أعلن وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل عن مقترح جديد لقانون للانتخابات النيابية، يزاوج بين نظامي التصويت الأكثري والنسبي مناصفة، رغم أن ثمة صيغة يتم مناقشتها في الكواليس، لم يُعلن عنها، ويتوقع أن تكون الأقرب إلى الإقرار قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة.
وفتح المقترح الجديد باباً جديداً للخلافات السياسية في البلاد، على ضوء إعلانه أن «ما نعرضه اليوم هو بداية لإقرار مجلس الشيوخ رئيسه مسيحياً غير ماروني لاحترام المناصفة»، على قاعدة أن المسلمين، سنة وشيعة، يتولون رئاستي الحكومة والبرلمان، بينما يتولى المسيحيون الموارنة رئاسة الجمهورية، ومن الممكن أن تذهب رئاسة مجلس الشيوخ إلى طائفة الروم الأرثوذكس حتى تتحقق المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المواقع الأولى في البلاد، وهو ما أثار حفيظة مسؤولين في طائفة الموحدين الدروز الذين يؤكدون أن مداولات مؤتمر الطائف الشفهية، حسمت رئاسة مجلس الشيوخ لحصة الدروز.
وبينما لم يصدر أي تعليق عن «الحزب التقدمي الاشتراكي»، وهو الأوسع تمثيلاً في الطائفة الدرزية، الذي يبدو أنه «يتريث قبل الردّ»، بحسب ما توقعت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، رأى وزير المهجرين طلال أرسلان الذي ينتمي إلى الطائفة الدرزية «أننا لا نقبل على الإطلاق الدخول بسجال حول رئاسة مجلس الشيوخ مع أحد، وإنما نقول، إنه يجب أولاً أن نتفق حول هذا المجلس وتأسيسه ومهامه، وعلى المساواة المذهبية بين كل الفئات الطائفية والمذهبية، وليس النسب في التمثيل، وإلا عندئذ يصبح من غير اللزوم تأسيس مجلس للشيوخ، خصوصاً إذا كان ذلك سيتم على قاعدة النسب المذهبية الموجودة في المجلس النيابي الحالي»، مشدداً على أنه «لا ينقصنا مجالس مذهبية في لبنان على أساس 6 و6 مكرر، إذ يكفي وجود مجلس وزراء ومجلس نواب».
ولم يرد في نص اتفاق الطائف، منح الدروز رئاسة الشيوخ، كما لم يرد في نص الاتفاق نفسه توزيع الرئاسات الثلاث على الموارنة والسنة والشيعة. لكن «التوجه كان واضحاً في الاتفاق لمنح الدروز رئاسة مجلس الشيوخ في اتفاق الطائف وقبله في مؤتمري لوزان وجنيف في الثمانينات»، بحسب ما قالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن حصة الدروز في رئاسة مجلس الشيوخ «محسومة شفهياً منذ ما قبل اتفاق الطائف، رغم أنه لم يُكتب بالنص، وأعاد الطائف تثبيت الرئاسات الثلاث من خلال المداولات والنقاشات التي حسمت أيضاً رئاسة مجلس الشيوخ للدروز».
وعرض باسيل، الذي يتولى رئاسة «التيار الوطني الحر» أيضاً، في مؤتمر صحافي، صيغة جديدة لقانون الانتخاب»، مشدداً على «أننا أمام إلزامية إقرار قانون جديد وما يجب احترامه هو المناصفة وصحة التمثيل»، مشدداً «إن هذا القانون ليس لجبران باسيل بل هو للجميع».
وأوضح باسيل أنه بموجب الاقتراح الجديد «نقسم المقاعد بالتساوي بين الأكثري والنسبي، وهناك قاعدة احتساب بسيطة لكيفية تقسيمها»، لافتاً إلى أن «ما نطرحه فيه متحركات كثيرة مثل الصوت التفضيلي»، وقال: «نطرح التصويت وفق الأكثري على أساس 14 دائرة مختلطة على أن تنتخب كل طائفة نوابها»، مضيفاً: «نطرح اعتماد النسبي على أساس 5 دوائر وهي المحافظات الخمس التقليدية التاريخية».
وإذ أعلن باسيل «إننا بانتظار أجوبة نهائية من الفرقاء بخصوص هذه الفكرة، ونأمل أن تحصل موافقة من الجميع»، لفت إلى أنه «إذا لم يحصل الأمر فلا مشكلة فالمختلط لا يزال موجوداً»، مشيراً إلى أن «أهمية هذا الطرح أنه يوفق بين الجميع، فهو يجمع بين الطائفي والوطني والأكثري والنسبي والاعتبار المناطقي والشخصي ويسد كل ثغرة».
اقتراح باسيل، يعني انتخاب 64 نائباً وفق النظام النسبي، ويتم انتخابهم في 5 دوائر انتخابية. بينما النواب الـ64 الآخرين، فسيتم انتخابهم وفق القانون الأكثري في 14 دائرة انتخابية، ويطبق فيها القانون الأرثوذكسي، بمعنى أن تنتخب كل طائفة نوابها.
ويحمل هذا الاقتراح، الرقم 24 في قائمة الاقتراحات التي تقدمت بها الكتل السياسية لقانون الانتخابات، ولم يحظَ أي منها على موافقة الكتل السياسية بأكملها، بحسب ما قال الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، مشيراً إلى اقتراح «يجري العمل عليه في الظل ولم يُعلن عنه بعد، وهو الأقرب للتطبيق».
وأوضح شمس الدين لـ«الشرق الأوسط» أن المقترح الذي تجري مناقشته في الظل بين الكتل السياسية «يعتمد نظامي الانتخاب النسبي والأكثري مناصفة، وكل المقاعد موزعة بالمناصفة في الدوائر الانتخابية بين النسبي والأكثري»، بمعني أنه إذا تضمنت الدائرة أربعة نواب، سيتم انتخاب اثنين وفق الأكثري واثنين وفق النسبي، لافتاً إلى أن «هذا المقترح هو تطوير لصيغة النائب علي بزي» التي تقدم بها العام الماضي.
أما مقترح باسيل الأخير، فتوقع شمس الدين ألا يلقى قبولاً لدى الكتل السياسية «بالنظر إلى الخلافات على الدوائر، كون بعض الدوائر تنتخب بأكملها وفق القانون النسبي، بينما يُنتخب النواب في دوائر أخرى بأكملهم وفق القانون الأكثري، وهو ما لا يحظى بتوافق بين الأفرقاء».
في غضون ذلك، لفت عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد قباني إلى أن «ما يجري هو تبادل مشاريع قوانين انتخابية، ومع الأسف كل يركز على مصالح الأحزاب والطوائف وحصة كل فريق من عدد النواب التي ينتجها القانون»، مشيراً إلى أن «المطلوب أن نعتمد مصلحة الوطن، لا مصلحة الأحزاب وخياري الدائم هو تطبيق اتفاق الطائف الذي صنعه النواب المخضرمون على مدى 3 أسابيع متواصلة، وهو الذي يفتح الباب أمام التطور الديمقراطي وانتخاب مجلس نواب خارج القيد الطائفي، لأن المشاريع التي يناقشها مجلس النواب كالإيجار والبناء لا فرق فيها بين مسلم ومسيحي».
وفي تصريح له، أشار قباني إلى أنه «من أجل إزالة الهواجس، يقوم إلى جانب مجلس النواب مجلس للشيوخ يراعي التمثيل الطائفي ويتصدى لقوانين أساسية مثل قانون الانتخاب والأحوال الشخصية والحرب والسلم»، مؤكداً أن «الحل هو الطائف، وكفى مزايدات».
لبنان: اقتراح وزير الخارجية منح رئاسة مجلس الشيوخ للمسيحيين يثير حفيظة الدروز
باسيل يتقدم بمقترح جديد لقانون الانتخاب... والكتل تناقش قانوناً مختلطاً «في الكواليس»
لبنان: اقتراح وزير الخارجية منح رئاسة مجلس الشيوخ للمسيحيين يثير حفيظة الدروز
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة