الجيش الليبي يصد هجوم {سرايا بنغازي} على منطقة الهلال النفطي

السراج يتهم حفتر بإضاعة فرصة للسلام

مهاجرون أفارقة بعد إنقاذهم من طرف خفر قوات السواحل الليبية أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا عبر ليبيا (رويترز)
مهاجرون أفارقة بعد إنقاذهم من طرف خفر قوات السواحل الليبية أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا عبر ليبيا (رويترز)
TT

الجيش الليبي يصد هجوم {سرايا بنغازي} على منطقة الهلال النفطي

مهاجرون أفارقة بعد إنقاذهم من طرف خفر قوات السواحل الليبية أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا عبر ليبيا (رويترز)
مهاجرون أفارقة بعد إنقاذهم من طرف خفر قوات السواحل الليبية أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا عبر ليبيا (رويترز)

أعلن الجيش الوطني الليبي، أنه أحبط أمس هجوما مفاجئا شنته ميليشيات مسلحة لاستعادة السيطرة على منطقة الهلال النفطي، كما خاض معارك معها قرب موانئ نفطية رئيسية، بينما شن فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، هجوما على المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بعدما اتهمهما برفض الوساطة المصرية، وإضاعة فرصة سياسية تخدم الشعب الليبي.
وفي إشارة إلى اتصالات حفتر الواسعة مع دول عدة، قال السراج، إن اتصالات بعض الدول مع كيانات خارج حكومة الوفاق تعرقل التسوية السياسية في ليبيا، معتبرا في مقابلة مع قناة «آر تي» الروسية، أن مباحثاته في موسكو كانت صريحة، وأنه أبدى استعداده للتعاون مع شركات روسية على أوسع نطاق، وأوضح أن حكومته طلبت رسميا المساعدة من حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في مكافحة الإرهاب.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان أصدرته أمس، إن المحادثات التي جرت بين السراج ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تركزت على كيفية دفع جهود توحيد ليبيا، موضحة أن موسكو مستعدة للوساطة والتعاون مع كل الأطراف في الدولة الغنية بالنفط، و«استعدادها للعمل عن كثب مع كل الأطراف في ليبيا بهدف التوصل لحلول مقبولة للجميع، بهدف وضع أسس لتنمية مستقرة في ليبيا كدولة موحدة وذات سيادة ومستقلة».
وقالت الوزارة، إن لافروف والسراج ناقشا التقدم في حوار المصالحة الذي ترعاه الأمم المتحدة، فيما شدد الجانب الروسي «على الحاجة إلى حوار ليبي داخلي شامل يهدف إلى إقامة أجهزة سلطة موحدة تشمل تقوية الجيش»، موضحا أن الشرطة قادرة على الحفاظ على الأمن وحكم القانون والنظام والتصدي لخطر الإرهاب على نحو فعال».
وينظر إلى زيارة السراج على أنها تأتي في إطار جهود التغلب على الأزمة في البلاد بين حكومة السراج وحفتر، وفي هذا السياق نقل بيان من مكتب السراج عنه قوله إن «روسيا قادرة على لعب هذا الدور الإيجابي بفضل علاقاتها مع مختلف الأطراف الليبية»، مشيرا إلى أن الوفد السياسي الليبي رافقه مسؤولون يمثلون المؤسسة الوطنية للنفط ووزارة الدفاع والمشتريات العسكرية.
إلى ذلك، أبلغ العقيد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر «الشرق الأوسط»، أن قوات الجيش أحبطت أمس هجوما شنه تنظيم القاعدة على منطقة الهلال النفطي، لافتا النظر إلى أن المعارك كانت مستمرة حتى مساء أمس بالتوقيت المحلى الليبي.
وقال المسماري عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن قوات الجيش تصدت لهجوم «القاعدة» الإرهابي، مدعوما بقوة المعارضة التشادية على منطقة الهلال النفطي، فيما قال متحدثون باسم سلاح الجو وباسم حرس المنشآت النفطية، إن سلاح الجو التابع للجيش نفذ أمس ضربات جوية جنوبي بلدة النوفلية الساحلية ضد كتائب بنغازي.
من جهتها، أعلنت غرفة عمليات الجيش الوطني خروج «الكتيبة 21 مشاة» من أجدابيا إلى رأس لانوف لدعم قوات الجيش، مؤكدة أنه تم دحر ميليشيات «سرايا الدفاع بنغازي» الإرهابية من منطقة النوفلية، التي تقع على بعد 75 كيلومترا إلى الغرب من ميناء رأس لانوف.
وفى محاولة لخلط الأوراق زعمت قيادات في سرايا الدفاع أن الهدف من الهجوم المفاجئ إعادة المهجرين إلى بنغازي، ونفت أن تكون العملية العسكرية بهدف السيطرة على منطقة الهلال النفطي.
ونقلت قناة «النبأ» التلفزيونية، المحسوبة على جماعة الإخوان، عن قياديين في سرايا الدفاع مطالبتهم للمؤسسة الوطنية للنفط والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج بالحياد وإبعاد قوات الليبيين عن الصراع السياسي. وبثت صفحات مؤيدة لميلشيات سرايا الدفاع عن بنغازي صورا فوتوغرافية، قالت إنها للطائرة العسكرية التي غنمها مقاتلوها من مطار رأس لانوف بعد فرار ميليشيات حفتر، حيث ظهر العميد مصطفى الشركسي، أحد قادة السرايا، كما ظهر أسامة الجضران، عميد بلدية اجدابيا السابق وشقيق إبراهيم الجضران، الآمر السابق لحرس المنشآت النفطية الذي خسر آخر مواجهة عسكرية قبل بضعة شهور ضد قوات الجيش، التي أنهت سيطرته على منطقة الهلال النفطي.
وقال بيان لـ«سرايا الدفاع بنغازي» إنها سيطرت بالاشتراك مع قوات درع الجنوب وبعض قوات حرس منشآت النفطية على بن جواد السدرة رأس لانوف. لكن مصادر في الجيش الليبي قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن المعارك ما زالت مستمرة. وتنتج ليبيا مؤخرا نحو 700 ألف برميل، يوميا، أي أكثر من ضعف إنتاجها في وقت سابق من العام الماضي، لكنها ما زالت أقل بكثير من الكمية التي كانت تنتجها قبل عام 2011 التي بلغت 1.6 مليون برميل يوميا.
وتحث المؤسسة الوطنية للنفط الشركات الأجنبية على العودة إلى ليبيا والاستثمار في قطاع الغاز والنفط في إطار مساعيها لزيادة الإنتاج إلى 1.2 مليون برميل يوميا في وقت لاحق من هذا العام.
من جهة أخرى، أعلن عبد الله الثني، رئيس الحكومة الانتقالية الموالية للبرلمان في شرق ليبيا، وقف المهدي حسن اللباد، نائبه لشؤون الأمن عن العمل وإحالته للتحقيق بشأن تورطه في صفقة مالية بقيمة 28 مليون يورو لمصلحة شركة لبنانية، على الرغم من عدم وجود أي عقد مبرم بين الدولة الليبية والشركة، إضافة إلى كونه غير مختص بذلك، ولم يكلف بهذا الصدد.
وقال الثني في قرار أصدره أمس، إن نائبه اللباد أنكر موافقته على هذه الصفقة، وهو ما اعتبره الثني مخالفاً للحقيقة.
في غضون ذلك، أعلنت إدارة مطار طبرق بأقصى الشرق الليبي استئناف حركة الملاحة الجوية في المطار، بعد أن فض محتجون على تأخر مرتباتهم اعتصامهم، مشيرة إلى تدخل رئيس البرلمان عقيلة صالح لإنهاء الاعتصام.
من جهة أخرى، أعلن جهاز خفر السواحل الإيطالي عن تنسيق عمليات إنقاذ نحو 970 مهاجرا قبالة السواحل الليبية؛ ما يؤكد استمرار توافد المهاجرين بكثافة عبر هذه المنطقة. وأفاد الجهاز بأن المهاجرين الذين أنقذوا أول من أمس كانوا في أربعة زوارق مطاطية ومركبين خشبيين. فيما تحدثت الأمم المتحدة عن مقتل أو فقدان أكثر من 440 شخصا خلال الشهرين الماضيين في رحلات الإبحار من ليبيا إلى أوروبا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».