وزعت موسكو، أمس، الاتهامات على معظم الأطراف المنخرطة في الأزمة السورية، باستثناء حلفائها في دمشق وطهران. وفي تجاهُل متعمَّد للمسؤوليات الملقاة على عاتقها بصفتها طرفاً ضامناً لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي لم يحترمه النظام السوري، عادت موسكو ووجهت انتقادات واتهامات للمعارضة السورية المسلحة، بسبب مقاطعتها مفاوضات «آستانة3».
وكانت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، قد استهلَّت الحديث عن تلك المفاوضات، في تصريحات يوم أمس، بالتعبير عن الأسف لعدم مشاركة المعارضة السورية المسلحة، التي اتهمتها بأنها «أظهرت عدم احترام لمنظمي اللقاء والمشاركين الآخرين فيه»، مكرِّرَة الموقف الروسي بأن «المبررات التي ساقتها المعارضة لعدم مشاركتها في المفاوضات غير مقنعة وغير مقبولة»، زاعمة أن قوى خارجية تقف خلف قرار المعارضة مقاطعة «آستانة3»، واتهمت تلك القوى التي لم تُسمِّها بأنها تسعى إلى توجيه ضربة لعملية آستانة، وعبرها لعملية جنيف.
وبعيداً عن آستانة، اتهمت زاخاروفا «داعش» و«جبهة النصرة» والمنظمات الإرهابية التابعة لهما، بامتلاك سلاح كيميائي، ولم تستثنِ مجموعات المعارضة السورية، وادعت أنها جميعها «تمتلك ليس فقط موادّ كيميائية صناعية سامة مثل الكلور، بل وسلاحاً كيميائياً بالمعنى التام، مثل غاز الخردل والسارين»، معربة عن قلقها إزاء ما قالت إنه «تجاهُل من جانب الشركاء الغربيين للتحذيرات الروسية حول تزايد خطر الإرهاب الكيماوي». وكانت ماريا زاخاروفا قد شكَّكَت في وقت سابق بالجهود الدولية في مجال التصدي لاستخدام السلاح الكيماوي في سوريا، حين اعتبرت أن نتائج تقرير لجنة التحقيق الدولية المشتركة بحاجة إلى «إعادة تحقُّق».
ومعروف أن روسيا هي الدولة الوحيدة، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، التي شككت بتقارير لجنة التحقيق الدولية المشتركة حول الهجمات الكيماوية في سوريا، لا سيما النتائج التي توصَّلَت إليها التحقيقات وحَمّلت النظام السورية المسؤولية عن الهجمات باستخدام السلاح الكيماوي. كما استخدمت روسيا أخيراً حق «الفيتو» ضد مشروع قرار حول معاقبة مستخدمي السلاح الكيماوي في سوريا.
في غضون ذلك، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن بعض الملفات التي بحثها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال محادثاتهما في الكرملين أخيراً. وقال خلال اجتماع الحكومة، يوم أمس: «ركَّزنا بصورة رئيسية على المسائل المتصلة بمحاولات إيران تثبيت وجودها في سوريا من الناحية العسكرية، بما في ذلك إقامة قاعدة عسكرية بحرية هناك»، مضيفاً أنه عرض كذلك أمام بوتين المحاولات المستمرة من جانب إيران لإيصال عتاد حربي إلى «حزب الله» عبر الأراضي السورية.
وكان نتنياهو قد أجرى زيارة إلى العاصمة الروسية موسكو، الأسبوع الماضي، تخللتها محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تناولا فيها بصورة خاصة التعاون بين البلدين في سوريا، والقلق الإسرائيلي من تداعيات تطورات الأزمة السورية. وبعد الزيارة ذكرت وسائل إعلام أن طهران تنوي إقامة قاعدة عسكرية بحرية في سوريا، وهو ما سارع السفير الإيراني في موسكو إلى نفيه.
في شأن آخر على صلة بتعقيدات الأزمة السورية، يواصل برلمانيون روس جهودهم الرامية إلى تبييض صفحة النظام السوري لدى الحكومات الأوروبية، بتنظيم زيارات لبرلمانيين أوروبيين إلى سوريا، تشمل لقاءات مع رأس النظام السوري. وكان ليونيد سلوتسكي رئيس لجنة مجلس الدوما للشؤون الدولية، قد أكد إمكانية حدوث زيارة مشتركة يجريها برلمانيون روس وفرنسيون قريباً إلى سوريا.
وجاء تصريحه بهذا الخصوص أثناء لقاء في موسكو، أمس، جَمَع برلمانيين روساً وفرنسيين. وكان أعضاء في مجلس الدوما الروسي قد نظموا خلال الأشهر الماضية جولات في سوريا لبرلمانيين أوروبيين، في سياق جهود تقريب وجهات النظر، إلا أن تلك الجهود لم تأتِ على ما يبدو بالنتيجة المرجوة. هذا ما عبَّر عنه قسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة الشؤون الدولية في المجلس الفيدرالي، الذي اشتكى في تصريحات صحافية من أن «اتصالاتنا الخارجية الواسعة، بما في ذلك عبر القنوات البرلمانية، تُظهر أن الأوروبيين لم يفهموا حتى الآن حقيقة ما يجري في سوريا»، متهماً الأوروبيين بأنهم «رهائن» مواقف قياداتهم وهواجسهم حول ضرورة إبعاد الأسد بأي ثمن كان، «حتى لو على حساب هيمنة المجموعات الإرهابية مثل (داعش) و(النصرة) على كل الأراضي السورية».
موسكو تتغاضى عن تعهداتها وتوزع الاتهامات على أطراف الأزمة السورية
نتنياهو بحث مع بوتين القاعدة البحرية الإيرانية في سوريا
موسكو تتغاضى عن تعهداتها وتوزع الاتهامات على أطراف الأزمة السورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة