القوات العراقية تتقدم في غرب الموصل... و«داعش» يتصدى لها بالهاون والقناصة

مسؤول عسكري: غالبية قتلى التنظيم من جنسيات عربية وأجنبية

عراقي يحمل علبة مساعدات في أحد شوارع غرب الموصل أمس (رويترز)
عراقي يحمل علبة مساعدات في أحد شوارع غرب الموصل أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية تتقدم في غرب الموصل... و«داعش» يتصدى لها بالهاون والقناصة

عراقي يحمل علبة مساعدات في أحد شوارع غرب الموصل أمس (رويترز)
عراقي يحمل علبة مساعدات في أحد شوارع غرب الموصل أمس (رويترز)

واصلت القوات العراقية، أمس، تقدمها في غرب الموصل، حيث بدأ متطرفو تنظيم داعش الاندحار أمام الهجمات المتكررة منذ بدء العملية العسكرية لطردهم من أكبر معاقلهم في البلاد.
ورغم تواصل تقدم القوات الأمنية في عمق الجانب الغربي للموصل، لم تبدأ المعركة في المدينة القديمة بعد، التي يتوقع أن تكون الأكثر صعوبة. وقال اللواء الركن معن الساعدي، قائد قوات العمليات الخاصة الثانية لقوات مكافحة الإرهاب، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «قواتنا اقتحمت عند الخامسة صباحا (03:00 ت.غ) حي العامل الأولى، وتواصل الآن القتال في هذا الحي».
وأضاف أن «نحو 50 في المائة من هذا الحي أصبح تحت سيطرتنا»، متوقعاً استعادته خلال ساعات. لكن قيادة العمليات المشتركة أعلنت في وقت لاحق أن وحدات مكافحة الإرهاب سيطرت على الحي المذكور، إضافة إلى حي العامل الثاني.
وأشار الساعدي إلى أن «العدو قاتل بشراسة في خط الصد الأول من معسكر الغزلاني إلى وادي حجر وإلى حي الصمود»، في إشارة إلى المناطق التي استعيد السيطرة عليها منذ بدء العملية لاستعادة غرب الموصل، في 19 فبراير (شباط). وأضاف: «بعد هذه الأحياء، وبعد كسرنا خط الصد الأول، خسروا الكثير من المقاتلين»، مشيراً إلى أن «أغلبهم كانوا أجانب أو عرب الجنسية».
وأكد الساعدي أن «العدو بدأ ينهار، وفقد كثيراً من قدراته القتالية. اليوم، العدو يدفع (سيارات) مفخخة، لكن ليس بالأعداد التي كان يدفعها في بداية المعركة».
إلى ذلك، أعلن قائد عمليات «قادمون يا نينوى»، الفريق الركن قوات خاصة عبد الأمير رشيد يار الله، في بيان، أن قطعات الفرقة 16 من الجيش العراقي استعادت السيطرة على قرية علملوك، شرق ناحية بادوش، غرب الموصل. وفي السياق ذاته، تمكنت القوات الأمنية العراقية وقوات الجيش من السيطرة على قريتي الجماسة والحميدات، الواقعة في الحافة الجنوبية لناحية بادوش، وتمكنت من الوصول إلى الضفة الغربية لنهر دجلة.
وتواجه القوات العراقية مقاومة تزداد شراستها مع استخدام المتشددين لقذائف الهاون ونيران القناصة. وتسبب القتال في سقوط قتلى وجرحى بين قوات الجيش والقوات الخاصة ووحدات الشرطة. ولم ينشر الجيش أعداد قتلاه أو جرحاه.
وبسبب الأساليب التي ينتهجها التنظيم، ومن بينها الاحتماء بين السكان المدنيين، تباطأت وتيرة التقدم في بعض المناطق، خصوصاً مع اقتراب المعركة من وسط المدينة المزدحم.
وفي عيادة ميدانية بالقرب من جبهة القتال في الموصل، كان يرقد أحد أفراد الشرطة الاتحادية العراقية متألماً على محفة، بينما تتصل ذراعه بأنبوب يمده بالمحاليل، وتلتف ضمادة حول صدره الذي اخترقته شظية قذيفة هاون.
وحسب وكالة «رويترز»، وقع الانفجار الذي أصيب فيه جعفر كريم (23 عاماً) واثنان من زملائه في منطقة شهدت تراجعاً في التقدم السريع الذي أحرزته القوات العراقية على حساب تنظيم داعش، الأسبوع الماضي، ويرجع هذا إلى قذائف الهاون ونيران القناصة التي يطلقها المتشددون.
وقال كريم إن 10 قذائف على الأقل سقطت هناك في الصباح، قبل أن تصيب هدفها. وتابع وهو يدير رأسه بحذر شديد، ليتابع زميلاً له يتمدد على محفة مجاورة، ويتلقى العلاج من إصابة في الساق: «سقط كثير من رجالنا جرحى اليوم في المنطقة نفسها».
والعيادة الميدانية التي أقيمت في منزل هجره أصحابه، يشرف عليها متطوعون أميركيون وطواقم طبية من الجيش العراقي، وكانت تقدم العلاج أول من أمس لأفراد من قوات الأمن العراقية، نقلوا بسرعة من خطوط القتال في سيارات إسعاف أو عربات مدرعة.
وتقول كاثي بيكواري، مديرة منظمة «إن واي سي ميديكس» التي تدير العيادة: «لدينا بالفعل نحو 20 شخصاً وصلوا لتلقي العلاج (الخميس)، 70 في المائة تقريباً منهم مدنيون، لكن العسكريين كانوا هم الأكثر حتى اليوم».
وأضافت أن الحالات التي شاهدها فريقها حتى الآن تتراوح بين جروح سطحية ومصابين يلفظون أنفاسهم لدى وصولهم، ومن بينهم جندي كان مصاباً بـ8 أعيرة نارية في الجذع.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.