الإيجارات السكنية تتصدر الحركة العقارية في السوق السعودية

عقاريون: القطاع الأكثر نشاطاً... وتطبيق «إيجار» يتيح خيارات أوسع

مدينة الرياض
مدينة الرياض
TT

الإيجارات السكنية تتصدر الحركة العقارية في السوق السعودية

مدينة الرياض
مدينة الرياض

يدخل قطاع الإيجارات السكنية في السعودية مرحلة مهمة، إذ يتصدر حالياً حركة العقار المحلي، مستفيداً من انحسار حركة البيع والشراء، وذلك مع دخول نظام «إيجار» الذي بدأت وزارة الإسكان إجراءات تطبيقه على مرحلتين.
وأكد عقاريون انخفاض أسعار الإيجار السكني بمعدلات معقولة، تتراوح بين 5 في المائة و17 في المائة، بحسب حجم المسكن وتجهيزاته وعمره وقربه من الخدمات، ما يعكس عصراً جديداً للعقار السعودي، مشيرين إلى أن انخفاض قيمة الإيجارات يأتي بعد موجة من الارتفاعات على مدى 8 أعوام، وهو ما يوضح الجهود الحكومية التي تبذل للسيطرة على أسعار الفروع العقارية المختلفة.
وذكر فيصل الصانع الذي يدير مجموعة من الاستثمارات العقارية، أن قيمة الإيجارات انخفضت مع التنافس بين مكاتب العقار الذين يركزون على عمولتهم في عمليات التأجير، في ظل ضعف حركة البيع والشراء.
وتوقع أن تقود حركة التأجير القطاع العقاري خلال هذه الفترة، وهو ما تشير إليه الحركة الحالية للسوق التي تنتشر فيها عروض التأجير بشكل ملحوظ في محاولة للالتفاف على نقص الحركة التي تطغى على السوق، وهو ما أغرى بعض العقاريين بتحويل استثماراتهم نحو التأجير عوضاً عن البيع بهدف إنعاش حركة عقاراتهم.
وأضاف أن نشاط حركة التأجير يعد المتنفس الوحيد لتحقيق الإيرادات، مشيراً إلى أن استئجار مكان السكن يخضع لمقاييس عدة، منها قرب المنشأة من الخدمات الحكومية خصوصاً المدارس، لافتاً إلى وجود حركة عقارية نشطة يشهدها قطاع تأجير الشقق خلال الفترة الحالية تسيطر على القطاعات الأخرى.
وكانت الحكومة السعودية أقرت كثيراً من القرارات التي من شأنها التأثير بشكل مباشر على أسعار السوق العقارية، آخرها إصدار نظام «رسوم الأراضي البيضاء»، الذي جعل القطاع في حالة تأهب لما سيحدثه القرار على أرض الواقع، ما يوضح أن الحكومة تسعى جاهدة للسيطرة على مشكلة الإسكان، التي تعد من أولويات المواطنين الذين يعيش أكثر من نصفهم في منازل مستأجرة.
وفي شأن متصل، أكد خالد الباز الذي يدير شركة «محاورون العقارية»، انخفاض قيمة الإيجارات بنسبة تتراوح بين 5 في المائة إلى 17 في المائة، وتختلف باختلاف حجم المسكن وتجهيزاته وعمره وقربه من الخدمات، وذلك نتيجة تنافس العقاريين والزيادة المطردة في عروض الإيجار خصوصاً في الأحياء الجديدة التي تشهد نمواً كبيراً في هذا المجال في ظل تضاؤل عمليات البيع والشراء.
وبيّن أن للقرارات الحكومية دوراً كبيراً في شمول القطاع بالانخفاض، كحال عمليات البيع والشراء، إذ تسعى الحكومة للسيطرة على الأسعار في قطاع العقار، وإعادته إلى وضعه الطبيعي بعد 8 سنوات من التصاعد المفاجئ، الذي يعتبر أحد أكبر مصادر التضخم.
وأوضح أن الطلب على جميع الفروع العقارية يشهد تضاؤلاً ملحوظاً وهذا ما يؤكده المؤشر العقاري لقيم وعدد الصفقات، إلا أن ذلك لم ينعكس على نشاط فرع التأجير السكني الذي يمر بمرحلة انتعاش في ظل انتظار ما ستؤول إليه الأمور بعد حزمة الإصلاحات الاقتصادية في مجال العقارات.
ولفت إلى أن هذه الحركة تدفع بالمؤشر العام العقاري قدماً، وتعتبر مصدراً جيداً لتحقيق الأرباح، إلا أنها غير مجزية بشكل كبير كما الحال مع البيع والشراء وهو ما يعتمد عليه المستثمرون العقاريون الذين يرون أن الاتجاه الحالي للسوق يشير نحو الاستثمار التأجيري أو العمل وسطاء عقاريين، معتبراً أن انخفاض الأسعار ولو بنسب بسيطة هو مؤشر إيجابي لما ستكون عليه السوق مستقبلاً.
وتكثر التكهنات حول مستقبل قطاع العقار خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار العقار وإقرار الدولة رزمة من القرارات لمعالجة الخلل في هذا القطاع، وينتظر العاملون في القطاع العقاري ما ستكشفه الأيام المقبلة، التي انتشرت فيها أنباء عن قرب انخفاض وشيك في الأسعار، نظراً إلى تجاوز الأسعار القدرة الشرائية لمعظم شرائح المجتمع، الأمر الذي صبّ في مصلحة قطاع التأجير على حساب الشراء والبيع، على أمل كبير في عودة الأسعار إلى مستويات معقولة.
وحول تأثير نظام «إيجار» على الأسعار، أكد وليد الرويشد الذي يدير شركة بيارق الإعمار للإنشاءات، أن السوق السعودية بحاجة ماسة إلى مثل هذه القرارات لتنظيم أدائها الذي طالما عانى من العشوائية، مبيناً أن «إيجار» سيعيد تهذيب القطاع من جديد، خصوصاً أن حجم السوق كبير وتفتقر إلى هيكلة واضحة في نظامها الأساسي.
وتطرق إلى أن السيطرة على السوق بالقرارات أجدى من دخول الحكومة كمنافس ومطور، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل حالياً على تنظيم السوق.
وعن دور «إيجار» في إيقاف التلاعب بالأسعار، أكد الرويشد أنه سيكون حاجزاً في طريق من وصفهم بالمتلاعبين بالأسعار. وقال: «من الصعب أن ترفع الأسعار عند وجود آلاف المنافسين الذين يعرضون عقاراتهم بأسعار منخفضة من أجل الظفر بالعملاء، ولذلك فإن (إيجار) سيحد من التحايل والتملص من دفع المستحقات، وهو ما يؤرق عدداً من مالكي الوحدات السكنية الذين يعانون بشكل كبير من هذه المشكلة، التي لم يكن لها مرجعية واضحة للتعاطي معها وإيجاد الحلول السريعة لها وهو ما سيسهم في ازدهار القطاع العقاري».
ويقدم «إيجار» كثيرا من الخدمات، أهمها إبرام عقود التأجير إلكترونياً باستخدام العقد الموحد للإيجار السكني، الذي يعد بمثابة سند تنفيذي معتمد لدى وزارة العدل، إضافة إلى الربط الإلكتروني مع عدد من الجهات منها مركز المعلومات الوطني، ووزارة التجارة والاستثمار، ووزارة العدل، كما يتم العمل حالياً على الربط بعدد من الجهات الأخرى منها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، والبريد السعودي، وشركة المياه الوطنية، والشركة السعودية للكهرباء، وتفعيل خدمة السداد الإلكتروني وإمكانية التحقق من هوية المستأجر والمؤجر قبل إتمام العقد، والتحقق من ملكية المؤجر للوحدة السكنية، وضمان نظامية الوكالة الشرعية المقدمة في حال كان المؤجر وكيلاً، وضمان نظامية التعامل مع وسيط عقاري معتمد، وتأهيل وتدريب منشأة الوساطة العقارية.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».