الجيش الوطني الليبي يعلن تحقيق انتصارات في «الهلال النفطي»

الثني يزور القاهرة... وحكومة السراج تلوّح بـ«حماية دولية» للموانئ

عضو في الجيش الوطني الليبي يشرح خطر الألغام والمتفجرات لتلاميذ في بنغازي الأحد (رويترز)
عضو في الجيش الوطني الليبي يشرح خطر الألغام والمتفجرات لتلاميذ في بنغازي الأحد (رويترز)
TT

الجيش الوطني الليبي يعلن تحقيق انتصارات في «الهلال النفطي»

عضو في الجيش الوطني الليبي يشرح خطر الألغام والمتفجرات لتلاميذ في بنغازي الأحد (رويترز)
عضو في الجيش الوطني الليبي يشرح خطر الألغام والمتفجرات لتلاميذ في بنغازي الأحد (رويترز)

بدأ أمس رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا عبد الله الثني زيارة مفاجئة للقاهرة للحصول على دعمها للجيش الوطني الليبي، الذي أعلن تمكنه من تدمير القوة الرئيسية لما وصفه بـ«العصابات الإرهابية» الموجودة في منطقة الهلال النفطي، بينما لوح مسؤول في حكومة الوفاق الوطني باستدعاء «تدخل عسكري أجنبي».
وتستعد قوات الجيش الوطني الليبي المتمركز في شرق البلاد لاستعادة السيطرة التي فقدتها الأسبوع الماضي على مينائي السدر ورأس لانوف، بعد هجوم مفاجئ شنّه تحالف يضم سرايا الدفاع عن بنغازي وميليشيات من مصراتة ومرتزقة من المعارضة التشادية، وفقاً لتأكيدات مسؤولين في الجيش.
ويعتبر السدر ورأس لانوف من أكبر الموانئ النفطية في ليبيا، لكنهما يعملان بجزء ضئيل من الطاقة الكاملة، نظراً للأضرار التي لحقت بهما جراء الجولات السابقة من القتال، حيث غادر معظم العاملين الميناءين. وأكد العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش لـ«الشرق الأوسط» أن «القوة الرئيسية للعصابات المسلحة والإرهابية انتهت»، لكنه لفت إلى أن «المعركة لم تتوقف والآن في انتظار اقتحام المنطقة بالكامل في الوقت نفسه، وننتظر القوات الجوية لإتمام مهامها».
وأوضح أن الجيش يشن ضربات جوية متواصلة منذ يوم الجمعة الماضي، مشيراً إلى أنه حصل «تدمير شامل للعصابات الإرهابية وخسائر تشل حركتهم بالكامل والقوات البرية تستعد لتطهير المنطقة».
واعتبر العميد مفتاح المقريف، رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية الموالى للجيش الوطني، أن «الأمور جيدة وهناك رجال في الميدان والمعنويات عالية»، لافتاً إلى أن الطائرات شنت غارات جوية في رأس لانوف والسدرة وبن جواد والنوفلية والجفرة. وتابع عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن «القوات المسلحة تتقدم رويداً رويداً وعلى مرمى حجر من رأس لانوف وفى انتظار أمر الاقتحام»، لافتاً إلى أن قوات الجيش في الخطوط الأمامية استكملت تعزيزاتها من الأسلحة والذخائر والأفراد والآليات الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.
في المقابل، أبلغ العميد إدريس بوخمادة، آمر جهاز حرس المنشآت النفطية التابع لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج، قناة النبأ التلفزيونية، بأنه سيطالب بحماية دولية للموانئ النفطية عبر فرض حظر طيران فوق المنطقة.
ونقلت القناة عن بوخمادة قوله إن قواتهم موجودة داخل الموانئ في منطقة الهلال النفطي لحمايتها وتأمينها بناء على تكليف صادر عن المجلس الرئاسي لحكومة السراج، واصفاً القصف الجوي الذي تتعرض له الموانئ النفطية بـ«محاولات خلط الأوراق والعمل التخريبي».
وحذر مسؤول كبير بالمؤسسة الوطنية للنفط الليبية من احتمال إعلان حالة القوة القاهرة في مينائي السدر ورأس لانوف النفطيين مع استمرار الغارات الجوية وتعبئة الفصائل المتناحرة للمقاتلين في المنطقة.
وقال جاد الله العوكلي، عضو مجلس إدارة مؤسسة النفط، إنه «من المرجح» إعلان حالة القوة القاهرة التي تسمح قانوناً بتعليق الالتزامات التعاقدية إذا استمرت أعمال العنف، لكنه لم يحدد إطاراً زمنياً لذلك. ولفت إلى أن إنتاج ليبيا من النفط يبلغ ما يزيد بقليل على 615 ألف برميل يومياً انخفاضاً، من نحو 700 ألف برميل يومياً قبل اندلاع الاشتباكات قرب موانئ النفط.
وتزعم سرايا الدفاع عن بنغازي أنها سلمت مينائي السدر ورأس لانوف إلى وحدة من حرس المنشآت النفطية الليبي موالية لحكومة السراج، وأن المؤسسة الوطنية للنفط تستطيع مواصلة العمل هناك.
وقال شاهد عيان في منطقة رأس لانوف لوكالة «رويترز» إن الجيش الوطني حشد آلاف الرجال في أماكن قريبة، مع تكثيف الهجمات الجوية. وتابع: «كان ضجيج الطائرات مسموعاً فوق مدينة رأس لانوف، وكان دوي الانفجارات عالياً وقوياً». بينما قال مسؤولون عسكريون إن الهجمات استهدفت 4 مجموعات من مقاتلي سرايا الدفاع عن بنغازي، وألحقت بها خسائر في الأرواح، إضافة إلى تدمير بعض المركبات.
وأثارت أعمال العنف في منطقة الهلال النفطي المخاوف من تصعيد جديد للصراع في ليبيا بين الفصائل المتمركزة في شرق وغرب البلاد، التي تتنافس على السلطة منذ 2014.
وطالب السراج بانسحاب القوات من المنطقة، وقال إن حرس المنشآت النفطية يجب أن يكون تحت سيطرة المؤسسة الوطنية للنفط، بينما طلب وزير دفاعه، وهو منافس لقائد الجيش الوطني خليفة حفتر في أواخر الأسبوع الماضي بشكل عاجل نشر 600 مقاتل لدعم حرس المنشآت في منطقة الهلال النفطي.
وكشف مكتب الثني أنه قام بزيارة عمل عاجلة وهامة إلى مصر لحشد الدعم الدولي ودعم دول جوار ليبيا لقوات الجيش الذي يقوده المشير خليفة حفتر في حربه على الإرهاب وتبيان حقيقة الجماعات الإرهابية الغازية للهلال النفطي، التي تحاول من خلال ذلك السيطرة على قوت الليبيين.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن وكيل وزارة الدفاع العميد يونس فرحات المرافق للثني، أنه غادر بشكل عاجل إلى القاهرة باعتبارها طرفاً في مبادرة دول الجوار لحل الأزمة الليبية، لافتاً إلى أن الثني حصد خلال زيارته دعماً منقطع النظير لقوات الجيش الليبي الذي يعاني حظراً دولياً جائراً على تسليحه. وأشار إلى أن مختلف اللقاءات والاجتماعات التي أجراها الثني تمحورت حول هذا الأمر، لافتاً إلى أنه طالب برفع هذا الحظر الجائر على تسليح الجيش الذي يحارب الإرهاب باعتراف العالم برمته.
كما التقى الثني بلجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة لعدة ساعات في إطار مهمة الفريق الذي يستعد لرفع توصياته وملاحظاته لمجلس الأمن الدولي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.