الهدنة الروسية في الغوطة تسقط تحت غارات النظام

اتفاق وقف النار في الوعر يتعثّر بشرط «تفريغ الحي من سكانه»

حي الوعر  المحاصر داخل مدينة حمص وسط سوريا... فشلت فيه مشاريع عدة للهدنة (موقع بلدي)
حي الوعر المحاصر داخل مدينة حمص وسط سوريا... فشلت فيه مشاريع عدة للهدنة (موقع بلدي)
TT

الهدنة الروسية في الغوطة تسقط تحت غارات النظام

حي الوعر  المحاصر داخل مدينة حمص وسط سوريا... فشلت فيه مشاريع عدة للهدنة (موقع بلدي)
حي الوعر المحاصر داخل مدينة حمص وسط سوريا... فشلت فيه مشاريع عدة للهدنة (موقع بلدي)

لم يصمد اتفاق وقف النار الذي أعلنه الجانب الروسي في الغوطة الشرقية، أكثر من عشر ساعات، إذ سرعان ما أسقطته الغارات التي شنتها طائرات النظام السوري على مدن وبلدات الغوطة، وتجدد القصف المدفعي والصاروخي، ما أدى إلى مقتل سقوط ضحايا من المدنيين، فيما تضاربت المعلومات حول التوصل لاتفاق هدنة في حي الوعر المحاصر داخل مدينة حمص، فبعد أن أعلن الجانب الروسي عن موافقة الجيش السوري الحرّ على الهدنة في الحي المذكور، أكدت مصادر الوفد المعارض لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوفد الروسي قدّم شرطاً تعجيزياً، يقضي بخروج جميع المقاتلين والمدنيين من الحي، وإلا فسيصار إلى إحراق الحي بكامله».
وبعد ساعات على دخول اتفاق وقف النار في الغوطة الشرقية، وإعلان الجيش الروس دخوله حيز التنفيذ منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، شنت طائرات النظام السوري غارات عنيفة على مدن وقرى الغوطة الشرقية، ترافق مع قصف مدفعي وصاروخي عنيف. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة «الصحافة الفرنسية» إن «الطائرات الحربية استهدفت مدينة عربين، كما تعرضت مدينة حرستا لقصف مدفعي وصاروخي عنيف من قوات النظام».
وتأتي الغارات، بعد هدوء محدود شهدته الغوطة الشرقية لدمشق منذ إعلان الجيش الروسي مساء الثلاثاء، وقفا لإطلاق النار في المنطقة، وكان يفترض أن يستمرّ حتى العشرين من الشهر الحالي.
مدير «شبكة رصد» الإعلامية في الغوطة الشرقية عمّار حسن، أفاد بأن طيران النظام نفّذ أكثر من 20 غارة جوية على مدن وبلدات الغوطة وأحياء دمشق الواقعة تحت سيطرة المعارضة خصوصاً تشرين والقابون، مشيراً إلى أن «القصف الذي استهدف مدينة دوما أسفر عن سقوط شهيدين، هما شاب وامرأة». وأكد الحسن لـ«الشرق الأوسط» أن «وقف النار ليس إلا دعاية روسية لم تعرض أصلاً على الفصائل ولا الفعاليات المدنية في الغوطة»، لافتاً إلى أن «الغاية من إعلان الهدنة، هو تأمين الغطاء للنظام للالتفاف والسيطرة على المناطق المحررة».
ومع تجدد الغارات والقصف الأربعاء، قال محمد علوش القيادي في «جيش الإسلام» لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن «إعلان روسيا وقفاً لإطلاق النار في الغوطة الشرقية لدمشق هو إعلان سياسي فقط، لكن عسكرياً غير منفذ». ورأى أن روسيا، أبرز حلفاء النظام السوري، «تريد أن تقدم نفسها حيادية وراعية للحل السياسي، ولكن على الأرض الوضع مختلف».
وتشكّل الغوطة الشرقية لدمشق التي تتعرض بشكل دائم للغارات والقصف، أبرز معاقل «جيش الإسلام»، وهو فصيل معارض يحظى بنفوذ واسع في ريف دمشق. وقد نفى حمزة بيرقدار المتحدث العسكري باسم هذا الفصيل، للوكالة الفرنسية «وجود أي تواصل بين الروس و(جيش الإسلام) بشأن الاتفاق المذكور». لكنه قال: «نحن لا نمانع أو نرد أي اتفاق من شأنه أن يوقف شلال الدماء ومعاناة شعبنا».
في السياق، أفادت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، بأن «مقاتلات الأسد شنّت (أمس) غارات عنيفة على عربين ومحيطها، كما تم استهداف مدافع الهاون مدينة دوما وحمورية، فيما تواصل تساقط صواريخ أرض - أرض على حيي القابون وتشرين».
أما في حي الوعر المحاصر داخل مدينة حمص، فلا يزال الوضع ضبابياً، فالاجتماعات التي بقيت منعقدة بين لجنة المفاوضات في الحي، وبين الوفد العسكري الروسي لم تسفر عن أي نتيجة، حتى مساء أمس، بسبب الشرط القاسي الذي حاول الجانب الروسي فرضها على الحي. وقال أحد أعضاء وفد المعارضة في المفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، إن الجانب الروسي «طرح تسوية تقضي بخروج جميع المقاتلين والمدنيين من حي الوعر وتسليمه للنظام، متجاهلاً كل بنود الاتفاق السابق الذي لم ينفّذ أي من بنوده»، مؤكداً أن الوفد الروسي «لم يحمل ورقة للتفاوض حولها، إنما نقل شرط النظام التعجيزي القاضي بإفراغ الحي من سكانه، وإلا فإحراقه بكامله». وقال عضو اللجنة الذي رفض ذكر اسمه إن «الاجتماعات حصلت في الفرن الآلي الواقع على أطراف حي الوعر، وهي انعقدت على دفعات، وبعد كل جولة كانت اللجنة تنتقل إلى الحي وتطلع الثوار على ما حصل معها، ثم تعود لاستئناف التفاوض». ولفت إلى أن «النظام ومعه الروس ماضون بتنفيذ مخطط التغيير الديموغرافي».
وبقي الهدوء الحذر مخيماً على حي الوعر الذي لم يتعرّض أمس لأي قصف جوي أو مدفعي، وأعلن الناشط في حي الوعر حسن الأسمر لـ«الشرق الأوسط»، أن «التهدئة مرتبطة بوجود الوفد الروسي المفاوض داخل حي الوعر». وقال إن «الهدوء قابل للانهيار في أي لحظة، ما دام لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي تتوفر له الضمانات الحقيقية».
بدوره، أوضح عضو «تجمع ثوار سوريا» سليم قباني، أن «أجواء المفاوضات مع الوفد الروسي غير مطمئنة». وأشار لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «وفد المعارضة في حي الوعر، أصرّ على مناقشة بنود الاتفاق القديم الذي أبرم بين الثوار والنظام، الذي لم ينفذ منه الأخير أي بند، وأهمها إطلاق سراح المعتقلين». وكشف قباني أن «الروس والنظام لا يفاوضون إلا على بند واحد، وهو تهجير أهالي حي الوعر، كما حصل في داريا ومعضمية الشام وغيرهما من مناطق ريف دمشق».



تحذير يمني من خطر التنسيق القائم بين الحوثيين و«القاعدة»

عناصر حوثيون خلال حشد في ميدان السبعين في صنعاء (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون خلال حشد في ميدان السبعين في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

تحذير يمني من خطر التنسيق القائم بين الحوثيين و«القاعدة»

عناصر حوثيون خلال حشد في ميدان السبعين في صنعاء (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون خلال حشد في ميدان السبعين في صنعاء (أ.ف.ب)

حذر وزير يمني من خطر التنسيق القائم بين الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة»، داعياً إلى موقف دولي للتصدي لهذا الخطر، وذلك في أعقاب قيام الجماعة المدعومة من إيران بإطلاق سراح عناصر من التنظيم على رأسهم متهم بهجوم أدى إلى مقتل عشرات الجنود اليمنيين.

وطالب معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حازمة للتصدي لهذه التهديدات، عبر تجفيف موارد «ميليشيا الحوثي» والشروع الفوري في تصنيفها كـ«منظمة إرهابية عالمية»، ودعم جهود الحكومة في استعادة سيطرتها على كامل أراضيها وتعزيز قدراتها لمكافحة الإرهاب والتطرف بكل أشكاله وصوره.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني إن قيام الحوثيين بإطلاق سراح عناصر في تنظيم «القاعدة» على رأسهم القيادي «أبو عطاء»، المعتقل منذ عام 2012؛ لمسؤوليته عن هجوم إرهابي استهدف العرض العسكري في ميدان السبعين في صنعاء، وأسفر عن مقتل 86 جندياً، هو امتداد لتنسيق ميداني مستمر برعاية إيرانية، بهدف تقويض سيادة الدولة اليمنية وزعزعة استقرار اليمن والمنطقة، وتهديد المصالح الدولية.

وحذر الوزير اليمني في تصريحات رسمية من خطر استمرار التحالف بين الحوثيين و«القاعدة»، وقال إن ذلك يعزز من إعادة ترتيب الجماعات الإرهابية لصفوفها وتمكينها من استعادة قدراتها بعد الضربات الأمنية التي تعرضت لها منذ 2015.

وتابع بالقول: «هذا التنسيق الخطير سيؤدي إلى خلق بيئة خصبة للعنف والتطرف في اليمن، مما يضع أمن الخليج العربي والأمن الإقليمي بأسره في دائرة الخطر، ويهدد استقرار طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، مع ما لذلك من تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي».

ودعا الإرياني المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في التصدي لتهديدات ميليشيا الحوثي الإرهابية المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وحذر من التساهل الدولي مع هذا التنسيق، ومن حجم الخطر والتهديد الذي قد يدفع العالم ثمنه باهظاً.

تأكيد أممي

كان الخبراء الأمميون التابعون لمجلس الأمن في شأن اليمن ذكروا في تقريرهم الحديث أن الجماعة الحوثية تنسق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه.

وعدّ التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرية، هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

الجماعة الحوثية متهمة بإطلاق سجناء «القاعدة» من السجون في صنعاء ضمن صفقة للتعاون المتبادل (إ.ب.أ)

وحذر التقرير الأممي من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

وأبلغت مصادر فريق الخبراء الدوليين أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في عام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون متنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن من الساحل الصومالي؛ لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.