موسكو تحذر من خلل في ميزان القوى مع واشنطن

«الأطلسي» يبادر بأول اتصال مع قيادة القوات الروسية منذ أزمة أوكرانيا

حاملة الطائرات الأميركية كارل فنسون (أ.ف.ب)
حاملة الطائرات الأميركية كارل فنسون (أ.ف.ب)
TT

موسكو تحذر من خلل في ميزان القوى مع واشنطن

حاملة الطائرات الأميركية كارل فنسون (أ.ف.ب)
حاملة الطائرات الأميركية كارل فنسون (أ.ف.ب)

بالأمس، جاء رد الفعل الروسي على زيادة الإنفاق العسكري الأميركي غير المسبوقة، التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي اقترح قبل أيام زيادة مقدارها 54 مليار دولار في الإنفاق الدفاعي عن العام الماضي، مما سيرفع ميزانية وزارة الدفاع (البنتاغون) إلى 603 مليارات دولار.
ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، قال أمس (الجمعة) للصحافيين إن الزيادة المقترحة في الإنفاق الدفاعي الأميركي مسألة داخلية، لا تعني روسيا، ما لم تخل بميزان القوى الاستراتيجي القائم.
الرئيس الأميركي أضاف، مساء الخميس، من على ظهر حاملة الطائرات الجديدة «جيرالد فورد»، في نيوبورت نيوز، بولاية فرجينيا، أنه يريد أن يكون لدى الجيش الأميركي «أروع العتاد في العالم»، ويزيد القدرات العسكرية للولايات المتحدة بالمزيد من السفن والطائرات الحربية «لإظهار القوة الأميركية في الأراضي البعيدة».
ترمب أراد، كما جاء في تقرير وكالة «رويترز»، من الزيادة في مستوى الإنفاق العسكري تدشين أكبر تعزيز للقدرات العسكرية في التاريخ الأميركي، للتعويض عما سماه «استنزافاً للقوات المسلحة»، وأنه يتطلع إلى زيادة عدد حاملات الطائرات لدى البحرية الأميركية، ليصل إلى 12 حاملة. ولدى البحرية حالياً 10 حاملات طائرات. وتابع: «نحن أيضاً نحتاج إلى المزيد من الطائرات والقدرات المتطورة، ومستويات أكبر للقوات. وبالإضافة إلى ذلك، يجب علينا أن نحسن بشكل واسع قدراتنا الإلكترونية... سيكون لدينا قريباً أروع العتاد في العالم... سنمنح جيشنا الأدوات التي يحتاجها لمنع الحرب، وإذا تطلب الأمر، خوض الحرب، وفعل شيء واحد فقط... أنتم تعرفون ما هو ذلك الشيء: الفوز، الفوز»، وأضاف: «نأمل في أن تكون قوة لا نضطر لاستخدامها... لكن إذا استخدمناها، فإنهم (الأعداء) سيكونون في مشكلة كبيرة جداً».
وعلى الجانب الآخر من سباق التسلح، قامت روسيا، الشق الآخر في المعادلة، في الفترة الأخيرة، بإعادة تأهيل لقواتها وقواعدها العسكرية السابقة، حتى التي تخلت عنها سابقاً في القطب الشمالي. هذا النوع من السباق عبر عنه ميخائيل غورباتشوف، آخر رئيس سوفياتي، في مقابلة مع وكالة «ريا نوفوستي»، في الآونة الأخيرة، قائلاً إن العالم يشارف «بشكل خطير على منطقة الخطر».
وقبل يومين، أعلنت السويد أنها ستعيد العمل بالخدمة العسكرية، اعتباراً من الصيف المقبل، متذرعة بتطور الوضع الأمني، على خلفية القلق حيال الطموحات الروسية في المنطقة.
وقال وزير الدفاع السويدي بيتر هولتكويست، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن عودة التجنيد الإلزامي: «جزء من الطموح إلى زيادة القدرات العسكرية»، فيما يتطور الوضع الأمني. وأضاف: «نحن وسط ظروف ضمت فيها روسيا شبه جزيرة القرم، كما أنها تجري مزيداً من التدريبات على مقربة منا».
والسويد التي لم تشهد نزاعاً مسلحاً على أراضيها منذ أكثر من قرنين، ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي، وليست لها حدود برية مع روسيا، لكن البلدين قريبان من بحر البلطيق، وتمتلك موسكو قاعدة بحرية في بالتييسك، في جيب كالينينغراد.
والخشية التي تشكلها روسيا أججها توغل غواصة لم تعرف هويتها إلى أرخبيل ستوكهولم، في خريف 2014. وقال خبير المسائل الأمنية فيلهلم اغريل لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الوضع الأمني الجديد واقع يتجلى، خصوصاً ضمن أشكال عروض القوة الروسية التي طالما تم التقليل من شأنها، وإيجاد أعذار لها»، وأضاف: «نرى روسيا منذ 2014 دولة توسعية، ومستعدة لاستخدام العنف في سبيل مصالحها». وذكر هذا الباحث بغموض نيات روسيا في بحر البلطيق، مشيراً إلى أنه «لا تتوافر اليوم للسويد الإمكانية، ولا حتى الإرادة السياسية، للوقوف على الحياد في نزاع» يندلع في هذه المنطقة.
وفي يونيو (حزيران) 2015، أكد «مركز تحليل السياسات الأوروبية» الأميركي، في تقرير حول الجيوستراتيجيا في بحر البلطيق، أن روسيا دربت 33 ألف جندي على اجتياح مواقع أجنبية.
وفي شأن المسائل الدفاعية، تقترب السويد كثيراً من جارتها فنلندا التي تتقاسم مع روسيا حدوداً برية طولها 1340 كلم. وفي عام 2016، وقع كل من البلدين مع الولايات المتحدة اتفاق تعاون عسكري. ويفكر كل من البلدين في احتمال الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، لكن روسيا زادت من تحذيراتها لردعهما، من خلال انتهاك المجال الجوي، وتسيير رحلات طيران من دون إرسال. وقد وقعت السويد برنامج الشراكة من أجل السلام الذي بدأ عام 1994، من أجل تطوير التعاون العسكري بين الحلف الأطلسي والبلدان غير الأعضاء. وتندد موسكو من جهتها بتعزيز قوة الحلف في دول البلطيق وبولندا.
ومن جانب آخر، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها لم تستلم من البنتاغون أي بلاغات حول حالات اقتراب خطيرة لمقاتلات روسية من مقاتلات أميركية أو أخرى تابعة للناتو. وجاء هذا الموقف الروسي تعليقاً على تصريحات الجنرال تود أولتريس، قائد عام القوات الجوية الأميركية في أوروبا وأفريقيا، الذي قال إن يوم العاشر من فبراير الماضي شهد حالات اقتراب خطيرة لطائرات روسية من طائرات أميركية وأخرى تابعة للناتو. وأوضح أن تلك الحالات جرى بعضها بمشاركة مقاتلات روسية من طراز «سو - 24»، وطائرة من طراز «إليوشين - 38». غير أن وزارة الدفاع الروسية رفضت تلك الادعاءات، وقال إيغور كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، في تصريحات يوم أمس، إن «كل الطلعات الجوية للمقاتلات الروسية تجري بمراعاة صارمة لقواعد الطيران الدولية، ومتطلبات الأمن»، موضحاً أن «سو - 24» قاذفة تكتيكية، أما «إليوشين - 38» فهي طائرة رباعية المحركات مضادة للغواصات، لا يمكنها القيام بأي مناورات خاطفة، أو أن تقترب فجأة من طائرة أخرى. وفي إشارة مبطنة منه إلى طلعات تقوم بها طائرات أميركية وطائرات الناتو بالقرب من الأجواء الروسية، قال كوناشينكوف: «إذا كان الطيارون الأميركيون أثناء تخليقهم بالقرب من روسيا يشعرون بتوتر كبير لرصدهم وجود أحد آخر سواهم في الأجواء، فهذه ليست مشكلة الجانب الروسي».
وعلى خلفية هذا الأخذ والرد، وتوتر بين الجانبين مستمر منذ عدة سنوات، جرى أمس اتصال بين قيادة الأركان الروسية وقيادة أركان الناتو، هو الأول منذ أن قرر حلف شمال الأطلسي قطع كل الاتصالات مع روسيا، على خلفية الأزمة الأوكرانية عام 2014. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن اتصالاً هاتفياً جرى بين قائد الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف ونظيره من الناتو بيوتر بافل، بمبادرة من جانب الحلف، موضحة أن المسؤولين العسكريين الرفيعين بحثا مسائل ضمان الأمن، وآفاق استئناف التعاون عبر القنوات العسكرية، وكذلك تفادي الحوادث الجوية، ومشاركة الحلف في الفعاليات الدولية.
وأعرب غيراسيموف، خلال المحادثات، عن قلق بلاده إزاء تعزيز الحلف لنشاطه على مقربة من الحدود الروسية. وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها جنرال روسي بشكل مباشر مع نظيره في حلف الأطلسي منذ تجميد العلاقات العسكرية بين الطرفين في ربيع 2014، إثر ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية، واندلاع النزاع بين قوات كييف والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.
من جانبه، قال ألكسندر فومين، نائب وزير الدفاع الروسي، إنه «على الرغم من توقف التعاون بين العسكريين من الجانبين، فقد تم توجيه دعوة لكل الدول الأعضاء في الناتو والاتحاد الأوروبي وقيادة الناتو للمشاركة في منتدى موسكو للأمن»، لافتاً إلى أن روسيا تنظر إلى المنتدى باعتباره ساحة مناسبة ليعرض كل طرف وجهة نظره.



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.