المشهد الذي لا يزال عالقاً في ذهني حتى الآن بعد العودة التاريخية لبرشلونة أمام باريس سان جيرمان في دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا لا يتمثل في الصور الجماعية التي التقطها نجوم برشلونة أو احتفال المدير الفني للفريق لويس إنريكي بما حدث بطريقة تجعل البعض يعتقد أنه قد يفكر في البقاء في النادي بعدما أعلن في وقت سابق عن رحيله في نهاية الموسم الحالي، لكن المشهد الذي لا أزال أتذكره جيداً هو حالة الذهول التي كان عليها جمهور النادي الفرنسي بعد المباراة.
إن ما حدث خلال المباراة جعل جمهور وعشاق باريس سان جيرمان يشعرون بألم شديد ويتأكدون من عدم صحة الجملة التي تقول إن كرة القدم هي «مجرد لعبة». في الحقيقة، من الصعب للغاية تفسير ذلك الشعور لأي شخص لم يعانِ من هذا القدر من الإحباط. ويتحول شعور الجمهور الفرنسي من الإحباط إلى قدر كبير من الغضب عندما يتذكرون ما حدث في تلك المباراة أو يشاهدون إعادة للمباراة. ويتحدث الجميع الآن عن العودة التاريخية لبرشلونة ويصفونها بأنها شيء لا يصدق وبأنها الأفضل في تاريخ كرة القدم، لكن في الحقيقة هناك بعض التفاصيل التي تقلل كثيراً من حجم هذا الإنجاز.
وإذا كان هناك شك في ركلة الجزاء الأولى التي حصل عليها برشلونة، بعدما ارتكب مدافع باريس سان جيرمان توماس مونييه خطأ قاتلاً على ما يبدو بسقوطه على مسافة قريبة من نيمار، فإن ركلة الجزاء الثانية التي حصل عليها أصحاب الأرض تعد بمثابة فعل فاضح من الغش والخداع ولا أساس لها من الصحة على الإطلاق. ولنتخيل جميعاً ما كان سيحدث لو أن لويس سواريز قد رمى نفسه على الأرض بالطريقة نفسها التي فعل بها ذلك أمام مدافع سان جيرمان ماركينوس لكن على سبيل الافتراض - في مباراة هامة لمنتخب بلاده أمام منتخب إنجلترا. بالطبع كان سيقال الكثير والكثير خلال الاستوديوهات التحليلية بعد المباراة، ولكن الوضع تغير تماماً لأن ذلك الأمر حدث مع برشلونة، فخرج الجميع يتحدث عن روعة النادي الكتالوني وعودته التاريخية، وليس عن ذلك الغش والخداع.
لقد رمى سواريز نفسه على الأرض، تماماً كما فعل في وقت سابق من المباراة نفسها وحصل على بطاقة صفراء نتيجة لذلك. ولو عدنا إلى المباريات الصعبة التي لعبها برشلونة لوجدنا أن لاعبيه يلقون بأنفسهم على الأرض بهذه الطريقة الهزلية للحصول على ركلات جزاء، وكأن الرسالة التي يريدون توصيلها للشباب الصغير تتمثل في أنه عندما تكون في مواجهة صعبة، فإنه يتعين عليك أن تعمل دائماً على خداع الحكام. وتكون هذه الحيلة أكثر فعالية عندما يلعب برشلونة على ملعبه في «كامب نو» وسط هذه الأجواء الحاشدة، والحكام في نهاية الأمر ما هم إلا بشر يتأثرون بصيحات الجماهير التي تطالب باحتساب ركلات جزاء. وفي المقابل، نجد أن لاعبين مثل سواريز - وينطبق الأمر نفسه على نجم ريال مدريد كريستيانو رونالدو - ينطلقون بسرعة كبيرة لدرجة أن أي لمسة صغيرة من اللاعب المنافس تجعلهم يفقدون توازنهم. ومع ذلك، لا يمكن أن نصدق أن لاعبين بهذه القوة البدنية ورباطة الجأش يطرحون أنفسهم أرضاً من وقت لآخر بهذه الطريقة الغريبة لخداع الحكام.
ويمكن لجمهور برشلونة أن يؤكد على أن حكم اللقاء لم يحتسب ركلة جزاء صحيحة بعدما تعرض نجم الفريق ليونيل ميسي للشد من قميصه، علاوة على عدد من القرارات التحكيمية المثيرة للجدل في مباراة الذهاب التي أقيمت في ملعب «حديقة الأمراء» وانتهت بفوز النادي الفرنسي بأربعة أهداف دون رد.
ويتسبب كثرة السقوط داخل منطقة الجزاء من جانب لاعبين مثل سواريز في كثير من المشكلات للحكام الذين يكون من الصعب عليهم رؤية كل شيء. كما أن التعامل مع هذا الخداع يتطلب قدراً كبيراً من اليقظة، ويجب على اللاعبين البريطانيين أن يتعلموا كيفية التعامل مع «فن» التمثيل والخداع. ويروج البعض لحجة سخيفة تقول إنه ينبغي قبول الخداع كجزء من كرة القدم نتيجة تفشيه في تلك الرياضة.
ولكن ماذا عن الرياضات الأخرى؟ هل لو نجح لاعب في أي رياضة أخرى غير كرة القدم في خداع الحكام، سيشيد به الجمهور أم سيشعر بالخزي والعار مما فعل؟
دعونا نتفق جميعاً على أن برشلونة نادٍ عريق أضاف الكثير لكرة القدم العالمية وعلى أن سواريز لاعب عظيم، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك ذريعة لأن نتجاهل ما حدث وأن نكون انتقائيين في انتقادنا للأمور. ولكن للأسف، هذا هو ما حدث بالضبط، للدرجة التي جعلت البعض يطالب بأن يكون الثامن من مارس (آذار) من كل عام عطلة رسمية بسبب الإنجاز الذي حققه الفريق الكتالوني. لقد بات هناك شعور بأنه يجب أن يكون برشلونة في دوري أبطال أوروبا، بغض النظر عن طريقة حدوث ذلك.
خداع لويس سواريز يفضح غش برشلونة
الجميع تحدث عن روعة الفريق الكتالوني وعودته التاريخية وليس عن «فن التمثيل» داخل منطقة الجزاء
خداع لويس سواريز يفضح غش برشلونة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة