزب وخصومه

الملك محمد السادس لدى استقباله العثماني امس ( ماب)
الملك محمد السادس لدى استقباله العثماني امس ( ماب)
TT

العاهل المغربي يكلف سعد الدين العثماني بتشكيل الحكومة خلفاً لابن كيران

الملك محمد السادس لدى استقباله العثماني امس ( ماب)
الملك محمد السادس لدى استقباله العثماني امس ( ماب)

عين العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس، الدكتور سعد الدين العثماني القيادي في حزب العدالة والتنمية، ووزير الخارجية الأسبق، رئيسا للحكومة مكلفا تشكيلها، خلفا لعبد الإله ابن كيران، الأمين العام للحزب.
وأعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، في بيان، أن الملك محمد السادس، استقبل أمس الجمعة بالقصر الملكي بالدار البيضاء، العثماني، وعينه رئيسا للحكومة وكلفه تشكيل الحكومة الجديدة.
وعقب الاستقبال الملكي، امتنع العثماني عن الحديث عن شروط المفاوضات التي سيفاوض على أساسها حلفاءه المحتملين.
وقال العثماني، في تصريح صحافي أدلى به فور وصوله من القصر الملكي إلى بيت عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إن الحديث عن موضوع مشاركة الاتحاد الاشتراكي وغيره في الحكومة سابق لأوانه. وأضاف العثماني: «أعتز بالثقة التي منحني إياها جلالة الملك بتعيينه لي رئيساً للحكومة». وزاد قائلاً: «هذه مسؤولية ثقيلة في ظرفية سياسية دقيقة»، مشيراً إلى أنه سيبذل ما بوسعه ليكون عند حسن ظن الجميع. وقال إن جدول أعمال المجلس الوطني ليوم غد «لن يتغير وسيناقش تقرير الأمين العام ليخلص إلى التوجهات التي سيرسمها».
ويأتي تعيين العثماني رئيسا للحكومة بعد قرار الملك محمد السادس إعفاء ابن كيران من المنصب، وتعيين شخصية أخرى من الحزب ذاته، بعد أن تعذر على ابن كيران تشكيل الحكومة بعد مضي أزيد من خمسة أشهر على ظهور نتائج الانتخابات التشريعية التي تصدرها الحزب بـ125 مقعدا.
وقرر الحزب التفاعل بشكل إيجابي مع قرار العاهل المغربي، إلا أنه لم يرشح أيا من قيادييه للمنصب.
تجدر الإشارة إلى أن تكليف العاهل المغربي للدكتور العثماني تشكيل الحكومة جاء عشية انعقاد اجتماع استثنائي للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية (برلمان الحزب) المقرر عقده اليوم السبت بالرباط.
وكان برلمان الحزب يعتزم الحسم رسميا في مسألة التعامل بإيجاب مع مضمون بيان الديوان الملكي، رغم أن الأمانة العامة للحزب أعلنت أنها ستقبل بالعرض الملكي القاضي بتعيين شخصية أخرى من الحزب على رأس الحكومة.
في غضون ذلك، كشف عبد العلي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أمس، أن الدورة الاستثنائية للمجلس التي ستنعقد اليوم السبت، ستكون بنقطة واحدة في جدول الأعمال، وبجلسة واحدة مغلقة، مضيفا أن هذه الدورة لن تشهد جلسة افتتاحية، موضحا أن ابن كيران سيلقي عرضا سياسيا «ليضع أعضاء المجلس الوطني في صورة التحولات والتطورات الأخيرة، المتعلقة ببيان الديوان الملكي، كما سيسلط الضوء أيضا على الخلفيات التي أحاطت بقرار الأمانة العامة القاضي بالتعامل بشكل إيجابي مع بيان الديوان الملكي».
وسيمنح عرض ابن كيران، حسب حامي الدين، لأعضاء المجلس الوطني باعتباره أعلى هيئة تقريرية، الفرصة لكي يناقشوا المرحلة السياسية الأخيرة التي عاشها الحزب، ولكي يفهموا خلفياتها والأسباب الحقيقية التي أدت إليها».
وتابع حامي الدين قائلا إن أعضاء المجلس سيتحدثون بكل حرية عن مستلزمات نجاح الحزب في المرحلة المقبلة، واستمراره في مسيرته الإصلاحية إلى جانب كافة القوى الوطنية الديمقراطية في البلد، وتحت قيادة الملك محمد السادس.
وكان الحزب قد حذر من تعذر تشكيل الحكومة إذا ما استمرت الأحزاب السياسية في فرض شروطها على رئيس الحكومة الذي سيخلف ابن كيران.
وأكدت الأمانة العامة للحزب في بيان أصدرته الليلة قبل الماضية عقب اجتماعها الاستثنائي الذي خصص للتداول في قرار العاهل المغربي القاضي بإعفاء ابن كيران من منصب رئيس الحكومة وتكليف شخصية أخرى من الحزب ذاته، على أن ابن كيران «لا يتحمل بأي وجه من الأوجه مسؤولية التأخر في تشكيل الحكومة»، مشيرة إلى أن «المسؤولية في ذلك ترجع إلى الاشتراطات المتلاحقة خلال المراحل المختلفة من المشاورات من قبل أطراف حزبية أخرى».
وأوضحت الأمانة العامة للحزب أن «مثل تلك الاشتراطات، في حالة استمرارها، هي التي ستجعل تشكيل الحكومة متعذرا أيا كان رئيس الحكومة المعين»، مشددة على أن «المشاورات القادمة وجب أن تراعي المقتضيات الدستورية والاختيار الديمقراطي والإرادة الشعبية المعبر عنها، من خلال الانتخابات التشريعية، وأن تحظى الحكومة المنبثقة عنها بثقة ودعم جلالة الملك».
ونوهت الأمانة العامة للحزب بابن كيران الذي «أدى مهمته في احترام تام للمنطق الدستوري والتكليف الملكي والتفويض الشعبي، وانتصاره تبعا لذلك للاختيار الديمقراطي»، مشددة على أن ابن كيران «أدى مهمته في نطاق من المسؤولية العالية، والمرونة اللازمة والتنازل من أجل المصلحة الوطنية العليا من أجل تشكيل حكومة قوية ومنسجمة تكون في مستوى تطلعات جلالة الملك وتطلعات الناخبين».
وثمنت الأمانة العامة للحزب ما ورد في بيان الديوان الملكي وحرص الملك محمد السادس «على توطيد الاختيار الديمقراطي، وصيانة المكاسب التي حققتها بلادنا في هذا المجال»، كما نوهت باستمرار الملك في تفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بتشكيل الحكومة، من خلال تكليف شخصية من الحزب بصفته الحزب المتصدر للانتخابات وترجيحه هذا الاختيار على الاختيارات المتاحة التي يمنحها له نص وروح الدستور.
ونوه الحزب في المقابل بما قاله العاهل المغربي في حق ابن كيران، وتحليه «بروح المسؤولية العالية والوطنية الصادقة، التي أبان عنها طيلة الفترة التي تولى خلالها رئاسة الحكومة، بكل كفاءة واقتدار ونكران ذات».
وأقرت الأمانة العامة بالدور المتميز الذي لعبه ابن كيران في الاستحقاقات الانتخابية البلدية والتشريعية، وهو ما أسفر عن «تحقيق نتائج وتقدم متصاعد للحزب في المشهد السياسي وتعزيز مصداقيته، وتجديد الناخبين ثقتهم في التجربة الحكومية». بالإضافة إلى «دفاعه عن المسار الديمقراطي والفئات المستضعفة وجرأته في إقرار الإصلاحات الكبرى من منطلق اعتبار المصلحة الوطنية قبل المصلحة الحزبية الضيقة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».